غبريل يقرأ لـ«جنوبية» في مؤتمر دعم لبنان: لا مساعدات إقتصادية في ظل سلطة المحاصصة

نسيب غبريل
الدول المانحة لن تترك اللبنانيين فريسة الجوع والمرض، لكنها لن تنقذ الطبقة السياسية التي تتعارك يوميا من أجل مصالحها ومكتسباتها. هذه هي الخلاصة التي يمكن إستنتاجها من المؤتمر الدولي الذي إنعقد في 4 آب، بالتزامن مع إحياء الذكرى الاليمة، أنه جرعة إنسانية وإغاثية للبقاء على قيد الحياة، أما الإنقاذ الاقتصادي فهو من مهمة السياسيين ، فهل من يسمع ؟

للمرة الثالثة على التوالي أكدت الدول المانحة في 4 آب 2021 ما سبق لها أن كررته منذ العام 2018، “على اللبنانيين مساعدة أنفسهم أولا كي نقدم لهم المساعدة”، هذه الرسالة وصلت واضحة في المؤتمر الذي عقدته بالتزامن مع إحياء ذكرى إنفجار المرفأ في 4 آب  2021، و قدمت فيه 370 مليون دولار كمساعدات ذات طابع إنساني، أي دعم المستشفيات والقطاع الصحي والمدارس والجامعات، كي يتمكن اللبنانيون من الاستمرار على قيد الحياة، في ظل الازمة الإقتصادية العاصفة التي يعيشون فيها منذ 17 تشرين 2019، والتي تشتد وطأتها عليهم من دون أن يرف للطبقة السياسية جفن، أو يظهروا أي إستعداد للتنازل و إخراج لبنان من “جهنم” التي يحترق فيها.

إقرأ أيضاً: مظلة بلدية ومدنية لتبرير إحتكار «الثنائي»..والتهريب يستفحل إلى سوريا!

إذا هي ليست الخطوة الاولى للدول المانحة لمساعدة لبنان، ومن المرجح لن تكون الاخيرة، لذلك من المفيد البحث عن دلالاتها السياسية وفوائدها الاقتصادية، في ظل عدم اليقين السياسي والمالي الذي يعيشه اللبنانيون، وفي هذا الاطار يقدم الخبير الاقتصادي والمالي نسيب غبريل لـ”جنوبية”، عدة ملاحظات يمكن تسجيلها على هامش المؤتمر، فيقول” الملاحظة الاولى هي أن جميع المبالغ التي رصدت من الدول المانحة، لمساعدة لبنان لن تمر عبر القنوات الرسمية  والوزارات اللبنانية، بل ستصل إلى أهدافها أي الشرائح الشعبية التي تحتاج إليها من خلال جمعيات الامم المتحدة، والمؤسسات غير الحكومية وهذا مؤشر على عدم ثقة بالسلطة الحاكمة”، لافتا إلى أن “الملاحظة الثانية هي  أن المؤتمر له طابع إغاثي، من أجل تقديم مساعدات إنسانية، بالرغم من أن الدول المانحة وجهت إلى المسؤولين اللبنانيين رسالة صريحة لجهة ضرورة تشكيل حكومة وتطبيق وإصلاحات بنيوية ومالية في القطاع العام”.

هناك قرار دولي واضح أن أيا من الدول المانحة لن تنقذ لبنان إقتصاديا إذا بقيت السلطة اللبنانية مهتمة فقط بالحصص والمناكفات السياسية

واشار إلى أن “المؤتمر لم يقدم مساعدات إقتصادية للدولة اللبنانية، لأن المجتمع الدولي يريد تشكيل حكومة بأسرع وقت، ويربط تقديم مساعداته الاقتصادية بتنفيذ إصلاحات، وهذا ما يردده منذ العام 2018 (ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم)”. 


ويرى غبريل أن “الملاحظة الثالثة التي يمكن تسجيلها، مع إنعقاد المؤتمر هي أن إهتمام المجتمع الدولي بلبنان واضح،  ونية المساعدة موجودة، والدليل هو حضور كل المؤسسات التي يمكن أن تقدم مساعدات إقتصادية للبنان، أي صندوق النقد و البنك الدولي و جمعيات الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي، ناهيك عن عدد البلدان التي قدمت مساعدات”، مشيرا إلى أن “الدول المانحة تكتفي حاليا بالمساعدات الانسانية، وهذه رسالة واضحة منذ مؤتمر سيدر، علما أن الاصلاحات التي كانت مطلوبة آنذاك متواضعة مقارنة بما يطلبه المجتمع الدولي اليوم”.

يضيف:”هناك قرار دولي واضح أن أيا من الدول المانحة لن تنقذ لبنان إقتصاديا، إذا بقيت السلطة اللبنانية مهتمة فقط بالحصص والمناكفات السياسية، وتوزيع الوزارات في ما بينها، لأن الثمن هو يدفعه المواطن فقط “.

ويلفت غبريل إلى أن “المؤتمر جاء في مناسبة ذكرى أليمة هي إنفجار مرفأ بيروت، لكنه المؤتمر الثالث الذي تعقده الدول المانحة لمساعدة لبنان منذ وقوع الانفجار، وبالتالي هذه المساعدات لن تكون من أجل مساعدة الاقتصاد اللبناني، بل مساعدات إنسانية لتخفيف معاناة الشعب اللبناني في الطبابة والتعليم وتقديم المساعدات للأسر الفقيرة”، مشددا على أنه “لن يكون لها تأثير على الوضع الاقتصادي، لأن العمل على حل المشاكل الاقتصادية والمالية التي يعانيها لبنان، هي من مهمة الحكومة القادمة بالتعاون مع القطاع الخاص، لوضع خطط إصلاحية  وإنقاذية شاملة لمناقشتها مع صندوق النقد الدولي والتوصل إلى إتفاق معه”.

السابق
«الاشتراكي» يرفض السلاح المتفلت.. ويُعلن تجميد عضوية اي حزبي خارج عن القانون
التالي
دولار السوق السوداء يرتفع عصراً.. كم سجّل سعر الصرف؟