الرقباء منعونا.. فلم نعلن حبك!

نعى الدكتور مرتضى الامين، المفكر والعلامة السيد محمد حسن الأمين الذيتوفي يوم السبت الفائت، عبر صفحته على الفايسوك، وكتب عبر فايسبوك المنشور التالي: “كنا في السجن، في المعتقل. كانت تلك سنتنا الأولى هناك، والتحقيقات لا تزال في بالنا وأجسادنا طازجة. وكان المحققون قد سألوني عنك، إن كنت أبي!. ثم قرأت في قصاصة جريدة مهربة أنك سافرت للعلاج. وكانت كل الأخبار التي تصلنا، حينذاك، سوداً، ولا تروح بنا تأويلاتها إلاّ إلى الموت. فجلست في عتمة الزنزانة، واثقاً من رحيلك، لأكتب شيئاً يناسب حزني الذي تخيلته حينها. وبدأت قولي مخاطباً “موسى”:
يا أيها العاشق في طوى،
حدّد غرامكَ،
ثم أعلنه، ولا تخشَ الرقباء…(…).

اقرا ايضاً: العلامة الأمين… توأم فلسطين


لم أخبرك أبداً أنا ذلك، رغم جلسات لنا كثيرة تحدثنا فيها عن هذه “القصيدة” وعن كتابات أخرى. أنا، في الحقيقة لم أخبر أحداً عن ذلك. كنتُ قد حددت غرامي، ولكنني لم أعلنه كما أوصيتُّّ موسى، لأنني – أعرف ذلك الآن! – كنت أخشى الرقباء!
ولكنني لم أكن وحدي. كل الذين كتبوا أو قالوا أو بكوا اليوم صامتين، فعلوا مثلي. خافوا من الرقباء فلم يعلنوا مشاعرهم كما هي، حين كنتَ حياً.. حين كنتَ تحتاجها!. كتمنا مشاعرنا التي كنت تفتش عنها في عيوننا، حين أعياك انتظارنا والتنقيب في أقوالنا وما نفعله. كلنا صمتنا، حتى بعد أن عرّفتنا أعمارنا أن أحلى ما يمكن أن نمنحه للآخرين، بمن فيهم وَرَثَتُنا، هو كلمة دافئة.. تقال في الوقت المناسب!.
لن تؤنسك، الآن، كل الكلمات، والقصائد، التي كتبناها، أو تلك التي رميناها في آذان مَن حولنا، لأنها صارت باردة. حتى بكاءنا لن يفيد. فقد صمتننا كلنا: بعضنا لأنه رآك جبلاً لن يزيده “تعاطف سخيف” قوة، وأكثرنا لأنه كان “يخشى الرقباء”.
يا لعارنا!.

السابق
السيّد هاني في استقبال الأمين
التالي
رحيل العلامة الأمين رجل العلم والحوار