2020..«معاقبة» إيران بالإغتيالات ومحاصرة حلفائها من العراق إلى لبنان!

مقتل سليماني ضربة لايران
المحور الايراني بات جسدا بلا رأس بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني وأصبحت الأطراف في سوريا ولبنان والعراق واليمن مهدّدة بالبتر، فقد كشرت أميركا أخيرا عن أنيابها، وضربت ضربتها في مطار بغداد فوضعت حدّا لاستفراد ايران بساحات الدول المذكورة التي انهكتها الأزمات والحروب والانقسامات.

في أوائل العام تلقت ايران ضربة قوية غير متوقعة بقتل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني مهندس المشروع الممانع، الذي إليه تنسب أكثر العمليات الخارجية خصوصا في سوريا والعراق.  

فقد قتلت طائرة أميركية قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بالقرب من مطار بغداد الدولي، ليكون ذلك الحدث إيذانا بعام صعب للغاية، بالذات من حيث تحول النزاع الأميركي – الإيراني من صيغته المبهمة، حيث كان الطرفان يتبادلان الرسائل والضغوط السياسية والعسكرية عبر الوسطاء، إلى صراع مفتوح بين الطرفين، أثبتت فيها الولايات المتحدة قدرتها على تنفيذ ما ترغب به لو تطلب الأمر.  

الرد الإيراني على مقتل سليماني جاء خجولاً واقتصر على رشقات صاروخية استهدف قاعدتي “عين الأسد” و”أربيل” العسكريتين الأميركيتين في العراق

الرد الإيراني جاء خجولا للغاية، بعد خمسة أيام من الحادثة، حيث وجهت رشقات صاروخية إلى قاعدتي “عين الأسد” و”أربيل” العسكريتين الأميركيتين في العراق، لم تتسبب بوقوع ضحايا، لكن مكمن الضعف الإيراني كان في التصريحات الرسمية أثناء عملية القصف، والتي أثبتت بأن الفعل الإيراني هو فقط لمجرد “غسل ماء الوجه” .

إقرأ أيضاً: لبنان 2021..مئوية لا مئويتان!

الضربة القوية الثانية تلقتها إيران في أواخر العام باغتيال البروفسور المختص بالشؤون النووية محسن فخري زادة في عملية نوعية وجهت فيها أصابع الاتهام إلى إسرائيل، لكن إيران هذه المرة لم ترد واكتفت بالتهديد.  

عمليات أمنية في عمق ايران 

وتفاقمت عزلة إيران وزادت معاناتها بعد أن فرض عليها الرئيس ترامب عقوبات جديدة فتردى الحال الاقتصادي ووصل إلى حد أن يوصف بأنه يحتضر؛ فالأرقام السلبية تتصدر مؤشرات الأسواق مع تزايد تقلص القدرة الشرائية للإيرانيين بصورة غير معهودة ومدخراتهم تآكلت ويعانون من تراجعات ملموسة في الدخل ومستوى المعيشة، بالإضافة إلى انخفاض صادرات النفط ومغادرة العديد من الشركات الأجنبية السوق الإيرانية وتراجع استثماراتها.  

في هذا العام شهدت طهران ومدن أخرى احتجاجات شعبية كان أبرزها احتجاجات عمال المصافي في عبادان الذين تأخرت رواتبهم لكنها جوبهت بقمع قاس وشديد من ميليشيا الحرس الثوري التي أعطيت الأوامر باستخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات.  

لقد كشفت هذه الأحداث ضعفا إيرانيا واضحا، ما لبث أن تلته سلسلة من التفجيرات الغامضة، التي طالت مواقع عسكرية وأمنية واقتصادية حساسة داخل البلاد.  

ففي السادس والعشرين من شهر يونيو، حدث انفجار ضخم في منشأة لإنتاج الوقود السائل للصواريخ الباليستية، في منطقة خوجير القريبة من منشأة “بارشين” بالقرب من العاصمة طهران، وترافق بحريق آخر حدث في محطة لتوليد للطاقة في منطقة شيراز، تسبب بانقطاع التيار الكهربائي.  

وفي آخر يوم من شهر يونيو، تم استهداف موقع نووي في “منشأة نطنز” عبر رسالة تفصيلية حول العملية، قائلة بأن النظام الإيراني لن يتمكن من إخفاء الحدث أبدا.  

واعترف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بالحادثة بعد ساعات من الرسالة التي تداولتها وسائل الإعلام، معتبرا أن أسباب ما سماه بـ “حادث منشأة نطنز” معروف بالنسبة لهم، لكن صور الأقمار الصناعية التي وزعتها وكالة “ناسا” الأميركية أثبتت بأن ما جاء في الرسالة صحيحة تماما، وأن المسألة ليست مجرد “حادث”.  

وفي اليوم التالي طال تفجير غامض عيادة طبية في العاصمة طهران، أودى بحياة 19 مواطنا إيرانيا.  

وبعد ذلك بيومين اندلع حريق هائل في “موقع ناتانز” النووي، ما لبث أن تلاه حريق ضخم آخر في مدينة شيراز، وفي اليوم التالي حدث انفجار في محطة لتوليد الطاقة في منطقة الأهواز، تلاه انفجار ضخم، ثم حدث تسرب لغاز الكلور في محطة قارون للبتروكيماويات في منطقة ماشهر. 

واستمرت تلك الأحداث طوال الشهور الماضية، إلى أن طالت عملية اغتيال غامضة في السابع والعشرين من شهر نوفمبر العالم النووي البارز محسن فخري زادة قرب العاصمة طهران.  

ايران اتهمت إسرائيل بإغتيال زادة
ايران اتهمت إسرائيل بإغتيال زادة

سلطت هذه الأحداث الأمنية والعسكرية الضوء على ثلاثة سمات حول إيران خلال هذا العام، فمن جهة أظهر فارقا واضحا في الإمكانيات الأمنية والتقنية بينها وبين مناوئيها، الذين تمكنوا من فعل كل ذلك، دون أن تتمكن الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية حتى من كشف شبكة صغيرة وواضحة من الفاعلين.  

حرق صور سليماني ومحاصرة “حزب الله”

أما في العراق فتلقى النفوذ الإيراني ضربتين، الأولى كانت المظاهرات المناهضة للوجود الإيراني والمطالبة بخروج السياسيين المؤيدين لإيران من الحكومة، والثانية انتخاب رئيس وزراء يتمتع بعلاقات خاصة مع الولايات المتحدة وتقارب مع الأردن ومصر؛ وسكوت إيران على هذا الاختيار معناه رسالة تهدئة من طهران إلى واشنطن كما يشير إلى ضعف نفوذ إيران في العراق وبداية انكساره. 

ونشر ناشطون عراقيون مقاطع فيديو لحرق صور سليماني والمهندس، فيما أفادت وسائل إعلام عراقية، أنّ مصدرًا أمنيًا في قيادة شرطة نينوى، أكد أنّ ميليشيات الحشد الشعبي اعتقلت 3 أشخاص في منطقة الإصلاح الزراعي، يُشتبه في حرقهم الصور، التي علّقها مسلحو الحشد في شوارع المدينة بمناسبة الذكرى السنوية لاغتياله. كما أوضح المصدر أنّ تشكيلات من الحشد شنّت حملة مداهمة وتفتيش، في عموم مناطق الموصل، بحثًا عن مجهولين أحرقوا صور سليماني والمهندس. 

 وكانت تضافرت جهود مليشيات الحشد الشعبي ومليشيات الصدر من اجل قمع التظاهرات المطلبية ضدّ الفساد وضدّ نفوذ ايران التي عمت مدن العراق والمناطق الشيعية خصوصا، فقتلت تلك الميليشيات مئات الناشطين الشيعة واغتالت النخب الاعلامية والفكرية منهم امام منازلهم بكواتم الصوت، ولم ينفع صوت المرجعية الذي ارتفع دفاعا عن المتظاهرين، رغم مشاركتها عن بعد بحلّ اشبه بترقيع غير مجدٍ للمشهد السياسي، مع استبدال عبد المهدي بمصطفى الكاظمي لمنصب رئاسة الوزراء. 

التحدي أمام إدارة بايدن هو إقناع روسيا وإيران بقبول التسويات التي تضع حداً لسفك الدماء في سوريا

أمّا في غزة، وبعد يومين من قيام حركة “حماس”، برفع صور قاسم سليماني في شوارع القطاع، وتزامنًا مع ذكرى مقتله في غارة أميركية، قام فلسطينيون غاضبون بتشويه وتمزيق صور سليماني، وذلك بعد موجة غضب في الشارع الفلسطيني من خطوة الحركة، التي اعترفت رسميًا بتلقيها تمويلًا من إيران. 

وفي سوريا اكد المبعوث الاميركي السابق جيمس جيفري قبل اسبوع، اصرار بلاده والعالم على تغيير النظام وسحب ايران من سوريا، مشيرا الى وجود “تحالف واسع” مدعوم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي فرَضَ عقوبات “حطّمت الأسد اقتصادياً”، بالتعاون مع الجامعة العربية ساهمت في عزل الأسد دبلوماسياً، لافتا ان روسيا و إيران “ورثتا دولة فاشلة في حالة مستنقع”، وسوف تضطران من أجل الخروج من هذا المأزق إلى التفاوض وتقديم تنازلات.

إقرأ أيضاً: 2020..شراهة سياسية أكلت أخضر البلاد ويابس العباد!

وأضاف أن التحدي أمام إدارة بايدن هو إقناع روسيا وإيران بقبول التسويات التي تضع حداً لسفك الدماء في سوريا وإلا فلا بد من وضع “استراتيجية مؤقتة تكمن في منعهم من الانتصار”. مؤكدا ان انسحاب القوات الإيرانية والمدعومة إيرانياً من سوريا، “مطلب غير قابل للتفاوض”.  

اما في لبنان فان العقوبات الاميركية تحاصر حزب الله الذي لم يتردد قبل سنوات في الدخول الى سوريا والقتال مدافعا عن نظام بشار الاسد، وقام بمساعدة انصار حليفه الشيعي حركة أمل بقمع عشرات الالاف من المتظاهرين الذين ملأوا الساحات في لبنان قبل عام وفي الاشهر الماضية محتجين ضدّ نظام الفساد الطائفي، مطالبين بالاصلاح انقاذا لبلدهم من الانهيار الاقتصادي، ليأتي بعد ذلك انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، فتحوم الشبهات حول الحزب ومسؤوليته عن التسبب بالكارثة، ليعود الشارع وينتفض من جديد فينزل عشرات الالوف من الثوار الى الشوارع ويسقطوا حكومة حسان دياب ذات اللون الواحد الموالي لمحور ايران في لبنان، غير ان هذا المحور استطاع بمعاونة رئيس الجمهورية ميشال عون ممارسة سياسة التعطيل من اجل العودة الى المربع السابق، رغم التحذيرات الدولية من انهيار وشيك للبنان بعد تداعي اقتصاده واهتراء مؤسساته العامة وتراجع الخدمات، وتأكيد اميركا والدول الغربية انهم لن يتعاملوا مع حكومة يتمثل فيها حزب الله وحلفاؤه. 

السابق
بالفيديو: حمى كورونا تستعر.. الالاف اللبنانيين يحاصرون مراكز فحص الـ«pcr»!
التالي
مصر تودّع وحيد حامد.. عراب السينما على مدى أربعة عقود