الممارسات العدوانية ضد المفتي الأمين(2): «حزب الله» يُحرض.. ويفبرك تهمة إثارة النعرات!

السيد علي الامين
لا تجد منصفاً وعاقلاً ومثقفاً وعالماً، جالس الفقيه المجتهد المفتي العلامة السيد علي الأمين، إلا والتمس منه روحية تقبُّل الآخر، ورأى منه المرونة في طرح الأفكار الدينية، سواء في دائرة الدين والدين الآخر، أم في دائرة الدين الواحد والمذاهب المتعددة، كما يلتمس من يحاور المفتي الأمين، الرغبة الجامحة في الحوار الفكري الهادئ البَنَّاء غير المتشنج ولا المتعصب المتعنِّت.

يسعى العلامة الفقيه السيد علي الامين دائماً ليستمع للآخرين مهما صغُر أو كبُر الآخرون، ويحاول أن يُقيِّم أفكارهم، على ضوء الثوابت الفكرية والدينية العقائدية والفقهية والأخلاقية والإنسانية، وهذا النمط من التفكير جعله مرغوباً، في المؤتمرات والندوات الفكرية والدينية العامة والخاصة المحلية والدولية، فكانت مشاركاته الفاعلة في مؤتمرات وندوات الڤاتيكان في روما، وفي المؤتمرات الإسلامية الجامعة في الأزهر الشريف في مصر، ورشَّحه ذلك ليكون عضواً فاعلاً وحاضراً في مجلس حكماء المسلمين، ليُصبح الوجه الشيعي الأبرز الذي يُمثل المسلمين الشيعة في المؤتمرات الفكرية والدينية العالمية، ومرجعية شيعية في هذا الجانب في نظر مفكري وباحثي دول العالم بكل ما للكلمة من معنى .. 

إقرأ أيضاً: ممارسات عدوانية ضد المفتي الأمين (1): دعاوى باطلة واتهامات بفتنة أيقظها.. «حزب الله»!

    ومن هنا يَرِدُ السؤال الكبير بوجه المعنيين، ألا وهو ما هي المصلحة الشيعية في هدم حزب الله لهذا البناء الشامخ، بالدعاوى والإخبارات القضائية كما الإشاعات والدعايات والمفتريات المُغرِضة؟!  

لا بد من الإقرار بأنه لم يشهد أحدٌ للمفتي الأمين موقفاً واحداً قام فيه بتحريض أحد ضد أحد 

         وفي إطار الردود على دعاوى وإخبارات حزب الله القضائية، والتي اتهم فيها حزب الله المفتي الأمين ” بالتحريض وإثارة النعرات”، لا بد من الإقرار بأنه لم يشهد أحدٌ للمفتي الأمين موقفاً واحداً قام فيه بتحريض أحد ضد أحد، لا في مقام الفعل ولا في مقام رد الفعل ، لا في طرحه الديني ولا في طرحه السياسي، لا عندما كان مسكوتاً عن آرائه يوم كان القوم ينتفعون بعلمه وفكره وفقهه، ولا عندما انفجرت موجة التحريض الجهنمية الشيطانية ضده، وكل ذلك لم يمنع المفتي الأمين من أن يبادر للدفاع عن المظلومين والمعتدى عليهم، سيما بعض علماء الشيعة المستقلين، كالعلامة الحجة الدكتور الشيخ إبراهيم العاملي المرشد الديني الجعفري في بلاد جزين، وغيره ممن واجهوا موجة من المفتريات والدعايات والإشاعات الحزبية المُغرضة، ولم يمنع كل ذلك المفتي الأمين – أيضاً – من المطالبة باسترداد وتحصيل الحقوق لأصحاب الحقوق.

    انفتاح العلامة الامين 

     وبسبب انفتاحه على المذاهب الفقهية الإسلامية، أثار المفتي الأمين في السنوات الأخيرة جدلاً كبيراً في بعض الأوساط الشيعية، التي كانت تدار من قبل بعض الغُرَف السوداء للثنائية الحزبية الشيعية، وذلك عندما أصبح المفتي الأمين يُشكل حالة من المعارضة الشيعية السياسية المستقلة في لبنان، فقد حاولت هذه الثنائية الحزبية الشيعية توظيف نقدها لبعض آراء المفتي الأمين في بازار السياسة، في حين أن هذه الآراء العقائدية والفقهية والتفسيرية والتاريخية – الموجودة عند المفتي الأمين وعند غيره من علماء الشيعة – تخضع للموازين العلمية المحضة، وليس لها أي بعد سياسي، ولكن حزب الله وحليفه في الثنائية الحزبية الشيعية حاولا توظيف نقدهما لهذه الآراء في المواجهة السياسية مع المفتي الأمين. 

 علماً أن المفتي الأمين ومنذ أن بدأ العمل السياسي والاجتماعي في لبنان قبل قرابة خمس وثلاثين سنة بعد عودته من الحوزتين النجفية والقمية، كان يطرح في مختلف المناسبات في لبنان، ما في جعبته من هذه الآراء في احتفالات حزب الله وحركة أمل وعلى جماهيرهما، ولم تكن هناك انتقادات ومواجهة لهذه الآراء أو اتهامات يوم كان الهوى السياسي موافقاً ومتفقاً ومؤاتياً!  

      واليوم بعد أن وقع الاختلاف مع المفتي الأمين من قبل الثنائية الحزبية الشيعية، لم تعد بعض آراء المفتي الأمين العقائدية والفقهية والتفسيرية والتاريخية مقبولة، بل وجَّه حزب الله الأُجراء من محاميي مكتب محاماته، للادعاء على المفتي الأمين بتهمة التحريض وإثارة النعرات الدينية والطائفية والمذهبية !  

دعاوى قضائية خاوية 

    أوبعد كل هذا الحضور للمفتي الأمين، في مؤتمرات الأديان والمذاهب داخل لبنان وخارجه، ولقاءاته المتعددة والمتكررة ببابا الڤاتيكان وشيخ الأزهر وبطرك الموارنة وغيرهم، وبعد كل هذه الكتابات والأبحاث الحوارية بين الإسلام والمسيحية مما كتبه وخطب به المفتي الأمين، هل يمكن أن يُصدِّق أحد أن المفتي الأمين يُحرِّض أحداً على أحد، أو يثير النعرات بآرائه وأفكاره كما يدَّعي أُجَراءُ حزب الله ممن رفعوا الدعاوى القضائية الخاوية ضده بالأمس؟!  

أوليست الحرب على المفتي الأمين نموذجاً صارخاً يدل على تحريض حزب الله وإثارته للنعرات؟ 

      وعلى مقلب آخر، هل العمائم التي قام حزب الله بتكثيرها وتجميعها من حوله لا تقوم بدور تحريضي؟ ألا يكفي تحريض أحد هؤلاء بالأمس القريب – وبشكل عنيف يقتضي المساءلة الجزائية – من على منبر مسجد بلدة النبطية الفوقا الجنوبية، ضد الصحفية الزميلة ديما صادق كنموذج على الدور التحريضي الذي يمارسه معممو حزب الله ؟ هذا إذا لم نفتح تاريخ الماضي المرير الدموي، يوم كان معممو حزب الله يرقصون على دماء الشيعة ويتوضَّؤن بدماء الشيعة، لاستعادة السيطرة على أمن الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية، أثناء حرب الثنائية الحزبية الشيعية فيما بينها، وأثناء قيامة حزب الله لإخماد ثورة الجياع في البقاع والضاحية، بهدف القضاء على معارضة الشيخ صبحي الطفيلي أمين عام حزب الله الأسبق المُنشق عن الحزب. 

ومن الذي يثير النعرات عبر خطابات رموزه الثقافية في المجالس العامة والخاصة ويمنع من قبول الآخر، ويحارب كل من يختلف معه في الرأي، أليس حزب الله؟ 

     أوليست الحرب على المفتي الأمين نموذجاً صارخاً يدل على تحريض حزب الله وإثارته للنعرات؟ 

السابق
وجيه قانصو يكتب لـ«جنوببة»: «حزب الله».. الدولة وسيلة لا غاية
التالي
الاحتجاجات مستمرة.. اليكم الطرقات المقطوعة صباح اليوم