«محور الممانعة» ينهار ويستغيث بصندوق النقد.. وإيران تتفرج!

صندوق النقد الدولي
لم تستطع طهران ان تتباهى طويلا بهيمنتها على دول محور الممانعة الممتد من العراق الى سوريا ولبنان. هذه الدول التي عصفت فيها لاحقا أزمات اقتصادية خانقة تهدد انظمتها بالانهيار، ولا تجد الا صندوق النقد الدولي المدعوم من الغرب والولايات المتحدة تحديدا، خشبة لخلاصها من أجل فك أزماتها.

الانهيار الاقتصادي بات يهدد ايران نفسها مع التوترات السياسية الجديدة، التي اظهرت صعوبة التوصل الى اتفاق نووي جديد مع ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، ومع اعلان محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي في 3 فبراير الجاري أن طهران، ستلجأ لطباعة العملة لتعويض عجز الموازنة والموارد الحكومية، “بالرغم من الأضرار التي تترتب على ذلك، مثل زيادة التضخم”، على حد تعبيره.

إقرأ أيضاً: قرض «دعم شبكة الامان الاجتماعي».. اعتراضات سياسية «لا تغني ولا تسمن من جوع»!

وشهدت العملة الإيرانية انهياراً في الخريف الماضي بسبب العقوبات الأميركية، حيث ارتفعت إلى 320 ألف ريال أمام الدولار، ثم انخفضت إلى أقل من 220 ألف ريال في أواخر ديسمبر الماضي.

العراق ينجو..ولكن

انهيار الاقتصاد هو السمة البارزة والمشتركة بين دول محور الممانعة، تمكن الى الان العراق من تأجيل انفجارها بسبب الاعانات والتسامح الاميركي، الذي اعفاه من العقوبات الاقتصادية المرتبطة بايران، اضافة الى حبل نجاة مدّه صندوق النقد في اللحظة الاخيرة، مع العلم ان العراق يصدر 3 ملايين برميل نفط يوميا.

فقد قال صندوق النقد الدولي إن العراق طلب مساعدة طارئة من الصندوق وإن المحادثات مازالت جارية بين الطرفين. وكان وزير المالية العراقي علي علاوي قد ذكر في وقت سابق أن بلاده تجري محادثات مع الصندوق للحصول على حزمة قروض بقيمة 6 مليارات دولار.

وأوضح ممثل للصندوق الدولي في بيان، أن السلطات العراقية طلبت مساعدة طارئة بموجب أداة التمويل السريع، مشيرة، إلى اعتزامها طلب ترتيب طويل الأمد مع الصندوق لدعم الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها، موضحا أن المناقشات مازالت جارية.

وفي إطار مواجهته لأزمته المالية، خفض العراق قيمة الدينار الشهر الماضي، بعد انهيار أسعار النفط العالمية التي تمثل مصدرا رئيسيا للموارد المالية العراقية، إلى جانب الأضرار الاقتصادية التي وقعت جراء تفشي فيروس كورونا.

ويقول مراقبون ان مساعدات صندوق النقد الدولي المشروطة بالاصلاحات، لا يمكن ان تتحقق بسهولة، وهو ما يضفي شكّوكا حول مستقبلها، فهناك احتمال ان تتعثّر تلك المساعدات بسبب الخشية من ان تنخرط في دورة الفساد، فتذهب الاموال الى جيوب الاحزاب والمليشيات الموالية لايران.

سوريا: توقف الدعم الايراني والروسي

وهبطت الليرة السورية، منذ عام إلى مستوى لم تشهده في تاريخها إلى 3000 ليرة مقابل الدولار الواحد.

ورغم أن الوضع الأمني في البلاد أصبح في السنتين الماضيتين أفضل بكثير مما كان عليه قبل سنوات قليلة، لكن الوضع الاقتصادي تراجع بشكل كبير، خاصة في العام 2020 بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والوضع المتدهور في لبنان المجاور وانتشار فايروس كورونا المستجد.

وبالإضافة إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات في العام 2020، بموجب ما يسمى بقانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا.

كما فرضت الولايات المتحدة أخيرا جولة جديدة من العقوبات على سوريا، استهدفت البنك المركزي السوري وأدرجت العديد من الأشخاص والكيانات في القائمة السوداء لخنق الحكومة السورية.

ولكن الجديد على الأرجح توقف حلفاء دمشق وبالأخص إيران، عن دعمها مالياً مع الضائقة الاقتصادية التي فرضتها على طهران العقوبات الأمريكية. وكذلك تقليل موسكو دعمها للأسد تعبيرا عن استيائها من النظام أيضاً، إذ اكتسب العصيان الذي أعلنه رامي مخلوف على بشار الأسد أهميته، من أنه تزامن مع تراشقات إعلامية بين مقربين من الكرملين من جهة، ومقربين من نظام دمشق في الجهة المقابلة، مما يؤكد أن للخلافات بعداً خارجياً دولياً يتعدى دائرة النظام الداخلية، هذا الخلاف أدى الى توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية التي كانت مرتبطة بشركات مخلوف، وأصبحت شركاته تحول أرصدتها من العملة المحلية للعملات الأجنبية، ثم تحويلها إلى خارج البلاد، فزاد الطلب على الأخيرة، كما زاد عرض الليرة السورية، فهبط سعرها.

انهيار العملة يهدد اللبنانيين بالمجاعة

اما بالنسبة للبنان الذي يعيش أسوأ أيام بتاريخه في عهد الرئيس القوي ميشال عون، الذي اوصله حزب الله الى سدة الحكم، فقد انهارت العملة اللبنانية منذ ايلول عام 2019 لتنزل من 1500 ليرة للدولار إلى سعر صرف عند 9 آلاف ليرة في السوق السوداء، وبلغ حجم الدين 150% من الناتج المحلي الإجمالي، حتى تحولت بيروت من مدينة سياحية تسر الناظرين، إلى منطقة كوارث وتفجيرات يسكنها الرعب، بلغت ذروتها في تفجير مرفأ بيروت الكارثي في 4 آب 2020 الذي دمر ثلث المدينة وتسبب بقتل وجرح الاف المواطنين.

وبحسب التقارير فان احتياطيات النقد الأجنبي في لبنان تكفي لتغطية الدعم 6 أشهر فقط، قبل أن تحدث مجاعة، لرفض المجتمع الدولي تقديم المساعدة لوجود حزب الله.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إن لبنان يمكنه استخدام ملياري دولار في احتياطيات متبقية للدعم لستة أشهر أخرى، بينما يثير انهيار مالي في البلاد مخاوف من تزايد الجوع.

وردا على انتقادات بأن عاما تقريبا انقضى بدون خطة، قال دياب إن حكومته واجهت أزمات متعددة. وأوضح المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي أنهم لن يقدموا انقاذا ماليا للحكومة، ما لم تطلق إصلاحات لإنهاء عقود من الفساد، وهو سبب أساسي للأزمة، في حين ان حزب الله وحليفيه حركة امل والتيار الوطني الحر تلقوا سيلا من العقوبات الاميركية، طالت رموزا كثيرة ابرزهم رئيس التيار صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل ووزير المالية السابق عن حركة امل علي حسن خليل، ومع ذلك فان التشبث بالسلطة والاستمرار في الفساد وصرف النفوذ، بقي على حاله من قبل الطبقة السياسية الحاكمة المحسوبة على حزب الله.

وتشعر الدول الخليجية الغنية التي قدمت دعما لإنقاذ لبنان في السابق بانزعاج من اتساع نفوذ الحزب المدعوم من عدوتهم ايران، وكان دياب اعترف في احد تصاريحه ان الأوروبيين، “قالوا لي الأمر لا يتعلق بك أنت، لكن هناك قرارا دوليا بالتوقف عن مساعدة لبنان لأن لديهم مشكلة مع حزب الله”.

السابق
ما حقيقة رضوخ الحريري لحكومة من 22 وزيراً؟
التالي
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الاثنين 22/02/2021