«اذا اتت الشتيمة من سياسي».. محسن لـ«جنوبية»: دليل على عجز عن إحداث خرق في الوضع القائم

إستفاق اللبنانيون اليوم على كلام لرئيس لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يصف فيه الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه “غريب الاطوار”، وأنه سأله في أحد الإجتماعات بينهما “ماذا جرى لك؟ أجابه: لقد تغيرت”. الانطباع الاول عن هذا الكلام هو أن الرئيس عون يريد في هذه المرحلة نزع صفة “الاهلية الشخصية” عن الرئيس الحريري بعد أن سبق له أن حاول نزع الاهلية السياسية عنه لتأليف حكومة حين دعا النواب قبيل تحديد بدء الاستشارات النيابية إلى أن “يحكموا ضمائرهم قبل تسمية رئيس جديد للحكومة”.

اقرا ايضا: خاص «جنوبية»: باسيل يُفشل كل المبادرات ويرتمي في «حضن» واشنطن!

هذه المحاولة فهمها الحريري جيدا فأعلن من جلسة مجلس النواب اليوم “وصلت الرسالة ولا داعي للرد نسأل الله الرأفة باللبنانيين”، موجها أيضا “إتهاما مبطنا بعدم الاهلية لرئيس الجمهورية”.

تبادل الشتائم الشخصية التي سجلت اليوم بين بعبدا وبيت الوسط ليست الاولى بينهما وعلى الارجح لن تكون الاخيرة، فاللبنانيون لم ينسوا بعد الفيديو المسرب لرئيس الجمهورية والذي يصف فيه الرئيس المكلف ب”الكاذب”. ويبدو أن التجريح الشخصي بين المسؤولين اللبنانيين ليست حكرا على طرف واحد، بل هي صفة مشتركة عند معظمهم. فمنذ أسابيع قليلة( 15 شباط الماضي) وصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط رئيس الجمهورية بأنه “عبثي ويريد الانتحار، داعيا إياه للإنتحار وحده هو والغرف السوداء والصهر الكريم”، ثم عاد ولبى دعوته للقاء به في قصر بعبدا (الاسبوع الماضي مُطالبا الجميع بالسير “بالتسوية”.

وكذلك نواب في كتلة التنمية والتحرير أو المؤيدين والانصار على مواقع التواصل الإجتماعي،  كالوا الشتائم وتبادلوها مع التيار الوطني الحر، اثر تسريب فيديو  لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يشتم فيه رئيس المجلس، و نال منها باسيل “حصة الأسد”

الشتيمة ركيزة الخطاب السياسي

في المحصلة الشتيمة الشخصية يبدو أنها أحد ركائز الخطاب بين معظم الطبقة السياسية في لبنان سواء أكانوا رؤساء أو نواب أو وزراء، (المشادات بين النواب علي عمار ونواف الموسوي من جهة ونديم الجميل ومعين المرعبي والرئيس فؤاد السنيورة من جهة أخرى، وبين الرئيس إميل لحود والوزير أحمد فتفت في مجلس الوزراء)، وهذا الاسلوب يتم الركون إليه بشكل كبير منذ توقيع إتفاق الطائف إذ أن الاختلاف بين الرؤساء غالبا ما يجيّر إلى مؤيديهم من النواب والوزراء فيتبادلون الشتائم والسباب على المنابر، أو عبر بيانات مكتوبة أو توكل إلى الجيوش الالكتروني مهمة التراشق بالسباب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي .

هناك إشكالية في لغة التخاطب بين المسؤولين اللبنانيين وكيفية إستخدامها في مقاربة الشأن العام والخاص

كل ما سبق يُظهر أن هناك إشكالية في لغة التخاطب بين المسؤولين اللبنانيين وكيفية إستخدامها في مقاربة الشأن العام والخاص وفي بناء هويتهم الذاتية والوطنية، كما يدل أيضا على أن هذه اللغة أصيبت بضرر عميق نتيجة تغير المعايير التي على أساسها أصبح هؤلاء المسؤولين قادة لأحزابهم وجماعاتهم المذهبية والطائفية.

الدكتور رائد محسن (إختصاصي في التواصل الانساني)

يوافق الدكتور رائد محسن (إختصاصي في التواصل الانساني) على التفسير القائل أنه “حين يلجأ المسؤول السياسي للشتيمة الشخصية فهو دليل ضعف في الموقف وفي الحجة”، ويقول ل”جنوبية” “هو كذلك دليل على عدم القدرة على إحداث خرق في الوضع القائم، وإنعكاسات هذا الخطاب هو توتير بين أنصار الفرقين أما الهدف من هذه اللغة فهو شد العصب وهذا دليل ضعف أيضا، لأنه عندما يشتم أي سياسي من خلال شاشات التلفزة أو عبر الاعلام أو من مقر رسمي، فهذا لأنه يريد شد عصب فريقه السياسي، وعادة شد العصب يكون لمن يحتاج إعادة الزخم لشعبيته التي تتضاءل  وهذا بالضبط ما يحصل مع  كل من الرئيسين عون والحريري”.

والسؤال الذي يطرح هنا، لماذا يعود  معظم هؤلاء المسؤولين للإجتماع  بالرغم من تبادل الشتائم من العيار الثقيل بينهم؟ يجيب محسن :”مبدأ السياسيين اللبنانيين هو أنه ليس هناك خصما دائما بالسياسة، وتحت هذا الشعار تُباح كل المحرمات، في اليوم الاول يشتمون و يتهمون بعضهم بالعمالة و الخيانة  لكنهم مقتنعون في قرارة أنفسهم أن لا خصومة دائمة في السياسة”.

يضيف: “حين إنتقد جنبلاط الرئيس عون لم يكن يحتاج إلى شد عصب وحين تبين له أنه لا يمكن ضبط ردات الفعل على وسائل “التواسط الالكتروني” إضطر للقيام بالزيارة و بالتالي زيارته إلى بعبدا هي للتخفيف من التوتر الذي سببته تغريدته ولكي يبقى حيا سياسيا وحتى لو ان زيارته إلى القصر لم تثمر أي نتائج”.

الشتائم هي لغة مألوفة بين السياسيين في العالم، لكن الفرق في  لبنان أن هذه السجالات تأخذ منحى طائفي

يشدد محسن على إنعكاس “لغة الشتائم على المؤيدين والانصار لأنهم يقلدون زعيمهم في كل ما يقول وحتى بالشتيمة سواء في الشارع أو على مواقع التواسط الالكتروني سواء كان هذا المناصر مواطنا عاديا أو مسؤولا في تيار أو نائب أو وزير”، لافتا إلى أن “ما يحصل بين الانصار والزعماء هو أشبه بعدوى تظهر في أغلب الاوقات بين طلاب الجامعات ولحسن الحظ أن التعليم يتم عن بعد حاليا بسبب جائحة كورونا وإلا لكنا رأينا الإشكالات بين الطلاب الجامعات بصورة أكبر”.

في المقابل يلفت محسن إلى أن “الشتائم هي لغة مألوفة بين السياسيين في العالم، وهذا ما رأيناه بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب مثلا أو بينه وبين الرئيس جون بايدن لكن الفرق في  لبنان أن هذه السجالات تأخذ منحى طائفي”.

السابق
شكوى من «القوات» ضد نجاح واكيم.. والسبب؟
التالي
بالفيديو: مكافأة مالية كبيرة.. مقابل معلومات عن سليم عياش!