«حياد البطريرك» يرفع الغطاء المسيحي «العوني».. عن «حزب الله»!

البطريرك مار بشارة بطرس الراعي
حدث ما كان يخشى منه حزب الله، وبدأ يخسر الغطاء المسيحي العوني لسلاحه بعد 15 عاما، من توقيع اتفاق مار مخايل، والسبب هو شعار حياد لبنان الذي رفعه البطريرك بشارة الراعي، وقد لاقى هذا الشعار قبولا من جميع النواب المسيحيين وحتى من النواب والوزراء الفاعلين من التيار الوطني الحرّ، حسب تصريحاتهم.

في 6 شباط من العام 2006 وقّع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر ،حينها، العماد ميشال عون التفاهم السياسي في كنيسة مار مخايل الواقعة شرق الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

وبعد 15 عاما من توقيعه ظهر عون انه نجح في لعبته، وتمكن من الوصول الى رئاسة الجمهورية بفضل هذا التفاهم، في حين ان الدولة اللبنانية التي بدأ يهيمن عليها حزب الله سقطت. فالحزب لم يهنأ بمكاسبه بعد أن بدأت الدولة السقوط الحرّ في جميع الاتجاهات بمؤسساتها المالية والادارية التي نخرها الفساد والهيمنة الحزبية لتستقرّ في القاع دون ان يهرع احد من الاصدقاء الشرقيين ولا الغربيين لنجدتها.

ثورة البطريرك الراعي

امتصت الطبقة السياسية ثورة 17 تشرين التي اندلعت قبل عام ونصف، غير ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كان له رأي آخر، فأعلن ثورته الحيادية داعيا الى مؤتمر دولي ومعلنا قبل 5 ايام “إننا نواجه حالة انقلابية في كل الميادين في لبنان”، مشيرا الى دور سلاح حزب الله في وصول لبنان الى ما هو فيه من انحلال وتشرذم وافلاس وغياب للدولة.

هذا الكلام الذي لاقى اجماعا لبنانيا باستثناء “الثنائية الشيعية” التي يقودها حزب الله، لم يستطع حتى التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ويقوده صهره جبران باسيل عراب اتفاق مار مخايل ان يتجاهله، فانبرى عدد من نواب التيار الحر لتأييد الحياد البطريركي.

إقرأ أيضاً: استهداف الراعي.. ايران تلعب بالنار اللبنانية!

فقد اعتبر امين سر تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان: إن مسألة الحياد كيانية في لبنان، ولا يفهم منها الحياد عن الصراع العربي الاسرائيلي. وهو ما تتضمنه مقدمة الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني لجهة القول “إن فلبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع ابنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دولياً.

وتابع: كما أن الرئيس ميشال عون في 12 كانون الثاني 2017 تحدّث عن “لبنان خارج المحاور ويبني صداقاته مع الجميع ولا ننأى بأنفسنا عن الحوادث بل اننا معنيون بها، خصوصاً عندما تكون بين الأشقاء”، وهو موقف غير مستجد بالنسبة اليه، وغير مرتبط بتطورات آنية محلية او اقليمية ودولية. ومع تأكيدنا على ضرورة ان يكون السلاح في يد الجيش اللبناني وحده، نعرف جميعاً ان سلاح حزب الله ادى غرضه في تحرير لبنان وخروج اسرائيل. اما مستقبل هذا السلاح فيبحث من خلال الاستراتيجية الدفاعية التي كالعديد من الملفات، لم يتم اكمال البحث بها”.

الغطاء المسيحي في خطر

لا شك ان استعجال حزب الله السيطرة على لبنان ومفاصل الدولة بعث في المسيحيين الخوف على المصير، خصوصا ان لبنان التابع لشيعة ولاية الفقيه، والمرتبط بايران المحاصرة بالعقوبات الغربية، بدأ يتسبب بعزل ابنائه عن العالمين العربي والغربي، حتى ان العقوبات الاميركية طالت قبل شهور جبران باسيل نفسه ليس بسبب فساده حسب الاتهامات، وانما بسبب تحالفه العميق مع حزب الله، مع العلم ان باسيل هو فرس الرهان الذي كان يراهن عليه السيد حسن نصرالله امين عام الحزب بعد عامين موعد الاستحقاق الرئاسي، كي يخلف عمه رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، فيكون خير خلف لخير سلف!

وبالنتيجة فان الغطاء المسيحي العوني لسلاح حزب الله اصبح في خطر، والمسيحيون يجنحون الى الحياد تحت عباءة البطريرك الراعي، بعد ان ضعفت الرئاسة الأولى العونية وفقدت بريقها وهيبتها الجامعة، تحت وطأة الأزمات المتلاحقة التي تسبب بها فائض القوة الشيعية المسلحة. والحقيقة هي ان لبنان كله بحاجة الى الحياد كما قال البطريرك وليس المسيحيين وحدهم، فالارباك الذي يعم الاوساط السياسية عامة في البلد، سببه أن الدول الكبرى لأول مرة ابتعدت وتركت اللبنانيين فريسة لفساد زعمائهم، بعد يأسهم من تغيير واقع الحال، طالما ان حزب الله ومن ورائه ايران يمسكان بمفاصل الدولة في لبنان، ويستخدمان ساحته للضغط اقليميا ودوليا من اجل تحسين شروط التفاوض مستقبلا مع الادارة الاميركية الجديدة ورئيسها جو بايدن.

السابق
تعليق أميركي على تقرير بلومبرغ حول العقوبات على سلامة.. هل تفعلها ادارة بايدن؟
التالي
الانتفاضة بوجه سارقي اللقاحات.. أيضاً!