ومنذ ذلك الحين وحزب الله يحرص على السيطرة على موقع المرجعية إلى جانب موقع القيادة السياسية لهذه الاعتبارات الاقتصادية .. فالقيادة المتمثلة بالولي الفقيه تعتبر مصدراً مالياً كبيراً للحزب، ووكالة المرجعية الدينية تعتبر مصدراً مالياً أكبر، ولو تمكن الحزب من ضمان ضم السيطرة على الموقعين معاً فإنه سيكون لديه المصدر المالي الأكبر عند ذلك …
اقرأ أيضا: القرض الحسن (4): نفعي يستولي على ذهب المتعثرين!
وهذا ما سعت اليه ايران وحزب الله إليه في حياة المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في عصره السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، حيث حاولا سحب بساط المرجعية من تحت قدمي السيد الخوئي ليفرض مرجعية الولي الفقيه حرصاً منه على الجمع بين القيادة والمرجعية لهذه الأسباب ولغيرها، وهو ما حاول ويحاول فعله في عصر مرجعية المرجع الأعلى الحالي السيد علي الحسيني السيستاني حينما يمنع من تقليده ويدعو لتقليد الولي الفقيه ليحرص على الجمع بين موقعي القيادة والمرجعية للأسباب التي بيناها …
حزب الله وفضل الله
ولقد كان حزب الله يستنفذ مالية المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بشكل كبير، في العشرين سنة الأولى من عمر حياة الحزب السياسية، يوم كان المرجع فضل الله معنوناً بالمرجع الروحي للحزب، وذلك قبل أن يحوز حزب الله على لدعم الكامل من ايران، فبقيت بذلك الموارد المالية التي تصل للحزب في العقدين الأخيرين هي الأكبر، بعدما كان المرجع فضل الله يحظى بهذه الخصوصية لعشرين سنة بسبب وكالته للمرجعية العليا المتمثلة بالسيد الخوئي يومها ..
لقد كان حزب الله يستنفذ مالية المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بشكل كبير
ولما عمل الحزب على فك ارتباطه الاقتصادي مع المرجع فضل الله مطلع التسعينات من القرن الماضي، انصرف الأخير لتعزيز مؤسساته الاجتماعية والخيرية والثقافية ليسابق الزمن بعقود، ولتكون مؤسساته الأولى في الساحة الشيعية اللبنانية من حيث قدراتها الاقتصادية والخدماتية، وما زالت تتميز بهذه الصفة إلى الآن رغم تجمع الثروة عند الحزب في أماكن أخرى كمؤسسة القرض الحسن ووكالة المرجعية …
ومنذ سيطر حزب الله على موقع وكالة المرجعية وهو يعمل على توظيف استثمار الحقوق الشرعية والخُمس في المجهود الحزبي والتنظيمي، هذا الخُمس وهذه الحقوق التي ينبغي أن تُصرف على المستحقين والفقراء، ولكن الحزب يستأثر بها لأنشطته، فالمسؤولون الثقافيون والإعلاميون وغيرهم في الحزب ومشايخ الحزب يحظون بامتيازات مالية من الحقوق والخُمس يمكنهم من امتلاك أفخم البيوت وركوب أحدث السيارات والرنجات والمشاركة في أدسم الحفلات والموائد والسهرات وتعليم أولادهم في أغلى الجامعات داخل البلد وخارجه، ويترك هؤلاء للفقراء المستحقين فُتات المساعدات من هذه الحقوق وهذا الخُمس !
اين أموال الخُمس؟
ويساهم القرض الحسن في هذه الدورة الاقتصادية الغصبية المحرمة للتصرف بمال الخُمس والحقوق الشرعية على غير مستحقيها، وذلك من خلال قبوله بتوظيفها واستثمارها في عمليات القروض في فروعه بحسب تسريبات المقربين من القرض الحسن، وذلك بعد أن تجتمع في فروعه رؤوس أموال الخُمس وسائر الحقوق الشرعية المالية النقدية والمساعدات والتبرعات المتنوعة التي تُدار ويُتصرف بها من قبل وكلاء ومتصرفي وكالة المرجعية الدينية الفقهية عند الحزب ..
يساهم القرض الحسن في هذه الدورة الاقتصادية الغصبية المحرمة للتصرف بمال الخُمس والحقوق الشرعية على غير مستحقيها
وبهذا التوظيف للمال الشرعي من الخُمس وسائر الوجوهات الشرعية في القرض الحسن تتم عملية حرمان الفقراء والمستحقين الشرعيين غير الحزبيين من حقهم في هذا الخُمس وهذه الوجوهات الشرعية بحبس هذه الحقوق الشرعية المالية وهذا الخُمس في خزانة فروع القرض الحسن ليستثمره القرض الحسن في مداولاته النقدية اليومية، وليُشكل ذلك جزءاً من قدرة القرض الحسن الاقتصادية !
وهذا مظهر آخر من مظاهر التصرفات الغصبية في أداء مؤسسة القرض الحسن – بحسب المصادر المقربة – وذلك من خلال غصب الخُمس والحقوق الشرعية من الوجوهات وغيرها، ومنع الفقراء والمستحقين من التصرف فيها مما يُسمى في الفقه الشرعي الديني : ” حبس الحقوق عن مستحقيها “، والذي هو من كبائر الذنوب المنصوصة التي توعد الله على مرتكبها دخول النار ..
وللحديث بقية …
