هذه هي «حظوظ» الثورة في الإنتخابات النيابية المنتظرة!

ثورة ساحة الشهداء لبنان ينتفض

يسألني البعض متشائماً: “اديش بتجيب الثورة بالانتخابات النيابية الجايي؟ 5 – 6 نواب؟ شو فيهن يعملو؟ متل نجاح واكيم أو بولا يعقوبيان؟ يعني بتكونو حاله اعتراضيه ما بتغير شي! وبعدين عند الشيعه، ما فيكن تخرقو بأي نايب…!” وكلها تساؤلات مشروعة. ولكن الحقيقة في مكان آخر!

اقرا ايضاً: نفق الحرية في فلسطين ولبنان النفق

خوف السلطة من الارادة الشعبية 

الحقيقة هي أن الشعب يريد التغيير. والكل في السلطة خائف من هذا التغيير، بدليل عدم إجراء الانتخابات الفرعية. فلو كانت السلطة “مرتاحه عا وضعها” لأجرت الانتخابات الفرعية في موعدها وأثبتت للجميع شرعيتها. ولكنها تخاف تأكيد خسارتها للشرعية الشعبية، التي صوت لها اللبنانيون بأقدامهم منذ سنتين وحتى اليوم. وآخرها في الذكرى السنوية الأولى لتفجير السلطة لبيروت في 4 آب الماضي!

لماذا ستصوت الناس للثورة؟

لماذا ستصوت الناس لمرشحي الثورة في الانتخابات النيابية المقبلة؟ لأنها “قرفت” من أحزاب السلطة ومن فسادهم. ولأن أحزاب السلطة أوصلوهم الى جهنم. ولأن زعماء سلطة النيترات فجروا بيروت وأهلها!  ولأن زعماء السلطة سرقوا 86% من ودائع الشعب، ومئات المليارات من ثروات الوطن وحولوها الى خارج لبنان. ولأن زعماء الطبقة السياسية أوصلوا اللبنانيين الى جهنم، وأذلوهم ويذلونهم كل يوم في طوابير الذل على البنزين. وفي عمليات البحث عن الدواء المفقود، وفي العيون الفارغة المدهوشة باستمرار من الاسعار الجنونية للسلع الأساسية في السوبرماركت، وفي عدم القدرة على دخول المستشفيات، وفي الاضطرار لشراء المياه تحت المطر، وفي الحصار لعدد كبير من الموظفين في بيوتهم لعدم قدرتهم على دفع بدلات النقل… وقريباً، لعدم قدرتهم على ادخال أولادهم الى المدارس بسبب تكاليف كل شيء، وبسبب عدم قدرة الاساتذة على الالتحاق بمدارسهم! كلها أسباب، وكثير غيرها، ستدفع الناس للتصويت للثورة أياً يكن قانون الانتخاب، وأياً تكن إدارة الانتخابات.. وأياً يكن المرشحين! 
إن قدرة السلطة على تزوير الانتخابات وعلى تزوير إرادة الشعب أصبحت محدودة. والسؤال الأساس لمؤسسات الاحصاءات للناخبين هو واحد: هل تريد التصويت لهذه السلطة، وهل تريد لهذه السلطة ولزعمائها ولأزلامهم ولفتيتهم أن يعودوا الى الحكم عندها تُبنى التوقعات؟


 سحب الثقة من “زعماء النيترات”


إن الشعب اللبناني سحب ثقته من رئيس الجمهورية، ومن صهره ومن حزبهم، ومن الحكومات الأخيرة ومن رؤسائها ومن أحزابهم، ومن المجلس النيابي ومن رئيسه ومن أحزابهم، ومن الحزب الحاكم للجميع! كلهم أصبحوا في نظرهم “زعماء النيترات”. كلهم مسؤولون عن موت المئات في تفجير بيروت، وجرح الآلاف وتدمير منازل وأعمال مئات الآلاف من اللبنانيين، ومن أهالي وسكان بيروت ومحيطها. ومفاعيل التفجير باقية لسنين طويلة. كلهم وقفوا سداً منيعاً لمنع اسقاط الحصانات. كلهم كانوا يعلمون وسكتوا مؤمنين بالسكوت أو مسايرة للمؤمنين به. والنتيجة واحدة.. والساكت عن الحق شيطان أخرس!

لن ينجح شراء الضمائر

إن المشككين بفوز الثروة يغرقون في الماضي وبحالة انكار بالتغيير، وبمقولة أن تجويع الناس سيمكن زعماء الطوائف من شراء الاصوات بأبخس الأثمان ب 20 أو 50 دولار! ولكن الحقيقه أنه لن يستطيع أحد شراء الأصوات هذه المرة! ولن يعود الشعب ليتلطى خلف طائفته أو مذهبه، أو بعباءة زعيمه (باستثناء بعض المحازبين). هذا ليس شعراً. وهذه ليست تنبؤات. إنما قراءة لواقع الحال. في حين يعيش بعض الأحزاب على أمجاد الماضي من دون الأخذ بالاعتبار ثورة 17 تشرين وما أحدثته في المجتمع اللبناني. وهذا ينسحب على المناطق ذات الغالبية الشيعية. فلا الترهيب ولا التكليف الشرعي سيكونان كافيين، لوقف إرادة الشعب في التغيير، حتى في عقر دار بيئة حزب الله!
لا يملك أي زعيم أو أي رئيس حزب الثورة، وهو لا يقودها. وكل حزب، من خارج أحزاب السلطة، وكل لبناني، من جمهور الأحزاب، يقترب من الثورة منذ 17 تشرين، ومع المحافظة على “كلن يعني كلن”، ومحاسبة ومساءلة الجميع، و ومن يؤيد مطالب الثورة.. فأهلاً وسهلاً به.

وبالاضافة الى مطالبتها بقانون عصري للانتخاب، مروراً بقانون “الدستور” والطائف مع المادتين 22 و  95، اللتين تنصان على الانتخاب خارج القيد الطائفي مع النسبية ومع اعادة تحديد الدوائر على أساس المحافظات (انشاء مع مجلس للشيوخ)، ووصولاً الى ادارة انتخابات عادلة وشفافة مع اشراف دولي، والى عدد من المطالب المحقة الأخرى لحسن سير العملية الانتخابية، فإن على الثورة أن تحرص على وحدة لوائحها ووحدة صفها. وورش العمل الداخلية مستمرة لبلوغ هذه الوحدة! 

التواضع والتعاون للفوز بالمرشح الأوفر حظاً

من الضروري أن تستمر الثورة، بالتوازي، بالضغط على السلطة بتحركاتها المختلفة، وبعدم التحول فقط الى ماكينة انتخابية، وبمنع استعمالها مطية انتخابية من أحد، وان كان من الضروري أن تعقد التحالفات مع من يشبهها، ولو لم يكن متطابقاً معها، لتحقيق مصلحة الثورة. ومن الضروري كبح رغبة الترشيح غير الجدية وتحرير إرادة الترشيح الجدية لتحقيق أكبر فوز ممكن، والتواضع والتعاون لتحقيق الفوز بالمرشح الأوفر حظاً، والأكثر تمثيلاً للثورة ولأهدافها.
ان الانتخابات النيابية ليست هدفاً بحد ذاته للثورة، بل هي إحدى محطات التغيير وإحدى وسائل بلوغه. وسيبرز بعد الانتخابات جيل جديد من الشباب ليتابع مسيرة هذا التغيير. “البحر يكذّب الغطاسين” والتغيير آت لا محالة!

السابق
نفق الحرية في فلسطين ولبنان النفق
التالي
«بعدسة جنوبية»: الوداع الأخير للشيخ عبد الأمير قبلان