مارديني يحذر عبر «جنوبية» من استخدام «الكابيتال كونترول» لحماية المصارف من الملاحقة!

باتريك مارديني
"الكابيتال كونترول" سيُقرّ قريبا ولو متأخرا لقوننة القيود على المودعين من دون ان يرضيهم، أو يرضي المصارف التي إعتاد بعضها على الاستنسابية في التعاطي، فما هي ثغرات ومحاذير هذا القانون كي لا يتحول إلى باب آخر للمحسوبية والفساد وهدر أموال المودعين من الإحتياطي الالزامي؟ و من أين سيتم تمويله، خصوصا أن نوابا في لجنة المال أعلنوا صراحة أنهم أنجزوا الصيغة النهائية للقانون من دون أن يحصلوا على أرقاما حقيقية من مصرف لبنان أو جمعية المصارف!!

يستعد مجلس النواب لمناقشة قانون “الكابيتال كونترول”، بعد أن أحالته لجنة المال والموازنة النيابية منذ يومين إلى الهيئة العامة للمجلس تمهيدا لتحديد موعد لجلسة عامة لمناقشته وإقراره، علما أن اللجان النيابية تعكف منذ 9 أشهر تقريبا على دراسة مسودة القانون بهدف تنظيم سحوبات وتحويلات المودعين من المصارف اللبنانية سواء بالدولار أو بالليرة والتي أصابها الكثير من الخلل واللغط الكبيرين بعد بدء الأزمة المالية في خريف العام 2019.

إقرأ أيضاً: التحويلات «تُنجي».. مارديني لـ«جنوبية»: الـ«Fresh dollars» غير كافية لوقف الانهيار

ومن المفترض أن يمنع “الكابيتال كونترول” كما أقرته لجنة المال “التحاويل إلى الخارج بإستثناء ما له صفة الديمومة والصفة العاجلة كنفقات التعليم والسقف الأعلى لهذه النفقات 50 الف دولار”، كما يجيز “السحب بالعملة الأجنبية بما يعادل 400 الى 800 دولار شهرياً”، وفق المعطيات التي سيقدمها مصرف لبنان إلى الهيئة العامة التي ستبت بالمبلغ النهائي المسموح سحبه. وما تجدر الاشارة إليه أن توقيت مناقشة القانون بالتزامن مع التعميم الذي أصدره المركزي بإلزام المصارف إعادة 400 دولار كاش للمودعين إبتداءا من تموز المقبل، خلق علامات إستفهام لدى  الخبراء الإقتصاديين والمودعين بأن هذا “النشاط” هدفه إقرار قانون لحماية أصحاب المصارف، من كل الدعاوى والملاحقات عن تخلفهم عن القيام بالتزاماتهم تجاه المودعين، خصوصا بأن العديد من المصارف أعلنت عدم قدرتها على تأمين الدولار الكاش لمودعيها كما ينص التعميم، وفي الوقت الذي أعلن وزير المال السابق النائب علي حسن خليل من مجلس النواب أن “لجنة المال النيابية لم يتسن لها الحصول على أرقام حقيقية من قبل البنك المركزي وجمعية المصارف خلال إعدادها مسودة القانون”، وأمام كل هذه المعطيات والتعقيدات هل ستتمكن المصارف من تطبيق القانون عندما يقر، أم أن هناك سباقا بين التعاميم التي تصدر من مصرف لبنان وبين القانون الذي يُلزم ويعلو بتأثيره وفاعلياته على كل التعاميم التي من الممكن ان تصدر في هذا المجال؟.

حركة بلا بركة

ومن الجدير ذكره أيضا أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يعتبرون “الكابيتال كونترول” “حركة بلا بركة” لأن الهدف الاساسي منه هو مراقبة حركة الرساميل ووضع ضوابط لها أي أنه قانوناً استباقياً، ولا يندرج في إطار إجراءات معالجة الأزمة المالية ما يعني أنه لا ينفع في الواقع اللبناني الحالي، ويذهب هؤلاء الخبراء إلى القول أن “الكابيتال كونترول” يهدد نظام ​اقتصاد لبنان​ الحر، دون أي استفادة والهدف منه اليوم امتصاص النقمة الشعبية، وكما أنه عادة لا يطال التعاملات بالعملة المحليّة، بل يتعلق فقط بحركة الرساميل الأجنبية، وعندما تُعطى مثل هذه الصلاحيات للمصارف فهذا إجراء غير قانوني، لأن كل ما يتعلق بالعملة المحلية فالضابطة الوحيدة له هو المصرف المركزي، وهو صاحب الُسلطة في هذا المجال وليس ​مجلس النواب​.

مناقشة الكابيتال كونترول بالتزامن مع تعميم المركزي بإلزام المصارف إعادة 400 دولار كاش للمودعين خلق علامات إستفهام 

حذر كبير!!

يقف الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور باتريك مارديني على ضفة الحذرين من إقرار “الكابيتال كونترول” ويقول ل”جنوبية”:” إذا كان الهدف منه منع المودع اللبناني، المقيم في لبنان أو الخارج من سحب أموالهم،  من أجل حماية المصارف من الدعاوى المقامة ضدهم  فأنا ضد الكابيتال كونترول، ولكن إذا كان هدفه إعادة الاموال للناس وليس تقييدها فهذا أمر مقبول”، موضحا أنه “إذا أعادت المصارف التي هرّبت أموالها الى الخارج قسما من هذه الاموال لإعادة الاموال للمودعين ( 800 دولار شهريا) كما ورد في مسودة القانون، عندها لا يتحول الكابيتال كونترول تقييد للمودعين بل وسيلة  لإعادة بعض أموالهم”.

 يضيف:”الاهم من إقرار القانون هو من سيمول سحوبات المودعين من fresh dollars، هل ستمول من إحتياطي مصرف لبنان؟ فإذا تم هذا الامر فنحن نرفضه لأنه يستنزف ما تبقى من إحتياطي المركزي، أما إذا كان هدفه حّث المصارف على تنشيط عملها لجذب إستثمارات جديدة لزيادة أرباحها ومن ثم إعادة أموال المودعين فهذا أمر مرحب به، وهذا هو الهدف من الكابيتال كونترول ليتحول إلى وسيلة لإعادة الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني من جديد”.

إنقسام المصارف

يرى مارديني أن “المصارف ستنقسم نتيجة هذا القانون إلى قسمين، هناك مصارف لا تريد أن تُعيد أي دولار إلى لبنان وعلى المصرف المركزي أن يقوم بتصفيتها ومصادرة أملاكها وبيعها وتوزيعها على المودعين، أما المصارف  التي تريد إعادة أموال المودعين على مراحل  فهم يستحقوا البقاء في لبنان”، مشددا على أنه “من هذا المنطلق الكابيتال كونترول يمكن أن يكون سيفا ذو حدين، فإذا كان هدفه إستنزاف الإحتياط في مصرف لبنان  فهو قانون سيء أما إذا كان هدفه إستعادة أموال المصارف من الخارج عندها يمكن أن يكون قانونا جيدا”.

لجنة المال  لم تحصل على الحصول على أرقام حقيقية من قبل “المركزي” وجمعية المصارف 

يضيف:”يجب الإنتباه ايضا إلى أن الاستثناءات في القانون يمكن أن تفتح مجالا أمام الفساد والاستنسابية، بمعنى أن الاشخاص المدعومين ممكن أن يستحصلوا على مستندات ( أقساط لجامعات في الخارج ) لتحويل أمواله إلى الخارج في حين أن المواطن العادي غير المدعوم “بتروح عليه”.

ويختم:” كلما زادت الاستثناءات سيزيد الفساد ومن الافضل إلغاءها وزيادة المبلغ المسموح سحبه للجميع”.

السابق
الغضب الجنوبي يتسع من «طوابير الذل».. و«هجمة» على الحاج حسن!
التالي
«قبيضة الدولار» يرفعون إيجارات الشقق في الضاحية.. ومناشدة شيعية لنصرالله!