بين «حزب الله» و«التيار العوني».. اللبنانيون يتجرعون كأس «تحالف الاقليات»!

في شباط المقبل يصبح عمر”تفاهم مار مخايل” الذي جمع “حزب الله” و “التيار الوطني الحر” 15 عاما،  وبالمقياس البشري لا يزال هذا الاتفاق يافعا وطري العود، يعاني في المرحلة الحالية من إضطرابات  مذهبية وسياسية و تباينات حادة  في وجهات النظر في أكثر من ملف داخلي. 

إقرأ أيضاً: بعد «الحركة».. «الوطني الحر» يُفجّر غضبه بحزب الله: خلصونا بقى من ربّكن!

هذا الأمر دفع الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله  للإعلان (بعد فرض العقوبات الاميركية على رئيس التيار جبران باسيل) بأن الردّ على العقوبات يكون بتطوير العلاقة مع التيار، وسريعاً تم تشكيل لجنة لتطوير وثيقة تفاهم مار مخايل ومناقشة الملفات الملحّة بين الطرفين لكن إلى الان لم تعقد أي جلسة عمل بينهم.

ماذا يعني ذلك؟

قد يكون هناك أكثر من سبب لعدم إنعقاد أي جلسة، لكن السبب الابرز هو أن هذه العلاقة تعاني من عوارض غير صحية تظهر بأشكال متعددة وعند كل “كوع داخلي ومفترق إقليمي” تقلص من الفائدة الداخلية والخارجية التي يجنيها كل طرف من الاخر، اذ لم يعد التيار غطاءا مسيحيا كاملا للحزب، كما أن الحزب لم يعد يعتبر التيار إبنه المدلل ويحرص على تلبية كل لمتطلباته الداخلية، والامثلة كثيرة وآخرها الموقف المتباين بينهما من تصريح قائد القوات الجوية الايرانية الجنرال علي حاجي زادة بأن “كل ما يمتلكه لبنان وغزة من قدرات صاروخية هي بدعم من إيران، وهما الخط الامامي لمواجهة إسرائيل”، وقبله سُجل خلاف بينهما حول تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة بالاضافة إلى الخلافات الشديدة حول  تشكيل وفد الترسيم الحدود.

المفارقة في هذا المد والجزر بين الحزبين والتصادم حول الملفات الداخلية، أنه يعطّل البلد ويشلّه ويحوّل المشهد الداخلي إلى صراع بين أقليات لم تكن بكركي بعيدة عنه من خلال طرحها “الحياد الايجابي”، والبرهان هو ما يحصل اليوم على صعيد تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري وعن كيفية إيجاد المخارج اللازمة للخروج من الازمة المالية والسياسية التي من المرجح أن تؤدي بالبلاد إلى التهلكة، إذا إستمرت القوى السياسية ومنها الحزب والتيار يُسيّران دفة البلاد وفق منطق المحاصصة.

كل ما تقدم يجعل السؤال التالي مشروعا: كيف هي العلاقة اليوم بين الحزب والتيار وإلى متى سيستمر اللبنانيون في تجرّع  كأس “تحالف الأقليات” الذي غالبا ما يكون مرّا وعلقما على يومياتهم ومستقبلهم؟

قزي لـ”جنوبية” : برودة في التواصل بين بكركي وحزب الله

على ضفة بكركي التي طرحت “الحياد الايجابي” لتجنب هذا الكأس، يقول الوزير السابق سجعان قزي لـ”جنوبية”:” لا يمكن مقاربة علاقة بكركي بحزب الله بأنها علاقة بين طرفين، هناك خصوصية لموقع بكركي لأنها صرح وطني يستقبل الجميع ولا يمكن مقارنة علاقتها مع أي حزب على أساس أنها طرف سياسي، من دون الانتقاص لأهمية أي طرف أو حزب”، مشددا على أنه “صحيح هناك برودة في التواصل بين بكركي والحزب ولكن أبواب بكركي مفتوحة أمام الجميع وحين يأتون لزيارة غبطة البطريرك فأهلا وسهلا بهم”.

سجعان قزي

ملفات الفساد هي السبب

في المقابل يوافق عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون على أن مقاربة الملفات الداخلية هي موضع خلاف بين التيار الوطني وحزب الله، ويشرح لـ”جنوبية” أن “المقاومة كي تكون أقوى يجب أن تستند إلى بلد قوي  إجتماعيا وإقتصاديا وماليا بعيدا عن ملفات الفساد والهدر والتعدي على القوانين، وهذا الشق هو موضع إختلاف بيننا وبين الحزب”، لافتا إلى أن “رئيس الحزب جبران باسيل طرح هذا الموضوع مع نصر الله منذ أكثر من عام ليشرح له ضرورة أن يكون هناك موقف من الحزب في الملفات الداخلية المتعلقة بالفساد”.

عون لـ”جنوبية”: تفاهم “مار مخايل” يحتاج إلى تحديث

يشدد عون أن “هذه التباينات قابلة للحل ولدى الفريقين قناعة بتحديث ورقة التفاهم و يجري هذا الامر بعيدا من الاعلام، أما في الشق الاستراتيجي متعلق بقناعة التيار بالمقاومة و دعمها لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية  فهو ثابت كما نرفض محاولات العزل الاميركية للحزب”.

ماريو عون
ماريو عون

المؤسسات هي الحل

على ضفة حزب الله فإنه ينظر إلى خلافه مع التيار من زاوية أخرى، إذ تقول مصادره لـ”جنوبية” أن “حزب الله يعتبر أن مكافحة الفساد يُفترض أن تتم ترجمتها عبر قوانين وانتخابات ومحاسبة في القضاء. وليس عبر ثنائية بين حزبين، أي عبر المؤسسات وإقرار قوانين إصلاحية في مجلس النواب وإجراء تعديلات دستورية والذهاب إلى انتخابات نيابية وفق قانون يسمح بتبديل الطبقة السياسية الحاكمة”.

يضيف المصدر: “هذه المتطلّبات لا يمكن لكتلتَي التيار والحزب تحقيقها من دون مساندة كتل أخرى.  والامثلة على ذلك عديدة لذلك لا بد من المثابرة وعدم حرق المراحل من أجل  تحقيق ولو ركيزة واحدة من ركائز بناء الدولة”.

السابق
بعد جريمة مقتل الأخوين جعفر.. الهرمل تنتفض بوجه السلاح المتفلّت!
التالي
وزير الصحة يُناقض نفسه: لا تتركوا مرضى «الكورونا» في المنازل.. هناك أسرّة فارغة!