أيها الحرّ الأمين

السيد محمد الأمين

نم قرير العين ايها الأمين، فحقلُكَ الذي غرستَ فيه زهراتِ عمركَ الوضيءِ المتدفقِ حبًا وفكرا وادبا حراً، واريحية تلامس القلوب مازال مشعًّا بافكارك الجريئات، مضيئا بما اسرجْتَه من عذوبة كلماتك وابتساماتك التي علمتنا كيف نسقي صحارى ارواحنا بخضيل مندّى ومعشوشبٍ بالق الروح وياسمينها.

ان رحيل العلامة والمفكر والشاعر الكبير السيد محمد حسن الأمين يعدّ رحيلاً لتاريخ حافلٍ بالموهبةِ والكلمةِ الأنيقة والجمال الأخاذ المتجسد برهافة الحس وفخامة المبنى وعمق المعنى، فقد كانت قصيدته تعبرُ بنا الى الشعر الحقيقي ، إذ جمعت بين الاصالة والفرادة والابداع والتجديد غير المفارق لتراثنا الادبي وغير المنقطع عن المعاصرة والحداثة.

كان للسيد الامين على فكره الحر طريقٌ حرٌ عرف به ولم تتزحزح به الامزجة والاهواء

وكان من القلائل جدا ممن يحسنون الانصات بتذوق عال ، فما التقيته بمكان الا وطلب مني ان انشده من جديد روحي وابتهالات قلبي، فأراه يهتز اريحية تتصاعد مع القوافي ومع الجرس الخفي الذي لا يلتفت اليه الا اصحاب القلوب المتوهجة بالحب والذين اكتووا بناره، متوحدين مع اللظى الذي يضيء الزوايا المعتمة.

وكان الى جانب تلك الموهبة المرموقة يحمل افكارا تتسع بسعة المدى، متواصلة مع الجدة والابداع والتعالق المعرفي، الناتج من قراءاته المتنوعة ومن انفتاحه على الرؤى الانسانية العصرية، والتي لم تنتم الا الى الانسان مهما تغيرت الازمات والظروف.

إقرأ ايضاً: في رحيل سيد عارف آخىَ السماء في عُرُوجه الى الحق

وكان لموقفه المنحاز الى قضايا امتنا وتاريخ عذاباتها وجراحها دورٌ فاعل ومهم من خلال ما يطرحه من رؤى وافكار تمكنت من ان تكون لها شخصية مستقلة لم تداهن ولم تنحرف عن المبادئ والقيم، ولم تتلون بألوان السياسة المتقلبة ، بل كان للسيد الامين على فكره الحر طريقٌ حرٌ عرف به، ولم تتزحزح به الامزجة والاهواء، فقد ظل نقيا ناصع الضمير منذ ان عرفناه الى اليوم الذي استأثر الله به.

تميز السيد بموهبة مرموقة ويحمل افكارا تتسع بسعة المدى متواصلة مع الجدة والابداع والتعالق المعرفي

فسلام عليك ايها السيد الأمين وتغمدك الله برحمته الواسعة وعظم الله اجر من عرف فضلك – وانا منهم- واهلك وذويك واصدقائك والسائرين على دربك، وانا لله وانا اليه راجعون..

السابق
الرئيس بري يُعزي بالعلامة الأمين..خسارة شخصية ووطنية وإسلامية
التالي
عداد «الكورونا» لا يزال مرتفعاً.. 35 حالة وفاة و1985 إصابة جديدة!