الصيدليات «تحتضر» والمرضى يبحثون عن أدويتهم «بالسراج والفتيلة»!

أزمة الصيدليات في لبنان
البحث عن الادوية صارت مهمة شاقة تستلزم جولة على كل صيدليات لبنان لتأمينها، ما سبق ليس مبالغة أو إشاعة بل ملخص لقصص حقيقية عن مرضى يقطعون عشرات الكيلومترات لتأمين دوائهم، بعدما توقفت شركات الادوية عن إستيرادها بسبب توقف دعم الادوية، في الوقت الذي يعيش المسؤولون حالة إنفصام عن الواقع.

تخبر  ألفت أحمر “جنوبية” أنها قصدت صيدلية في مدينة بعلبك، لتشتري لوالدتها المريضة بمرض “التصلب اللويحي” الأدوية الخاصة بها، بعدما أن عجزت عن تأمينها صيدليات بيروت، علما أنها من سكان منطقة كورنيش المزرعة ولم تترك صيدلية “تعتب عليها” إلا وقصدتها بهدف شراء أدوية والدتها، وتشير إلى أن صاحب الصيدلية في بعلبك لم يرض أن يبيعها أكثر من علبة من كل نوع دواء أي أن الادوية تكفيها لشهر فقط، ولذلك ستحاول بعد عطلة العيد “التفتيش” عن صيدلية يمكن أن تبيعها أدوية والدتها.

إقرأ أيضاً: الجنوبيون.. لا عيد ولا من يعيدون!

حال ألفت هي كحال معظم اللبنانيين الذين باتوا يفتشون عن أدويتهم “بالسراج والفتيلة” على حد تعبير دنيز عطالله التي تقول لـ”جنوبية” أنها “إشترت الشهر الماضي لوالدها دواء لمرض السكري ب107 آلاف ليرة ولم يرض الصيدلي حينها أن يبيعها أكثر من علبة، وهذا الشهر إشترت الدواء نفسه ب240 ألف ليرة” .

على ضفة أصحاب الصيدليات، تخبر الصيدلانية لما سبيتي أن “شركات الادوية منذ عشرة أشهر لا تسلمهم الادوية إلا بالقطارة أي علبة واحدة من كل نوع دواء، ومع بداية هذا الشهر هناك شركات أدوية لم تسلم بتاتا الادوية التي طلبوها، في حين أن شركات أخرى سلّمتهم علبة واحدة من كل نوع”، لافتة إلى “بعض زبائنها ممن يعانون من أمراض مزمنة كانوا يعمدون خلال الاشهر الماضية، إلى القيام بجولات على الصيدليات لشراء ما أمكنهم من أدوية خوفا من إنقطاعها، في حين أن الفقراء منهم لم تسمح لهم أوضاعهم المادية بشراء أكثر من علبة دواء ولذلك هم واقعون اليوم في أزمة إنقطاع أدويتهم”.

تضيف:” خلال النهار نُفاجأ بزبائن آتين من طرابلس وبعلبك والجنوب للبحث عن أدويتهم، أما حليب الاطفال فالشركات لم تلب طلباتنا منذ 3 أشهر”. 

صرخة نقابة الصيادلة …هل من مجيب ؟

هذه المعاناة التي يعيشها اللبنانيون لتأمين أدويتهم دفعت نقابة الصيادلة أمس إلى إطلاق صرخة إنذار من الوضع الذي وصل إليه قطاع الدواء وقالت في بيان أنها “تابعت بقلق كبير الوضع الذي وصل اليه القطاع الصيدلاني في ظل الإنهيار الشامل الذي يعصف بوطننا لبنان دون ان يرف جفن واحد للمسؤولين عن هذا البلد وشعبه الذي يحتضر ولا من يسأل”.

وفي هذا الاطار يوضح نقيب الصيادلة غسان الامين لـ”جنوبية” أنه “يتواصل مع المسؤولين بكافة الوسائل المكتوبة ومباشرة ولكن المشكلة أن لا تجاوب في هذا الموضوع، واضاف”: وزارة الصحة تُحاول إبقاء قطاع الصيدلة واقفا على قدميه كي يتمكن من الاستمرار في تقديم خدمات للناس”، لافتا إلى أن “باقي المسؤولين فينطبق عليهم القول”لا تندهي ما في حدا” بدءا من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي غالبا ما يعطينا صورة ضبابية، وصولا إلى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي يرفض إتخاذ قرارات موجعة لجهة تبني خطة ترشيد الدعم، معتبرا انه في فترة تصريف أعمال وقرارات مماثلة تحتاج إلى قرار سياسي وهو لا يريد أن يتحمل وحده ردة فعل الناس على قرارات غير شعبية”.

الامين لـ”جنوبية”: ليتحمل عون ودياب وسلامة مسؤولياتهم

يضيف:”للأسف في تصريحات المسؤولين يقولون أنه ممنوع رفع الدعم عن الدواء، وفي الوقت نفسه لا توجد أموال لدعم الدواء والوضع الحالي هو على الشكل التالي “لا رفع للدعم ولا ترشيد ولا تأمين أموال لتأمين الدعم” ونتيجة هذا الوضع الشركات المستوردة للأدوية أوقفت إستيرادها، علما أنها كانت منذ بداية الازمة تستورد الادوية بحدها الادنى”.

ويشير إلى أنه “منذ أسبوع بدأنا نشعر بأن الازمة تفاقمت بشكل كبير، فسابقا كانت تؤمن الشركات المستوردة حاجات الصيدليات، أما اليوم فلا يتعدى عدد الادوية سوى علبة واحدة من كل صنف، فإلى أين نحن ذاهبون في هذا الملف؟”، مشددا على أن”صرختنا موجهة إلى المسؤولين المعنيين وإلى رئيس الجمهورية والحكومة وحاكم مصرف لبنان أن يتحملوا مسؤولياتهم في هذا الموضوع ووضع خطة مناسبة”.

وينفي الامين “تلقي أي دعوة من المسؤولين للمشاركة في النقاشات لإيجاد الحلول المناسبة”، موضحا أن “ما نسمعه حتى الآن مجرد كلام في الهواء والمشكلة الحقيقية أن الطبقة السياسية في ناحية وحاكم مصرف لبنان في ناحية أخرى والنتيجة للأسف تقع على رأس اللبنانيين”.

ويختم:”في حال إستمر الوضع على حاله، سنشهد مزيدا من النقص في أدوية الامراض المستعصية، مثل السكري والضغط والصرخة ستكبر، و هي مؤمنة إلى حد اليوم لأنها من ضمن ميزانية وزارة الصحة ونحن ننتظر الصدى على صرختنا”.

نقيب الصيادلة غسان الأمين
نقيب الصيادلة غسان الأمين
السابق
الجنوبيون.. لا عيد ولا من يعيدون!
التالي
«حزب الله ينتظر طلب الفصائل الفلسطينية المساعدة».. هل يفتح جبهة الجنوب مع إسرائيل؟