اللبنانيون يخزنون الأغذية واللحوم.. ولا من يحزنون!

ملحمة لحوم
أسعار الدجاج واللحوم والمواد الغذائية مثل البورصة الدائمة الإرتفاع، ما يدفع عدد كبير من المواطنين الى محاولة تخزين ما أمكن منها خوفا من الانهيار الكبير، أما التجار فيزدادون نهما وإستغلالا لجني المزيد من الارباح، أما الدولة وأجهزتها الرقابية ففي سبات عميق.

تقف وفاء سبيتي مشدوهة حين يخبرها بائع الدجاج بأن سعر كيلو الفخاد إرتفع اليوم 5 آلاف ليرة، تقول ل”جنوبية” أنها “إشترت الكيلو منذ يومين ب28 ألف ليرة، لكن لا مفر من شرائه فهو يبقى أرخص من اللحمة التي إرتفع سعرها من 90 ألف ليرة للكيلو خلال الاسبوع الماضي إلى 120 ألف ليرة اليوم”.

وتشير إلى أنها “تحاول تخزين ما أمكن من دجاج لسد حاجات عائلتها المكونة من 5 أشخاص، لأنها تبقى أقل كلفة من اللحوم والاسماك التي بلغ سعر الكيلو منها 70 ألف ليرة”.

من جهتها تلفت نيللي حيدر لـ”جنوبية” أن “محاولاتها لتخزين ما أمكن لا يقتصر على المواد الغذائية، بل أيضا على مواد التنظيف والادوية لأن الأيام القادمة أسوأ بالتأكيد، وهي تفكر في شراء “صاج” لتحضير الخبز، لإستخدامها عند توقف الافران عن بيع الخبز، فكل الاحتمالات واردة في بلدنا كما تقول”.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: الجنوبيون يُعيّدون بأموال المغتربين..و«حزب الله» غائب عن «الدفع»!

قصة وفاء ونيللي مع الفروج واللحمة والمواد الغذائية هي قصة جميع اللبنانيين، الذين يعيشون في ظل “بورصة” أسعار ترتفع يوميا وبوتيرة متسارعة، مع إستمرار الحديث عن قرب رفع الدعم عن المواد الاساسية، وفي ظل مصير مجهول للبطاقة التمويلية، وهي تعكس محاولات الناس اليائسة للإستفادة من الوقت قبل وقوع الانهيار الكبير، وبدء موجة سرقات المواد الغذائية بعدما بدأت موجة سرقة الاملاك العامة منذ أشهر، مثل أغطية ريغارات وأسلاك كهرباء وبوابات مدافن لبيعها، وهذا ما تشير إليه تقارير الاجهزة الامنية يوميا.

التجار… إستغلال جماعي

إذا يحاول اللبنانيون مواجهة الإنهيار القادم بشكل منفرد، في حين أن التجار يحاولون إستغلال هذا الإنهيار بشكل جماعي، في ظل غياب للأجهزة الرقابية ولوزارة الاقتصاد، مستندين إلى حماياتهم السياسية من جهة، ولقانون الاحتكار الذي يؤمن لهم المظلة القانونية من جهة أخرى، وفي هذا الاطار يشرح رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو لـ”جنوبية” أن “إستراتيجية التجار للمحافظة على أرباحهم هي برفع الأسعار بشكل تدريجي، كي تمتص الناس الصدمة وتتعود على هذه الاسعار المرتفعة ليعودوا بعدها إلى رفع الاسعارمجددا”، مذكرا أن “التجار اللبنانيين لديهم خبرة في هذا الأمر منذ ايام الحرب الاهلية، حيث يتم رفع أسعارهم بالتدريج لفرض الاسعار التي يريدونها على المستهلك، وفي العام 2014 إخترعوا إرتفاع أسعار اللحوم عالميا، لكن الجمعية فضحتهم وبيّنت بالارقام، أن الارتفاع نصف في المئة وليس 30 بالمئة كما زعموا ونشرنا الاسعار التي تم على أساسها إستيراد اللحوم”.

برو لـ”جنوبية”: ثمة مستوردون متخصصون بالنهب و رفع الاسعار 

يضيف:” نحن أمام فئة من التجار المستوردين المتخصصين في عملية النهب في البلد، وتعرف كيف تتدرج في هذا الموضوع لتأمين أرباحها، والبطاقة التمويلية (في حال إقرارها) هي بالنسبة لهم فرصة لجمع الاموال التي ستضخها”، لافتا إلى أنه “قبل أن تطبق الزيادة على سلسلة الرتب والرواتب في العام 2016، إرتفعت الاسعار 30 بالمئة وأعتبروا أنن الزيادة هي مبرر لرفع الاسعار”.

ويشرح برو “أننا أمام إقتصاد يُبنى على التجارة، لأننا نستورد معظم حاجاتنا من الخارج، وهذا يفسر ان لبنان تاريخيا هو الاغلى بين دول المنطقة مما يفسح بالمجال أمام التجار على “التشاطر”، خصوصا أنهم يتمتعون بحمايات سياسية تسمح له بإستغلال الأوضاع وقوانين إحتكارية تحميهم”، مشيرا إلى أن “كل هذه التفاصيل تجعل النتائج لمصلحة التجار، وهذا يفسر محاولة المواطنين العاديين حماية أنفسهم من الاسوأ، عبر تخزين المواد الغذائية لأنهم لا يثقون بالتجار والدولة، ولذلك فهم لا يشاركون في تحركات التي تحصل إحتجاجا على الأوضاع التي أوصلنا إليها الساسة، وبالتالي يحاولون تأمين حلول وحمايات فردية وليس جماعية بالمشاركة مع الاخرين”.

زهير برو

فوضى وغياب للرقابة

يصف الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ”جنوبية” “ما يحصل في لبنان بأنه فوضى في الأسواق وغياب لأجهزة الدولة الرقابية، ومعظم المواطنين يحاولون حماية أنفسهم من خلال تخزين ما أمكن من مواد غذائية ومحروقات ولو كانت الاسعار مرتفعة ومضاعفة”.

حبيقة لـ”جنوبية”: ما يحصل هو نوع من الهمروجة التمثيلية من قبل الدولة

يضيف:”بعض التجار يستغلون حاجة المواطنين في ظل عدم جدية الدولة في المراقبة للحفاظ على حقوق المواطن، فمنذ بداية الازمة على الاقل لا نرى أي محاسبة لتاجر مخالف او محطة بنزين مخالفة”، معتبرا أن “ما يحصل هو نوع من الهمروجة التمثيلية من قبل الدولة على الناس، ما يعني أن التفلت يمكن أن يطول والسؤال هو أين هي الحكومة؟ حتى لو كانت مستقيلة إلا أنه يمكن أن تقوم بخطوات مع وزارة الاقتصاد للحد من هذا التفلت الحاصل”.

لويس حبيقة
لويس حبيقة
السابق
محطات النبطية تحتكر المحروقات.. وتتمرّد على القوى الأمنية ووزارة الإقتصاد!
التالي
بالفيديو: اسرائيل تُطلق النار على المتظاهرين جنوباً.. و«درون» معادية تُحلّق فوق العديسة!