هكذا يتحول لبنان الى «مرتع الشرق»!

لبنان
قد تكون الملحمة الأخيرة، تبريد لآخر الجبهات الحامية في الشرق الاوسط الجديد، التي قرر الفاعلون الاساسيون الذهاب إليها بإتفاق ناقص غير مكتمل، لكنه مقرون بإعادة تموضع جديدة تقوم بها الدول العظمى، ومعها مثيلتها المستفيقة و الكيانات ما فوق إقليمية والإقليمية العادية.

التبدل في الإستراتيجيات واضح، الدول المعنية وتلك الحالمة باستعادة العظمة، تعيد ترتيب أولوياتها وفق ما تراه مناسبا لإداراتها، أما أوروبا العجوز فعلى ما يبدو غاصت أكثر في الركود، وهي غير مدركة حتى اللحظة لكيفية الإلتحاق بركب التموضع الحاصل، وتعجز عن “الإتحاد معا” لأجل الخروج من القمقم التي احتجزت نفسها فيه وتصحى من الثبات العميق.

اقرا ايضاً: «الإنفجار الكبير» يَقترب من أمتاره الأخيرة..والمشاورات الحكومية في بداياتها!

الدول ما فوق الإقليمية بدورها بدأت هي الأخرى، بإطلاق مهمة الإفادة مما تحقق لها من هدوء، فهذه تركيا العثمانية الهوى، تتجه صوب تركمستانها و تحقق مصالحها في شرق إفريقيا ودول المغرب العربي بالتحديد، وكذا السعودية بقيادة أميرها ولي عهدها، أطلقت ورشة لتحقيق رؤيتها وزادت من استثماراتها في الداخل، وتسعى للوصول إلى صفر مشاكل مع الدول الأخرى ومع المحيط، مصر تجهد لإستعادة بعض دورها في القضية الفلسطينية، و تعمل بلا كلل على حماية حدودها عبر أنظمة عسكرية، تشبه ما هو موجود في نظامها، و تعمل على التنسيق الدائم معها سواء مع طرابلس الغرب او في الخرطوم. في المقابل الكيانات القائم إقتصادها على ما يعرف بإقتصادات الحرب تحت راية الدين، تسعى إلى زيادة إنخراطها في الناتج القومي المحلي وحصرية القيام بأعمل التنمية، من خلال حراس الثورة وبإسم الدين، سامحة ببعض الشراكة مع من هم من خارج منظومة القبة الحديدية، ممن يستفاد منهم ولا يسعون البتة إلى التغيير .

لبنان لا يملك ما يمكن القول بأنه نظام سياسي او اقتصادي حقيقي لكي ينهار

لبنان التنوع في الخلاف والإختلاف، لا يملك ما يمكن القول بأنه نظام سياسي او اقتصادي حقيقي لكي ينهار، هو كان يمتلك نظاما مصرفيا يعنى بإدارة وتنمية أموال المودعين، وإيداعات الدول العربية وأخرى أجنبية، التي كان من المتوقع عاجلا أم آجلا ان تسحبها، لانها بمعظمها وجدت وظيفة لها في الخارج وفي بلد المنشأ، وهي أتت إليه بالأصل لاجل تقوية ورعاية نظام الطوائف و الزعماء، و تسهيل عملهم لرعاية مصالحها وتقوية نفوذها على جغرافيا، تعتبر ممرا إجباريا لكثير من المشاريع في المنطقة والإقليم، وما بقي فيه من أموال، فعائد لغنائم الحرب التي استحصلت عليها فصائل إنخرطت في حروب الإقليم، وكلها تصرف وإلى الآن على تطوير الآلة العسكرية والمقاتلين. و ما عدا ذلك، فلا يغدو كونه اكثر من قروض وجب سدادها اضعاف قيمتها، وتحويلات من الأبناء للآباء اللبنانيين الذين مازالوا في داخل مقيمين.

الحديث عن السعي لتطوير الإنتاج وتصدير التكنولوجيا وجذب الامخاخ العلمية  فهلوسة يحتاج الشفاء منها إلى عقود


ما تبقى للبنان من فرص لإعادة النظر في ماهيته او الدور الذي يجب أن يتبناه، هذا اذا بقي من حكامه من يفكر، لا يمكن أن يكون أكثر من جعله جنة الملاذات الضريبية والتهرب منها. يستعيد دوره التسلوي القائم بمعظمه على إدارة عمليات رجال الأعمال و التجار الدوليين، وهو أمر يستلزم حكماً خدمة ينخرط فيها المقيمين، في قطاعات مثل المطاعم والمقاهي ودور اللهو والكازينوهات والمستشفيات والفنادق  الفاخرة، مع تحسين وتحديث وبناء المرافئ وتطويرها، وتسهيل عمل المعابر و وسائل الاتصال والتواصل، والحماية لضمان رضى الوافدين الباحثين عن راحة الضمير. 

عبارة “مرتع الشرق” الكلمة الاقرب الى توصيف الحالة التي من خلالها ممكن للبنان ان يجذب من يرغب إلى كل ما هو ممنوع

اما الحديث عن السعي لتطوير الإنتاج وتصدير التكنولوجيا وجذب الامخاخ العلمية  فهلوسة يحتاج الشفاء منها إلى عقود،  ولربما إلى قرون حتى وإن كثرت المعابد ودورها والمزارات ومقراتها، فذلك أمر يحتاج لكي يكون فاعلا، إلى معجزات ما عادت نافذة في هذا الزمان. قد لا يستسيغ كثيرون عبارة “مرتع الشرق”، لكنها الكلمة الاقرب الى توصيف الحالة التي من خلالها ممكن للبنان، ان يجذب من يرغب إلى كل ما هو ممنوع.

السابق
العلامة الأمين حضور لا يغيب..«ندوة العِلِّيّة الثقافية» تحيي أربعينيته السبت في مجدل سلم
التالي
نصيحة من هيل لحلفاء حزب الله»: انهوا التحالف معه!