«الشيرازية» من إيران الى لبنان.. مواجهة «داعش» ومساندة فلسطين

ماهي حقيقة الحركة الشيرازية الشيعية؟ هل هي حركة طقوسية فقط لا تهتم بأمر المسلمين سياسيا واجتماعيا بانتظار الامام المهدي؟

  بدأت حركة المرجعية الشيرازية في مدينة كربلاء المقدسة منذ قرابة قرن من الزمن، وكانت انطلاقتها بمرجعية الفقيه السيد مهدي الحسيني الشيرازي الذي حرص في عصره – وبكل قوة – على إعادة أمجاد المرجعية الدينية الفقهية والأصولية الشيعية إلى مدينة كربلاء المقدسة، هذه المدينة التي كانت محوراً للمرجعية الشيعية في فترة من التاريخ، سيما زمن الوحيد البهبهاني وزمن مقارعته للموجة الأخبارية وتجديده للمدرسة الأصولية الإمامية، وكانت حوزة كربلاء العلمية كذلك، إلى جانب حوزة مدينة النجف الأشرف التي كانت وما زالت محور المرجعية الشيعية العليا  لقرابة ألف ومئة سنة منذ الغيبة الكبرى للثاني عشر من أئمة الشيعة ..

اصدرت مرجعية الشيرازي فتوى بوجوب مساندة القضية الفلسطينية والمدنيين العزل في قطاع غزة المحاصر.

انتشار الحركة الشيرازية خارج ايران

    وبعد مرجعية السيد مهدي الحسيني الشيرازي في كربلاء، خلفه في تقلُّد المرجعية الشيرازية ولده السيد محمد الحسيني الشيرازي، الذي توسعت على يده مرجعية بيت الشيرازي ليتابعها مقلِّدون أكثر من أطراف مختلف المدن العراقية، ومن دول الخليج ومن أبناء الجاليات العراقية وغير العراقية في أوروپا وأمريكا وإفريقيا،  ومن دول عربية وغير عربية عدة كلبنان وسورية وإيران، وقد انتشرت مؤلفات السيد محمد الحسيني الشيرازي بقوة، سيما موسوعة الفقه الشهيرة التي تربو على مئة مجلد في الفقه الاستدلالي، ولُقِّب بسلطان المؤلفين لتأليفه أكثر من ألف وخمسمئة كتاب في شتى العلوم والفنون ..

اقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: كانت تسمى فلسطين.. صارت تسمى فلسطين!

    ومن الذين قاموا بتفعيل حركة المرجعية الشيرازية بين لبنان وسورية قبل أكثر من أربعين سنة، المفكر الإسلامي الشهيد السيد حسن الحسيني الشيرازي شقيق المرجع الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي، الذي كان يدعو لمرجعية أخيه السيد محمد بين سورية و لبنان وبعض البلدان الإفريقية، من خلال رحلاته الدورية التي كان يقوم بها لبعض دول إفريقيا، وتمكن الشهيد السيد حسن من تأسيس أول حوزة علمية شيعية جوار مرقد السيدة زينب عليها السلام في ريف دمشق، وامتدت حركته إلى لبنان ليؤسس حوزة الإمام الجواد عليه السلام في منطقة برج البراجنة، إلى جانب مراكز ثقافية ودور نشر ساهمت في ترويج كتب والده وكتبه وكتب مرجعية أخيه السيد محمد، الذي كان العنوان الأبرز في مرجعية الشيرازيين وما بات يُعرف لاحقاً بالتيار الشيرازي حول العالم، وكانت للشهيد السيد حسن إلى جانب كل ذلك حركة سياسية مناهضة لحكومة البعث العراقي ونظام صدام حسين، المضطهد لشيعة العراق وعلماء الحوزة العلمية في النجف وكربلاء ، وقد تعرض الشهيد السيد حسن للتعذيب في السجون ومراكز الأمن، على يد جلاوزة صدام حسين في فترة إقامته في العراق قبل أن يتمكن من مغادرة العراق ليستقر بين لبنان وسورية، لحين تمت تصفيته بعملية اغتيال جبانة في بيروت بتخطيط من نظام البعث العراقي وتنفيذ بعض العملاء ..

توسعت مرجعية الشيرازي ليتابعها مقلِّدون من مختلف المدن العراقية ومن دول الخليج ومن أبناء الجاليات في أوروپا وأمريكا وإفريقيا

فتوى مساندة القضية الفلسطينية

    ورغم كل ذلك استمرت حركة المرجعية الشيرازية في لبنان بتوجيه من المرجع الراحل السيد محمد، وقد خلفه بعد وفاته في تقلُّد هذه المرجعية شقيقة السيد صادق الحسيني الشيرازي، الذي ما زال منذ قرابة عقدين من الوقت يتصدى لشؤون هذه المرجعية، التي تحظى بانتشار ملحوظ في العديد من دول العالم، حتى اعتبرها البعض ثاني مرجعية تحظى بعدد المقلدين في العالم ..

    وتقوم مرجعية السيد صادق بمتابعة مختلف الحوزات العلمية والمساجد والحسينيات والمراكز الدينية  داخل إيران وخارجها، كما يتصدى وكلاء السيد صادق لمختلف الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وحتى السياسية حيث تقتضي المصلحة، ومن هذا المنطلق أتت فتوى السيد صادق  بضرورة “مساندة القضية الفلسطينية والمدنيين العزل في قطاع غزة المحاصر،  مؤكدة أن لا حل للقضية الفلسطينية سوى باستعادة الحقوق التي تغتصبها إسرائيل”.

وكذلك فتوى المرجع الشيرازي بضرورة مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك فتواه بضرورة تقديم الدعم لشعب اليمن الذي يتعرض للحصار، ولتدحض هذه الفتاوى، كل مزاعم من يتهمون الشيرازيين بالقول انهم “طقوسيون مغالون ويألّهون أهل البيت” ، و” إنهم من القاعدين ويُحرِّمون الجهاد “، و”إنهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر لينتشر الفساد حتى يظهر الإمام المهدي “، وغيرها من التهم التي كان يروج لها حزب الله واحزاب الاسلام السياسي، وذلك  لمحاصرة المرجعية الشيرازية ومنع تمددها وانتشارها ..

السابق
للسوريين الراغبين في العودة إلى حضن الأسد.. النظام يفرض غرامة جمركية على الأمتعة والأثاث
التالي
بعد اطلاق منصة مصرف لبنان.. كيف أقفل دولار السوق السوداء اليوم؟