تخبط نيابي ومصرفي حول البطاقة التمويلية.. «طبخة بحص» أم رشوة إنتخابية؟!

البطاقة التموينية
هل ستُقر البطاقة التمويلية ومن سيستفيد منها و من أين سيُغطى التمويل؟ أسئلة برسم اللجان النيابية المشتركة التي تعكف على دراسة مشروع القانون الرامي إلى إقرارها، عندها يتيقن الشعب اللبناني، إما هذه البطاقة هي مجرد "طبخة بحص" لا تُسمن ولا تُغني من جوع، أو أنها رشوة إنتخابية أخرى ستُقتطع من الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان. لننتظر و نرى .

تفوح رائحة السياسة والمصالح الحزبية والانتخابية، من النقاشات الدائرة في اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة التي تعقد إجتماعات منذ أيام (من المفترض أن ينتهي غدا)، والمكّلفة درس مشروع القانون الوارد بالمرسوم 7797 الرامي الى إقرار البطاقة التمويلية، تمهيدا لرفعها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، ليتم إقرارها في جلسة عامة. فالبطاقة التي من المفروض أن تكون ملاذا للمواطنين الذين تكتوي جيوبهم بنار الأسعار، تحوم حولها شبهات وأسئلة، عمن سيضع المعايير التي تحدد المستفيدين منها، بعيدا عن التنفيعات الحزبية والانتخابية، ومن أين سيتم تمويلها خصوصا أن هناك كتلا نيابية (القوات اللبنانية)، تعلن صراحة بأنها لن تسير بأي قانون يمس الاحتياطي الالزامي في المصرف المركزي، وقد تنضم إليها كتلا أخرى، ناهيك عن إمكانية الطعن بمشروع القانون أمام المجلس الدستوري من قبل المودعين المتضررين، على غرار ما حصل مع التعميم 3900 قبل أسابيع مثلا، والاهم أن هذه البطاقة تستثني من يملكون ودائع في المصارف اللبنانية، والتي من المفروض أن يستفيدوا من التعميم 158 الذي أصدره البنك المركزي.

إقرأ أيضاً: الثنائي «يَبتكر» جنوباً لإحتكار البنزين..وأسعار المواد الغذائية «تُحلّق» بقاعاً!

طبخة بحص؟

كل هذه المعطيات تدفع للسؤال التالي هل البطاقة التمويلية هي “طبخة بحص” لن تنضج بل ستغرق في وحول المناكفات القوى السياسية، أم أنها إبرة بنج لتسكين آلام الناس، التي ستزداد مع الرفع التدريجي للدعم كما يحصل اليوم؟ الجواب على هذا السؤال بشقين ، الاول تشريعي- سياسي يشرحه لـ”جنوبية” عضو اللقاء الديقراطي النائب فيصل الصايغ المشارك في إجتماعات اللجان النيابية، فيقول “السؤال الاساسي الذي يدور خلال الاجتماعات هو من يستحق هذه البطاقة ومن أين سيتم تأمين التمويل”، لافتا إلى أن “هناك محاولة أن لا يتم تمويلها من الاحتياطي الالزامي، بل من قروض البنك الدولي( 246 مليون دولار للعائلات الاكثر فقرا) ولدينا وعد من البنك الدولي بتأمين 300 مليون ليرة من قروض سابقة “.

الصايغ لـ”جنوبية”: هناك إتجاه للحصول على قرض من “المركزي” لتمويل البطاقة

ويوضح أن “هذه الاجراءات تستلزم وقتا، والنقاش في اللجان يدور حول كيفية تأمين الاموال، إلى حين وصول قروض البنك الدولي، وهناك إتجاه بأن يتم أخذ قرض من مصرف لبنان من الاحتياطي الالزامي، لتغطية نفقات البطاقة على أن تُعاد هذه الأموال فور وصولها (من البنك الدولي)، على أن يتم ترشيد الدعم بالتزامن مع إصدار البطاقة”.

في ما يتعلق بالمعايير للحصول على هذه البطاقة، يلفت الصايغ إلى أن “الواقع اللبناني يظهر أن أكثرية اللبنانيين بحاجة إلى هذه البطاقة ومن ضمنهم فئة الموظفين، والمعايير واضحة وضعت بالتعاون مع البنك الدولي الذي يملك تجربة طويلة في هذا الموضوع”، لافتا إلى أن “هناك أحد البنود ينص على أن المستفيدين من التعميم 158 من المصرف المركزي، لن يستفيد من هذه البطاقة، وهناك تصورات عديدة ستُحسم غدا، ولكن هناك إتجاه لإقرار البطاقة و لتأمين قرض من المركزي لتأمين التمويل اللازم لها”.

والسؤال الذي يطرح هنا ما هي الضمانات للحصول على القروض من البنك الدولي، في ظل إعلان المجتمع الدولي بأنه لن يساعد لبنان إذا لم تتشكل حكومة، يجيب الصايغ:”المجتمع الدولي سيساعد لبنان في القروض لأننا وصلنا للأسف إلى مرحلة الحاجة إلى الاغاثة، كما أن المجتمع الدولي يبدي حرصه على إستمرار مؤسسات الدولة، من خلال دعم الجيش، و إبداء فرنسا رغبتها في تأمين الصيانة المطلوبة لمؤسسات الدولة، علما أن الحل الجذري هو بتشكيل حكومة وتنفيذ خطط الاصلاحية و ما يحصل اليوم هو مجرد ترقيع”.

يضيف:”يطالب مصرف لبنان بتشريع هذه القروض، لضمان إستردادها لاحقا من القروض التي ستصل إليه، وهناك رأي آخر لوزارة المالية يقول، أن القانون يسمح بأخذ قروض من البنك المركزي، وعند إقرار قانون البطاقة هناك مواد تربط التسديد بالاموال التي ستصل إلى لبنان من البنك الدولي”.

النائب فيصل الصايغ
فيصل الصايغ

حسابات إنتخابية

على ضفة الخبراء الاقتصاديين، فإن كل ما يحاك حول البطاقة التمويلية لا يتعدى الحسابات الانتخابية، وهذا ما يوافق عليه الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي الذي يرى عبر “جنوبية” أن “البطاقة التمويلية ليست حلا للمشكلة، لأنها تتم على الطريقة اللبنانية، والسؤال الاول هل ستذهب فعلا إلى مستحقيها؟ كما أن المبلغ المرصود فيها ( 93 دولار ) غير كاف لسد إحتياجات العائلات، خصوصا في ظل رفع الدعم الذي يجري الحديث عنه وإرتفاع الاسعار بشكل جنوني”.

ويضيف: “السؤال الأهم هو أنه من المتوقع ان توزع هذه البطاقة، على الاسر الذي يقل مدخولها عن مليوني ليرة، ونحن نعلم أن الأُسر التي يبلغ مدخولها الشهري 4 مليون ليرة، لا تستطيع سد حاجاتها حاليا فكيف الحال إذا تم رفع الدعم؟”، معتبرا أن “سبب التأخير في إقرارها هو أن تأمين التمويل لها ليس واضحا بعد، والمجتمع الدولي يرفض تمويل البطاقة التمويلية، قبل تشكيل الحكومة وكذلك قطر رفضت التمويل إلى حين تشكيل الحكومة”.

جباعي لـ”جنوبية”:لا نتيجة من تعطي البطاقة لأنها ستستعمل كرشوة للمحاسيب وللإنتخابات

ويرى أنه “في حال تم القرار بتمويلها من الاحتياطي الالزامي، فهذا يعني المس بأموال المودعين، وهذا أمر غير ممكن لأنه بناء على التعميم 158، لا يمكن إستعمال إلا مليار دولار من هذا الاحتياطي”، معتبرا أن “الهدف من البطاقة هو إنتخابي، و تأخيرها كي يكون توقيت إقرارها قريب من موعد الانتخابات وتكون بمثابة رشوة للناخبين”.

ويختم:”رأيي كإقتصادي من الصعب أن تعطي هذه البطاقة نتيجة مرجوة، لأنها ستستعمل كرشوة للمحاسيب والازلام وللإنتخابات النيابية”.

الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي
محمود جباعي
السابق
نائب «حزب الله» يدعو للتفاؤل.. الاتصالات لم تتوقف ومبادرة بري مستمرة!
التالي
مع تعثّر مبادرات التشكيل.. الدولار يشق طريقه باتجاه الـ16 ألف!