أنين الفقراء يرتفع.. إفطار رمضان يكلف العائلات أضعاف مداخيلها!

سفرة رمضان

 شهر رمضان بدأ، ليرتفع معه إنين المواطنين من نار أسعار الخضار واللحوم و المواد الاساسية، التي باتت أشبه بأسعار المجوهرات لجهة إرتفاعها وتقلُبها وتغيّرها بحسب سعر الدولار في السوق السوداء. إذ أظهرت دراسة أعدها مرصد الازمة في الجامعة الاميركية في بيروت أن “الاسر الللبنانية ستتكبد في هذا الشهر اكثر من مرتين ونصف (2،6) الحد الادنى للأجور لتأمين افطارها، وستجد 42.5 بالمئة من الاسر في لبنان، والتي لا تتعد مداخيلها 1,200،000 ليرة شهرياً، صعوبة في تأمين قوتها بالحد الادنى المطلوب.

اقرأ أيضاً: اللحوم «مُحرمة» على اللبنانيين «المذبوحين» من أسعارها.. وتهريبها!

 يختلف مشهد التسوق لشهر رمضان المبارك هذا العام عن الأعوام الماضية، فالجولة في أسواق الخضار الشعبية، التي غالبا ما كانت ملاذ الفقراء لشراء ما يلزمهم من حاجيات الشهر الفضيل بأسعار تُناسب ميزانياتهم، باتت مكانا يُسبب الوجوم على وجوه ربات البيوت بسبب الإرتفاع الجنوني في أسعار الخضار واللحوم، في الوقت الذي عليهن إعداد وجبة إفطار كاملة كل اليوم لعائلاتهن.

تقول فاطمة سويدان ل”جنوبية” “أنا على إستعداد للتخلي عن الفواكهة وأطباق التحلية خلال شهر رمضان، لكن هل يعقل أن يكون سعر كيلو الفروج 20 ألف ليرة وكيلو اللحمة 70 ألف ليرة؟ ناهيك عن أسعار المواد الغذائية الاخرى التي تكوي جيوبنا؟”.

تضيف:”في السنة الماضية كانت صينية الفروج بالفرن تكلفني 15 ألف ليرة( 3 كيلو فخاد تكفي لخمس أشخاص) اليوم علي أن أدفع ثمنها 60 ألف ليرة هذا من دون إحتساب باقي لوازم الإفطار من بطاطا وفتوش، وسؤالي هو هل يشعر المسؤولون في دولتنا بحال الموظفين محدودي الدخل؟ هل تنزل زوجاتهم إلى الاسواق؟”.

 إنفصام عن الواقع 

سؤال فاطمة سويدان الذي يدور على ألسنة  معظم اللبنانيين، يظهر حقيقة مُرة، وهي أن هؤلاء المسؤولين يعيشون حالة إنفصام عن الواقع، بدليل أنهم يصرحون أنهم يعملون ليل نهار على ضبط الاسعار ومنع الاحتكار، في حين أن المشكلة في مكان آخر وملخصها هو كالتالي “يعيش لبنان أزمة إقتصادية ومالية يتقاعس المسؤولون عن التصدي لها بالشكل المطلوب، ويحاولون إلهاء الشعب اللبناني وحرف نظره عنها بأخبار عن تقديم إعانات غذائية ومالية للمواطنين، وأحيانا بإجراءات رقابية من قبل وزارة الاقتصاد”.

طارق يونس

 تركيب طرابيش 

هذه المحاولات ل”تركيب طرابيش” من قبل المسؤولين السياسيين، لا تمنع من البحث عن مدى فعاليتها، خصوصا أنها موكلة بمديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ، وفي هذا الاطار يشرح يقول رئيس المديرية طارق يونس لـ”جنوبية” أن دور المديرية لمراقبة الاسعار هذا العام على أبواب الشهر الفضيل إختلف عن كل السنوات السابقة، علما أنها هي جزء من المهام التي تقوم بها مديرية حماية المستهلك”، لافتا إلى أنه “هذا العام فالمهام متنوعة ومختلفة  ومتشعبة بشكل كبير، حيث تتوزع مهام مندوبينا بين مراقبة بيع السلع المدعومة وهي من الأولويات لدينا في هذه المرحلة للتأكد أولا من وصولها للناس بالأسعار المطلوبة ومنع إحتكار التجار وغشهم لبيعها بأسعار غير مدعومة”.

يونس لـ”جنوبية”: تبقى المشكلة في سعر دولار السوق السوداء

ويوضح أنه “حاليا نراقب الأسعار بشكل متواصل خلال شهر رمضان وخارجه، ورقابتنا تنطلق من إطلاعنا على الفواتير ومقارنتها، طبقا لقرار نسب وهوامش الارباح الذي تحدده الوزارة الاقتصاد للتجار (الجملة والمفرق)، وخاصة للمواد الاساسية وبعض المواد الكمالية، وفي حال تخطى التاجر نسبة الربح المسموح بها بموجب هذا النص القانوني، يتم تنظيم محضر ضبط بحقه وإحالته إلى الجهات القضائية المختصة ونطلب منه خفض الاسعار وفقا للنسب المسموح بها”.يضيف:”المهمة الثانية التي يقوم بها مندوبونا هي مراقبة إعلان الأسعار بالليرة اللبنانية حتى لا يتفاجأ المواطن بالأسعار أو يحصل تلاعب بها، وأيضا مقارنة الأسعار بين ما هو معلن على الرفوف وبين ما هو موجود على الصندوق”. 

جهود تذهب أدراج الرياح 

لا ينفي يونس أن هذا الجهد المتبع يكاد يذهب أدراج الرياح لسبب أساسي يشرحه قائلا:”إصدار الاحكام القضائية المتعلقة بالمحاضر التي ينظمها مندوبونا قد تستغرق سنوات وفي أحيانا أخرى هناك ضعف في هذه الاحكام، ولذلك قمنا منذ عام  كوزارة بتقديم مشروع قانون لتعديل قانون حماية المستهلك، لكي تتمكن الوزارة من فرض غرامات وعقوبات مباشرة على المخالفين، كما يحصل في وزارة المال أو إدارة السير في وزارة الداخلية مثلا، بحيث تأتي حجم المخالفة وفقا لحجم العقوبة”.والسؤال الذي يطرح هنا لماذا لم ينخفض سعر البضائع بالرغم من إنخفاض سعر الدولار في السوق السوداء؟

يجيب يونس:”فعلا هناك بضائع تم إستيرادها من قبل تجار بسعر مرتفع ومن ثم بيعها إلى تجار المفرق وفقا للسعر المرتفع، ولذلك تبقى أسعارها مرتفعة بالرغم من هبوط سعر الدولار في السوق السوداء، ودورنا كمديرية هو التحقق من آخر الفواتير التي تم الشراء على أساسها وهامش الربح المسموح به”.

ويختم:” مهما قمنا بجهود لضبط مخالفة من هنا أو إحتكار من هناك لكن المشكلة الاساسية هي في سعر دولار السوق السوداء”.

 الأسعار فالتة

 على ضفة جمعية حماية المستهلك فإن رئيس الجمعية الدكتور زهير برو يشرح الوقائع، إذ يقول لـ”جنوبية”:”الاسعار اليوم في حالة فوضى شاملة وأسعار البضائع ذات الانتاج المحلي، زادت بشكل كبير ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع حتى توازي إرتفاع الدولار في السوق السوداء، حتى سعر الفواكهة والخضار التي هي من إنتاج محلي ولا يتم إستيرادها فإنها ترتفع بشكل غير مقبول”.يضيف:”هناك بضائع تم رفع سعرها بعد إرتفاع الدولار إلى 15 ألف ليرة وبقيت بهذا السعر بالرغم من تراجع سعر الدولار في السوق السوداء (إنخفض الدولار إلى 11.500 ليرة  واليوم هو بسعر 13 ألف ليرة تقريبا)، وكل هذه المعطيات تشير إلى أن الاسعار زادت خلال شهر ونصف أكثر بكثير من الاشهر السابقة، ونحن كجمعية خاصة نقوم تطوعا بوضع مؤشر للأسعار كل 3 أشهر وهذا الامر نقوم به منذ العام 2006″.

برو لـ”جنوبية”: الرقابة إنتهت.. و دخلنا مرحلة فوضى الأسعار 

يرى برو “أننا دخلنا في مرحلة الفوضى الشاملة بالأسعار لأن رقابة الدولة في الاسواق إنتهت وباتت شبه معدومة، والتجار في ظل هذه الفوضى غياب الدولة وعدم طرحها لأي حلول مالية وإقتصادية حقيقية، بات كل تاجر يحاول الاستفادة من الظرف لحماية نفسه وأمواله وقسم كبير منهم “يلطش” ويضع أسعارا خيالية لبضاعته”، لافتا إلى أن “مندوبو الجمعية يقارنون بين الاسعار القديمة والجديدة، فيجدون أن هؤلاء التجار لا يكتفون فقط بإحتساب السلعة على سعر دولار السوق بل يعمدون أيضا برفع سعرها بالدولار ويعتمدون سعر صرف السوق السوداء في نفس الوقت لزيادة أرباحهم بشكل خيالي”.

السابق
لا دولار للمودعين؟!
التالي
رائعة الشاعر مصطفى سبيتي إلى روح السيد محمد حسن الأمين