رزق ينعى عبر «جنوبية» النظام الديمقراطي في 2020: ما أحوجنا إلى رجال دولة!

ادمون رزق
ليس من المبالغة القول أنه في العام 2020 تجرّد المسؤولون السياسيون حتى من ورقة التوت، التي كانت تستر نظام المحاصصة الذي بنوه بالتكافل و التضامن في ما بينهم بتمويه طائفي، إلى أن حلّت الكارثة الاقتصادية وإنهياراتها وما تبعها من وعود دولية بمساعدة لبنان شرط تنفيذ إصلاحات في السياسة والاقتصاد، أي تخلي السياسيين عن جزء من مكتسباتهم لقاء إعادة نهوض بالبلد.

هنا كشفت الطبقة السياسية عن وجهها “الشرس” الذي خبأته لعقود تحت قناع الحفاظ على حقوق الطوائف، رافضة التنازل ولو “الجزئي” عن بعض مكاسبها (الدليل التعثر في ولادة حكومة كما نصت عليها المبادرة الفرنسية) حتى ولو كان الثمن ذهاب جميع اللبنانيين إلى جهنم كما تنبأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الصيف الماضي .

كل ما سبق من تخبط وتطورات مؤلمة عاشها اللبنانيون على مدى عام، تجعل من الجائز السؤال “لماذا وصلنا إلى هذا الحضيض السياسي والاقتصادي؟” وهل كانت هناك إشارات تدل على أننا ذاهبون إلى الهلاك لكننا لم نعرف فك رموزها؟

رزق

وهذا ما يجيب عليه الخبير الدستوري والنائب السابق إدمون رزق الذي يقول لـ”جنوبية”:” نحن بكل أسف حوّلنا التعددية التي يتميز فيها لبنان إلى آفة بالممارسة، وبدل التكامل بين الطوائف حصل صراع سياسي مموه بالطائفية على الحصص وهذا هو عنوان الفشل”.

العلة ليست في النصوص بل في النفوس وما نحتاجه هو رجال دولة يطبقون الدستور

ولفت إلى أنه “منذ نشأة لبنان لم يأت إلى الحكم إلا لماما أشخاص من  الرؤيويين منهم الرئيس فؤاد شهاب، وكما سجلت محاولات إصلاحية بعهد الرئيسين كميل شمعون وسليمان فرنجية، أما ما تبقى كانت عهود فاشلة وإستغلالية وفئوية ونحن اليوم في وضع إنعدام الوزن وإنعدام الكفاءة، ووصلت المحاصصة والتسويات المذهبية عندنا إلى درك الفشل لأن النظام لم يعد ديمقراطيا وإنما هو نظام محاصصات سياسية وتحزبية وعائلية قائمة على الاستغلال الطائفي” .

إقرأ أيضاً: 2020..شريط أمني طويل لجرائم أفظعها انفجار مرفأ بيروت الدامي!

يشدد رزق على أن “إتفاق الطائف وضع اسساً للعبور من النظام المحاصصة الطائفية إلى المواطنة، و تتلخص هذه الخطوة  بالمادة 95 وما يوازيها وهي من صياغتي والقصد منها تخطي الحالة الطائفية الى المواطنة الجامعة والقائمة على أساس المسؤولية والوحدة الوطنية”، مبديا أسفه” لأن العهود المتعاقبة كانت عهود محاصصة لأنه لم يكن هناك كفاءة بل عدم أهلية عند متولي الشأن العام وأعتقد أن آخر رئيس جمهورية في لبنان كان الرئيس إلياس سركيس” .

ويرى رزق  أن “الاصلاح لا يجدي في لبنان علينا محاولة التغيير والتغيير في العقلية يحتم التغيير في الاشخاص وفي الأسس التي تتشكل عليها السلطات، وهذا يحتم المحاسبة وهي غير موجودة أولا على مستوى الشعب تجاه الحكومات وعلى مستوى الحكومات بالنسبة للنواب”، لافتا إلى أنه “منذ تطبيق إتفاق الطائف كل تشكيل للحكومة كناية عن شراكة في الحصص ويتم تعطيل النظام الديمقراطي  ولم يعد هناك معارضة مبدئية بل شخصية وحسب المصالح ،ولم يعد هناك فكر في هيكلية نظامنا بل هناك نوع من المحاصصة والمساومات والتجارة “.

تغاضي عن الارتكابات

يشرح رزق أنه خلال التحضير لإتفاق الطائف: “تمّ وضع أسس مبدئية للمحاسبة، ولكن وبكل أسف النمط الذي أخذه المسار السياسي في لبنان بعد الطائف كان التغاضي عن إرتكابات السلطة السياسية والمسؤولين وعدم إلتزام المبادئ الاساسية للمساءلة”، لافتا إلى أن “النظام الديمقراطي في لبنان لم يطبق مفهوم المحاسبة لأن المعارضة كانت دائما ظرفية وشخصية وقابلة للتسوية مع السلطة”.

رزق: إتفاق الطائف وضع اسساً للعبور من النظام المحاصصة الطائفية إلى المواطنة

ويشدد على أنه “لم يكن هناك ثقافة الديمقراطية والبرهان على ذلك الصفقة معراب التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة والتي قامت على تقاسم المناصب بالتساوي وليس على أساس برنامج حكم  ونظام ديمقراطي”.

ويرى رزق أنه “يتحتم علينا العودة إلى المبادئ الاساسية الموضوعة إنطلاقا من الميثاق الوطني والذي تجسد في الدستور عام 1926 والتعديلات اللاحقة وآخرها إتفاق الطائف الذي حدد علاقة لبنان مع محيطه العربي والعلاقة مع سوريا وتكامل المؤسسات في لبنان واعتماد النظام الديمقرطي الذي يناسب التعددية”.

ويختم:”لبنان يملك دستورا مثاليا في حالتنا اللبنانية التعددية والشراكة في المسؤولية وليس محاصصة في السلطة، ولذلك العلة ليست في النصوص بل في النفوس وما نحتاجه هو رجال دولة يعرفون الدستور ويسعون إلى تطبيقه، وهذا ما نفتقده اليوم”.

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الأخبار المسائية لليوم السبت 2/1/2021
التالي
«الكورونا» يَخلط الأوراق شعبياً وصحياً..والسلطة تُكرر مجزرة الهروب الى الإغلاق!