علي الأمين يتوقع مرحلة أمنية صعبة: لقمان سليم أجرأ من واجه «حزب الله»

علي الامين

لا تزال جريمة اغتيال الباحث والكاتب السياسي لقمان سليم الخميس الفائت جنوب لبنان الذي عثرعليه مقتولا في سيارته بعد ساعات على اختفائه الغامض، تتفاعل محليا ودوليا، فيما تطرح علامات استفهام كثيرة على توقيت والدوافع وراء اغتياله من جهة، وعودة مسلسل الاغتيالات في لبنان مجددا.

مرحلة جديدة سمتها أمنية

رأى رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين، في حديث لـ “تلفزيون سوريا” ان “اغتيال لقمان سليم يفتح باب القلق بان يدخل لبنان في مرحلة جديدة سمتها أمنية، بعد سلسلة الانهيارات التي يشهدها على المستوى المؤسساتي والمالي والاقتصادي والسياسي”.

اقرأ أيضاً: آخر «وصايا لقمان» عاشق التاريخ والإنسان!

وشدد “نحن امام مشهد جديد فاتحته هذه الجريمة بسبب اغتيال باحث صاحب رأي ليس لديه عصبية وليس لديه حزب وناشط ينتمي الى ثورة “17 تشرين” وهي الانتفاضة اللبنانية خارج الاصطفاف الطائفي والمذهبي”.

 وتابع “لقمان ينتمي الى هذا الجيل الجديد والى هذه الثورة الجديدة الذي أسس لها في كل نشاط قامت به على مستوى حقوق الانسان والثقافي والعمل السياسي والسينمائي”.

لماذا لقمان سليم؟

لفت الأمين ان الشهيد سليم اضافة الى نشاطه السياسي الذي يقتصر على الكتابة وابداء رأيه السياسي، فهو أيضا ينتمي الى جيل من المثقفين والمفكرين والكتاب الذي تتسم شخصيته بأبعاد متعددة على مستوى الفكري والاجتماعي والثقافي”.

الأمين: نحن امام مشهد جديد فاتحته جريمة اغتيال لقمان سليم

الى ذلك أشار الأمين “المفارقة ان سليم هو مؤرخ، ولعلّ المؤسسة الأهم في لبنان هي مؤسسته “أمم” التي تعمل على مستوى ارشفة وتأريخ الحرب وضحاياها، وتحديدا الاغتيال السياسي والعنف، وهو كان من المهتمين بقضايا المفقودين ولعب دورا أساسيا بتجميع ملفات هؤلاء وتوثيقها.

وأشار ان “المفارقة أيضا ان سليم أصبح كذلك من ضحايا هذه الحرب، وهو لم يكن يستبعد هذا الاحتمال باعتبار ان لقمان سليم كان من أجرأ الذين وقفوا وعبروا عن رأيهم بلا مواربة أو تدوير للزواية، فكان شخص مثقف وربما هذا انعكس على تعبيره وموقفه اذ لا يستطيع ان يكون محايدا بين الحق والباطل وبين الخير والشر ولذلك هو واضح ويعبر عن قناعاته بحرية ويعكس أيضا مسار ايمانه العميق بالمواطنية وحقوقها لذلك كان رجل يلتزم بشروط الدولة والقانون والدستور”.

استهداف الشخصيات اليسارية

وفي سؤال عن مدى تأثير اغتيال الشخصيات اليسارية في لبنان على نهج يريد “حزب الله” تثبيته، قال الأمين انه “لا شك ان هناك مسلسل اغتيالات واسع بدءا من كمال جنبلاط عام 1977، وسليم اللوزي وصولا الى مهدي عامل والمفكر حسين مروة، وهذه النماذج كانت تشكل في ذلك الحين رموز التيار اليساري سواء من الناحية الحزبية أو الفكرية، وكانت تلك الفترة مرحلة صعود “حزب الله”، وكان الأخير يدرك ان مثل هذه الأسماء لها تأثيرا كبيرا، خاصة ان البيئة الشيعية تاريخيا “اليسار” كان مؤثرا فيها بتنوعاته القومية والفكرية.

مشيرا ان “”حزب الله” كان يتقصد استهداف هكذا نماذج خاصة انها تتسم بالبعد الفكري والثقافي وقيمة مهدي عامل وحسين مروة قيمة فكرية وليس قيمة بالمعنى الحزبي والسياسي”.

الى ذلك ذكر الأمين الى “مسلسل الرهائن” الذي بدأ من عام 1985 واستمر حتى 1990 وهناك عشرات الرهائن منهم من قتل ومنهم من ابرمت صفقات في دارة النظام السوري والتي استفاد منها الأخير في تلك المرحلة، مشيرا الى الباحث الفرنسي ميشال سورا الذي قتل وبقي امره غامضا وبقي لسنوات حتى أعلن بشكل غير رسمي عن مقتله حيث عثر على رفاته وتحرك السفارة الفرنسية”..

حزب الله وايدولوجيته «الاسلاموية»

واكد ان “كل هذه العمليات كانت من أجل تعبيد الطريق لتعزيز الوصاية السورية من جهة و”حزب الله”  من جهة أخرى مع ما كان يمثله من ايدولوجيا “اسلاموية” لا تستطيع ان تحتمل أي تنوع موجود في بيئته، لذلك حصلت المعارك الشهيرة مع “حركة أمل” رغم تشابه الطرفين أقلّه من حيث الهوية الدينية والشيعية، ولم يتوقف هذا القتال الا بعد تدخل النظام السوري وايران وتم الاتفاق واختزال المشهد الجنوبي والمقاومة بهاذين الطرفين، بعدما منع أي طرف اخر من أن يحمل سلاحه، حتى “امل” حيّدت بأن تولت شؤون حصتها بالدولة والإدارة، وحزب الله اخذ موضوع السلاح وبالتالي احتكر هذه المسالة تحت شعار وذريعة “المقاومة”. لافتا انه “فيما بعد تبين ان هذا السلاح استخدم لاحقا لمزيد من تحقيق السيطرة على البيئة الشيعية بالدرجة الأولى والبيئة اللبنانية بالدرجة الثانية”.

المقاومة اللبنانية الحقيقية

الى ذلك لفت الأمين ان “ميزة المقاومة التي حققت الإنجازات كبيرة بوجه إسرائيل بين عامي1982 و1985 عندما كانت متنوعة وحققت تحرير 90% من الأراضي التي احتلتها إسرائيل وبقي الشريط الحدودي المحتل، وشدد “ان قوة هذه المقاومة في تنوعها وعدم سيطرة جهات إقليمية ودولية عليها”.

هل أصبح «حزب الله» فوق القانون اللبناني؟

رأى الأمين انه “لا شك ان مسألة القضاء مسألة أساسية وجوهرية، ولا يمكن الحديث عن دولة من دون ان يكون هناك سلطة قضاء، ونحن نشهد تصدع هذه المؤسسة”، وتابع “التعويل على مسار انتفاضة “17 تشرين” بكل ما طرحته على هذا الصعيد لإعادة ترسيخ المؤسسات ودور القضاء وقيام مؤسسات الدولة وتعزيزها في مقابل المافيا التي تمسك بها وتتقاسمها لحسابات حزبية ضيقة، واما السلطة المسيطرة على هذه المافيا المتمثلة بحزب الله”.

وشدّد الأمين “نحن أمام تحدي استراتيجي وحقيقي وهو إعادة بناء الدولة من خلال هذا المناخ الجديد الذي وفرته انتفاضة 17 تشرين، وكذلك لا بد للبنان انه في اللحظة الذي يطالب فيها بمساعدات من المجتمع الدولي ان يشترط أي عون للبنان بأن يكون مشروطا بتعزيز وسلطة القضاء المستقل وهو أمر يمكن ان يكون من ضمن الملفات الأساسية التي توضع في إطار نشاط مجموعات 17 تشرين”.

انقسام داخل «حزب الله»

وعن وجود انقسام داخل “حزب الله” بشأن فك ارتباطه بالخارج، استبعد الأمين وجود مثل هذا الصراع او الانقسام داخل الحزب، لافتا انه “اذا كان موجودا قد يكون داخل إيران او الحرس الثوري، ولكن في لبنان هذا الامر مستبعد، لأن مركز القرار والمال والعسكري محددا، وبالتالي فرص التعبير عن هذه الخيارات اللبنانية بشأن فك الارتباط عن الخارج التي عبر عنها الصحافي سمير قصير قد تكون عبارة عن نقاش في بعض الدوائر لكنها لن تصل الى حالة من الصراع لان “حزب الله”  لا يمكن فصله عن الحرس الثوري فهو اطار عسكري وايديولوجي والوجه السياسي هو وجه هامشي ،وهو أنشئ لكي يكون ذراع إيرانية في لبنان أكثر من أي يكون حزبا مستقلا”.

السابق
طقس ربيعي بعزّ شباط.. الحرارة الى ارتفاع فوق معدلاتها الموسمية
التالي
عندما «تَضِلّ» مساعدة الـ ٤٠٠ الف ليرة طريق الفقراء!