حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: رجاء لا تنقذونا… «الحق على المواطنين»

حارث سليمان
يخص الناشط السياسي والأكاديمي الدكتور حارث سليمان "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

نعم لا ترسلوا الى لبنان طحينا من اجل توفير الخبز لعائلات لبنان، فالكميات ستباع بالسوق السوداء، وستخزن في المدينة الرياضية ليطال بعضها الماء والمطر والسيل، فيتلف بعضها قصدا، فتموه السرقة بالتلف،  لتتداخل وتختلط الكمية التالفة بالكمية الاكبر المسروقة ويضيع الحساب.

لا ترسلوا نفطا ووقودا ومازوتا الى لبنان لتسهيل استيراد المحروقات الى لبنان، لان تخزينه في خزانات الجية والزهراني لن يكون الا محطة، تنتقل بعدها الكميات الى شبيحة ميليشيات الامر الواقع، توزع على محطاتها وصهاريجها، لتباع في السوق السوداء سعيا وراء ارباح غير مشروعة…

اقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: صناعة الغضب..وطرابلس ضحية غير مذنبة

لا ترسلوا مستشفيات ميدانية الى لبنان فيها مئات الاسرة وعدة مئات من أجهزة الاوكسجين، ولا تحددوا أمكنة اقامة هذه المستشفيات الميدانية في صور وطرابلس، لأنها سيتم تفكيكها وتوزيعها قبل أن تصل وجهتها، حيث ينهبها ويتحاصصها اصحاب القرار والنفوذ لتذهب الى مستشفيات خاصة تخصهم…. ولن يطلب من اهالي صور وطرابلس الا ان يسجنوا داخل بيوت فقرهم وعوزهم…  ان خرجوا يسعون لرزق ضئيل… فالملامة جاهزة  ” الحق على المواطنين”.

لا ترسلوا مستشفيات ميدانية الى لبنان لأنها سيتم تفكيكها وتوزيعها، حيث ينهبها ويتحاصصها اصحاب القرار والنفوذ


  لا تسألوا عن مستشفيات تم انجازها واتمام تجهيزها منذ سنوات كالمستشفى التركي لمعالجة الحروق في صيدا والمستشفى المقدمة من دولة الامارات العربية المتحدة في شبعا، والتي لاتزال متوقفة، لا تعمل منذ سنوات لان اقتسام وظائفها والنفوذ بها، لم تتم تسوية صفقته، بين منظومة الفساد والتفاهة….

لا تسألوا عن لائحة السلع الغذائية والاستهلاكية المدعومة وعديدها، وهل هي من الاساسيات او من الكماليات،  فهي مخصصة لفائدة التجار ووكلاء الماركات الغذائية يستوردونها بدولار مدعوم من مصرف لبنان ويعيدون تصديرها الى افريقيا  او الكويت… 

لا تسألوا عن الدولارات المخصصة لاستيراد الادوية، فهي قد ضاعفت فاتورة استيراد الدواء مع ذلك فالأدوية مقطوعة


لا تسألوا عن الدولارات المخصصة لاستيراد الادوية من احتياط مصرف لبنان، فهي قد ضاعفت فاتورة استيراد الدواء بما يساوي ضعفي فاتورة السنة الماضية، مع ذلك فالأدوية مقطوعة في الصيدليات، واخبار تهريبها الى مصر ونيجيريا، تبدأ من مضبوطات جمارك المطار وصولا الى مستودعات حليب الاطفال وأدوية الأمراض الدائمة التي تكتشف من حين لآخر. فيما يتقاذف مسؤولية هذه الجنايات مستوردي الادوية ومسؤولي وزارة الصحة ونقابة الصيادلة، ليخرجوا بنتيجة مفادها ” الحق على المواطنين”.
لا تسألوا عن الحكمة في نظام تسيير السيارات حسب ارقام لوحاتها مفردة ومجوزة، فذلك تدبير فريد في الدنيا ولا يمت لضبط انتشار جائحة الكورونا بأية صلة، لكنه يوفر استهلاك المشتقات النفطية في لبنان ليتاح تهريب الكميات المتبقية الى سورية، بقوافل تعد مئات الصهاريج والشاحنات وبحماية امنية لبنانية، لان حدود لبنان سائبة منذ القدم و”الحق على المواطنين”

لا ترسلوا لقاحات الى لبنان فلن تحسن طبقة الفشل التي تحكمنا لا توزيعها


لا ترسلوا لقاحات الى لبنان لا تبرعا عبر منصة منظمة الصحة العالمية ولا عبر شركات الادوية العملاقة او تقديمات دول عربية شقيقة، فلن تحسن طبقة الفشل التي تحكمنا لا توزيعها، ولا حفظها ولا تخزينها، بل ستستعملها خدعة لتبييض وجوهها السوداء واعادة البريق الى سلطتها الفاسدة. وفي كل حال لن تكون اللقاحات في لبنان مجدية عبر المنظومة السائدة وسيقولون معذورين” الحق على المواطنين”.

لا توافقوا على قرض بقيمة ٤٢٦ مليون دولار بدعوى او ذريعة اعتماد سياسةً لحماية الفئات الفقيرة والمهمشة، فالأمر  لا يتعدى السعي لتسول قرض من البنك الدولي بدعوى الاغاثة الانسانية، وهي محاولة مكشوفة ومتكررة لسرقة اموال جديدة بدعاوى زائفة، هدفها الحقيقي اعادة تمويل شبكة الزبائنية السياسية لمنظومة الفساد بعد ان استنزفت هذه المنظومة مالية الدولة وعائداتها.

فربع قيمة القرض سيقتطعها مصرف لبنان، وما يساوي ثلاثة ارباعه بالليرة اللبنانية سيكون تمويلا لمحاسيب السلطة ورعاع امراء الطوائف. 

ارجوكم يا اصدقاء شعب لبنان لا تنقذونا عبر سلطتنا، بل ان شئتم انقذونا منها


فاذا كان خلق شبكة رعاية اجتماعية للفئات الضعيفة امر ضروري وملح، وهو كذلك، فان شرط نجاح هذه الشبكة وتحقيق مبتغى قيامها، لا يمكن ان يكون تنفيذه من خلال المنظومة الفاسدة وهيكلياتها، بل من خلال الية دولية مباشرة،  لا تمر ببنى السلطة واجهزتها.
لا تجهزوا المؤسسات الامنية والعسكرية لانه فشلت بالملموس بحماية امن لبنان وصون حقوق مواطنيه، وتطبيق القانون وممارسة حقها في تامين سيادة دولة تستحق اسمها، ارجوكم يا اصدقاء شعب لبنان لا تنقذونا عبر سلطتنا، بل ان شئتم انقذونا منها.

السابق
لقمان سليم: قصة قتل معلن لِفُتَاتْ السيادة
التالي
جمع تواقيع تناشد تدخل الأمم المتحدة والجامعة العربية لـ«حماية الشعب اللبناني»