السيّد هاني في استقبال الأمين

السيد محمد حسن الامين

رحل علّامة القضاء والدين والدنيا، وعلّامة الأدب والشعر، ساعياً الى لقاء رفيقه الذي سبقه لسنوات وترك في قلبه حسرة لفقدان أنيس فكره ونديم روحه، عنَيْت السيّد هاني فحص.

في مجلس أدبي في صالون علي شلق في كفريا الكورة، حضره سعيد عقل، وحضره أيضاً السيد محمد حسن الامين، وكان البرنامج قراءات شعرية لبعض الشعراء الذين كانوا يمنّون أنفسهم بأن يسمعهم سعيد عقل.

فلما ابتدأ سماحة السيّد وقرأ قصيدته ثمّ انتهى منها، اقترح سعيد عقل أنّ بعد هذا الرجل لا ينصح أحداً بأن يقرأ شعراً. بل ذهب الى أبعد من هذا وقال: لقد وجدت اللغة العربية شاعرها وضالتها في محمد حسن الأمين.

هذا الرجل الذي تميّز بشجاعة وحرّية فكر واستقلالية وعدل ورقّة يفقده لبنان وقد سيطر عليه التوحّش والجوع والفقر، فكأنّما المصائب لا تأتي فرادى.

غياب السيّد في هذه الظروف يترك فجوة كبيرة، اذ يلاحظ اللبنانيون أنّ الخطاب السياسي المقيت الذي يجري على ألسنة السياسيين قد أصبح مهجوراً، وأنّ الأسماع تلتفت الى عظات الاحد وخطب الجمعة، وقد كان السيّد من أوائل الذين يمارسون الايمان بأنه حيث تكون مصلحة الناس ثمّة شرع الله، ولهذا وضع فقهه وعمقه الديني في خدمة مصالح الناس، لأنّ المرشد الديني لا يدلّ المؤمنين على طرق العبادات ووسائلها، بل يأخذهم الى عمق الدعوة الربّانية، يأخذهم الى أنّ الدين إنّما أُنزِل للناس رحمة وهُدىً. والاسلام من سَلِم الناس من أذاه، المسلم هو الذي يتعامل مع خلق الله على مبدأ أنّنا كلّنا عِيال الله.

إقرأ أيضاً: العلامة الأمين… توأم فلسطين

هذا ما آمن به السيّد محمد حسن الامين في بيئة متنوعة الانتماءات، هو قاض شيعي في صيدا السنّية المُحاطة بكنائس الجنوب، وكأنّه بهذا خلاصة تلاقي هذه الحضارات وتواصل هذه الاديان.

ولقد كانت هناك مناسبة عزيزة على قلبي تكرّمت فيها أنا مرّتين، الأولى أنّني كنت متحدّثاً في ذكرى هاني فحص، والثانية أنني كنت الى يسار السيّد الذي أسبغ علينا من لطفه وأدبه ما جعلني أخجل من أن اتكلّم من بعده.

إنّ السيّد محمد حسن الامين رجل حباه الله بمواهب عديدة، وهو يؤمن تماماً أنه قد ترك لنا إرثاً كبيراً نستطيع أن نغرف منه عندما يعود القوم الى عقلهم ورشدهم.

تغمّده الله بفسيح جنّاته وأسبغ عليه رضوانه وألهم أهله ومحبّيه السلوان.

السابق
العلامة الأمين… توأم فلسطين
التالي
الرقباء منعونا.. فلم نعلن حبك!