قوة الاشقاء العرب في لبنان.. «العين الثالثة»!

لبنان

يقودنا الواقع الراهن في لبنان، الى تساؤل مهم يجب ان لا يغيب عن بالنا البتة، ومفاده الاتي: هل الوضع المتأزم في لبنان على الصعد كافة، وتحديدا على مستوى الازمة المعيشية الخانقة،  دليل على قوة التأثير العربية ام العكس؟.

اقرا ايضا: عواقب توغل إيران في الجنوب السوري.. الأسد يستنجد، روسيا تراقب وإسرائيل تحذّر

وليس المقصود ان ما يحدث في لبنان، هو نتيجة حصار، يساهم فيه الاشقاء العرب كما يدعي البعض، بالأساس ليس هناك من حصار لا عربي ولا دولي، بل ان المقصود منه الإشارة، الى ان الدور العربي، لطالما جاء على نسق دبلوماسية هادئة، تسعى لتحقيق الاستقرار والازدهار للبنان وشعبه.

ان الجواب في كلا الحالين المذكورين في طيات التساؤل، يؤكد ان العرب حاجة لبنانية ملحة، وان دورهم، أيا يكن المسيطر على الجغرافية اللبنانية، لا يمكن حجبه او عزله. فالاشقاء العرب إن حضروا في السياسة اللبنانية، يمكنهم التأثير إيجابيا في الواقع اللبناني، وان غابوا يعاني لبنان كثيرا، وليس ما يحدث في لبنان، الا دليل على أهمية حضورهم على غير صعيد.

بالأساس ليس هناك من حصار لا عربي ولا دولي

تلك الوقائع غير قابلة للنقاش او الدحض، فلبنان عربي الهوية والانتماء، ليس لأن مقدمة دستوره تؤكد ذلك، على اهميته، بل كون ثمة روح، من تفاعل اللبنانيين مع اشقائهم العرب، يتجاوز كل سلطة موجودة، ويفرض نفسه بلغة المصالح الحيوية، فاليد العاملة اللبنانية في دول الخليج، لها معنى عميق في ميدان العلاقات الدولية، لذا لا يمكن التقليل من شأنه، من جهة أخرى، إن صورة لبنان كبلد جميل ومضياف، وان تغير ذلك في عقلية الشباب الخليجي راهنا، الا انه يبقى مكانا جذابا، يفضله الكثير منهم للسياحة والدراسة الطبابة، وغيرها من نواحي الخدمات المتجذرة، هذا ما استقر  في نظر الكثيرين من الشعوب العربية، تجاه لبنان كبلد شقيق ومسالم.

يدفع لبنان في الوقت الراهن، دولة وشعبا ثمن المعاداة تجاه العرب، من قبل فريق متفرد بالقرار الخارجي، وتحديدا معاداة  اهل الخليج منهم، الذين يتعرض امنهم القومي للتهديدات من قبل ايران، التي تسعى لمد نفوذها في المشرق العربي، ولم يبق امامها سوى دول الخليج العربي ومصر، كدول رافضة بالمطلق للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية في المنطقة العربية، وجعل حواضرهم ساحات مشتعلة حروبا وازمات، في رحلة مشروعها النووي المكلف قبل ان يتحقق، فكيف سيكون الحال لو تحقق؟! 

يدفع لبنان في الوقت الراهن دولة وشعبا ثمن المعاداة تجاه العرب من قبل فريق متفرد بالقرار الخارجي

وبدلا من ان يقف لبنان الى جانب اشقائه، ويدين كل ما يتعرض لامنهم واستقرارهم، بل السلطة فعلت  عكس ذلك، فقد تنصل جبران باسيل كوزير خارجية لبنان، من ادانة الاعتداء على المنشآت النفطية لشركة أرامكو في السعودية، وكأنه يشير الى الفاعل المتحالف معه، وصاحب الفضل عليه وعلى تياره، فيما يتمتعون  به من امتيازات في السياسة اللبنانية. 

ومع التسليم بانكفاء الدور العربي اراديا عن لبنان، وذلك يعود لاسباب موضوعية وذاتية. الأسباب الموضوعية تتعلق  بالوصاية السورية، التي احتكرت النفوذ على لبنان، برضى أميركي، وربطت دور الاشقاء العرب بالملف الاقتصادي والدعم المالي، دون السياسي، اما الأسباب الذاتية فهي الاقتناع التام، بأنه اذا لم يحصل تغيير حقيقي في لبنان، يمتثل في عودته الى صلب القضايا العربية، كدولة سيدة لا  تشكل منصة لارهابهم فكريا وامنيا، سيبقى العرب على مسافة، من أي سلطة لا تحترم موجبات التضامن العربي، كمرجعية في سياسة لبنان الخارجية  التي تعيش أسوأ ايامها في هذا العهد.

 ومن نافل القول،  انه بعد الخروج السوري من لبنان، بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري،  انتقلت الدولة العميقة في لبنان، المعادية لاي دور عربي مؤثر في لبنان، الى النفوذ الإيراني من خلال حزب الله، الذي حاول إعادة احياء المعادلة المنتهية الصلاحية: الاقتصاد والسياحة لكم، ولنا الامن والسياسة الخارجية.

ان أي دعم مالي او اقتصادي هو بمثابة تغطية لتلك السياسات المعادية للمصالح العربية ومساعدة لهيمنة دولة

وبما ان العرب مؤمنون، فأنهم لن يلدغوا من الجحر مرتين، فتلك المعادلة لا يفيد منها سوى طرف واحد بعينه، وان أي دعم مالي او اقتصادي، هو بمثابة تغطية لتلك السياسات المعادية للمصالح العربية، ومساعدة لهيمنة دولة، لا تنفك تهدد جيرانها قولا وفعلا، في الخليج العربي وغيرها من الدول العربية. فالتحفظ العربي وفي طليعته  السعودية، التي يؤمم شطرها اغلب الدول المؤثرة، لمساعدتهم في الملف اللبناني العصي على الحل، نراها متريثة، وانها لن تقدم أي مساهمة فعلية، دون ان تلمس التغيير الحقيقي، الذي يصب لصالح لبنان دولة وشعب. وما يحسب للمملكة انها أبقت عين الاخوة على لبنان، بحيث لم ترفض ان تقدم المساعدات الانسانية لشعبه في ظل هذه الازمة القاتلة، مع حرصها ان لا يسجل ذلك، على انه دعم سياسي للسلطة الحالية، التي عجزت عن حماية مصالح اللبنانيين مع اشقائهم  العرب.

يبقى علينا نحن اللبنانيين ان نؤمن بأن خلاص لبنان لن يأتي الا على يد شعبه من البداية حتى النهاية

ولا يمكن ان نغفل دور باقي الدول كمصر والامارات وقطر، لما لهم من علاقات على الساحة اللبنانية، من لعب دور بناء، في تحفيز الافرقاء اللبنانيين، باتجاه تقديم مصالح دولتهم على المصالح الأخرى، كمدخل رئيس لايجاد الحلول للمشاكل، التي هي في اغلبها ذو بنية خارجية باهدافها وتجلياتها.

مشكور الدور العربي ومرحب به دائما، انما يبقى علينا نحن اللبنانيين، ان نؤمن بأن خلاص لبنان، لن يأتي الا على يد شعبه من البداية حتى النهاية..

السابق
العلامة الراحل الأمين في لقاء مع الأديب تاجا: الفكر الإسلامي يقرّ بحق الاختلاف
التالي
بعدسة «جنوبية»: «المصيبة تجمعهم».. أهالي شهداء المرفأ يدعمون وليم نون