إستدعاء «حزب الله» إلى موسكو..الفرصة الأخيرة؟

هو استدعاء للتبليغ وليس دعوة للنقاش، لا يمكن قراءة خبر ذهاب وفد من حزب الله برئاسة محمد رعد الى موسكو مطلع الاسبوع المقبل، الا على ان هناك تطورات مستجدة بالغة الخطورة في المنطقة، ولا يمكن تجنبها الا بتنفيذ جملة مطالب دولية تهدف الى تأمين استقرار المنطقة، واسرائيلية بهدف تثبيت امن اسرائيل الذي هو من مسؤولية روسيا في الدرجة الاولى وهذا ما تقوم به في سوريا والساحة اللبنانية مرتبطة حكماً بالواقع السوري مع تداخل دور ايران وميليشياتها على الساحتين وتعطيل كافة التسويات وهز الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي.

بدايةً لا بد من الاشارة الى ان هذا الاهتمام الروسي المستجد بالشأن اللبناني ياتي عقب جملة احداث ومواقف وزيارات سبقت هذا الاستدعاء.

اسباب داخلية

موقف قيادة الجيش اللبناني الذي كان اقرب للتحذير منه للتعبير عن معاناة.

اللقاء الذي جمع لافروف مع سعد الحريري على هامش زيارته لدولة الامارات.

مبادرة البطريرك الراعي بطلب عقد مؤتمر دولي لمعالجة الازمة اللبنانية اي اخراج لبنان من قبضة الوصاية الايرانية.

مسارعة حزب الله الى زيارة بكركي واحياء لجنة الحوار المشتركة، بعد فشل الحملة الاعلامية التي اطلقها “حزب الله” ضد بكركي بشكل غير مباشر.

تطور التحرك الشعبي في الداخل اللبناني نتيجة الاوضاع الاقتصادية السيئة، وانهيار قيمة العملة الوطنية وتضخم الاسعار.

إقرأ ايضاً: «تيار العتمة» يبتز اللبنانيين مجدداً.. السلفة للفيول أو لا كهرباء ومولدات!

انسداد افق الحل السياسي وعدم القدرة على تشكيل حكومة لمعالجة الازمة المصيرية والوجودية.

امتناع الدول العربية عن دعم لبنان طالما ان لبنان خاضع لهيمنة ايران من خلال سيطرة حزب الله على مفاصل السلطة بقوة السلاح.

عرقلة حزب الله لتشكيل الحكومة ملتحفاً غطاء مطالب جبران باسيل والتيار الوطني الحر مطالباً بالاعتراف بهيمنته وسيطرته على الواقع اللبناني.. لخدمة سياسة ايران واهدافها في المنطقة وعلى حسابها.

اسباب اقليمية ودولية

تطور العلاقات الاسرائيلية – الروسية، حيث تعمل روسيا على معالجة كافة طلبات اسرائيل في سوريا واخرها البحث عن رفاة الجاسوس الاسرائيلي ايلي كوهين، الذي اعدم في دمشق خلال ستينيات القرن الماضي.

تسليم نظام سوريا الممانع لبعض مقتنيات الجاسوس كوهين لاسرائيل، كما اكد نتنياهو.

مناورات اسرائيلية مكثفة ومتواصلة على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية تحاكي حرباً مفتوحة مع حزب الل.

الغارات الاسرائيلية المتواصلة على مخازن الاسلحة ومعسكرات التدريب الايرانية في سوريا.

غض الطرف الروسي عن الغارات الاسرائيلية على المعسكرات الايرانية، واعلان روسيا ان امن اسرائيل اولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الروسية في المنطقة.

التعهد الاسرائيلي بمنع ايران من التمركز في سوريا، مما يعني مزيد من الغارات وربما المواجهات العسكرية.

اعلان روسيا انها تبلغت من الولايات المتحدة بالغارة الاميركية على معسكرات تابعة لميليشيات عراقية مؤيدة لايران قبل دقائق من وقوعها، مما يجعل من روسيا شريك غير مباشر في تحجيم الحضور الايراني وميليشياته في سوريا وبالتالي لبنان.

قصف مطار اربيل وقاعدة بلد ومن ثم قاعدة عين الاسد والسفارة الاميركية، في بغداد مؤشرات خطيرة تتطلب معالجة

رفع عدد قوات حلف الناتو في العراق من 500 الى 4000.

زيارة بابا الفاتيكان الى العراق، في اشارة الى ان دولة العراق مستقلة وذات سيادة… مما ازعج ايران ومرجعياتها السياسية والدينية.

زيارة وزير الخارجية الروسي لافروف الى دولة الامارات العربية، واعلان دولة الامارات عن ضرورة عودة سوريا الى الحضن العربي، مما يعني انها كانت مختطفة ويجب العمل على استعادتها.

زيارة لافروف الى المملكة العربية السعودية واعلان موقف سعودي قريب من الموقف الاماراتي انما لا يرقى الى مستواه.

تطور الاحداث العسكرية والامنية في دولة اليمن والهجمات على منشآت النفط في المملكة العربية السعودية مما يشكل خطراً على امدادات النفط العالمية وهذا ما لا يقبل به المجتمع الدولي وروسيا جزء منه. ومن المعروف ان حزب الله شريك ميليشيات الحوثي في حربها المفتوحة في اليمن برعاية ايرانية.

عودة التشدد الاميركي في التعامل مع ايران والاعلان عن عقوبات على شخصيات قيادية في الحرس الثوري الايراني والتصريح بان لا رفع للعقوبات عن ايران.

موقف الكونغرس الاميركي الذي يطالب بمتابعة سياسة العقوبات على ايران حتى تخضع لشروط المجتمع الدولي….

رفع الوصاية الايرانية عن لبنان؟

استقرار منطقة الشرق الاوسط امر بالغ الاهمية بالنسبة للمجتمع الدولي، وضمان الامدادات النفطية امر لا يمكن تجاهله او التغاضي عن تهديده، وهذا ما قامت به ميليشيات تابعة لايران عندما قصفت مرفأ راس تنورة ومنشآت النفط السعودية مما اكد ان فريق ايران ومحورها في الشرق الاوسط لا يقيم وزناً لمصالح شعوب المنطقة او استقرار الاقتصاد العالمي.

كما ان سياسة نشر الميليشيات والتلاعب بتسمياتها للتأثير على استقرار دول المنطقة وتطورها الاقتصادي واستقرارها السياسي والاجتماعي لم يعد مقبولاً بعد اليوم، اذ ان ايران من خلال تاسيس عشرات الميليشيات المسلحة وباسماء مختلفة، ولكنها جميعها مذهبية وطائفية ودينية تريد ان تبقي دول المنطقة ساحة صراع مسلح واطلاق رسائل امنية في كافة الاتجاهات والاستثمار في ثرواتها وتسويق بضائعها.

لذلك فإن الهدف من استدعاء ميليشيا حزب الله الى موسكو يتجاوز تشكيل حكومة لبنانية، برئاسة سعد الحريري، فهل نحن على ابواب متغيرات تعيد لبنان الى خارطة الاستقرار وترفع الوصاية الايرانية عنه؟

فهل يقتنع اتباع ايران في لبنان باهمية الخروج من ساحات الصراع العربية والدولية، ووقف خدمة مشروع لا يقدم للبنان الا العقوبات والازمات؟

وقد تكون هذه الفرصة الاخيرة لتسوية لا يدفع ثمنها الشعب اللبناني دماً، ودماراً؟

السابق
«تيار العتمة» يبتز اللبنانيين مجدداً.. السلفة للفيول أو لا كهرباء ومولدات!
التالي
بين التحذيرات والتهديدات..قاسم قصير يُنبّه عبر «جنوبية» من فوضى أمنية واسعة!