لحمة رمضان «عملة نادرة».. و 30% من القصابين يحصلون على المدعوم!

لحوم

تروي دانيا عبود أنه في اليوم الأول لشهر رمضان المبارك طبخت يخنة الفاصوليا بمكعبات لمرق اللحم، لأنها قصدت أربعة ملاحم في الضاحية الجنوبية فوجدتها مقفلة بسبب عدم تسلّم القصابين اللحوم من تجار المواشي، وحين علمت اليوم أن جارها القصاب أبو عيسى خريس فتح أبوابه هرولت إليه مسرعة لتجد لائحة من الشروط عليها القبول بها (كونه يبيع اللحم المدعوم)، الأول الإكتفاء بشراء كيلو لحم واحد إما مفروم أو كفتة فقط لاغير.

تقول دانيا لـ”جنوبية”: “شعرت أنني في مشهد من الافلام الكوميدية، حيث يتحكم القصّاب بالزبون بالرغم من أننا ندفع ثمن ما نشتريه ولا نأخذه كهدية، ولكن لا حل أمامي لأن أغلب أطباق شهر رمضان يدخل في مكوناتها اللحم أو الدجاج”.

إقرأ أيضاً: كيدية صحية ومعيشية جنوباً..والتهريب لا يغيب بقاعاً وشمالاً!

في المقابل يبرر خريس لـ”جنوبية” شروطه بالقول: “أولا كمية اللحم التي حصلت عليها قليلة وعليّ مراعاة سكان كل الحي، وثانيا لا يمكنني التنويع لزبائني لأن التاجر أعطاني قسم من العجل لا يصلح إلا للمفروم، وليس لأي نوع آخر من الطبخ ولذلك أبيعها بسعر 40 ألف ليرة للكيلو وتحت رقابة البلدية”.

يضيف:”صرنا نشتري اللحمة من التاجر الكبير وفقا لمبدأ “حظك نصيبك” ولا يحق لنا إبداء الرأي، فمثلا أحد القصابين الذين أعرفهم كان محظوظا أكثر مني وقطعة اللحم التي حصل عليها تصلح للكبة والبفتاك والمشاوي ولذلك فهو يبيع الكيلو 45 ألف ليرة”.

ميزاجية التجار

معاناة  القصاب أبو عيسى مع مزاجية التاجر، لا تُقارن مع ما يعانيه قصابون آخرون، يقول القصاب حسن منصور( ملحمته في منطقة الاوزاعي) لـ”جنوبية” أنه “فتح ملحمته في أول يوم من أيام الصوم بعد إقفال دام 4 أيام، لكنه لم يكن محظوظا بالحصول على اللحم المدعوم لأنه غير محسوب على أي جهة و لا علاقات له مع التجار الكبار، ولذلك فهو إضطر لشراء  اللحمة على سعر دولار سوق السوداء أي 13 ألف ليرة وهو يبيع الكيلو لزبائنه ب70 ألف ليرة”.

يضيف:”نسبة اللحامين الذين يحصلون على اللحمة المدعومة لا تتعدى 30 بالمئة من اللحامين ككل، وهم يتكلون على وساطات مع التجار ليحصلوا على حصتهم، لكن المستجد في الموضوع أن المواشي لم تعد تصلنا حية ونحن نقوم بذبحها، بل بتنّا جميعا تحت رحمة التاجر (المستورد )الذي يذبح العجل والخاروف الذي يريده( في مسلخه) ويبيعه للقصاب كلحم مبرّد لزيادة أرباحه (متوسط سعر العجل الحي 10 مليون ليرة لبنانية، في حين يصل سعره حين يُباع إلى القصابين كلحم مبرد ومقطّع إلى 17 و18 مليون ليرة لبنانية بحجة أنه لحم صافي، وفي حال رفض القصّاب هذه الشروط يُشطب أسمه من لائحة القصابين الذين يمكنهم الحصول على اللحوم سواء أكانت مدعومة أو غير مدعومة”، لافتا إلى أنه “قبل الازمة كنا نشتري الابقار الحية من أصحاب المزارع (لذين يشترون الابقار من المستوردين الكبار) ونختار منها ما نريد، اليوم إنتهى دور الوسيط (أي  أصحاب المزارع) وبتنا تحت رحمة التاجر وميزاجيته”.

في منطقة الشياح ملحمة واحدة فقط في سوق الجمال تبيع اللحمة المدعومة، تجمهر الأهالي أمامها منذ الساعة التاسعة صباحا، يقول صاحب الملحمة حسين الموسوي لـ”جنوبية” “حصلت على عجل كامل بالسعر المدعوم لأني على معرفة بأحد تجار المواشي الكبار الذي يستورد من الارجنتين، ولذلك أنا أبيع زبائني حتى حدود 2 كيلو سواء أكان مفروما أو لأنواع الطبخ الاخرى  بسعر 45 ألف ليرة للكيلو الواحد”، وتوجه إلى زبائنه المنتظرين دورهم قائلا ” إن شاء الله الامور ميسرة لأن التاجر وعدني ببيعي اللحم المدعوم 4 مرات في الاسبوع”.

قرار غير مقبول 

على ضفة نقابة القصابين ومستوري المواشي فإن إلغاء دور أصحاب المزارع كوسيط بين القصابين والتجار المستوردين أمر غير مقبول، إذ يقول رئيس النقابة معروف بكداش لـ”جنوبية” “إجتمعنا مع وزير الاقتصاد راوول نعمة اليوم حول هذا الموضوع ووعدنا بإلغاء هذا الاجراء الخاطئ الذي إتخذته الوزارة لجهة بيع اللحوم من التاجر إلى القصاب مباشرة ومن دون الرجوع إلينا”.

بكداش لـ”جنوبية”: وزير الإقتصاد وعدنا بإلغاء بيع اللحوم من التاجر إلى القصاب 

يضيف:”نشهد فترة لم أعش مثلها حتى في عّز الحرب الاهلية، الأيام القادمة ستحمل المزيد من التقشف لجهة إستيراد اللحوم، ففي سنوات ما قبل الازمة كان لبنان يستورد مليون رأس بقر وغنم في العام، أما هذا العام فإذا إستطعنا إستيراد 70 ألف رأس بقر وغنم و “أبو زيد خالنا” بسبب شح أموال الدعم وإرتفاع سعر دولار السوق السوداء”.

السابق
بالصورة والفيديو: «الزيت المدعوم» يوقع جريحاً في صربا!
التالي
الجيش ينُاشد اللبنانيين: للتبليغ عن اي نشاط يُهدد سلامة الطيران