آخر «وصايا لقمان» عاشق التاريخ والإنسان!

كنت كلما سمعت صوت لقمان يهاتفني ليدعوني الى شرب قهوته الصباحية بدارته في الغبيري، أقول لنفسي ان فكرة بحث ما تتعلق بتاريخنا او بتراثنا الشيعي ربما قد اختمرت في عقله خلال الاسابيع التي فصلتني عن آخر لقاء معه، يريد ان نستطلعها لنقلّب وجوهها سوية ونستغرق بمطاردة شخصياتها التي لعبت أدوارا على مسرحها.

“أنا لا يهيّجني الا التاريخ”!..هذا ما كان يقوله لقمان، فكشف أسرار التاريخ برأيه يكشف اسرار حاضرنا، وأي بحث فكري او اجتماعي دون تاريخ وافٍ هو بحث ناقص، “ما اريده هو بحث عن بدايات المقاومة وتاريخها في لبنان، ونستطيع ان نرجع بتاريخها الى ما قبل نشأة لبنان الكبير”.

حديث البدايات في قهوة الصباح يأخذك الى مؤتمر الحجير وما قبله، ودور الزعيم الزمني كامل الأسعد، والروحي السيد عبد الحسين شرف الدين، وموقفهما المقاوم ضدّ الفرنسيين، ثم المهادن لهم بعد عام 1936 بعد اعتراف سوريا بالكيان اللبناني، وكذلك دور ما كان يعرف بالعصابات المقاومة للاحتلال الفرنسي وقادتها صادق الحمزة وادهم خنجر ومحمود بزي وغيرهم، وكيف ارتكبت هذه العصابات مجزرة عين ابل الطائفية بحق المسيحيين، فتحولت المقاومة الى فصيل طائفي يتلقى سلاحه من الخارج (المملكة العربية في سوريا) ويغرق جبل عامل في الفوضى، هذا السلاح عاد ووجد طريقه الى لبنان عام 1975 عبر المخيمات الفلسطينية ليتسبب باندلاع الحرب الاهلية، ثم ليستقر سلاح المقاومة بيد حزب الله بعد تحرير جنوب عام 2000 وانتهاء مهمته، فيعلن امينه العام ان سلاح حزبه الذي يضعف الدولة ويتسبب بانقسام وطني، سوف يبقى من اجل مقاومة المشاريع الاميركية الصهيونية في المنطقة ضمن معسكر الممانعة الذي تقوده الجمهورية الاسلامية الايرانية.

لقمان مغرم بالبدايات والحفر في تاريخنا

لهذا فإن لقمان مغرم بالبدايات والحفر في تاريخنا الذي يدور منذ عقود في حلقة مفرغة من العصبيات وصراعات الجماعات الطائفية بلا نهاية.

في جلستنا الاخيرة

الاثنين الماضي، قبل يومين من اغتياله، شربت قهوة “غالية” الطيبة في دارة آل سليم وانا استمع الى آخر حكم لقمان، اذكر منها قوله:

“الوعي الذي بدأ بالظهور عند بعض الافراد هو نتيجة ثورة تشرين، و لو انه كان موجوداً قبل الثورة و لكنه بدأ يظهر بشجاعة اكثر بعد الثورة”.

“المواطن العادي لا يمكنه ان يعلم “او يستوعب” ما يحدث من دون تفسير واضح و شفاف.”

“الهدف هو الخروج من حالة التعبئة الني فرضها حزب الله”.

“ورقتا حزب الله الوحيدتيان امام العالم هما ورقة اللاجئين السوريين وورقة الحدود مع اسرائيل”.

يجب توفّر الرافعة او الآلية التي تعمل بوجه حزب الله.

“أنا أريد ان أعيش في سلام وأغار من الآخر!”، ألم يقل الشاعر محمود درويش بعد طول نضال” الانسان أهم من الأرض”؟!

لذلك وبناء على وصايا لقمان الأخيرة فانني قررت الثأر لمقتله على طريقته وكما يحب، فأجهد أن أعود الى تاريخنا النقي قبل تلويثه بالدم والأحقاد، كي “نعيش بسلام ونغار من الآخر”!

السابق
أصاب خاصِرَتَهُ بطلق ناري.. حدث صادم يهزّ صيدا!
التالي
بالصورة: ذئب يُهاجم أحد المنازل في مجدل زون الجنوبية!