وثيقة مدنية تدين ميشال عون بخرق الدستور..مارس دوره كفريق وليس كحكم!

ميشال عون

مواصلة رئيس الجمهورية ميشال عون دوره كفريق وليس كحكم وفي مخالفة صريحة للدستور لا يمكن ان يستمر حتى نهاية عهده.

وإنطلاقاً من هذه الخروق الدستورية، وجدت مجموعة من اللبنانيات واللبنانيين أن من واجبها لفت الانتباه الى تجاوزات وخروق للدستور من شأنها ان تودي بلبنان ومستقبله وتغير هويته وطبيعة نظامه..

وناشدت اللبنانيين ومن يمثلهم، خصوصا نواب الامة، القيام بواجبهم لان الاستمرار في ادارة شؤون الدولة كما لو أن الأيام عادية وطبيعية يعني أخذ البلد الى الانتحار.

وأضافت : لأن الدولة لا تستقيم الا بدستورها، وكذلك السلطات العامة وحدود صلاحياتها، ولان رئيس الجمهورية وحده اقسم على الدستور وهو مؤتمن عليه…

وازاء الحالة المأسوية التي وصلت اليها البلاد، ومع انسداد الافق امام اللبنانيين، وبعد النداءات العالمية وأبرزها من حاضرة الفاتيكان والبطريرك الماروني وهيئات المجتمع المدني وغيرهم، وجدت مجموعة من اللبنانيات واللبنانيين أن من واجبها لفت الانتباه الى تجاوزات وخروق للدستور من شأنها ان تودي بلبنان ومستقبله وتغير هويته وطبيعة نظامه، وهي تناشد اللبنانيين ومن يمثلهم، خصوصا نواب الامة، القيام بواجبهم لان الاستمرار في ادارة شؤون الدولة كما لو أن الأيام عادية وطبيعية يعني أخذ البلد الى الانتحار.

ومن موقع المسؤولية الوطنية فاننا ندعو الجميع الى توحيد الصوت لافهام  رئيس الجمهورية بان الامور لا يمكن ان تستمر على هذا المنوال، فهو الوحيد في الجمهورية الذي اقسم على الدستور ما يلزمه بأمور مهمة، اولها أن يكون حكما لا فريقا.. وهذا ما لم نره طوال العهد الحالي.

من أجل هذه الغاية، وضعنا هذا النص لعله يكون مدعاة للتفكير والتأمل والتحرك، وقد تبنته مجموعة من الشخصيات الفاعلة في الحقل العام والاكاديمي، منها الشيخ ميشال الخوري ودوري شمعون اللذين تمرسا في الحوكمة في عهد رؤساء لبنان الاقوياء اي الذين كانوا حريصين على لبنان بماهيته ورسالته، كما تبنى النص المرجع الدستوري حسن الرفاعي والخبير الدستوري انطوان مسرة, فضلا عن مجموعة من اللبنانيين همهم الوحيد الحفاظ على بلدهم. وسيكون،

واوضحت ان النص سيكون متاحا لجميع من يريد التوقيع عليه، مع الاشارة، الى انه سيتم طبع هذه الوثيقة في كتيب يوزع على اللبنانيين كي يقفوا على مدى تجاهل الرئيس واستهتاره بقسمه في ظروف غير مسبوقة لانهيار الوطن.

الموقعون حتى الآن

موقعو الوثيقة حتى الآن: الشيخ ميشال الخوري، حسن الرفاعي، دوري شمعون، بليندا ابراهيم، ايزابيل اده، علي الامين، ملكار الخوري، حسان الرفاعي، سليم المعوشي، نوال المعوشي، عمر محمود الناطور، مهى بعقليني لورنس، رولا تلحوق، هنا جابر، ميشال حجي جورجيو، خليل حلو، جو خوري حلو، هند درويش، ادمون رباط، فؤاد رحمة، البروفيسور فيليب سالم، وسام سعادة ، فارس سعيد، مونيكا لقمان سليم، الرئيس شكري صادر، عيسى صالح، دافيد صهيون، طلال طعمة، شوقي عازوري، شيرين عبدالله، سمر عبد الجليل، زياد عبد الصمد، علي عز الدين، حسين عطايا، عقل عويط، احمد فتفت، فريد فخر الدين، منى فياض، البروفيسور انطوان قربان، دافيد قرم، جميل مروة، سليم مزنر، البروفيسور انطوان مسرة، سام منسى، سليم فريد الدحداح وغريس مبارك.

محاكمة رئيس الجمهوريّة عن خروقاته للدّستور

  1. في بعض النّصوص والمعلومات الدّستوريّة والقانونيّة:
  • نصّت المادّتان 50 و60 من الدّستور على الآتي:

المادّة 50:

عندما يقبض رئيس الجمهوريّة على أزمة الحكم عليه أن يحلِف أمام البرلمان يمين الإخلاص للأمّة والدّستور، بالنّصّ التّالي:

“أحلف باللّه العظيم أنّي أحترم دستور الأمّة اللّبنانيّة وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللّبنانيّ وسلامة أراضيه.”

المادّة 60:

لا تبعة على رئيس الجمهوريّة حالَ قيامه بوظيفته إلّا عند خرقه الدّستور أو في حال الخيانة العظمى.

أمّا التّبعة فيما يختصّ بالجرائم العاديّة، فهي خاضعة للقوانين العامّة. ولا يمكن اتّهامه بسبب هذه الجرائم أو لعلّتَي خرق الدّستور والخيانة العظمى إلّا من قِبَل مجلس النّوّاب بموجب قرار يصدره بغالبيّة ثلثَيْ مجموع أعضائه، ويحاكم أمام المجلس الأعلى المنصوص عليه في المادّة الثّمانين، ويُعهَد في وظيفة النّيابة العامّة لدى المجلس الأعلى إلى قاضٍ تعيّنه المحكمة العليا المؤلّفة من جميع غرفها.

  1. تعليق سريع على المادّتين 50 و60 من الدّستور:
  2. تقول المادّة 50 إنّ على رئيس الجمهوريّة أن يحلف يمينًا سمّاهُ الدّستور بـِ”يمين الإخلاص للأمّة والدّستور”. يتعهّد الرّئيس عبر قسَمِهِ: احترام الدّستور والقوانين اللّبنانيّة، كما يتعهّد بالحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه.
  3. في ممارسته لصلاحيّته الدّستوريّة سواء في العلاقات الخارجيّة والسّياسيّة الدّاخليّة والحكم والإدارة وغيرها، تبقى عدم مسؤوليّة رئيس الجمهوريّة هي القاعدة المطلقة والشاملة فلا يمكن مساءلته سياسيًّا أو جزائيًّا إلّا لعلّتي “الخيانة العظمى” و”خرق الدّستور”.
  4. تنصّ المادّة 60 من الدّستور على اتّهام رئيس الجمهوريّة بعلّتي “خرق الدّستور” و”الخيانة العظمى” (بالإضافة إلى الجرائم العاديّة) من قِبَل ثلثَي مجلس النّوّاب، كما تنصّ على محاكمة الرّئيس من قِبَل “المجلس الأعلى لمحاكمة الرّؤساء” المنصوص عليها في المادّة 80 من الدّستور.
  5. صحيحٌ أنّ المادّة 60 من الدّستور حدّدت حالتَي “الخيانة العظمى” و”خرق الدّستور” لاتّهام الرّئيس (بالإضافة إلى الجرائم العاديّة) لكنّ اللّافت أن قَسَمَ الرّئيس الذّي نصّت عليه المادّة 50 تكلّم على: 1- احترام الدّستور 2- احترام القوانين اللّبنانيّة          3- الحفاظ على استقلال الوطن 4- الحفاظ على سلامة الوطن. وفي ذلك إشارةٌ واضحةٌ إلى تركيز واضعي الدّستور اللّبنانيّ على هذه المفاهيم وإيلائها أهمّيّة خاصّة (سيكون لنا عودة إلى هذه المفاهيم عند استعراض خروقات الرّئيس عون للدّستور في القِسم الثّاني (II) من هذه الدّراسة).
  6. ‌ه-   بمراجعة الدّستور ومُجمل القوانين اللّبنانيّة نرى أنّه لا يوجد تعريف قانونيّ لفعل “الخيانة العظمى” ولفعل “خرق الدّستور”، كما أنّه لا توجد عقوبات محدّدة لهذه الفئة من الأفعال. هذا النّقص يُلاحَظ أيضًا في الدّستور والقوانين الفرنسيّة مع فارق هو أنّ المادّة 68 من الدّستور الفرنسيّ الحاليّ لَحَظَت إمكان اقالة رئيس الجمهوريّة المُدان بعد أن استُبدِلتْ سنة 2007 عبارة “الخيانة العظمى”  بعبارة “إخلال الرّئيس بواجباته  على شكلٍ لا يتلاءم مع ممارسة صلاحيّاته”. وهكذا يكون المشرّع الفرنسيّ قد وسّع مجال اتّهام الرّئيس ليشمل الإدانة بـ”خرق الدّستور” كما في المادّة 60 من الدّستور اللّبنانيّ وربما ذهب أبعد من ذلك.

وقد نصّت المادّة 68 من الدّستور الفرنسيّ على الآتي:

Article 68 de la constitution Française :

Le Président de la République ne peut être destitué qu’en cas de manquement à ses devoirs manifestement incompatible avec l’exercice de son mandat. La destitution est prononcée par le Parlement constitué en Haute Cour.

  • كما عرّف الفرنسيّون “الخيانة العظمى” على الشّكل الآتي:
  • 1-  تعريف العلّامة Maurice Duverger:

Il s’agit d’«un crime politique consistant à abuser de sa fonction pour une action contraire à la Constitution ou aux intérêts supérieurs du pays»

Maurice Duverger, Droit constitutionnel et institutions publiques, Paris, 1959, tome II, p. 661.

  • 2- تعريف العلّامة Georges Vedel:

La haute trahison était «un manquement d’ordre politique aux obligations de la fonction: c’est une violation grave des devoirs de la charge. […] La haute trahison est donc une notion d’ordre politique non légalement définie. Elle peut d’ailleurs (mais non pas toujours) se doubler d’infractions pénales légalement définies»

Georges Vedel, Manuel élémentaire de droit constitutionnel, Paris, Sirey, 1949, p. 431.

Haute trahison

Crime pour lequel le président de la République peut, contrairement au principe de son irresponsabilité, être mis en accusation devant la Haute cour de justice.

La haute trahison n’étant définie par aucun texte, c’est la Haute cour qui juge si les faits pour lesquels le président est mis en accusation par les chambres sont constitutifs ou non de haute trahison.

DALLOZ – Lexique des termes juridiques, 2005

  • يظهر من كلّ ما تقدّم أنّ الطّبيعة القانونيّة لفعلَي “الخيانة العظمى” و”خرق الدّستور” من قِبَل رئيس الجمهوريّة في لبنان كما في فرنسا أقرب إلى المفهوم السّياسيّ منها إلى المفهوم الجزائيّ. خاصّةً أنّ توجيه التُّهمة متروك لتقدير النّوّاب، كما أنّ توافر عناصر الإدانة متروك لتقدير الهيئة العليا لمحاكمة الرّؤساء.
  • يذهب بعض الفقه اللّبناني إلى تعريف خرق الدّستور على الشكل الآتي:

يمكن تعريف هذا الفعل أو الجرم بأنّه خطأ أو مخالفة جسيمة يرتكبها رئيس الجمهوريّة يترتّب عليها ضررًا جسيمًا يلحق بالصالح العام بحيث كان يفترض برئيس الجمهوريّة، وهو المُؤتمن على احترام الدّستور وقوانين الأمّة اللّبنانيّة بموجب المادّة 50 من الدّستور، ألا يقع بهكذا خطأ ساطع وجسيم فيه ضرر ظاهر وأكيد للأمّة جمعاء.

  • من ناحية أخرى فصّل قانون العقوبات اللّبنانيّ تحت عنوان “في الجنايات الواقعة على أمن الدّولة الخارجيّ” جُرم الخيانة المُرتَكَب من قِبَل مواطن لبنانيّ (الموادّ 273 إلى 280 عقوبات)، في حين أنّ هذا القانون لم يأتِ على ذكر جُرم الخيانة العظمى الّذي ورد في المادّة 60 من الدستور.
  • يتساوى رئيس الجمهوريّة مع أيّ مواطن لبنانيّ لجهة خضوع أفعاله الجرميّة إلى قانون العقوبات، سوى أنّ اتّهام الرّئيس ومحاكمته يجريان وفق المادّة 60 من الدّستور بخلاف المواطن العادي الّذي يُحاكم أمام المحاكم القضائيّة.
  • في طبيعة النّظام السّياسيّ اللّبنانيّ ودور رئيس الجمهوريّة:
  • نصّت الفقرة “ج” من مقدّمة الدّستور على الآتي:

 “لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة…”

فأكّدَت بذلك طبيعة نظامنا السّياسيّ المعتمَد منذ وضع الدّستور سنة 1926 على الرّغم من الخطأ الشّائع الّذي يقول إنّه كان نظامًا أقرب إلى النّظام الرّئاسيّ قبل الطّائف.

  • يَكمن الفارق الأساسيّ بين نصوص ما قبل الطّائف وما بعده في أنّ النّصوص بعد تعديلات سنة 1990 أدخلت الأعراف البرلمانيّة إلى متن الدّستور بعدما كانت هذه الأعراف موضع تطبيق مزاجيّ أحيانًا من قبل بعض رؤساء الجمهوريّة. إذ كيف تأتلف “الممارسة الرّئاسيّة للنّظام مع عدم المسؤوليّة السّياسيّة لرئيس الجمهوريّة المنتخَب لستِّ سنوات وغير القابل للإقالة إلّا في حالتَي الخيانة العظمى وخرق الدّستور!

وللتّأكيد على أنّ النّظام السّياسيّ اللّبنانيّ كان برلمانيًّا منذ نشأته، ولا يزال، نذكّر بما قاله كلٌّ من النّائب الرّاحل جورج سعادة، ممثّل الجبهة اللّبنانيّة في مؤتمر الطّائف، والعميد ريمون إدّه، الّذي لم يشارك في الطّائف، بخصوص طبيعة النّظام السّياسيّ اللّبنانيّ وصلاحيّات رئيس الجمهوريّة.

اذ قال جورج سعادة:

“ما هي هذه الصّلاحيّات الّتي كان الرّئيس يتمتّع بها فعليًّا وعمليًّا؟ هل يمكن أحد أن يعيّن نصًّا واحدًا أُعطي بموجبه رئيس الحكومة صلاحيّات كانت نصًّا أو عرفًا من صلاحيّات رئيس الجمهوريّة؟ هل في إمكان أحد أن يبيّن أنّ صلاحيّة واحدة أُعطيت مجلس الوزراء لم تكن له عرفًا… إنّ ما كان يتمتّع به (رئيس الجمهوريّة) في ظلّ أحكام دستور 1926 من صلاحيّات لا تتعارض والأعراف المتّبعة بقي لم يتغيّر ولم يتبدّل.”

جورج سعادة، “قصتي مع الطّائف”، ص. 163

وروى نقولا نصيف نقلًا عن ريمون إدّة:

“ميّز إدّه بين رئاسة الجمهوريّة كموقع دستوري للطّائفة المارونيّة تستمدّ منه امتيازًا سياسيًّا أكثر منه دستوريًّا بحكم اقتران ممارسة هذه الصّلاحيّات بتطبيق أعراف غير مكتوبة مُقيّدة ومُلزمة…”

نقولا ناصيف من كتاب ريمون إدّه، “جمهوريّة الضمير”، ص. 456

  • بعد تعديلات سنة 1990 أصبح واضحًا أنّ نظامنا البرلمانيّ اللّبنانيّ يجعل الحكومة مسؤولةً فقط أمام مجلس النّوّاب المؤلّف من ممثّلي الشّعب، وهي ليست قابلة للإقالة من قِبَل رئيس الجمهوريّة، تمامًا كما كانت الحال في ظلّ “الجمهوريّة الثّالثة” الفرنسيّة منذ سنة 1877، وعلى الأخصّ بعد سنة 1879. وللتّاريخ نَذكرُ أنّه يوم 16 أيّار 1877 نشأت أزمة بين رئيس الجمهوريّة الماريشال “ De MacMahon” والحكومة الفرنسيّة تطوّرت وتفاقمت لتشمل مجلس النّوّاب، بعدما قام رئيس الجمهوريّة بممارسة حقّه الدّستوريّ بإقالة الحكومة وبحلّ مجلس النّوّاب. إذ أعاد الفرنسيّون انتخاب أكثريّة نيابيّة مناهضة لسياسة رئيس الجمهوريّة. وقتها قال له نائبٌ معارضٌ اسمه Gambetta:

“على الرّئيس أن يرضَخ أو أن يتنحّى”.

Le Président n’a plus qu’à se soumettre ou se démettre.

وهذا ما حصل فعلًا، إذ بعدما رضخ رئيس الجمهوريّة للإرادة النّيابيّة سنة 1877 عاد واستقال سنة 1879. هكذا نشأت الأعراف البرلمانيّة الّتي، على الرّغم من صراحة النّصّ الدّستوريّ الّذي يعطي رئيس الجمهوريّة صلاحيّة تسمية الوزراء واقالتهم، جعلت الحكومات مسؤولةً فقط أمام مجلس النّوّاب، ممثّل الأمّة، وليس أمام رئيس الجمهوريّة الّذي أصبح عليه أن يَحترَم لدى تشكيل الحكومات رأي الأكثريّة النّيابيّة.

كذلك الأمر في لبنان، حيث ينتخب النّوّاب رئيس الجمهوريّة، وحيث لا تعيش أيّ حكومة إلّا بثقتهم، ولا يَصدر أيّ قانونٍ إن لم يقرّه المجلس النّيابيّ…

يترافق ذلك كلّه مع التّأكيد على أنّ دور رئيس الجمهوريّة هو دور الحَكَم الحكيم والعاقل الّذي يسهر على احترام السّلطتين التّشريعيّة والتّنفيذيّة لأحكام الدّستور. وتجدُر الإشارة أنّ المادّة الخامسة من دستور فرنسا الحالي القائم على نظام شبه رئاسيّ، وليس برلمانيّ نصّت أيضًا عن تحكيم رئيس الجمهوريّة فقالت: “يسهر رئيس الجمهوريّة على احترام الدّستور، ويضمن عبر تحكيمه انتظام عمل السّلطات العامّة، كما استمراريّة الدّولة.

إنّه ضامن استقلال الوطن وسلامة أراضيه واحترام اتّفاقيّاته”.

Article 5 :

Le Président de la République veille au respect de la Constitution. Il assure, par son arbitrage, le fonctionnement régulier des pouvoirs publics ainsi que la continuité de l’État.

Il est le garant de l’indépendance nationale, de l’intégrité du territoire et du respect des traités.

وضمانًا لاستقلاليّة رئيس الجمهوريّة لَحَظ الدّستور اللّبنانيّ انتخابه لولاية من ستّ سنوات غير قابلة للاختصار كونه ليس مسؤولًا سياسيًّا إلّا إذا قرّرَ ثلثا أعضاء المجلس النّيابيّ اتّهامه بالخيانة العظمى أو بخرق الدّستور، على أن تكون محاكمته من قبل “المجلس الأعلى لمحاكمة الرّؤساء” بأكثريّة ثُلْثَيْ أعضائه أيضًا.

ذلك كلّه جعل موقع رئاسة الجمهوريّة محصّنًا بالكامل، على خلاف الحكومة ورئيسها ووزرائها الّذين يخضعون للمساءلة والمحاسبة في أيّ لحظةٍ أمام مجلس النّوّاب، وحتّى من قِبَل الشّارع…

ولا نرى من داعٍ ههنا للاستفاضة في استعراض كلّ الأدوات الدّستوريّة الّتي يمتلكها رئيس الجمهوريّة للقيام بدور الحَكَم وإسماع رأيه، إذ تكفي العودة إلى موادّ الدّستور في هذا المعنى الّتي تُعطي الحقّ للرّئيس بردّ القوانين للمجلس النّيابي وبردّ قرارات مجلس الوزراء وبحضور كلّ جلسات مجلس الوزراء، إنّ شاء، وبترأس هذه الجلسات وإدارتها بوجود رئيس الحكومة إلى جانبه، وبالتّدخل وبالتّعليق على كلّ بندٍ من بنود جدول الأعمال وكذلك بطرح أيّ موضوع يرتئيه من خارج هذا الجدول، كما بوسعه أيضًا الدّعوةَ إلى جلساتٍ استثنائيةٍ لمجلس الوزراء وتأجيل انعقاد أيّ دورةٍ عاديّة لمجلس النّواب لمدّة شهر.

توجيه الرّسائل إلى مجلس النّواب كما اقتراح تعديل الدّستور هي أيضًا من صلاحيّات رئيس الجمهوريّة غير المسؤول سياسيًّا.

  • في تاريخ الرّئيس ميشال عون مع الدّستور:

سنة 1988 عُيّن العماد عون رئيسًا لحكومةٍ انتقاليّة. كان الهدف الأوّل من هذه الحكومة (المطعون بدستوريّتها وشرعيّتها منذ اللّحظة الأولى لتأليفها) تسيير أمور الدّولة إلى حين انتخاب المجلس النّيابيّ رئيسًا جديدًا للبلاد.

وقتها اغتنم العماد عون رئاسة هذه الحكومة لفتح معركتَي التّحرير والإلغاء، كما قام بعد إقرار النّوّاب اتّفاق الطّائف بمهاجمتهم وبالتّحريض على مهاجمة بيوتهم ومكاتبهم الواقعة في مناطق نفوذه وبحَلّ المجلس النّيابيّ واتّهام النّوّاب بخيانة الوطن، وخلص إلى رفض اتّفاق الطّائف والدّستور الّذي انبثق عنه. كما استمرّ العماد عون بعد لجوئه إلى فرنسا بوصف الدّستور اللّبنانيّ بأبشع النّعوت، وكذلك بالتّشكيك بشرعيّة كلّ المجالس النّيابيّة الّتي تعاقبت حتّى الانتخابات النّيابيّة سنة 2005.

وقد روى أكثر من سياسيٍّ لبنانيٍّ متابع للحقبة الممتدّة ما بين تولّي العماد عون الحكومة الانتقاليّة سنة 1988 وبين اتّفاق الطّائف أنّ الهدف الأوّل للعماد كان رئاسة الجمهوريّة. وهو نفسه، لم يرفّ له جفنٌ لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهوريّة وتأخيرها لأكثر من سنتين ونصف، حتّى أمّن انتخابه سنة 2016 من مجلسٍ نيابيٍّ ممدَّدٍ له، كان قد سبق وطَعَنَ بشرعيّته.

عند انتخابه، أقسم الرّئيس عون على احترام الدّستور وفقًا لنصّ المادّة 50 منه، الّتي أتينا على ذكرها آنفًا، ولكنّه للأسف، أثبت في كثيرٍ من ممارساته عدم استساغته لهذا الدّستور وصولًا إلى اعتماد تفسيراتٍ وممارساتٍ مشوَّهة ومناقِضة لهذا الدّستور.

خدمه في ذلك كلّه وزيرٌ مستشارٌ برّر كلّ خروقات الرّئيس الدّستوريّة، ونظّر لها.

  • في التّنظيرات الدّستوريّة لسليم جريصاتي ومواقف الرّئيس عون المخالفة للدستور:

المرشد الموجّه والحَكَم الّذي لا يُقيّد تحكيمه أيّ قيد:

في محاضرة عن “دور رئاسة الجمهوريّة ودستور الطّائف” جرت في جامعة القديس يوسف بتاريخ 2/10/2019 كرّر “وزير الدّولة لشؤون رئاسة الجمهوريّة” قراءته لدستور الطّائف الّتي سبق وعرضها سنة 2011 في مركز عصام فارس تحت عنوان “رئيس الجمهوريّة سلطة فوق كلّ السّلطات.” فقسَّمَ الوزير عرضه إلى “مقاربة  دستوريّة” و”مقاربة سياسيّة”.

  1. “المقاربة الدّستوريّة”:

سوّق الوزير المستشار خلال هذه المقاربة لضرورة إعطاء رئيس الجمهوريّة صلاحيّات إضافيّة كي يتمكّن من “الإمساك بمفاصل دور الحَكَم…” وقال حرفيًّا: “إلّا أنّه يبقى أن يُعطى رئيس الجمهوريّة الوسائل الدّستوريّة الكفيلة بتمكينه من القيام بدوره هذا، ما يفرض إعادة تصويب بعض مواد الدّستور لجهة التطبيق أو المضمون إذا أمكن…”

وأكمل جريصاتي: “إنّ الصيغة الرّاهنة للدّستور اللّبنانيّ، فضلًا عن افتقادها الخطير موقع الحكم ودوره وقدرته على ما أسلفنا، إنّما تشوبها عيوب وتناقضات وثغرات كثيرة أصبح الدّستور معها كهلًا عليلًا وعاجزًا عن مواكبة الحياة العامّة…”

“إنّ الشوائب ليست فقط في الممارسة  الخاطئة والانتقائيّة أو المغرضة للدستور، بل تكمن أيضًا في الدّستور ذاته، لا سيّما في الصّيغة الرّاهنة بعد تعديلات 1990…”

  • “المقاربة السّياسيّة” تضمّنت الآتي:

“إنّ رئيس الدّولة المسيحيّ، مهما اتّسعت أو ضاقت رقعة المناصفة أو المثالثة ضمن المناصفة أو زاد عدد المسيحيّين أو نقص أو تنامت أو تقلّصت مساحة انتشارهم أو انحسارهم في الوطن والدّولة، يبقى هو دون سواه المُرشد والموجّه والحَكَمَ الّذي لا يُقيّده أيّ قيد…”

“وعليه يكون رئيس الجمهوريّة في موقعه ودوره سلطةً فوق (وليس “على”) جميع السّلطات، يتدخّل عند الضّرورة لفرض احترام الميثاق والدّستور وقوانين الأمّة وما تمليه عليه المصلحة العليا للدّولة الّتي يحدّدها هو بالذّات  عملًا بدوره ورمزيّته وقَسَمِه.”

وتابع معاليه: “الإنجاز أيضًا وأيضًا باستنباط الرّئيس صلاحيّاته في الدّستور، بالحدود القصوى الّتي يتيحها، فلا يخشى ممارستها، بل يُقدِم عليها من منطلق قَسَمِه والوسائل المفترض  توافرها لديه…”

  • “الانجاز”:

أنهى جريصاتي كلامه: “الإنجاز أخيرًا (أي إنجاز الرّئيس عون) ألّا تُترك مساحة رماديّة في الدّستور يكون فيها للرّئيس التزام ودور، إلّا وتُملأ، فيزول عنها الشّحوب وخطر إلغاء النّصّ بالتّقادُم par désuétude على الرّئيس أن يقدّم حيث الإتاحة والتّحصين واجبًا في كلّ حين”.

  • “الإنقلاب على الدّستور”:

يظهر جليًّا أنّ المعارك والاشتباكات الدّستوريّة الّتي رافقتْ عهد الرّئيس عون، ولا تزال، مبنيّة على نظريّة ابتداع أعرافٍ جديدة، ومَلْء المناطق الرّماديّة في الدّستور والإقدام حيث الإتاحة، كلّ ذلك بهدف تحوير وتطويع الدّستور كي يلائم الرّئيس المَلَك الّذي له أن يستنسب ويحدّد بمفرده “المصلحة العليا للدّولة” – إنّه “المرشد” الموجّه والحَكَم الّذي لا يقيّد تحكيمه أيّ قيد”! (نعم إنّها عبارات الوزير المستشار الّذي يهندس انقلاب الرّئيس على الدّستور الّذي أقسم يومًا على احترامه).

إنّ هذه الأفكار والتّصرّفات الانقلابيّة هي الّتي جعلت تناوُل الدّستور مادّة يوميّة في الصّحُف وعلى ألسنة المنظّرين الطّارئين، فسمّمت الجوّ وأثارت العصبيّات والغرائز وأسّست للفتنة، وأصبح ينطبق على صاحبها نصّ المادّة 301 من قانون العقوبات اللّبنانيّ الّتي تقع تحت عنوان “في الجرائم الواقعة على أمن الدّولة الدّاخليّ” – “النّبذة 1- في الجنايات الواقعة على الدّستور” والّتي تنصّ:

“تغيير الدّستور – يعاقب على  الاعتداء الّذي يستهدف تغيير دستور الدّولة بطرق غير مشروعة بالاعتقال المؤقَّت لخمس سنواتٍ على الأقلّ. وتكون العقوبة الاعتقال المؤبَّد إذا لجأ الفاعل إلى العنف”.

باختصار، يظهر الرّئيس عون على أنّه يضرب عرض الحائط نظامنا الجمهوريّ الدّيموقراطيّ البرلمانيّ، ويتوق إلى “المَلَكِيّة المُطلَقة” “Monarchie absolue” حيث الملك يحكم ولا يُحاكَم، وحيث لا يوجد مواطنون، بل رعايا بفعل أنّ رئيس الجمهوريّة الّذي أقسم على الدّستور من دون سواه من المسؤولين عليه بالتّأكيد، لا بل من واجبه أن يتصرّف، ولو من خارج الدّستور، كي يصوّب أمور الوطن. إنّ فخامته فوق الدّستور!

إنّنا مرّة أخرى أمام إحدى إبداعات الوزير المستشار الدّستوريّة!

وهل من المسموح أن يكون الدّستور بحاجة إلى هذه التّفسيرات كلّها عند مَنْ أقسم اليمين على احترام دستور الأمّة؟!

  • أنطوان مسرّه: “رئيس الجمهوريّة يحلف اليمين على الدّستور، لا يتذرّع بتفسير الدّستور”

 ذهب البروفسور أنطوان مسرّه عضو المجلس الدّستوريّ السّابق إلى التّعليق على الاداء الدّستوري لرئيس الجمهوريّة في مقالةٍ نشرتها صحيفة النّهار بتاريخ 2-4-2021 ، اذ قال:

“رئيس الجمهوريّة هو رئيس الدّولة!” الجمهوريّةRépublique  مشتقّة منres publica أي المصلحة العامّة.

ورئيس الدّولة ليس رئيس عائلة ولا جهة حزبيّة ولا رئيس حقوق فئة. ليس الحقّ نرجسيّةً فئويّة مريضة!

“قمّة المخادَعة imposture مطالبة مَنْ حلف اليمين على الدّستور بتفسير الدّستور! هل حلف اليمين على “الكتاب” أي “الدّستور” من دون قناعة ومع التّشكيك بالمضمون؟ هل كان من المفترَض إخضاعه للجنةٍ فاحصة للتّأكّد من فهمه التّامّ لما حلف اليمين بشأنه؟ حتّى في الحالات القضائيّة العاديّة يحلف الإنسان اليمين لدى تأكُّده من الموضوع الّذي يحلف اليمين بشأنه.

رئيس الجمهوريّة يحلف اليمين على الدّستور، لا يتذرّع بتفسير الدّستور، بل يحافظ على هدف الدّستور والقانون: الدّولة!”

أوّلًا – في بعض المفاهيم:

قبل الشّروع بهذا العرض الّذي سيتناول  بعض الخروقات الرّئاسيّة وكون أغلبها استند إلى منطلقات دستوريّة خاطئة لا بدّ من توضيح الأمور الآتية:

1- في الميثاق الوطني و”الميثاقيّة”:

أصبحتْ عبارة “الميثاقيّة” على لسان ساسة لبنان وخاصةً رئيس الجمهوريّة الّذي كلما أراد تبرير موقف من مواقفه اللا دستوريّة تحجج بها.

وعليه، فلتكن الأمور واضحة: ليس من ميثاقٍ إلّا “الميثاق الوطني” لسنة 1943 غير المكتوب والّذي كان ثمرة التقاء بشارة الخوري ورياض الصّلح حول فكرتين أساسيّتين هما:

أ- حياد لبنان الّذي جَسّدته العبارة الشّهيرة “لا شرق ولا غرب” والّتي لطالما شدّد عليها وردّدها الرّئيس بشارة الخوري في كثيرٍ من خُطَبِه، ومنها قوله، سنة 1945 أمام البطريرك عريضة:

كما قول الرّئيس في رسالته إلى المغتربين:

لذلك، فإنّ مبدأ الحياد الّذي ركّز غبطة البطريرك الرّاعي عليه مؤخرًا، كأحد شروط خروج لبنان من مِحنِه، هو عودةٌ إلى ما اتَّفَقَ عليه رجال الاستقلال سنة 1943 كمدخلٍ لاستقرار الوطن…

ب- المساواة بين اللّبنانيّن في ظلّ جمهوريّة الاستقلال:

يشهد على ذلك:

“فلبنان يا صاحب السّماحة، وطن الجميع وبيت الجميع وأسرةٌ واحدة للجميع، مُسلمُه ومسيحيُّه، عيناه وساعداه، حكومَتُه وشعبُه جندياه وحارساه، موظّفُه ومكلّفُه خادماه وعاملاه…”

نقلًا عن كتاب “Le mémorial du Liban” للمؤرّخ جوزيف شامي، ج.2 ص. 26-27

ولأنّ هذه المساواة بقيت للأسف شعارًا لم يُطبّق بَرَزَ مع الوقت ميلٌ عند بعض المسلمين للاستدارة نحو شعارات الوحدة العربيّة وللتّماهي مع القضيّة الفلسطينيّة على حساب المصالح الوطنيّة وقد سبقَت هذه المواقف اتّفاق القاهرة سنة 1969

علمًا أنّ الدّستور اللّبنانيّ الّذي كُتب سنة 1926 كان قد أكّد، وما زال حتّى يومنا هذا، على المساواة بين اللّبنانيّين في مادّتين من موادّه بالعبارات الآتية:

المادّة 7:

“كلّ اللّبنانيّين سواءٌ لدى القانون، وهم يتمتّعون بالسّواء بالحقوق المادّيّة والسّياسيّة، ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامّة دونما فارقٍ بينهم”.

المادّة 12:

“لكلّ لبنانيٍّ الحقُّ في تولّي الوظائف العامّة، لا ميزة لأحدٍ على الآخر إلّا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشّروط الّتي ينصّ عليها القانون…”

فهل يجوز بعد ذلك، كما يحلو للفريق الرئاسي، التّرويج لأفكار تميّز بين المواطنين اللّبنانيّين في ميثاقيتهم لتولي الوزارة وفي حقوقهم المدنيّة في الوظيفة العامّة كما حصل عند امتناع رئيس الجمهوريّة عن توقيع مرسوم نتائج مباريات وامتحانات الخدمة المدنيّة بحجّة تفسيرات مشبوهة للمادّة 95 من الدّستور؟!

2- في الفقرة -ي- من مقدّمة الدّستور واللّعب بمفهوم “الميثاقيّة”:

إنّ التّحجج اليوم بالفقرة -ي- من مقدّمة دستور 1990 (الطّائف) الّتي تنصّ على أنّه: “لا شرعيّة لأيّ سلطة تُناقض ميثاق العيش المشترَك” والبناء عليها لتبرير الانحرافات الدّستوريّة هو أمرٌ مرفوض كليًّا. ومن هذه الانحرفات نذكر الآتي:

وقد وصّف المحامي حسن الرّفاعي هذه الحالة حينما قال في مذكراته: “اللّافت أنّ بعض السّياسيّين جعل من الفقرة – ي – ذريعة لتعطيل الحياة الديمقراطيّة في البلد، واتخذ من “الميثاقية” ذريعة لوضع الـ”فيتو” في يدّ “ممثّلي” الطّوائف والمذاهب وأصبح يفسّر کل مادّة من مواد الدّستور على وقع “فهمه” أو الأصح تشويهه للفقرة -ي- حتّى أنّ البعض الآخر ذهب أبعد من ذلك، إذ اعتبر أنّ دستور الطّائف قائم على الحکم التّوافقي بحجّة “ميثاقية” الفقرة -ي- . هكذا لا يعود مكان لحُكم الأكثرية ومعارضة الأقلّية، كما في أيّ نظام ديمقراطيّ، بل تختلط الأمور وتتداخل. هكذا يُعطل عمل النظام!”

حسن الرّفاعي، “حارس الجمهوريّة”، ص. 338

وهي فكرةٌ يردّدها الرّئيس عون وفريقه في كلّ مناسبة وكأنّهم ذاهبون إلى مواجهة… في حين يفترض أنّ يكون الرّئيس محبوبًا من أبناء الوطن لقربه منهم ولوقوفه على مسافة واحدة من الجميع مبدّيًا المصلحة العليا للوطن. هكذا فهم الرّئيس بشارة الخوري دور الرّئيس منذ اللّحظة الأولى لانتخابه إذ قال أمام النّواب: “… إنّني من ساعة انتخابي لم أعد رئيسًا للكتلة الدّستوريّة بل رئيسًا لجميع اللّبنانيين مترفعًا عن الحزبيات… ودعوتُ جميع اللّبنانيين إلى توحيد الصّفوف…”

بشارة الخوري، نفس المرجع، ج.2 ص. 16

ولأنّ كلّ هذه الانحرافات تُقسّم ولا تجمع، وتفرز اللّبنانييّن مذهبيًّا، وتصنّفهم “أبناء ستّ” و”أبناء جارية”، ضاق غبطة البطريرك الرّاعي ذرعًا وتوجّه إلى هذه الفئة من السّياسيّين، وأوّلهم رئيس الجمهوريّة، مُؤكِدًا أنّ حقوق المواطن أولى من حقوق الفئات والجماعات الّتي يدّعون الدّفاع عنها، فقال لهم في رسالة الفصح: “…إنّ حقوق الطوائف وحِصَصَها تتبخّر أمامَ حقوقِ المواطنين في الأمنِ والغذاءِ والتعليمِ والطبابةِ والعملِ والازدهارِ والسلام.”

ثانيًا – في شهادة غبطة البطريرك الرّاعي على خروقات رئيس الجمهوريّة للدستور:

شكلت رسالة غبطته بمناسبة الفصح لهذه السّنة درسًا في سموّ واجبات رئيس الجمهوريّة وتلميحًا واضحًا إلى خروقات الرّئيس ميشال عون وأعوانه، إذ قال غبطته حرفيًّا:

…وكم يؤلمنا أن نرى الجماعة الحاكمة ومن حولها يتلاعبون بمصير الوطن كيانًا وشعبًا وأرضًا وكرامة! ويؤلمنا بالأكثر أنّها لا تدرك أخطاء خياراتها وسياساتها، بل تمعن فيها على حساب البلاد والشعب! وكم يؤلمنا أيضًا أنّ بعضًا من هذه الجماعة يتمسّك بولائه لغير لبنان وعلى حساب لبنان واللبنانيّين!

وما القول عن الّذين يُعرقلون قصدًا تأليفَ الحكومة ويشلّون الدولةِ، وهم يَفعلون ذلك ليُوهموا الشعبَ أنَّ المشكلةَ في الدستورِ، فيما الدستورُ هو الحلّ، وسوء الأَداء السياسيّ والأخلاقيّ والوطنيّ هو المشكلةُ؟

لقد صار واضحًا أنّنا أمامَ مخطّطٍ يَهدِفُ إلى تغييرِ لبنان بكيانِه ونظامِه وهوِّيتِه وصيغتِه وتقاليدِه. هناك أطرافٌ تَعتمدُ منهجيّةَ هدمِ المؤسّساتِ الدستوريّةِ والماليّةِ والمصرفيّةِ والعسكريّةِ والقضائيّةِ، واحدةً تلو الأخرى. وهناك أطرافٌ تعتمدُ منهجيّةَ افتعالِ المشاكلَ أيضًا لتَمنعَ الحلولَ، والتسويات.”

“فليدرك الجميع أنّ الحياة الوطنيّة ليست حِصصًا، بل هي تكاملُ قيمٍ ولقاءُ إرادات وربحٌ مشترك. الحياةُ الوطنيّةُ هي الفرحُ بالآخَر لا الانتصارُ عليه. فليخرج الجميع من متاريسهم السياسيّةِ ويلتقوا إخْوةً، في رحابِ الوطن وشرعيّةِ الدولة وتعدّديّةِ المجتمع. إنَّ معيار إعادةِ النظرِ بالنظامِ هو الحاجةُ إلى مواكبةِ العصرِ والتقدِّم وتحقيقِ الأمنِ الاجتماعيّ، لا العودةُ إلى الوراء وتحقيقُ المكاسب الفئويّةِ والسياسيّةِ والطائفيّةِ والمذهبيّة والحزبية…”

لم تمضِ ساعات على كلام غبطته حتّى زاره وفدٌ من الأهالي للمعايدة وللشكوى من حال البلاد فانبرى شابٌ من ضمن الوفد وترافع بعفويّة المُصاب والموجوع، ولمّدة ثلاث دقائق وما يزيد، عمّا أسماه “خيانة رئيس الجمهوريّة”، جرى ذلك على مسمع غبطة البطريرك…

وعليه، حينما تتلاقى صرخة البطريرك مع ثورة الرّعيّة يكون “الرّئيس القويّ” قد أخطأ الهدف وأصبح ضعيفًا ضعيفًا… لذلك، يبقى أنْ يبادر النّواب، وتحديدًا في ظلّ نظامنا البرماني، للقيام بدورهم واستعمال صلاحيّتهم في إفعال المادّة 60 بحقّ منْ أدّى قَسَمَ المادّة 50 وخذل الوطن واللّبنانيّين. على النّواب أنْ يبادروا ولكلّ متقاعسٍ أو متلطٍ وراء الحجج الواهية أنْ يستعدّ لملاقاة النّاس…

ثالثًا تذكيرًا للسّادة النّواب نعدّد بعض خروقات رئيس الجمهوريّة على الشكل الآتي:

أ- في الامتناع عن توقيع مرسوم التّشكيلات القضائيّة خلافًا للدستور والقانون:

اعتَبرت المادّة 20 من الدّستور أنّ القضاء اللّبنانيّ هو سلطة بكلّ ما في الكلمة من معنى، كما اعتَبرت صراحةً أنّ القُضاة مستقلّون في إجراء وظيفتهم، ويُصدرون أحكامهم باسم الشّعب اللّبنانيّ.

حصرت المادّة 5 من قانون القضاء العدليّ صلاحيّة وضع مشروع المناقلات والإلحاقات القضائيّة الفرديّة أو الجماعيّة بمجلس القضاء الأعلى، على ألّا تصبح التّشكيلات نافذة إلّا بعد موافقة وزير العدل.

وعند حصول اختلاف في وجهات النّظر بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى تُعقَد جلسة مشتركة بين الطّرفين للنّظر في النّقاط المختلَف عليها. وإذا استمرّ الخلاف ينظر مجلس القضاء الأعلى مجدّدًا في الأمر للبَتّ فيه، ويتّخذ قراره بأكثريّة سبعة أعضاء ويكون قراره في هذا الشّأن “نهائيًّا ومُلزِمًا”.

وتصدر التّشكيلات القضائيّة وفقًا للبنود السّابقة بمرسوم بناءً على اقتراح وزير العدل.

  1. بالفعل، وفي بداية العام 2020، انكبّ مجلس القضاء الأعلى على وضع مشروع تشكيلات قضائيّة شاملة وجريئة آمِلًا من خلالها في بدء استعادة ثقة الشّعب اللّبنانيّ بالقضاء.
  2. أحال المجلس المشروع إلى وزيرة العدل لإبداء ملاحظاتها عليه، ففعلت ولدى اجتماعها بمجلس القضاء الأعلى لم يتوصّلا إلى حَلّ النّقاط المختَلَف عليها.
  3. اجتمع مجلس القضاء الأعلى مرّة ثانية، وأكّد على مشروع التّشكيلات الّذي أعدّه بالاجماع، علمًا أنّ المادّة الخامسة من قانون القضاء العدليّ تفرض إعادة إقرار المشروع بغالبيّة مشدّدة، أي بغالبيّة سبعة أعضاء من أصل عشرة، فأضحى قرار المجلس الأعلى بالإصرار على مشروع التّشكيلات القضائيّة نهائيًّا ومُلزِمًا. وتضمّن بالتّالي سلطة كلّ من سوف يُشرّف مرسوم نفاذ التّشكيلات القضائيّة بتوقيعه، سلطة مقيّدة غير استنسابيّة على الإطلاق، بمعنى أنّ وزراء العدل والدّفاع والمال كما ورئيس مجلس الوزراء ومن ثَمّ رئيس الجمهوريّة ملزَمون بالتّوقيع على مرسوم التّشكيلات القضائيّة.
  4. بالفعل، تمّ التّوقيع على مشروع مرسوم التّشكيلات القضائيّة من قِبَل الوزراء المذكورين آنِفًا، كذلك من قِبَل رئيس مجلس الوزراء، وأُحيل مشروع المرسوم للتّوقيع عليه من قِبَل رئيس الجمهوريّة، ولا يزال القضاء والشّعب ينتظران الإفراج عنه بعدما قرّر فخامة الرّئيس إبقاءه في دُرجٍ من أدراج مكتبه من دون توقيع.

إنّ امتناع رئيس الجمهوريّة عن التّوقيع على مرسوم التّشكيلات القضائيّة ضمن المهلة المعقولة، وهي أسبوع على الأكثر، كون سلطته مقيَّدة وغير استنسابيّة، يشكّل مخالفة فادحة لأحكام المادّة العشرين من الدّستور الّتي تكرّس استقلاليّة السّلطة القضائيّة، كما يشكّل مخالفة فادحة لأحكام المادّة الخامسة من قانون القضاء العدليّ. كما أنّ تَمَنُّع رئيس الجمهوريّة عن موجب التّوقيع على مشروع مرسوم التّشكيلات القضائيّة يخالف بشكلٍ فادحٍ القَسَم المنصوص عليه في المادّة الخمسين من الدّستور، والّذي بموجبه أقسم رئيس الجمهوريّة على احترام دستور الأمّة وقوانينها.

ب- في مرسوم التّجنيس وعوراته:

يتبيّن من المادّة السّادسة من الدّستور اللّبناني أنّ الجنسيّة اللّبنانيّة وطريقة اكتسابها وحفظها وفقدانها تُحَدَّد بمقتضى القانون. وقانون الجنسيّة في لبنان هو القرار رقم 15 تاريخ 19/01/1925 الّذي أعطى رئيس الجمهوريّة سلطة منح الجنسيّة اللّبنانيّة للأجنبيّ بموجب مرسوم رئاسيّ يوقّعه مع رئيس الحكومة ووزير الدّاخليّة، والّذي يصدر بناءً على اقتراح هذا الأخير.

إنّ موضوع الجنسيّة ومنحها يكتسب أهمّيّة قصوى بين سائر القوانين نظرًا للنّتائج القانونيّة والإداريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، ولا سيّما الدّيموغرافيّة منها، والّتي يمكن أن تترتّب عليه، ولا سيّما في بلدٍ كلبنان حيث تتعدّد الطّوائف والمذاهب، وحيث يتحمّل منذ سنواتٍ أعباء وجود اللّاجئين الفلسطينيّين والنّازحين السّوريّين، وبالتّالي فإنّ أيّ مسٍّ بالتّوازن الدّاخليّ والدّيموغرافيّ، من شأنه انّ يهدّد الاستقرار الدّاخليّ، من هنا تكون مسؤوليّة رئيس الجمهوريّة موصوفة عند ارتكابه أيّ خطأ جسيم أو ساطع في منحه الجنسيّة اللّبنانيّة لِمَنْ لا يستحقّونها.

وإذا كان منح الجنسيّة يبقى ضمن سلطة تقدير رئيس الجمهوريّة، غير أنّه يُفتَرَض به أن يبدي أعلى وأشدّ الحرص والتّنبُّه في ذلك، وعند ممارسته لصلاحيّاته، وذلك يتوقّف على وجود ملفّ موثوق وجرى التّدقيق فيه بصورة كافية من قِبَل الأجهزة الإداريّة والأمنيّة المختَصَّة حول كلّ شخصٍ مرشَّحٍ يُثْبِت الخدمات المقدَّمة للبنان، إذ إنّ الجنسيّة تبقى حقًّا استثنائيًّا ومكسبًا لا يجوز منحه إذا كان يوجد أيّ شكّ أمنيّ أو قضائيّ حول اسم صاحب العلاقة المستفيد منه أو عدم استحقاقه لها.

بتاريخ 11 أيّار 2019، صدر مرسوم تجنيس خاصّ تضمّن أربعمئة اسم لأجانب، منها أسماء تثير الشّكوك والشّبهات، ومعظمها من المتموّلين ورجال الأعمال، هذا بالإضافة إلى تجنيس حوالي عشرين شخصًا من التّابعيّة الفلسطينيّة.

أمام الضّجّة الّتي أثارها صدور المرسوم الآنف الذّكر، كلّف رئيس الجمهوريّة مدير عامّ الأمن العامّ إجراء تحقيق دقيق ومفصَّل حول هذه الأسماء، فأفاد خطّيًّا بوجود حوالي الثّمانين اسمًا تحوم حولهم شبهات جدّيّة، من شّأنها، في حال ثبوتها، أن تعيب المرسوم وتعرّضه للإبطال. بالإضافة إلى ذلك، سارع بعض نوّاب الأمّة في حينه إلى التّقدّم بطعن لدى مجلس شورى الدّولة يرمي إلى إعلان إبطاله لعيوبٍ عدّة، أهمّها تجنيس أشخاص من التّابعيّة الفلسطينيّة، الأمر المخالف لصراحة نصّ الفقرة –ط- من مقدّمة الدّستور الّتي حظّرت صراحةً التّوطين!

بالطّبع، لم يصدر عن مجلس شورى الدّولة، لغاية تاريخه أيّ قرار يتعلّق بالبَتّ بمصير المرسوم موضوع الطّعن.

تجدر الإشارة أيضًا، إلى أنّ قانون تملُّك الأجانب قد استَثنى من إمكانيّة تملُّك الأجانب عقارات في لبنان الأشخاص من التّابعيّة الفلسطينيّة، إذ إنّ تملُّك الفلسطينيّ عقارًا في لبنان يخالف صراحةً نصّ الفقرة –ط- من مقدّمة الدّستور الّتي حظّرت التّوطين.

على الرّغم ممّا تقدّم كلّه، فقد وقّع رئيس الجمهوريّة على مرسوم التّجنيس الّذي تضمّن أسماءً مشبوهة أمنيًّا وقضائيًّا، وأسماءً من التّابعيّة الفلسطينيّة، ممّا يشكّل مخالفة موصوفة بالخطإِ الجسيم والسّاطع لأحكام الدّستور الّذي أقسم يمين المحافظة على أحكامه، وعلى قوانين الأمّة، ولا سيّما قانون الجنسيّة.

كذلك، فإنّ توقيع رئيس الحكومة ووزير الدّاخليّة على مرسوم التّجنيس يجعلهما أيضًا عرضةً للمساءلة من قِبَل مجلس النّوّاب، كما للمحاسبة وفقًا للمادّة 70 من الدّستور معطوفة على المادّة 80 منه خاصةً وأنّ صلاحيّة أيّ منهما ليست “صلاحيّةً مقيَّدة”.

ج- في تمسّك الرّئيس بحصّة وزاريّة له أو تمسّكه بتعينه الوزراء المسيحيّين خلافًا للدستور:

لا داعي للتّذكير والتّأكيد على أنّ رئيس الجمهوريّة هو رئيس كلّ اللّبنانيّين وعليه أنْ يكون على مسافة واحدة منهم جميعًا. ينظر في التّشكيلة المطروحة عليه من رئيس الحكومة المكلّف ويمتلك حقّ، لا بل واجب التّصدّي لأيّ مخالفة دستوريّة قد تشوب هذه التشكيلة الّتي يجب أن تراعي التّوزيع الطّائفيّ الّذي نصّ عليه الدّستور والأعراف، ولا مجال للقبول بوزراء ذوي سيرة أو سمعة سيّئة تحوم حولهم شبهة السّرقة، كما لا يوزّر أشخاصًا استفزازيّين في خطابهم وطروحاتهم. فلا يساريٌ متطرفٌ لا يؤمن بالاقتصاد الحرّ في وزارة الاقتصاد، ولا وزيرُ تربيةٍ حاقدٍ على التّعليم الخاصّ الّذي كَفِلَه الدّستور، أو عنصريٌّ أو تقسيميٌّ انفصاليٌّ، أو وزيرُ عدلٍ لا همّ لديه إلّا الملفّ المزعوم الّذي اسمّي ذات يومٍ ملفّ “شهود الزّور”، أو وزيرٌ للخارجيّة صدرت بحقّه “عقوبات دوليّة” سيرفض المجتمع الدّوليّ التّعامل معه كممثّلٍ للمصالح اللّبنانيّة في زمن يحتاج لبنان إلى كلّ مساعدة من هذا المجتمع…

من ناحيةٍ أخرى، لا يعطى رئيس الجمهوريّة أيّ حصّة وزاريّة كي تشارك في التّصويت داخل مجلس الوزراء بالنّيابة عنه، وهو الّذي لا يحقّ له التّصويت، لا قبل الطّائف ولا بعده، بحُكْم نظامنا البرلمانيّ، ولا سيّما أنّه، كما أسلفنا، لا سياسة لرئيس الجمهوريّة يحاسب عنها، فهو غير مسؤول سياسيًّا…

وعليه يكون أيّ رفضٍ لتوقيع مرسوم تكشيلة وزاريّة بحجّة الحصول على حصّة رئاسيّة مخالفةً للدّستور وللنّظام البرلمانيّ وروحيّته، يحاسب عليها رئيس الجمهوريّة.

وقد سبق للرّئيس عون أن انتقد علنًا، قبل سنة 2016، بصفته رئيس كتلة نيابيّة كبرى إعطاء حصّةٍ وزاريّةٍ للرّئيس ميشال سليمان، استنادًا لتسوية “الدّوحة” الّتي تلت غزوة حزب اللّه ورفاقه لبيروت والجبل.

كما أنّ ربط تسمية الوزراء المسيحيّين برئيس الجمهوريّة بحجّة “الميثاقيّة” أمرٌ مرفوضٌ كلّيًّا نظرًا لما أسلفنا من شروحات حول بدعة “الميثاقيّة” والاعتراف بها كحقّ نقضٍ بيد أمراء الطّوائف وأحزابها.

فشرعيّة الحكومة بيد مجلس النّوّاب، ممثّل الإرادة الشّعبيّة، الّذي يمنح الثّقة أو يحجبها… مع اللّفت أنّ من أصل 128 نائبًا يتألّف منهم مجلس النّوّاب، تعود حصّة من 34 نائبًا إلى الطّائفة المارونيّة، وهي كفيلة بالدّفاع عن حقوق المسيحيّين في حين أنّ هناك 27 نائبًا فقط من الطّائفة السّنّيّة وكذلك الأمر للطّائفة الشّيعيّة.

بالنتيجة، ليس لرئيس الجمهوريّة أيّ صلاحية نصًّا أو عرفًا تمنحه اختصاصًا بتسمية الوزراء المسيحيّين أو أيّ وزير كان. كلّ ما هو عدا ذلك يكون من باب البِدَع واختلاق الأعراف وهو حتّمًا إعتداءٌ على الدّستور.

د- في تأليف الحكومة وانقلاب رئيس الجمهوريّة على النظام البرلماني وأصوله:

نصّ الدّستور في الفقرة الثّانية من المادّة ٥٣ على الآتي:

يسمي رئيس الجمهوريّة رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النّواب استنادًا إلى استشاراتٍ نيابيّة مُلزمة يطلعه رسميًّا على نتائجها.”

أيّ إنّ الاستشارات المُلزمة تكون مُلزمة للرّئيس لجهة اجرائها ولجهة نتيجتها، وقد أُدخل هذا التّعديل سنة ١٩٩٠ إلى الدّستور للحَؤول دون اعطاء أيّ خيارٍ لرؤساء الجمهوريّة في انتقاء رئيس حكومة “يناسبُهم” أو “يطيعُهم

أمّا تشاور رئيس الجمهوريّة مع رئيس المجلس النّيابي واطلاعه على نتائج الاستشارات فلا يعدو كونه اجراءً شكليًّا لا يقدّم ولا يؤخّر في نتيجة هذه الاستشارات.

ولأنّ واضعي الدّستور أرادوا الزام رئيس الجمهوريّة بنتيجة الاستشارات لذلك فإنّ أيّ مماطلة وتأخير في اجراء هذه الاستشارات بهدف اخضاع َمنْ يرتئيهم الرّئيس من طامحين لرئاسة الحكومة لامتحان تأهيل وللتباحث معهم حول تصوّرهم لتشكيل الحكومة لجهة عدد الوزراء أو توزيع الحقائب أو أيّ أمرٍ آخر يشكّل التفافًا واضحًا على فكرة ابعاد رئيس الجمهوريّة عن التّدخل باختيار الرّئيس المكلّف، لا بل يعتبر تدخّلًا من رئيس الجمهوريّة في عمليّة التأليف. إذ يعود للنواب وحدهم وخلال الاستشارات النيابيّة غير المُلزمة الّتي يجريها الرّئيس المكلّف اطلاعه على مطالبهم وآراء كُتلهم النيابيّة. وهي استشارات لا يشارك فيها رئيس الجمهوريّة ولا يطّلع على مضمونها إلّا من تصاريح الكُتل بعد خروجها من عند الرّئيس المُكلّف.

كما إنّ هذه الاستشارات، وإنّ كانت غير مُلزمة، فإنّها تؤول في النّتيجة إلى اخضاع الرّئيس المُكلّف وتشكيلته إلى امتحان الثّقة الّتي من دونها تَسقِطُ الحكومة ورئيسها.

فالحكومة لا يمكن أن تباشر ممارسة صلاحيّاتها كاملة إلّا حينما تحصل على ثقة مجلس النّواب بناءً لبيانها الوزاري الّذي تطرحه على النّواب.

والحكومة تسقط فور حجب الثّقة عنها من قِبَل النّواب وفق ما نصّت الفقرة -و- من النقطة -1- من المادّة 69 من الدّستور الّتي تقول:

“1- تعتبر الحكومة مستقيلة في الحالات الآتية:

و- عند نزع الثّقة منها من قِبَل المجلس النّيابي بمبادرة منه أو بناءً على طرحها الثّقة.”

وعليه ليس لرئيس الجمهوريّة اقالة الحكومة بأيّ شكلٍ من الأشكال.

مرّة أخرى إنّها مبادئ النّظام البرلماني!

لذلك فإنّ أيّ تأخيرٍ أو مماطلة في تعيين موعد للاستشارات المُلزمة، خاصةً إذا كان يهدف إلى تدخل رئيس الجمهوريّة في نتيجتها، هو مخالف للدستور وللنظام البرلماني الّذي حددته الفقرة -ج- من مقدّمة الدّستور.

من ناحيةٍ أخرى تنصّ المادّة 64 من الدستور على الآتي:

“رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثّلها ويتكلّم باسمها ويعتبر مسؤولًا عن تنفيذ السياسة العامة الّتي يضعها مجلس الوزراء.

وهو يمارس الصلاحيّات الآتية:

2- يجري الاستشارات النّيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهوريّة مرسوم تشكيلها. وعلى الحكومة أن تتقدّم من مجلس النّواب ببيانها الوزاري لنيل الثّقة في مهلة ثلاثين يومًا من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها…

3- يطرح سياسة الحكومة العامّة أمام مجلس النّواب”

فهل يستقيم القول أن يشترك رئيس الجمهوريّة على قدم المساواة مع الرّئيس المُكلّف في عمليّة التّأليف بحجّة أنّه “يوقّع مع رئيس الجمهوريّة مرسوم تشكيلها”؟

وهل يصح أن يحاسب رئيس الحكومة المسؤول عن تشكيلته وبيانها الوزاري أمام مجلس النّواب، في حين شاركه في تأليف هذه الحكومة مَنْ هو غير مسؤول وغير قابل للمحاسبة السياسيّة- أيّ رئيس الجمهوريّة؟!

الجواب قطعًا لا، فالحكومة تولد وتحيا بثقة مجلس النّواب ممثّل الارادة الشّعبيّة، أمّا دور رئيس الجمهوريّة الّذي يجسّد استمراريّة النّظام (كما في الدّستور الفرنسي) فهو السّهر على ألا تأتي الحكومة مخالفة للدّستور والأعراف. فرئيس الجمهوريّة منتخبٌ لولايةٍ من ست سنوات في حين أنّ رئيس الحكومة وحكومته عرضة للسقوط في أيّ لحظة.

وعليه يُسأل النّواب ورئيس المجلس النّيابي عن سكوتهم إزاء تصرفات رئيس الجمهوريّة المُعطلة لقيام حكومةٍ سمّوا رئيسها، وما زالوا عند قناعتهم به، خاصةً بعدما أفصح الرّئيس المُكلّف عن أسماء تشكيلته الّتي سلّمها إلى رئيس الجمهوريّة. أليس بوسع النّواب، لا بل من واجبهم الوطني، لفت رئيس الجمهوريّة ألا يسلبهم دورهم الدّستوري في تقرير ما إذا كانوا يثقون بالحكومة أو لا يثقون على ضوء بيانها الوزاري (الفقرة 2 من المادة 64 من الدّستور)

وما يجب ألا يفوتنا هو أنّ رئيس الجمهوريّة بإحجامه عن توقيع تشكيل الحكومة بالتزامن مع تدخله في آليات وشروط التّأليف ووضع جداول أسماء وحقائب وطوائف، على رئيس الحكومة المُكلّف ملؤها، يذكرنا بدفاتر التمارين الّتي تعطي لتلاميذ الصفوف الابتدائيّة كي تواكب تعلّمهم كما يبيّن أن رئيس الجمهوريّة يسيء استعمال حقّه الدّستوري لجهة توقيع مرسوم التشكيلة، فيمتنع ويمتنع لحث الرّئيس المُكلّف على الاستقالة وهكذا يكون رئيس الجمهوريّة انقلب على إلزاميّة نتائج استشارات الّتكليف وانقلاب على الدّستور وأحكامه وروحيّته فـ”طفّش” الرّئيس المُكلّف…

كذلك مُخطئ كل من يدعي أنّ لرئيس الجمهوريّة المسيحي أن يؤمّن عبر تدخله “ميثاقيّة” هذه الحكومة. فهي حكومة في نظامٍ برلمانيٍّ ديمقراطيٍّ يحترم مبدأ حكم الموالاة ومُعارضة المعارضة، موالاة ومعارضة تتألّف من نواب من كلّ الطّوائف، بعيدًا عن مقولة “القويّ في طائفته” و”الوزير الميثاقي” الّتي ابتدعها رئيس الجمهوريّة وفريقه منذ ما قبل انتخابه سنة 2016…

هنا أيضًا لم يحترم رئيس الجمهوريّة الدّستور بل اعتمد وتمسّك بتفسيرات تشوهه وتعطله.

ه- وزير يغتصب الدّستور ومبدأ فصل السلطات أمام لا مبالاة مَنْ أقسم على حماية الدّستور:

بتاريخ العاشر من شهر نيسان ۲۰۲۱، قام وزير الاقتصاد اللّبنانيّ السّيد روول نعمة بإرسال كتابًا موجّهًا عبر وزيرة العدل إلى المحقّق العدليّ في جريمة إنفجار المرفأ، يطلب فيه حذف فرضيّة أن يكون الانفجار التاريخيّ لمادّة نيترات الأمونيوم الّذي دمّر المرفأ والأحياء المجاورة ناتجًا عن عمل عسكريّ عدائيّ أو عمليّة إرهابيّة منظّمة أو حتّى عن طريق حريق مفتعل، وحصْرِ التّحقيق بجرم الإهمال، كلّ ذلك من أجل إلزام شركات التّأمين وإعادة التّأمين بدفع التّعويضات المتوجّبة عليها لصالح المتضررين من الكارثة!

سها عن بال الوزير أنّ مضمون الکتاب الموجّه إلى المحقّق العدليّ هو بمثابة قنبلة من العيار الثّقيل من شأنها الإطاحة بأحكام الدّستور وهو مسٌّ بالقوانين المرعيّة الإجراء، إذ يشكّل تدخلًا في عمل القضاء خلافًا لأحكام المادّة عشرين من الدّستور التّي کرّست استقلاليّة السّطلة القضائيّة كما نصّت بصراحة ما بعدها صراحة في خاتمتها على ما حرفيّته:

“والقضاة مستقلّون في إجراء وظيفتهم وتصدر القرارات والأحكام مِنْ قِبَل كلّ المحاكم وتُنفّذ باسم الشعب اللّبنانيّ”

يُضاف إلى ذلك بدعة إعطاء أحد أفراد السّلطة االّنفيذيّة تعليمات واضحة وصريحة للمحققّق العدليّ المشرف على التّحقيق تتمثّل بوجوب إهمال فرضيّات تتعلّق بسبب الانفجار لصالح فرضيّة وحيدة وهي أنّ سبب الانفجار يقتضي حصره بالإهمال!!! وكأنّ المحقّق العدليّ يخضع إلى سلطة تسلسليّة تُوجِبُ عليه تنفيذ ما ابتدعه وزير الاقتصاد.

لقد أطاح الكتاب الآنِف الذّكر بركائز النّظام الدّيمقراطيّ البرلمانيّ اللّبنانيّ المنصوص عليها صراحة في الفقرة – ه- مقدّمة الدّستور اللّبنانيّ الّتي تنصّ على ما حرفيته:

“النّظام قائم على مبدإ الفصل بين السّلطات وتوازنها وتعاونها.”

إنّ كتاب وزير الاقتصاد الموجّه إلى المحقّق العدليّ المولج التّحقيق بجريمة ضدّ الإنسانيّة خلّفت مئات الضّحايا وألوف الجرحى وهَجّرتْ مئات الآلاف من المواطنين، سيبقى الدّليل القاطع على العهر الّذي وصلت إليه الطُغمة الحاكمة، العهر المتمثّل باطاعة ارشادات وتعليمات حسن نصر الله والتماهي مع مطالباته ومصلحته بابعاد أيّ شبهة عن أيّ دور لحزب الله وأعوانه في جريمة المرفأ ولو قضى ذلك اغتصاب أحكام الدّستور صراحةً وعلنًا!

فأين رئيس الجمهوريّة حامي الدّستور من هذا الاستهتار بأرواح اللّبنانيّين ومن هذا الاعتداء على الدّستور؟!

و- التّفريط باستقلال لبنان وسلامة أراضيه سبب أوّل للمحاكمة:

– نصّت المادّة 49 على الآتي:

“رئیس الجمهوریّة هو رئیس الدّولة ورمز وحدة الوطن. یسهر على احترام الدّستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضیه وفقًا لأحكام الدّستور.”

– كما نصّ قَسَم الرّئيس الوارد في المادّة 50 على:

“أحلف باللّه العظیم إنّي احترم دستور الأمّة اللّبنانیّة وقوانینها وأحفظ استقلال الوطن اللّبنانيّ وسلامة أراضیه“.

وأتى في عظة غبطة البطريرك الرّاعي، قبل انفجار المرفأ بقرابة الشّهر، النّداء الآتي:

“…نناشد فخامة رئيس الجمهوريّة العمل على فكّ الحصار عن الشّرعيّة والقرار الوطنيّ الحرّ… ونتوجّه إلى منظّمة الأمم المتّحدة للعمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته، وتطبيق القرارات الدّوليّة، وإعلان حياده.”

نداء غبطته لم يأتِ إلّا بعد طول صبرٍ ومحاولاتٍ عديدة، كي يبادر رئيس الجمهوريّة إزاء الخطورة الّتي تهدّد الوطن وكيانه. نداء أتى بعد مضيّ سنة ونصف السنة على انطلاق ثورة 17 تشرين الأوّل، نداء علنيّ أتى بعدما فقد غبطته الأمل باستعادة رئيس الجمهوريّة إلى حيث يفرض عليه قَسَمُه أن يكون.

إقرأ ايضاً: القدس في اليونسكو

فالرّئيس لم يلتزم دور الحَكَم، ولم يحترم الدّستور، ولم يحافظ على استقلال الوطن ووحدته. وسبب ذلك يعرفه كلّ لبنانيّ. أمّا الرّئيس ميشال سليمان الّذي يصنّفه تيّار العماد عون  بـ”الرّئيس الضّعيف”، فلم يرتضِ كلّ تمادي حزب اللّه بحقّ لبنان ودولته. انتفض ونجح من دون معارك من انتزاع “إعلان بعبدا” الشّهير. أمّا “الرّئيس القويّ”، فقد استقوى بحزب اللّه وإيران…

لقد عُطّلت الانتخابات الرّئاسيّة لأكثر من سنتين ونصف السّنة قبل انتخاب العماد عون رئيسًا كما عُطّلت لفترة أقصر بعد انتهاء ولاية الرّئيس لحّود الممدَّدة… وفي الحالتين وقفت عين الجهة وراء تعطيل مجلس النّوّاب. جرى الأمر على يد الجهة الّتي تملك “سلاح المقاومة” ومنْ يدور في فلك الممانعة المزعومة.

هي نفسها الجهة الّتي لا تقيم أيّ اعتبار للدّولة ولقوانينها، فتغتال وتخطف وتُرهّب وتشاغب وتكسّر وتهدّد وتُقيم المربّعات وتُبرِم الصّفقات مع قتلة الجيش في عرسال وتتدخّل في عمل المخافر والمحاكم، وتتلاعب بالانتخابات ونتائجها، وتُطبِق على قرار أبناء طائفة بأكملها، تفرض اسم رئيس مجلس نوّاب أوحد على كلّ الكُتَل، تفرض أسماء وزراzها وتحتكر 27 مقعدًا نيابيًّا شيعيُّا من أصل 27، وتقاتل خارج الحدود، في سوريا واليمن وسواهما، وتدّعي حماية لبنان من الإرهاب، وهي المدرَجة بامتياز على لائحة الإرهاب الدّوليّ. تقوم بعمليّات تطهير وإخضاع قرى سوريّة ولبنانيّة على الحدود، وتأوي وترعى التّهريب والاتّجار بالممنوعات على أنواعها…

هي وقائدها يعملان تحت إمرة الوليّ الفقيه وإيران، الّتي تمدّها بالسّلاح والمال والتّعليمات. تدعم نظام الأسد الّذي قتل خيرة رجالنا، ونهب ثرواتنا وعاث فسادًا في البلاد. تُعادي العرب وتبتزّهم…

قوى تتحكّم بالشّاردة والواردة، لكنّها “لا تعلم شيئًا عمّا حدث في المرفأ”، وهي قد انبرت تبرّئ إسرائيل من الجريمة، وتسعى إلى فرض نظريّة الإهمال كاحتمالٍ أوحد لما حلّ بالعاصمة وأبنائها في 4 آب.

هذه الجهة أمّنت وصول “الرّئيس القويّ” إلى قصر بعبدا بعدما رضخت غالبيّة الكُتل النّيابيّة عن تعبٍ أو عن مصلحة أو عن مناورة… حتّى أضحى الوطن منزوع السّيادة والاستقلال.

وطن يدفع اليوم وأبناؤه ثمن وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهوريّة وثمن طمع صهره في خلافته مزيدًا من الإذلال والهجرة والتنازل عن حقوق  لبنان في ثرواته النّفطيّة جنوبًا…!

وفي هذه الأثناء تفتح رئاسة الجمهوريّة معارك مع القوى السّياسيّة في الدّاخل ومع قيادة الجيش، وتستخفّ باللّبنانيّين عبر محاولة إيهامهم أنّ في التدقيق الجنائيّ على مصرف لبنان دواء لكلّ علّة ومعاناة. في حين يُطلق رئيس الجمهوريّة ومستشاروه  خطاب الحقد والعصبيّة والفتنة المتنقّل من منطقة لبنانيّة إلى أخرى، ويفرضون أجواء معركة انتخابيّة رئاسيّة محمومة تؤرّق اللّبنانيّين في أمنهم واقتصادهم ولقمة عيشهم، ويعطّلون قيام حكومة الحدّ الأدنى بحجّة الدّفاع عن صلاحيّة من هنا وحقوق المسيحيّين من هناك.

أمام هذا الوصف المُبكي لحال الوطن وأبنائه وسيادة الدّولة على أراضيها نعيد السّؤال على نوّاب الأمّة: ألا تعتقدون أنّ المادّة 60 من الدّستور وجدت لتردع وتستعمل؟ وأنّ إفعالها يتوقّف دستوريًّا عليكم، ولو كانت الغالبيّة المطلوبة لذلك صعبة المنال؟

ألم تُحِسّوا بوجع النّاس؟ ألم تروا بؤسهم في وطنهم؟ ألا يصح أنْ نسألكم: “نوّاب على مين؟” “نوّاب لشو؟”

أنتم وُكَلاء الشّعب، فإن لم تُبادروا صحّ فيكم شعار الثّورة “كلّن، يعني كلّن” لأنّ الوكيل المتقاعس والمقصّر يُعزَل بلا تردُّد، ويُلاحَق بدوره. ولا يُعفيكم من مسؤوليّتكم أن تطلبوا من الرّئيس الاستقالة، فهو لن يفعل.

إنّ ذاك الشّابّ اللّبنانيّ الّذي وقف في بكركي واتّهم رئيس البلاد أمام غبطة البطريرك، وعلى مسمعه، كان قطعًا أجْرأ منكم، حينما صرخ قائلًا إنّ رئيس الجمهوريّة متّهم بالخيانة العظمى وهو غير مؤتمَن على الدّستور.

فماذا تنتظرون كي تبادروا؟!

“لقد صار واضحًا أنّنا أمام مخططٍ يهدف إلى تغيير لبنان بكيانه ونظامه وهويّته  وصيغته…” قالها غبطته. أفلا تبادرون!!!

السابق
نصرالله يتضامن مع فلسطين.. ويُهمِل لبنان!
التالي
سلاح «حزب الله» يُصنّف الثوار جنوباً..واللبنانيون يَكتوون بجشع مافيا المولدات!