الجيش اللبناني ليس حارساً للمليشيا .. جوزيف عون يوجه رسالة اشبه بالسحسوح

الجيش اللبناني

اعادة تموضع !.. هكذا ردت قيادة الجيش اللبناني على تساؤلات الناس حول انسحاب عناصر الجيش عن مداخل الضاحية الجنوبية ” دويلة حزب الله ” .

اقرا ايضا: اهالي ضحايا المرفأ يسألون نصرالله من امام «عدلية بيروت»: لماذا الاستشراس لاقفال الملف؟!

اعادة تموضع بسبب الحالة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد ولتنظيم شؤون العسكريين لتخفيف الاعباء عنهم .. قد يقنع البعض هذا البيان لكنه لا يعكس حقيقة ما جرى فعلاً بالأمس خاصة واننا نفقه جيداً طريقة عمل المؤسسات الامنية واللوجستية ، اعادة التموضع عمل روتيني للجيش ويتم من خلال اصدار برقيات رسمية يتم توجيهها الى المراكز للتنفيذ وتبلغ كافة الوحدات بالامر وخاصة مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وهناك عُرف فرضه حزب الله على المؤسسات الامنية منذ سنوات طويلة اخضع من خلاله قادة الاجهزة لسطوة الارهاب الايراني فلا يمكن لاي جهاز امني القيام بأي عمل امني داخل مناطق سيطرة المليشيا دون التنسيق مع ما سموه ” اللجنة الأمنية ” والتي يرأسها احد المطلوبين للعدالة عادة ، ويعتبر توظيف المطلوبين للعدالة داخل هذه اللجان بمثابة براءة من أية جريمة قد ارتكبها المسؤول ويتحول اسمه تلقائياً الى لقب ” ابو الفضل ” ” ابو عباس ” … وهكذا يتحول المجرم الى قائد عسكري رافعاً شعار حزب الله الذي يخوله المرور على الحواجز دون اية اعاقة ويقطع المعابر دون ان يحمل بطاقة هوية حتى ” فقط تصريح امني مليشياوي ” والمرور خط عسكري كما اعتاد اللبنانيون تسميته .. فكيف جرى الانسحاب دون تبليغ اية وحدة او جهاز امني اخر او حتى اللجنة الامنية لحزب الله ؟

منذ اتخاذ القرار الرسمي بتكليف الجيش اللبناني حماية مداخل الضاحية الجنوبية لجمهورية ايران ومليشياتها، خضعت القوى الامنية المتواجدة لتنفيذ هذه المهام لتوجيهات حزب الله حتى وصلت وقاحة اللجان الامنية المليشياوية الطلب من الاجهزة الامنية تزويدهم بتقارير يومية عن اسماء العناصر الذين سيتناوبون على الحواجز !! ولم ينسَ اللبنانيون المشهد الأكثر ايلاماً وتحقيراً للدولة عند مرورهم من اي مدخل للضاحية الجنوبية يرحب بهم عنصر من الجيش اللبناني على الحاجز الاول ثم يتفاجأون بحاجز ثاني بعد حاجز الجيش مباشرة تديره عناصر القمصان السود وتطلب منهم التوقف يمينا للخضوع الى التفتيش وسؤالهم عن اسماءهم ومذاهبهم ووجهتهم والعديد من المواطنين تعرضوا للضرب والسحل والاذلال نتيجة رفضهم الخضوع للمليشيا مطالبين الاجهزة الرسمية قيادة هذه الاجراءات ومع ذلك كان الجيش اللبناني يقف متفرجاً على استباحة الوطن وكرامات الناس .

فأية إعادة تموضع قام بها الجيش بالأمس ؟ 

دون اية برقيات ودون معرفة حتى مديرية المخابرات ودون ابلاغ اللجان الامنية للمليشيا الايرانية تفاجىء الجميع بإنسحاب عناصر الجيش بصورة فورية عن المداخل تاركين مواقعهم فارغة وسريعاً انتشرت الصور ومقاطع الفيديو التي اكدت الخبر الذي نشره موقعنا وكنا قد اشرنا الى الاسباب التي نتج عنها هذا الانسحاب على انها نتيجة خلاف حاد بين الجيش ومليشيا حزب الله وانهالت علينا الأسئلة المشككة بذلك السبب .

هذا الخلاف الذي تحدثنا عنه ليس وليد الساعة ويعود الى وقت تكليف زينة عكر بوزارة الدفاع والمشهد السياسي الانقلابي الذي شاهده العالم من خلال تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة ( حزب الله ) ولا يخفى على احد ان الراعي الرسمي لتشكيل تلك الحكومة كان النائب جميل السيد .

لا شك ان الازمة الاقتصادية اصابت الجيش بأضرار جسيمة مما دفع بقائد الجيش عدة مراتٍ لاطلاق الصرخات سائلاً السلطة السياسية ” شو بدكن تعملوا ” ومحذراً من مغبة التلاعب بهوية لبنان وجيشه وتزامنت تحذيراته مع تكرار خطاب الامين العام لمليشيا حزب الله المطالب بالتوجه شرقاً على كافة الصعد وهذا ما اثار ريبة قيادة الجيش اللبناني المسلح عسكرياً من الادارة الاميركية ( دون المس بعقيدة الجيش وان العدو الدائم والداهم دائماً هي اسرائيل ) ، مع تسلم حزب الله مقاليد السلطة بأكملها حيث سيطر على رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي كان لا بد له من استكمال السيطرة العسكرية ايضاً لتحويل الجيش اللبناني الى فيلق من فيالق ايران المتخذة اسم القدس عنواناً وهمياً لغطرسة هيمنتها على العالم العربي وتحويل جوزيف عون الى ميشال عون ثانٍ .. مجرد شخص يجلس على كرسي لا اكثر وهذا ما تيقظ له قائد الجيش وعلم انه يمشي في حقل الغام زرعته المليشيا له .. 

الخلاف وقع عندما رفض حزب الله ال ٧٠ مليون دولار التي ستقدمها اميركا كمساعدة الى الجيش اللبناني وقال خفاءً ان اية مساعدة اميركية يجب ان تخضع لشروطنا وهذا ما جعل الاميركيين يرفعون من وتيرة شروطهم لتقديم اية مساعدة وخاصة رفضهم لتمويل ومساعدة جيش يعمل حارساً لمربعات المليشيا الايرانية ، وزاد الطين بلة تلقي قائد الجيش دعوة من نظيره التركي لزيارة تركيا ومناقشة سبل الدعم والمساعدة التي تنوي تركيا تقديمها للجيش اللبناني العامود الفقري لدولة لبنان لتأمين صموده امام العواصف التي تعصف بالوطن .

هذا المشهد لم يرضي قيادة حزب الله الذي يعتبر نفسه منتصراً على الادارة الاميركية من خلال كسر الحصار واستقدام المحروقات الايرانية الى لبنان وهو يعتبر ان ارباك الجيش اللبناني واضعافه سيجبر الادارة الاميركية للجلوس معه على طاولة المفاوضات والانصياع لشروطه وهكذا يحصد المغانم والمكاسب الدولية ايضاً خاصة وان تشكيل الحكومة الاخيرة جرى بفعل خضوع الاوروبيين للشروط الايرانية علناً والاميركية سراً وهذا ما جعل حزب الله ممسكاً بالقرار السياسي اللبناني بالكامل ويزعجه كثيراً عدم انصياع قيادة الجيش بالكامل لسطوته ومشهد اعادة التموضع بالأمس كما اختصرته قيادة الجيش في بيانها كان في الحقيقة سببه الخلاف العامودي بين الطرفين وقائد الجيش وجه رسالة قاسية اللهجة لهذه المليشيا . 

بعد هذا الاجراء سارعت القوى السياسية لمعرفة ما يجري وحتماً استطاع احد الرؤساء الثلاثة ” بالمونة ” اقناع قائد الجيش بالعودة عن قراره لذلك شاهدنا وبعد عدة ساعات من تنفيذ الانسحاب عودة خجولة لبعض العناصر على المداخل الرئيسية وافادنا احد الامنيين ان تواجد الجيش سيكون مختصراً بالمراقبة الامنية فقط . 

لا يسعنا الاجابة الواضحة عن التفاصيل لأن الشيطان يكمن فيها لكن من خلال التكهن بما جرى ويجري اصبح واضحاً الخلاف بين قيادة الجيش اللبناني وحزب الله واعادة التموضع حقيقة فعلية .. لكنها لن تقتصر على تبديل في صفوف العسكر او تخفيف الاعباء ..انها معركة باردة بين الشرعية والسيادة والظلامية والاجرام .. لنلتف حول جيشنا وكلنا للوطن .

السابق
بعدسة «جنوبية»: اهالي ضحايا المرفأ يسألون نصرالله من امام «عدلية بيروت»: لماذا الاستشراس لاقفال الملف؟!
التالي
بعد فهمي.. المولوي رفض تبليغ دياب والوزراء السابقين بقرار النيابة العامة!