عندما يتلو باسيل «أمر عمليات» حزب الله!

باسيل حزب الله
عقدة القوة التي تحكم خطاب جبران باسيل عامة، خذلته بعد ان ظهر في كلمته اليوم خانعا وخاضعا لمشيئة حليفه حزب الله، صاحب القوة الحقيقية على الساحة اللبنانية، حتى ان ما طرحه وما احجم عنه، لم يكن اكثر من مسودة لبيان يتماهى مع مصالح الحزب.

بداية فقد كان من المثير للسخرية ان يصور رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل نفسه انه ضحية للنظام اللبناني الطائفي، وذلك بعد اكثر من عشر سنوات على مشاركته الفاعلة وحزبه بالسلطة، كشريك مدلل لحزب الله لم يعف فيها عن تسلم أدسم الوزارات، التي أزكمت روائح الفساد فيها انوف اللبنانيين وتسببت بهدر مليارات الدولارات، فدعا باسيل في كلمته الى” نظام جديدٍ يُبنى على اسس الصيغة والميثاق ويستفيد من العثرات المتأتيّة من الطائفيّة والفساد”!

كما كرّر باسيل كلامه العام جدا و غير المقنع حول وجوب “اعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها لتطويرها بما يحقق حماية لبنان”، وذلك من دون تحديد البنود المنوي تعديلها في التفاهم المذكور او البحث فيها على الاقل، او تحديد موعد عقد جلسات في هذا الشأن بين الطرفين، وكذلك فانه ذكر بخجل وجوب العودة للاستراتيجية الدفاعية عبر الحوار ودون تحديد ايضا لموعد الحوار، الذي اصبح ذكره غير مرغوب فيه لانه يتعرض لسلاح حزب الله ووجوب سيطرة الدولة على هذا السلاح.

إقرأ أيضاً: باسيل «المهاجم» يزايد على «حزب الله» والراعي..إعتمادات رئاسية وإستراتيجية!

فقد حاول رئيس التيار الوطني الحر في بداية في كلمته اليوم التي تلا فيها بيان مؤتمر حزبه، ان يستوعب دعوة حياد لبنان التي دعا اليها البطريرك الماروني بشارة الراعي فلا يظهر انه يعارضها، وذلك لما لاقته هذه الدعوة من تأييد لبناني واسع ومسيحي بوجه خاص، فقال باسيل”يريد التيار الاتفاق بين اللبنانيين على مفهوم واحد هو عدم انغماس لبنان في قضايا لا ارتباط له ولمصالحه بها، بل تأتي عليه بالضرر دون اي فائدة، دون ان يعني هذا المفهوم الغاء دوره او حياده عن القضايا التي تطاله وتضرّ بمصلحته او تلك المتعلّقة بالصراع مع اسرائيل”.

اين ترسيم الحدود؟

ومن اجل الالتفاف على تفشيله لجولات المفاوضات حول ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، المقرر في نهايتها ان يتم السماح للبنان باستخراج حصته من الغاز في البحر، فتمّ تأجيلها الى اجل غير مسمى نهاية الشهر الحادي عشر من العام الماضي، لاسباب لا دخل لباسيل فيها ولا تعنيه، كما لا تعني عمه رئيس الجمهورية الذي امر بوقف تلك المفاوضات، وانما تعني حزب الله ومعسكره الخارجي وحده، ادعى رئيس التيار الحر اليوم في بيانه “انه يريد تحصين لبنان في وجه أي عدوان من اسرائيل او من الجماعات الارهابية، ويعتبر الجيش اللبناني صاحب المسؤولية الأولى، ولكن باسيل أشهر لغة التحدي واستعارها من اعلام الحزب عندما قال ان”اسرائيل تفهم لغة الحرب ولا تفقه معنى السلام الحقيقي، وتريد فرض تطبيع مصطنع بقوّة الخارج وتحت ضغط الأزمات “، ويقصد بذلك طبعا التعمية عن موضوع افشال ترسيم الحدود ووضع هذا التفشيل في خانة العدوانية الاسرائيلية، للتهرب من مسؤولية عدم الاكتراث لمصالح لبنان الحيوية، مظهرا انه مفصول نهائيا عن الواقع عندما نسب لنفسه انه ينقل لبنان “من الريع الى الإنتاج المرتكز على الثروات الوطنية الطبيعية في المياه والغاز والنفط !

اين صندوق النقد الدولي؟

وبدلا من ان يتبنى باسيل وتياره الحر تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية، ثم الاتصال بصندوق النقد الدولي الذي عرض المساعدة، من اجل انقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي الحاصل، فانه في كلمته اليوم تجاهل باسيل ذكر صندوق النقد، وذلك بسبب معارضة حزب الله لتدخله في شؤون لبنان على حدّ تعبير احد وزراء الحزب، واخترع رئيس التيار الحرّ بدلا عنه اختراعا فاشلا كعادته وهو “انشاء صندوق ائتماني يفتح الباب امام المستثمرين والمودعين مع اعطاء الأولويّة للبنانيين المنتشرين والمقيمين”، وكأن اللبنانيين والعرب والاجانب سوف يركضون ويتنافسون للاستثمار فيه..وشرّ البلية ما يضحك!

ولم يفت باسيل في النهاية ان يطالب بالقانون الانتخابي الذي يناسب الثنائية الشيعية “على أساس النسبية والدوائر الموسّعة مع المحافظة على المناصفة”.

بالمحصلة، يبدو ان جبران باسيل المعاقب اميركيا والمكشوف عالميا انه احد اركان الفساد وانه احد سماسرة السياسة والاقتصاد في لبنان لصالح حزب الله، ما زال يعوّل على جهة وحيدة تنقذه من الحالة المزرية التي وصل اليها، وتنعش امله الميّت بالوصول الى كرسي الرئاسة الاولى، وهذا الامل هو الخضوع لمشيئة حزب الله اكثر فأكثر والاستمرار بأخذ التعطيل الحاصل في تاليف الحكومة على عاتقه، لعل المعجزة تتحقق فينصّب رئيسا ليقود سفينة الوطن نحو الاعماق ولو قبل غرقها بيوم واحد!

السابق
البنزين الى 40 ألف نهاية آذار.. براكس لـ«جنوبية»: التهريب أساس المشكلة
التالي
لا إنخفاض في إصابات الكورونا في لبنان.. والوفيات بالعشرات!