السياسيون يرفعون البطاقة (التمويلية) الحمراء بوجه الفقراء!

موظفون في لبنان الازمة الاقتصادية
رًفع الدعم عن المحروقات عمليا ولن يتم إقرار البطاقة التمويلية قريبا كما وعد المسؤولون، ما يعني ان أغلبية اللبنانيين سيواجهون "غول" الفقر والعوز من دون أي مساندة أو مساعدة من الدولة، هذا الامر ليس جديدا على الطبقة السياسية الحاكمة، لكنه يؤكد المؤكد بأننا وصلنا إلى مرحلة إنحلال للدولة، لم يسبق أن عاشها اللبنانيون منذ تأسيس دولة لبنان الكبير.

تتسارع الاخبار عن رفع الدعم عن المحروقات، وعن توقف مصرف لبنان عن فتح إعتمادات جديدة لإستيرادها على سعر دولار  8000 ليرة لبنانية، من دون أن يظهر خبر واضح وجازم حول موعد إقرار البطاقة التمويلية، التي يصر كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب على تكرار أن “لا رفع للدعم من دون إقرارها”، أما عمليا وعلى أرض الواقع  يستمر إصطفاف السيارات أمام محطات الوقود، للفوز بصفيحة بنزين على السعر المدعوم، لربما للمرة الاخيرة قبل الاعلان الرسمي لرفع الدعم، ما يعني أن سعر صفيحة البنزين سيزيد عن 340 ألف ليرة وصفيحة المازوت عن 280 ألف ليرة. 

عراقيل عدّة تواجه  إطلاق البطاقة التمويليّة  أولها غياب مصدر التمويل

كل هذا التخبط الذي يعيشه اللبنانيون في ملف المحروقات، لم يدفع المسؤولين في السلطة التنفيذية (الرئيس حسان دياب ووزارتا الشؤون الاجتماعية والاقتصاد) إلى التحرك والشرح للبنانيين عما ينتظرهم في هذا الملف، بل يتركونهم يواجهون مصيرهم وحدهم، ويمتنع كل من وزيري الشؤون والاقتصاد عن الرد على أي سؤال عن هذا الموضوع، في حين أن مصدر متابع لملف البطاقة بالقول لـ”جنوبية” أن ” الوزير رمزي مشرفية سيعقد مؤتمرا صحافيا للحديث عن هذا الموضوع ” من دون أن يحدد موعد المؤتمر، شارحا أن “عراقيل عدّة تواجه  إطلاق البطاقة التمويليّة  أولها غياب مصدر التمويل، علما أن التفتيش المركزي ووزارتي الشؤون الإجتماعيّة والإقتصاد أنجزوا كل ما هو مطلوب منهم”.

شخص مستفيد من برنامج دعم آخر سيتمّ اقصاؤه تلقائياً

يضيف المصدر :”المنصّة الخاصة بالبطاقة التمويلية اصبحت جاهزة لإطلاقها، وتمّ الاتفاق على كل المعايير المطلوبة، وأصبح بالإمكان فتح المجال لتعبئة الاستمارات، علما انّ نظام المنصة سيحدّد تلقائياً الافراد المؤهلين او غير المؤهلين للحصول على البطاقة التمويلية”، لافتا إلى أن “أي شخص مستفيد من برنامج دعم آخر سيتمّ اقصاؤه تلقائياً، كما سيتمّ تخصيص مركز إتصال لمتابعة شكاوى الأفراد الذين قد يتمّ اقصاؤهم من الاستفادة من البطاقة”.

شروط الاستفادة من البطاقة: لا يكون له دخل يفوق 10 آلاف دولار fresh سنوياً وان لا تكون قيمة الايجارات التابعة له تتجاوز 3600 دولار fresh سنوياً

 اما المعايير التي تحدّد المستفيدين من البطاقة فيوضحها المصدر بالقول:”أن لا يكون له دخل يفوق 10 آلاف دولار fresh سنوياً وان لا تكون قيمة الايجارات التابعة له تتجاوز 3600 دولار fresh سنوياً، وان لا يكون مشغّلا لعاملات منزلية أجنبيات و ان لا يكون حائزاً على سيارتين أو اكثر مسجلّة بعد العام 2018،  وان لا يكون حسابه المصرفي يفوق 10 آلاف دولار”.

 و يلفت إلى أن “القيمة الاجمالية القصوى للبطاقة التمويلية قد تصل الى 115 دولاراً شهرياً، اذا كانت الأسرة مؤلفة من 6 أفراد، حيث يحصل الفرد الواحد على 15 دولاراً، بالاضافة الى مبلغ 25 دولاراً للأسرة الواحدة، و11 دولاراً اضافية للأسرة التي تضمّ فرداً مسنّاً (فوق الـ75 عاماً)، علما انّه يمكن لفرد واحد فقط من الأسرة الواحدة التسجيل على المنصّة، لأنّه يحق ببطاقة واحدة فقط للأسرة الواحدة”.

شروط الاستفادة من البطاقة: ان لا يكون المستفيد مشغّلا لعاملات منزلية أجنبيات و ان لا يكون حائزاً على سيارتين أو اكثر مسجلّة بعد العام 2018 وان لا يكون حسابه المصرفي يفوق 10 آلاف دولار

كل ما سبق يعني أن الدعم عن المحروقات رفع عمليا لكن من دون إقرار بطاقة وأن اللبنانيين تركوا مرة أخرى لمواجهة مصيرهم، والدليل أنه منذ إقرار قانون البطاقة التمويلية في مجلس النواب، منذ حوالى شهر ونصف الشهر، لم تحرز الحكومة بعد أي تقدّم في هذا الاطار، ولم يتمّ تأمين التمويل اللازم لها. ما يجعل السؤال مشروعا عن قدرة الحكومة والوزارات المعنية على إطلاق هذه البطاقة في غضون أيام، كما أنه انّه في حال تمّ تأمين التمويل، وتمّ اطلاق المنصّة الخاصة بالبطاقة اليوم، فهل  من الممكن لوجيستياً ان يبدأ المواطنون من الاستفادة منها بعد أسبوع او 10 أيام؟

الدعم عن المحروقات رفع عمليا لكن من دون إقرار بطاقة واللبنانيين تركوا مرة أخرى لمواجهة مصيرهم

 وفي هذا الاطار يشرح عضو لجنة الاقتصاد النيابية النائب علي درويش لـ”جنوبية” أنهم “كلجنة يتابعون هذا الملف وبحسب معلومات، هناك عدة جهات يمكن أن تؤمن تمويل هذه البطاقة، أي عبر  الجهات المانحة (بواسطة بعض البرامج وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية)،ويمكن أيضا إستخدام جزء من الاموال المنتظرة من صندوق النقد الدولي والتي تقدر ب860 مليون دولار، ويمكن أيضا تأمين الاموال  من موازنة الدولة، ولكن إلى الان لم يبت موضوع التمويل بإنتظار معرفة قرار الجهات المانحة لتمويل هذه البطاقة “.

درويش لـ”جنوبية”: الانحلال في مفاصل الدولة يمنع إقرار البطاقة  التمويلية

يشدد درويش على أنه “لا يمكن الجزم بأن رفع الدعم عن المحروقات لن يتم إلا بعد إقرار البطاقة التمويلية، لأنه عمليا تمّ رفع الدعم عنها وأسعار السلع   إرتفعت بشكل تلقائي، بسبب شراء المحروقات من السوق السوداء”، لافتا أنهم “كنواب دعوا إلى إقرار البطاقة سريعا  ولكن هذا الامر هو من مسؤولية السلطة التنفيذية التي تعاني الترهل، كما أن الانحلال الحاصل في مفاصل الدولة، يمنع وجود قدرة فعلية لإقرار البطاقة بالوقت المطلوب، والكل يعلم المفاعيل السلبية لرفع الدعم عن المحروقات عن المواطنين  بكل نواحي حياتهم”. 

ويختم:”نحن دعونا المعنيين ولا سيما وزارة الشؤون الاجتماعية لتسريع إقرار البطاقة، لكن التركيبة السياسية اللبنانية تتقاذف المسؤوليات والنتيجة أن لا تمويل حتى الآن، علما أنه يجب أن تقر خلال أيام وإلا سنواجه كارثة وسيُترك الناس لمصيرهم في هذه المرحلة للأسف”.

علي درويش
درويش

على ضفة الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين فإن كل الكلام عن إقرار بطاقة تمويلية سريعا تزامنا مع رفع الدعم هو مجرد شائعات لإلهاء الناس عن واقعها المرير، إذ يشرح لـ”جنوبية” أن “لا تمويل للبطاقة سوى 295 مليون دولار، يمكن الحصول عليهم من البنك الدولي بالاضافة إلى قرض آخر يمكن الحصول عليه من البنك بقيمة 245 مليون دولار، ولكن لا اي شيء رسمي إلى الآن”، مشددا “على أن العائق الاساسي أمام إقرار البطاقة قريبا، هو عدم تحديد الفئات التي ستستفيد من هذه البطاقة.

شمس الدين لـ”جنوبية:” لن تُقر البطاقة و ما يجري إبرة بنج لتخفيف وطأة رفع الدعم

إذ لا يكفي أن يتسجل المواطن على المنصة للحصول على الدعم، بل هناك فرق من وزارة الشؤون عليها التحقق من أوضاع المتقدمين لطلب المساعدة على الارض، وهذا يعني أن البطاقة لن تُقر إلا بعد عدة أشهر بعد التأكد من المعلومات”.

ويسأل شمس الدين :”لماذا نربط البطاقة برفع الدعم؟ بمعنى أنه مع رفع الدعم إرتفعت الاسعار بنسبة 25 بالمئة على الاقل، وهذا يعني أن أغلب اللبنانيين سيحتاجون إلى البطاقة التمويلية، لذلك لا يجب ربط البطاقة التمويلية، وبرأيي لن يحصل أي إجراء سريع وعملي، وما يجري هو إبرة بنج لإقناع اللبنانيون بأن الطبقة السياسية تعمل لتخفيف وطأة رفع الدعم عنهم”.

محمد شمس الدين
شمس الدين
السابق
خاص «جنوبية»: البيطار «يتريث».. بعد ٦ ساعات على استجواب مدير المخابرات السابق
التالي
الشتائم تُلهب الخلاف بين «حزب الله» و«أمل».. ونعوت اصغرها «بلطجي» وحزب «المتعة»!