ووهان لم تكن مدينة أشباح!

ووهان

مدينة ووهان، لم تكن على الاطلاق، مدينة أشباح أيام عَزلها بالكامل عن محيطها. هذا الاعلان، هو ما يشكل رُوح الكتاب الصادر حديثاً، عن “دارالفارابي” في بيروت، وفي طبعة أولى 2020، تحت عنوان: “كوفيد 19 /هكذا كانت ووهان / يوميات حجر منزليّ “. والاعلان أعلاه (الذي هو ليس مجرّد اعلان موقف كلاميّ، ليس الاّ، بل ان كل تفصيلة في هذا الكتاب، كبيرة كانت أو صغيرة، تؤكده وتثبته بالوقائع والقرائن والشواهد الحيّة والدامغة) هو الاعلان الذي يطلقه ( وان لم يكن بحرفيته)، صاحب الكتاب أدهم السيد (الطالب الجامعيّ اللبناني الذي يعيش في ووهان، منذ العام 2015 لاكمال دراساته العليا في جامعتها لنيل درجة دكتوراه في مجاله، الذي هو بالضبط: “تحديد مسار الظواهر بناء على الداتا”). وهو الذي وثّق في هذا الكتاب، تجربته الشخصية في الحجر المنزلي، الذي اعتمده – ككل سكان ووهان – طيلة الأيام الأولى لأزمة كورونا التي اجتاحت المدينة.

تجربة تطوعية

وتجربة السيّد التي يعرضها في الكتاب، وبالتفصيل المستفيض، هي ليست تجربة حجر منزلي انكفائيّ، لشخص اتّبع، فحسب، التعليمات الوقائية التي يتطلبها هذا الحجر، بل هي تجربة شخص تطوع لأن يكون جنديا مخلصا في حرب شرسة، مع الفيروس الذي لا يرحم، وذلك، لأنه، والى  اعتباره طالبا في جامعة ووهان، اعتبر نفسه مواطنا صينيا، بالدرجة الأولى، في هذه الواقعة المصيرية، وهنا تكمن اهمية هذا الكتاب. وتجربة التطوع هذه أوقفته امام تحدّ ذاتيّ تخطاه بنجاحه، نجاحا موضوعيا كبيرا في خوض غمار هذه التجربة، بحيث أنه “منذ تم عزل مدينة ووهان صباح 23 كانون الثاني /يناير (2020) حاولت جاهدا نقل صورة ما يحدث في هذه المدينة بدون مبالغة أو تهوين”. وذلك على صفحته على فيسبوك ونشره فيديوهات مباشرة  ومعلومات وكتابة “داتا”، كما أجرى خلال تلك الفترة ما لا يقل عن 100 مقابلة بين تلفزيون وصحف واذاعة ومواقع الكترونية .

اذا، هذا ما قام به السيد في تجربته في الحجر المنزلي، التي سطر أساسياتها في هذا الكتاب.

يوثق هذا الكتاب تجربة المؤلف الشخصية في الحَجر المنزليّ في ووهان

من مقدمة الكتاب

ومما جاء في مقدمة الكتاب: من الضروري توثيق كل هذه التجربة في كتاب يصف بتفاصيل أوفى، كيف كانت ووهان. يعرض هذا الكتاب الفترة الممتدة من 31 كانون الأول / ديسمبر 2019 وحتى 30 آذار / مارس 2020، أي منذ الاعلان الأول عن انتشار فيروس جديد في مدينة ووهان، وحتى اليوم الذي تم فيه فكّ الحجر المنزلي عن السكان. وبالتالي سيطلع القارئ على تجربتي مع الحجر المنزلي التي استمرت 68 يوما.

من قرابة الـ600 حالة الى صفر

ويقول الكتاب: انه في اليوم الذي أغلقت فيه ووهان ، كانت هناك 574حالة اصابة مؤكدة و25حالة وفاة. لكن، في 19 / 3 / 2020 انتصرت ووهان على الفيروس حيث سجلت صفر اصابات.

انتصرت ووهان على الفيروس في حرب أسطورية خاضتها ثلاث جبهات موحدة: شعبية، وطبيّة، وحكومية

كيف انتصرت ووهان

يدحض الكاتب مزاعم تقرير بثّته  قناة “سكاي نيوز” أثناء مقابلة أجرتها معه حول وضع المدينة اذ عرضت القناة صورا تظهر ووهان خالية تماما، ووصف التقرير المدينة بـ”مدينة الأشباح”. ويوضح الكاتب ان مدينة الأشباح تكون عادة مدينة مهجورة من سكانها مستسلمة للموت، ولكن في ووهان كان السكان قابعين في منازلهم تطبيقا لتعليمات السلطات حماية لهم من الاصابة، وهم بهذا المعنى يقومون بفعل المقاومة لا الاستسلام. ويؤكد الكاتب: كان مهمّا ان أشيرمرارا وتكرارا الى معنى الحجر المنزلي.

اقرأ أيضاً: مارغريت دوراس الدَّاعية إلى تدمير كل ما «يُدمِّر».. المعرفة

الحل الوحيد

 ففي ووهان كانت الحرب تجري على جبهات ثلاث تناغمت لتخوض معركة أسطورية وهي: الجبهات التالية: جبهة المواطنين (التزام الحجر المنزلي)، وجبهة العاملين في المجال الطبي وهي الجبهة الأهم. والجبهة الحكومية التي كانت تدعم ووهان بكل ما تحتاج اليه وتؤمن كل الاحتياجات من غذاء ودواء ودعم لوجستي للناس فيها. كما ويؤكد الكاتب ايضا: ان تناغم هذه الجبهات الثلاث كان الحل الوحيد للسيطرة على الفيروس.   

أثبتت الصين في هذه الأزمة أن أولويّتها هي حماية الانسان وليس الاقتصاد

 ويقول الكاتب انه: كان من شأن الاصرار على هذا التوضيح، اظهار الصورة الحقيقية للتضحيات التي تحصل في هذه المدينة، ورفض التضليل الاعلامي الذي كان يعتبر الحجر المنزلي للسكان انتهاكا لحقوق الانسان.

اقرأ أيضاً: ووهان.. أبعد من مسقط رأس كورونا!

الانسان هو الأولوية  

اذا ، وعلى ما يظهر الكتاب انّ: الصين في حرب حقيقية هدفها حماية الانسان، وأثبتت الأيام الماضية أن الأولوية في الصين هي للانسان، وليس للاقتصاد. فاغلاق مدينة ووهان يؤثر بشكل كبير في اقتصاد البلاد كونها تقع وسط الصين (المأهولة) وهي نقطة عبور لكل المواصلات البرية والنهرية تقريبا، الاّ ان السلطات لم تتردد في اغلاقها عندما اصبح ذلك ضرورة لحماية الصينيين والبشرية.

السابق
نهاية مأساوية لمواطن في صور.. سقط من منحدر عالٍ على خلفية خلاف عقاري!
التالي
بالفيديو: جوزيف ابوفاضل عن مواقفه المؤيدة للعهد: كنت غشيم واستمعت للأوهام!