حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: الثورة الخمينية «تأكل» حفيدها!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

مع وصول محمود احمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية عام 2005، بدأ حراك داخل الجناح الاكثر تشددا في التيار المحافظ، خصوصا جماعة القيادي في التعبئة الشعبية “حسين الله كرم” وجماعة حزب الله بقيادة آية الله محسن خرازي وبعض الجمعيات والمؤسسات التي تدور في فلك وزير الخارجية الاسبق وكبير مستشاري المرشد الاعلى للنظام للشؤون الخارجية علي اكبر ولايتي.

ويتبنى (هذا الحراك) مواقف انتقادية قاسية غير مسبوقة من عائلة المؤسسة وزعيم الثورة والنظام الامام الخميني، بذريعة ان اعضاء هذه العائلة ذهبت الى خيارات سياسية “اصلاحية” تتعارض مع سياسات قيادة النظام ومؤسساته.

وقد وصل الامر ببعض هذه الجماعات الى ملاحقة كل فعالية ثقافية او اجتماعية او سياسية يشارك فيها اي من افراد عائلة الخميني وتوجيه الانتقادات حتى تلك الخارجة عن الاعراف والاداب، في محاولة لاحراجها من خلال التركيز والحرص على توسيع دائرة انتشارها بين الشرائح الاجماعية والشعبية، من دون اي رد فعل من قبل النظام الذي حاكم وادان الكثيرين ممن يحسبون على القوى الاصلاحية او المعارضة، بتهمة توجيه الاهانات لمؤسس وزعيم الثورة والزج بهم في السجون.

السيد حسن احمد الخميني حفيد المؤسس يمكن ان يعلن مشاركته في سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 حزيران 2021 مرشحا عن التيار الاصلاحي!

من هنا يمكن الدخول على الجدل الذي يدور حاليا داخل الاجتماع السياسي وحتى الشعبي حول امكانية اعلان السيد حسن احمد الخميني حفيد المؤسس مشاركته في سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 حزيران/ يونيو 2021 مرشحا عن التيار الاصلاحي.

وعلى الرغم من لجوء العديد من المقربين للخميني الحفيد، ومن بينهم ابنه احمد، لتأكيد عدم وجود  نية لدى حسن الخميني بالدخول في السباق الرئاسي، الا ان خيار ترشحه ومشاركته يبدو قائما في حال حصول اجماع لدى القوى والاحزاب الاصلاحية حوله، وما اوحت به المواقف التي اعلنها قبل ايام (9/1/2021) في الذكرة السنوية الرابعة على رحيل الرئيس الاسبق الشيخ هاشمي رفنسجاني عندما قال ” لاي من الاسباب، اذا كان المجتمع بحاجة الى شخص ما، فعليه ان لا ينسحب بناء على المسؤولية الملقاة عليه، ارجو من الله ان لا نصل الى حالة من التردد بين الخدمة والخيانة”.

وهو الكلام الذي رفع مستوى التوقعات بوجود مشاروات جدية تدور في الكواليس الاصلاحية عامة مع هذا الرجل، لاقناعه بالمشاركة كمرشح اجماع لهذه القوى في مواجهة مرشح او مرشحي التيار المحافظ.

تعديلات البرلمان

ارتفاع منسوب الحديث عن امكانية ترشح “الخميني الحفيد” يأتي في وقت بدأت فيه وتيرة معركة رئاسة الجمهورية بالتزايد مع اقتراب موعدها، ومع الجدل الدائر حول التعديلات التي يعمل عليها البرلمان على قانون الانتخابات الخاص بها. فضلا عن ظهور صعوبات حقيقية وبنيوية داخل التيارين الاصلاحي والمحافظ في الاتفاق على مرشح لكل منهما، يحظى باجماع جميع القوى التي تنضوي في كلا الاطارين.

ازمة التيار المحافظ تبدو اكثر تعقيدا مما هي عليه لدى التيار الاصلاحي واحزابه في ظل اعلان العديد من شخصياته ترشحها!

ويبدو ان ازمة التيار المحافظ تبدو اكثر تعقيدا مما هي عليه لدى التيار الاصلاحي واحزابه، اذ دخل هذا التيار مبكرا في ازمة تحديد الخيارات مع اعلان العديد من شخصياته المحورية او البارزة نيتها او قرارها في دخول سباق الانتخابات كممثلة لهذا التيار، ولعل العقدة الرئيسة التي قد تتسبب في ازمة حقيقية هي ان اكثر المرشحين المحافظ يأتون من المؤسسة العسكرية (حسين دهقان، محسن رضائي، محمد باقر قاليباف، سيعد جليلي، سعيد محمد..).

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: تمثال سليماني..«مكروه» في إيران و«مستحب» في بيروت!

وقد اعلنوا ترشحهم او نيتهم او رغبتهم بذلك، في محاولة للتضييق هامش الخيارات داخل هذا التيار في اختيار المرشح يجمعون عليه ويشكل محور وحدة في المعركة الرئاسية.

في المقابل، يبدو ان الاحزاب والقوى الاصلاحية، وعلى الرغم من النقاشات الدائرة في اوساطها والجهود التي تبذلها كل من رؤيته، تسعى لتقديم مرشح يكون قادرا على تمثيل المشروع والخطاب الاصلاحي، ويشكل جسر عودة الى السلطة التنفيذية ويساعد على تدارك الاخطاء التي حصلت في تبنيهم ودعمهم للرئيس الحالي حسن روحاني، الذي لا يحسب على الاصلاحيين، فانها لا تتردد – هذه الاحزاب- بالتأكيد انها على استعداد للذهاب الى مرشح اجماع والتخلي عن مرشحها الحزبي، بما يخدم مشروعهم في العودة الى المشاركة في القرار السياسي، من خلال تولي رئاسة السلطة التنفيذية وقطع الطريق على تحويل مؤسسات الدولة ذات بعد واحد ، يمثل التيار المحافظ او يؤسس لعسكرة  الدولة.

هنا يعتبر حسن الخميني من الشخصيات، لا بل الشخص الوحيد نسبيا، الذي يحظى بامكانية تحقيق هذا الاجماع بين القوى الاصلاحية في ظل غياب بديل قادر على لعب هذا الدور.

وقد يكون هذا الاجماع من باب عدم وجود خيارات لدى هذه الاحزاب، الا انها قد تكون على استعداد لاستبعاده او اخراجه من دائرة الخيارات، في حال استطاعت التفاهم على ترشيح شخصية بديلة تستطيع او تقدر على استقطاب الشارع الشعبي المؤيد لها مع الشريحه الرمادية، ودفعهم للمشاركة والذهاب الى صندوق الاقتراع والتخلي عن السلبية التي اتسعت دائرتها، جراء فقدان الامل في احداث تغيير في بنية النظام جراء السياسات التي هيمنت على الحياة السياسية والاجتماعية خلال العقود الاربعة الاخيرة.

الا ان خيار “حسن الخميني” كمرشح اجماع ووحيد للقوى الاصلاحية، يحمل بداخله خطرا حقيقيا مصدره امكانية لجوء مجلس صيانة الدستور الى قرار حرمانه من المشاركة، او الترشح على غرار ما فعله عندما اعلن ترشحه لانتخابات مجلس خبراء القيادة، معللا ذلك بعدم حصول “الخميني الحفيد” على الدرجة العلمية الدينية – الاجتهاد- التي تؤهله لدخول هذا النادي الذي يتولى مهمة انتخاب المرشد ومراقبة اعماله واهليته.

وان يتذرع هذه المرة بعدم امتلاك “الخميني” للخبرة والمعرفة السياسية والادارة لتولي شؤون الدولة وقيادة مؤسساتها. فضلا عن ان هذا الخيار قد يساهم او يدفع التيار المحافظ بجميع اجنحته واحزابه للتخلي عن خلافاته الداخلية والذهاب الى خيار مرشح اجماع لخوص السباق الرئاسي في مواجهة مرشح الاصلاحيين، واستنفار كل قوته وقواعده الشعبية والادارية والامنية لمنع حصول انتكاسة في مشروعه بتوحيد السلطات الدستورية في قبضته ويهدم كل ما حاولوا بناءه خلال العقود  الثلاثة الماضية.

خيار “حسن الخميني” كمرشح اجماع ووحيد للقوى الاصلاحية قد يعرضه الى لجوء مجلس صيانة الدستور الى قرار حرمانه من المشاركة!

واذا ما كان دخول حسن الخميني السباق الرئاسي، وارتفاع حظوظه في تحقيق اختراق في مخططات النظام، يشكل مدخلا لاعادة ترميم صورة القوى الاصلاحية اجتماعيا وشعبيا وسياسيا، يساهم في ضخ الحياة من جديد في جسدها المنهك. الا انه يشكل تحديا حقيقيا للقوى والاحزاب المحافظ والدولة العميقة التي تسعى لارساء معالم مرحلة ما بعد “الخمينية” والخروج من تحت مظلة وحضور المؤسس وتأثيراته.

السابق
مغردون يشتمون نوال الزغبي وهشام حداد يختار مهادنة جمهور الحزب
التالي
أول صورة لوزير الصحة من داخل المُستشفى.. ونجله ينضم اليه!