متري لـ«جنوبية»: لا أزمة حكم.. والتأليف يصطدم بتغليب المصلحة الفئوية و الحزبية

طارق مترب

بالرغم من كل الضجيج الاعلامي والسياسي الحاصل حول تشكيل الحكومة، ولا سيما بين بعبدا وبيت الوسط وإستنفار للخطاب والمتاريس الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، إلا أن ذلك لا يمنع الوزير السابق طارق متري من تشخيص ما يحصل إنطلاقا من قراءته للمعطيات الدولية والإقليمية ومعرفته العميقة بنسيج الطبقة السياسية اللبنانية وحساباتها، والتي تستدعي (حين تكون مأزومة أو مُفلسة سياسيا) هذا الخطاب الطائفي ليشكل حصان طروادة للحصول مع مكاسبها الحزبية والشخصية.

اقرأ أيضاً: «القصف المتبادل» على جبهتي بعبدا وبيت الوسط يُصيب من الحكومة مقتلاً!

يمقت متري متابعة تفاصيل السياسة اللبنانية لأنها تشعره بالقرف، يصرّح ل”جنوبية” بأنه “كمعظم اللبنانيين قلق على مصير البلد بسبب الانهيار الذي نعيش فيه، وليس بسبب إرتفاع  التوتر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين”.

ويلفت إلى أننا “لسنا في أزمة حكم والتعثر في تأليف الحكومة سببه تغليب المصلحة الفئوية والحزبية وهو الاقوى  وليس لأسباب إقليمية ودولية”.

 ليس في لبنان مشكلة مسيحية –إسلامية أو حتى سنية –شيعية 

يعتقد متري أن “معظم اللبنانيين ولا سيما الشباب المشاركين في ثورة 17 تشرين، يعرفون أن إثارة المشاعر والمخاوف الطائفية هي جزء من صغائر الصراع على السلطة، وليس هناك في لبنان مشكلة مسيحية –إسلامية أو حتى سنية –شيعية بالمعنى الحقيقي للكلمة، أي أن تكتلات من الناس تتأهب للإصطدام على بعضها البعض”. مشددا على أن “مشاكل الناس في مكان آخر لأن اللبنانيين جائعين وقلقين، ويسعون للهجرة ويرفضون كل الطبقة السياسية ويطالبون بالاصلاحات والتخلص ممن يتحكم برقابنا”.

المشاعر الطائفية تستثمر حين لا تعرف جهة سياسية ماذا تقدم للناس

يضيف:”هذه هي المشكلة الحقيقية للبنانيين أما المشكلة الطائفية فأعتقد أن فيها شي مصطنع ومبالغ به، لكن المشاعر الطائفية تستثمر في السياسة اللبنانية منذ زمن حين تكون جهة سياسية لا تعرف ماذا تقدم للناس  وتحاول إخافتهم من الاخر او تحرضهم عليه وهذا دليل فقرهم السياسي”، معربا عن إعتقاده بأن “اللبنانيين ليسوا في هذا الاجواء، وهذا إنطباعي، فهم ليسوا مشغولين في مواجهة بعضهم البعض طائفيا بل قلقين على مستقبل اولادهم ووطنهم وهذه هي المشكلة”.

طاولة حوار وطنية

يرى متري أن “هناك حلولا أبسط وأولى من الذهاب نحو طاولة حوار وطنية، هي تأليف حكومة تقوم بإصلاحات، لأن كل فكرة المبادرة الفرنسية الواقعية تقول أن الظروف الحالية التي يعيشها لبنان لا تسمح بالبحث في مستقبل نظامنا السياسي او البحث في عقد سياسي جديد، بل الوقت لتأليف حكومة إختصاصيين تجري الاصلاحات اللازمة على أمل أن تُصلح الوضع الاقتصادي  وهذا ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”، شارحا أنه “حين يبلغ بلدا ما إنهيارا عميقا على كل الصعد كما بلغه لبنان، عندها لا يجب المجازفة ببحث في قضايا مصير النظام الموجود وتغييره بل يتجه نحو محاولة وقف التدهور وأعتقد أن هذا هو الاصح”.

 لغة الحقوق الطائفية والحزبية هي مرادفة للمحاصصة السياسية

يضيف: “لبنان في مأزق هذا صحيح لكن التسويات السياسية من أي نوع لا تحصل إلا على “الحامي” وليس على البارد وتحصل بعد إنفجار وتأتي التسويات إما لتنهي حرب أو توقف إقتتال”، مذكرا أنه “لم تحصل مرة محاولة للوصول إلى اتفاق حول المسائل السياسية الخلافية على البارد، لأن نظامنا السياسي ليس بديمقراطي ولأن مجلس النواب لا يقوم بدوره في التشريع و التفكير في تطوير النظام و تعديل الدستور المحاسبة و المساءلة للحكومة”.

يستغرب متري أنه في الوقت الذي كل”المصير الوطني ومصائر الناس في عيشها ومستقبل أولادها تحت السؤال، نجد هناك من يضع مصالحه الحزبية والفئوية فوق المسؤولية العامة”، لافتا إلى أن ” قسما بارزا من السياسيين يتحدث بلغة الحقوق الطائفية والحزبية وهي ليست كذلك بل هي مرادف لحصة الآتية من قاموس المحاصصة السياسية”.

هناك من  يستخدم الوضع اللبناني في تفاوض اقليمي أو دولي أو متخيل

يضيف:” ولا مرة  عمد هؤلاء المسؤولين الذين يغالون في التحدث عن الحقوق يتطرقون إلى الكلام عن مسؤولية الحكم في بلد مثل لبنان، المسؤولية اليوم هي وقف الانهيار وليس الدفاع عن حقوق أي حصص، صحيح أن هذه المشكلة (غياب المسؤولية) موجودة في الحياة السياسية منذ زمن لكن في السنوات الاخيرة وبعد الانهيار إزدادت وباتت خطرا على مصائر الناس”.

يوافق مترى على أن “لبنان مرمى لأحجار طائشة في كل الاتجاهات الاقليمية”، لكنه يرى أن”هناك من  يستخدم الوضع اللبناني بشكل مبالغ فيه ومن دون أساس موضوعي في تفاوض اقليمي أو دولي مفترض أو متخيل أحيانا ،أي هناك من يربط الازمة اللسياسية اللبنانية بالحوار بين الولايات المتحدة و إيران،  ولا اعتقد ان هناك علاقة بين تأليف حكومة في لبنان وبين المفارضات الايرانية الاميركية”.

ويختم:”هناك أطرافا لبنانية تعودوا على رهن الحياة السياسية اللبنانية لحسابات حقيقية أو مفترضة لجهات إقليمية”.

السابق
عدّاد «كورونا» يرتفع مجدداً.. كم بلغ عدد الاصابات والوفيات اليوم؟
التالي
لقاء مشترك لمنتدى الأعمال وتجمع الإعلاميين الرياضيين.. وهذا ما تم بحثه