الشيعية السياسية نحو الانكفاء(2): ثورة على الرموز الإيرانية في العراق!

في ظل صمت المرجعية الدينية في العراق الممثلة بالسيد علي السيستاني، وانكفاء مشروعها الشيعي في العراق مع غياب سلطة الدولة والحضور القوي للاحزاب الشيعية الاسلامية الموالية لايران او المتحالفة معها، فان الشيعية السياسية في العراق تقلدها جماعة الحشد الشعبي وحزب الدعوة بقيادة نوري المالكي ومقتدى الصدر صاحب التيار المستقل عند حاجته والحليف لايران عند حاجتها!

دخل العراق منذ عام 2003 بعد احتلاله من القوات الاميركية واسقاط نظام البعث وحتى اليوم بدوامة من فتن وحروب  لا تنتهي رغم خروج تلك القوات عام 2011، لتندلع الحرب الكبرى مع احتلال داعش الارهابي لثلث مساحة العراق، فتعود القوات الاميركية عام 2014 بعد خروجها، لتقاتل مع الجيش العراقي المهزوم والحشد الشعبي الذي شكل بفتوى من المرجع الأعلى للشيعة السيد علي السيستاني وسلّحته ايران، فنجحوا جميعا عام 2017 باسترجاع مدينة الموصل وتحرير البلاد من ارهاب داعش. 

الشيعية السياسية الايرانية 

يقف العراق اليوم على مفترق طرق سياسي فاصل، وذلك مع اندلاع ثورة شعبية قبل عام تمكنت من اسقاط  حكومة عادل عبد المهدي التي أتت بها ايران لتثبيت هيمنتها على العراق، مع العلم ان الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي تمكنت من انجاز مهامات كبرى، بتحرير العراق من داعش وانقاذه من الافلاس الاقتصادي، ثم إعادة توحيد البلاد بالسيطرة على كركوك لإحباط “استفتاء الدولة الكردية”. 

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يَستحضر «الفتنة»..ثأر «قضائي» من الإعلام ومعارضيه!

وتضافرت جهود مليشيات الحشد الشعبي ومليشيات الصدر من اجل قمع التظاهرات المطلبية ضدّ الفساد وضدّ نفوذ ايران التي عمت مدن العراق والمناطق الشيعية خصوصا، فقتلت تلك الميليشيات مئات الناشطين الشيعة واغتالت النخب الاعلامية والفكرية منهم امام منازلهم بكواتم الصوت، ولم ينفع صوت المرجعية الذي ارتفع دفاعا عن المتظاهرين، رغم مشاركتها عن بعد بحلّ اشبه بترقيع غير مجدٍ للمشهد السياسي، مع استبدال عبد المهدي بمصطفى الكاظمي لمنصب رئاسة الوزراء.

ايران وبعد اليوم التالي للاحتلال الاميركي عملت على مصادرة القرار السياسي للعراق عبر تشكيل “التحالف الشيعي”

  يقول قيادي شيعي وهو رجل دين مستقل لـ “جنوبية” ، “ان الايرانيين عملوا منذ اليوم التالي للاحتلال الاميركي على مصادرة القرار السياسي للعراق عبر تشكيل “التحالف الشيعي” المكون من جميع الاحزاب الشيعية الاسلامية التي اعادت احياء التموضع الطائفي في البلاد، فلما انسحب الاميركيون، سيطروا بواسطة هذا التحالف على الاغلبية النيابية، ثم تمكنوا بواسطة الحشد الشعبي وباقي فصائلهم المسلحة بعد انتهاء الحرب ضد داعش من فرض سيطرتهم على الأرض والاستقواء على الجيش العراقي، ثم اختراق الجيش والاجهزة الامنية وباقي اجهزة الدولة والسيطرة عليها”. 

العراق بلا سليماني 

مطلع العام الحالي، بعد ان ضربت اميركا ضربتها وقضت رأس مشروع “الشيعية السياسية” في العراق القائد قاسم سليماني ومعاونه أبو مهدي المهندس، لا يبدو ان ايران استسلمت، بل تراجعت خطوة محسوبة سمحت لرئيس الاستخبارات شبه المستقل مصطفى الكاظمي ان يتولى منصب رئيس الوزراء لفترة مرحلية قبل موعد الانتخابات النيابية منتصف العام المقبل، من اجل عودة استجماع قواتها والضغط على الارض بفصائلها المسلحة ومفوضية الانتخابات المكونة من حلفائها، من اجل كسب الاكثرية النيابية. 

بالمقابل، يؤكد المسار الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على استمرار الضغط على ايران وجماعتها في العراق من أجل حلّ المليشيات الشيعية الموالية للحرس الثوري الايراني، وتطهير الجيش والاجهزة الامنية من الضباط الذين عينهم رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وهم كانوا من العسكريين السابقين في للحشد الشعبي. 

مصادر مطلعة: اميركا بايدن سوف تتشدد اكثر بسياسة محاصرة ايران ومعاقبتها التي بدأها ترامب مع اغتيال سليماني

وتقول مصادر مطلعة “ان الولايات المتحدة في عهد الرئيس المقبل جو بايدن سوف تتشدد اكثر بسياسة محاصرة ايران ومعاقبتها التي بدأها ترامب مع اغتيال سليماني، وعنوان السياسة المتشددة الجديدة ليس الملف النووي بل انكفاء ايران ومشروعها الشيعي، واجبارها على وقف تدخلاتها الخارجية في دول الجوار والمنطقة، ومعناه وقف دعم الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان وسوريا، وكذلك وقف دعم الحوثيين في اليمن. 

اما سبب ثبات السياسية الاميركية على موقفها من ايران، فهو انتفاء الحاجة لميليشياتها العسكرية بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا، وانتفاء الحاجة السياسية لمشروع شيعي مقابل مشروع سني في المنطقة، بعد ان تحقق استنزاف المحورين بحروب يخشى في حال استمرارها ان تصيب شعوب المنطقة بكوارث اقتصادية واجتماعية تفاقم من الازمات السياسية بما يعجز العالم عن حلها.  

السابق
«حزب الله» يَستحضر «الفتنة»..ثأر «قضائي» من الإعلام ومعارضيه!
التالي
بالفيديو والصور: طقس كانون المُتقلّب..بَرد وأمطار وسيول وقطع طرقات!