على من يقرأ الراعي.. «مزاميره»؟!

كلمة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لم تُدول إلى الساعة، دعوته إلى عدم السكوت عن الفساد وعن فوضى التحقيق في الجرائم، وعن السلاح غير الشرعي وعن مصادرة القرار الوطني، وعن عدم تأليف حكومة وعدم الشروع في إجراء الإصلاحات، لم تحرك ساكن المجتمع الدولي و لم تتداول بها أجهزة الإمم المتحدة المعنية مباشرة بالرد على مُطالبتها بشكل واضح وصريح بحماية وحدة لبنان وتثبيت وضمان وجوده ومنع التعدي عليه والمس بشرعيته ووضع حد لتعددية السلاح.

إقرأ أيضاً: «حياد البطريرك» يرفع الغطاء المسيحي «العوني».. عن «حزب الله»!

فرنسا صاحبة المبادرة الوحيدة معنية هي الأخرى بهذا الخطاب، هي لأجل ذلك وجب أن تعمد إلى تنشيط قنوات الإتصال مع حزب الله، ومع الرئيس وعائلته وأنسباءه ومع بعض الحلفاء لإنجاز ملف تشكيل حكومة المهمة التي أعلن عنها في آب الماضي من قصر الصنوبر، برعاية الرئيس الفرنسي وحضور كل الأطراف، وهي أي هذه المبادرة بالنسبة لهم وبالقياس إلى ما طالب به البطريرك ممكنة التحقق أكثر وسهلة المنال. ذلك أنها قائمة على مبدأ إعادة تدوير الطبقة السياسية الحاكمة وبعيدة إلى حد ما، عن فكرة التدويل التي يبغضها ويخشاها ولا يرضى بها المتورطيين في الفساد والصراعات الإقليمية.

نداء بكركي إذا لم يتم ترجمته وبشكل فوري إلى الفرنسية (لغة صاحبة المبادرة الوحيدة) والبرتغالية (اللغة الأم للأمين العام للأمم المتحدة) سيكون معرض للجاذبية اللبنانية، سيناريو اليومين الماضيين مخيف، الإنقسام العامودي الذي حصل في معظم المناطق اللبنانية، من الممكن أن يتسبب بمواجهة شرسة، بين المؤيدين لحزب الله وسيده ونظام حكمه، وبين الشارع المسيحيي الداعم والمؤيد بأغلبه لمواقف بطريرك انطاكيا وسائر المشرق.

القضايا المعيشية في قاموس الحياة اليومية اللبنانية للأسف ليست أولوية، هي في العادة تأتي متأخرة وتسبقها العصبية الطائفية والتبعية للمرجعية الروحية والسلطة الزمنية، ال ” أنا ” فيها تتقدم على ال ” نحن ” والفساد يتساوى مع القضاء ويتفوق عليه والوطن تحول لسجن والسجان بالفساد مدان.

خوف البعض على وجوده بات مرض يحتاج إلى علاج، خصوصاً إذا ما اقتصرت إنجازاته على الحرب والقتال والقصف والهجوم والدفاع، واقترنت أخباره بالكشف عن المؤامرات وبات جل حديثه عن الخيانة، التي يتعرض لها دوماً وأفعاله مرتبطة فقط بالمنع والقمع والمعاقبة والإبعاد.عقل هذا البعض “مؤدلج”، و نفسه عادة ما تغرق في سكون الوهم، الذي يجعله يؤمن بأن تنفس هواء أخر يعني الإختناق، وهو غالباً ما يعمد بلا إرادية إلى رمي المختلف معه بشتى الإتهامات.

إسقاط العهد الذي يسعى كثير من الخصوم والحلفاء إلى تحققه بالباطن، بعد كلمة البطريرك و يرغب آخرين علانية في حصوله بإرادة ذاتية من سيد العهد، يشي بحقيقة و فيها أن قرارا من هذا النوع، بات يسوق له بين الأفرقاء المحليين مع حزب الله بالتحديد، لأجل إتمامه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سلطتهم قبل فوات الأوان، وقبل الذهاب إلى خيار المؤتمر الدولي الذي دُعي إليه من بكركي، والذي لا يُعرف حقيقة إن هو أتى بنتيجة إتصالات، وتواصل مسبق مع المراجع المعنية الدولية والمحلية أو هو مجرد نداء استغاثة أطلقه غبطة البطريرك؟.

السابق
مقابلة العام.. أرقام مليونية وجدل عالمي في لقاء هاري وميغان مع أوبرا وينفري
التالي
السلطة تتلهّى بالتحقيق مع «كوميدية».. فقيه الى جرائم المعلوماتية الخميس؟!