الحكومة تحت العين الدولية.. ورسالة أميركية واضحة بعدم تعديل الحدود

الحكومة اللبنانية

يحضر الملف اللبناني بشكل شبه يومي على ألسنة المسؤولين الاميركيين والروس والاوروبيين، سواء في ما يتعلق بملف تشكيل الحكومة وفقا للمبادرة الفرنسية، أو بإعادة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية وتحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان. هذا الحضور يعني أن الملف اللبناني بتشعباته الحكومية والاقتصادية والحدودية،  بات ملفا دوليا بإمتياز ولا يمكن لأي طرف لبنان أن يدّعي، أن العقد التي تحول دون إبصار الحكومة النور، هي محط داخلية حصرا وعلى علاقة بالحصص والوزارات الدسمة التي إعتادت القوى السياسية الحصول عليها.

إقرأ أيضاً: دعم أميركي-روسي-فرنسي لحكومة برئاسة الحريري..وتوقيع عون بين ناري «حزب الله» والعقوبات!

التسليم بواقع التدويل للملف اللبناني الذي له شواهد كثيرة، يطرح السؤال التالي “إلى أين نحن ذاهبون في الوقت الذي يستمر به الإنهيار الاقتصادي في البلد، ولا يتحرك السياسيون إلا لإحتواء غضب جمهورهم بمساعدة عينية من هنا وصندوق إعاشة من هناك ولقاح ضد فيروس كورونا مجاني من هنالك؟، وماذا وراء هذا الهدوء “المفتعل” الذي يسود الملف الحكومي، في حين أن الاستحقاق الثاني المتمثل بتعديل حدود لبنان البحرية مع إسرائيل يعود إلى الواجهة، بعد الاخذ والرد حول صلاحية توقيعه من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وفي ظل رفض رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب عقد جلسة لإقراره، و ما تبعها من زيارة مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل إلى لبنان.

يوافق مصدر دبلوماسي “جنوبية” على توصيف الملف اللبناني بأنه “بات في أيدي المجتمع الدولي ككل، أي الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وروسيا وكل طرف يدلي بدلوه بحسب مصالحه وحساباته، لكن ميزة هذه الاطراف هي تنسيقها مع بعضها البعض للوصول إلى تشكيل حكومة إختصاصيين وفقا للمبادرة الفرنسية”.

ويلفت المصدر إلى أن”موقف الولايات المتحدة بشأن الحكومة ينسجم مع ما يريده الروس( بيان الكرملين اليوم) والفرنسيون وهذا ما يمكن تلمسه في تصريحات السفير ديفيد هيل بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين”، لافتا إلى أن” الجانب الاميركي يهتم بملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولهذا كانت زيارة السفير هيل إلى بعبدا لإيصال رسالة مفادها، أن مرسوم تعديل الحدود لن يُوقع وأن إسرائيل ستستمر في تنقيبها عن الغاز في حقل كاريش، والدليل هو عدم تبلغ الشركة اليونانية التي تعمل في الحقل أي قرار جدي بوقف عملها، وبالتالي على لبنان الالتزام بما أُتفق عليه سابقا  إذا أراد الحفاظ على الوساطة الاميركية في المفاوضات الجارية بينهم وبين إسرائيل “.

يضيف المصدر:”على الارجح أن رئيس الجمهورية تلقف الرسالة، والدليل أن بيان الرئاسة الاولى أكد على “تمسك لبنان بالدور الاميركي في المفاوضات”، وأن لبنان يحتفظ بحقه في طلب “خبراء” حول ترسيم الحدود ما يعني أن هناك عدم ثقة متبادلة بين الطرفين”.

ويختم المصدر:”القطبة المخفية في الملف، هي في كيفية التوافق بين لبنان وقبرص على نقطة تقاطع المناطق الاقتصادية الخاصة بكل من البلدين، عندها سيحدد المسار الذي سيسلكه هذا الملف”.

توزيع أدوار

يوافق سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة السفير رياض طبارة على أن “الجانب الاميركي يريد التركيز على ملف الحدود البحرية أكثر من الملف الحكومي، على إعتبار أن الروس والفرنسيين يهتمون بتفاصيل الاخير”، ويقول لـ”جنوبية”:”أبلغ هيل الجانب اللبناني أنه لا يمكن العودة إلى الوراء في ما يتعلق بالأسس التي وُضعت لبدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، علما ان إندفاعة الادارة الاميركية الجديدة في ما يتعلق بالحدود البحرية هي أقل مما هي عليه أيام إدارة ترامب، وما يريده الاميركيون بأن لا تقوم إسرائيل بأي ردة فعل يعطل المفاوضات الاميركية – الايرانية الجارية حول الملف النووي الايراني”.

طبارة لـ”جنوبية”:الستاتيكو في الملف الحكومي سينكسر تحت ضغط المجتمع الدولي

في الملف الحكومي يشرح طبارة أن”الافرقاء السياسيين في لبنان يخوضون معركة الحفاظ على مكاناتهم، من دون أي تغيير يطلبه المجتمع الدولي لمساعدة لبنان ماليا وإقتصاديا، ويسعون للحصول على ضمانات من المجتمع الدولي لعدم محاسبتهم على ما إقترفته إيديهم من تجاوزات على مدى 30 عاما”، لافتا إلى أن”المبادرة الفرنسية لا تزال هي مفتاح الحل لأنها تنال رضى والروس والاميركيين عليها، أي تشكيل حكومة إختصاصيين مستقلين عن القوى السياسية ولذلك تزداد المقاومة الداخلية لهذه المبادرة”، مشيرا إلى أن “كل القوى الدولية الفاعلة تتشدد في مواقفها، ويزداد حديثها عن عقوبات ستفرض على شخصيات في لبنان، والستاتيكو الحاصل في الملف الحكومي لا بد أن ينكسر تحت ضغط المجتمع الدولي”.

ويلفت إلى أن “المجتمع الدولي يمكن أن يقدم تسهيلات طفيفة للطبقة السياسية، بهدف عدم إنهيار لبنان ومن أجل الحفاظ على مصالحه، لكنه لن يقبل إلا بوزراء مستقلين في قراراتهم عن القوى السياسية،  وليس كما تحصل اليوم حيث الوزراء ينسقون مباشرة مع مرجعياتهم السياسية”.

السابق
مسلسل إذلال اللبناني تابع.. زحمة خانقة في الهرمل أمام أفران الخبز!
التالي
في رثاء السيّد الشاعر: بين فَقْدٍ ومحنةٍ وحدادِ