إيران تستدرج عروضاً دولية للإشتراك بإدارة لبنان!

لبنان

لعل من باب الواقعية المؤسفة و بعيدا من  المبالغة والتهويل، يمكن القول ان “حزب الله” تمكن من  لبنان شعبا و كيانا ومفهوماً وطنياً، رغم ملامح الإنتفاضة “المتواصعة” نسبة الى نجاحها نسبيا من التفلت من القبضة الحديدية، ولا يزال يُعول عليها لإحداث تغيير ما.

 فقد استطاع الحزب بقدرة مشغله الإيراني، تحويل لبنان، كما بعض دول الجوار الذي يعيث فيها فرقة وحروبا عبثية، إلى مطية لمآربه وورقة رابحة و ضاغطة محلياً وإقليميا ودوليا، لفرض شروطه “البائسة” على العالم بأسره لإستدراج عروض للتفاوض و”الإدارة المشتركة” للتحكم او التحكم عبر  “الترهيب والترغيب”.

إقرأ أيضاً: آخر ما يشغل بال نصرالله!

ومن أبرز هذه التجليات عملية بحث “حزب الله” اليوم عن شريك دولي لادارة لبنان، هي شراكة في جوهرها تجمع بين ايران وطرف دولي ما، يقبل بولاية ايرانية على لبنان وباستعداده لتقديم المساعدات المالية او القروض للدولة اللبنانية، من دون ان يخلّ ذلك بمنظومة الدويلة التي يمثلها “حزب الله” كقاعدة نفوذ وسيطرة لايران،  ومنطلقاً لانشطة خارجية تتصل بالدول العربية، بما يتلاءم مع متطلبات محور الممانعة.

هذه الثنائية التي تسعى ايران الى بلورتها، تبدو فرنسا الأكثر قابلية للسير فيها، هذا من وجهة نظر قريبين من “حزب الله”، من دون ان يعني ذلك قبولا فرنسيا لهذا الاقتراح، ذلك ان “حزب الله” يقدم نفسه باعتباره “الوكيل الشرعي” لقائد محور المقاومة ومرشده علي خامنئي، وهو القوة الممسكة بزمام الدولة اللبنانية، والمتفوق عسكريا ونفوذا بدرجات كبيرة على كل ما عداه من القوى اللبنانية. وبالتالي يفترض ان اي تسوية في لبنان تقوم بينه وبين الخارج، اي بينه كممثل ايران ومحور المقاومة، مع طرف خارجي يفضل ان تكون الادارة الاميركية اولا، او فرنسا ان لم ترغب واشنطن بلعب هذا الدور.  

“حزب الله”  لا يريد حكومة ان لم تكن مستندة على شريك دولي ونفوذ حاسم له في الحكومة

تشكيل الحكومة يقف عند هذه النقطة، ف “حزب الله”  لا يريد حكومة ان لم تكن مستندة على شريك دولي ونفوذ حاسم له في الحكومة، اي ان تشكيل حكومة باشرافه يتطلب وجود طرف دولي يمثل نظام المصالح الغربية والعربية في لبنان، ويشكل الوسيط مع “حزب الله”، في ظل رهان لدى الحزب  يحرص على الترويج له بين مناصريه وعموم اللبنانيين، بأن الدول الغربية لا مصلحة لها بانهيار لبنان بالكامل.

ماذا لو كان “الغرب المتآمر” و “الدول العربية المتخاذلة” لهم رأي آخر؟ ماذا لو ان هؤلاء لسان حالهم تجاه لبنان الممسوك من “حزب الله”: اذهبوا الى الجحيم، لسنا معنيين ولا يضيرنا انهيار لبنان وخرابه”.

هذا مع الاسف الموقف العربي والغربي، فلبنان المسيطر عليه من قبل “حزب الله” لن يرأف به هؤلاء، بالتأكيد لا أحد سيعبر من مسؤولي هذه الدول بفجاجة عن هذا الواقع، لكن واقع الحال يقول ذلك، فازاء الانهيار لا وجود لأي دعم مالي دولي او عربي، طالما ان لا حكومة في لبنان تضع في سلم اولوياتها وضع خط واضح بين الدولة اللبنانية ودويلة “حزب الله”، هذا ما تشترطه واشنطن والرياض وهذا ما يعلمه علم اليقين الرئيس المكلف سعد الحريري و “حزب الله” نفسه فضلا عن بقية اركان المنظومة الحاكمة.

اما حكومة تنفذ هذا التوجه او الانهيار الشامل، في حسابات هذه الدول الانهيار الشامل هو افضل من دولة متماسكة تسيطر عليها ايران.

لاشك ان مسارات التدهور والانهيار لا يمكن تقدير تداعياتها الاقليمية والدولية، لكن ثمة من يعتبر ان الفوضى في سوريا وانهيار الدولة، لم تكن تداعياته على المصالح الدولية ولم تكن اسرائيل مستاءة او متضررة، بل يرى البعض انها حققت مكاسب من الفوضى السورية والحدود مع الفوضى كانت ايجابية وغير مضرة.

واذا كانت فرنسا لا تذهب في مواقفها نحو هذا المنحى الخطير، وتحاول ان تحث السياسيين اللبنانيين على الاكتراث بلبنان وعدم المغامرة به، فهي تدرك في المقابل انها ليست الدولة التي يمكن ان تأخذ على عاتقها وقف الانهيار اللبناني، طالما ان الدول التي تملك المال او قراره ليست مستعدة للمساعدة من دون تغيير فعلي في لبنان.

رسم “الزيح” بين الدولة والدويلة، شرط نجاح اي حكومة مزمعة في لبنان

رسم “الزيح” بين الدولة والدويلة، شرط نجاح اي حكومة مزمعة في لبنان، والخيار المقترح امام اللبنانيين اليوم، هو مرحلة من التدهور الجديد، بانتظار البدائل التي ستقدمها ايران للبنان، فهذا البلد رغم كل ما اصابه، ظل صامدا ومستمرا بعنصرين اساسيين شكلا شريانا حياة له، الشريان العربي الذي وفر تدفق الاموال وشريان غربي وفر الدعم والمظلة الدولية، هذا واقع حال لبنان منذ تأسس الكيان، وامام الوصاية الايرانية اليوم، توفير البديل اذا كانت مهتمة ببقاء الدولة اللبنانية، والبدائل تتطلب ايضا توفير ارضية قبول لبناني لها، او فرضها بالقوة.

خيار الانتفاضة واعادة تنشيطه في الشارع وفي السياسة هو الفرصة للخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان اليوم، طالما ان الحلول الايرانية او المخارج من داخل منظومة السلطة غير ممكنة او غير متاحة، لذا فرض التغيير عبر تقويض ذهنية المحاصصة في الحكومة، ووقف عملية النهب المستمر لما تبقى من الدولة، وطرح بدائل عملية وموضوعية للخروج من عنق الزجاجة، هي مهمات قد تبدو مستحيلة لدى البعض، لكنها بالتأكيد هي المتاحة والوحيدة اذا كان المطلوب بقاء لبنان. من “يحرك” يرَ !

السابق
خاص «جنوبية»: الراعي متمسك بما قاله عن «حزب الله»..وأبواب بكركي مفتوحة!
التالي
بعلبك -الهرمل تحت النار..إحراق مقهى وقنبلة صوتية على منزل المفتي السابق!