في عيد الاستقلال.. منظمة العمل الشيوعي تدعو لرفض الاستباحة من حكّام الداخل ودول الخارج

في الذكرى الـ 77 لعيد الاستقلال الوطني صدر عن منظمة العمل الشيوعي في لبنان، بيانا اكدوا فيه ان اللبنانيين الذين احتفلوا العام الماضي بمناسبة الاستقلال، وباستقلالهم عن قوى السلطة، هم مدعوون اليوم ومعهم جميع المتضررين من هذا الواقع الكارثي، إلى استخلاص العِبر من انتفاضتهم ومأزق هامشيتها الراهن ومن تجاربهم، والاعتماد على انفسهم لتجديد خيار المعارضة الديمقراطية المستقلة، ومواجهة هذا الكم المرعب من المخاطر جراء استباحة أطراف الداخل والخارج لحقوقهم ولطموحاتهم ولوطنهم، واستئناف مسيرة نضالهم دفاعاً عنها، وفي سبيل تحقيق مطالبهم التي رفعوا رايتها، على طريق بناء دولة ديمقراطية علمانية وقيام وطن لكل أبنائه سيداً حقاً ومستقل فعلاً.

اقرأ أيضاً: «جنوبيون» للحرية: لاخذ القرار الجريء بالوقوف بوجه السلطة الفاسدة

وجاء في البيان التالي:

تأتي الذكرى السابعة والسبعين للاستقلال، والوطن يعاني من الأزمة الأكثر خطورة في تاريخه منذ تأسيس الكيان قبل مائة عام. فالاستقلال الذي حققه اللبنانيون بات موضع سؤال استفهامي حول ما تبقى منه. ولعل تعذُر الاحتفال بالمناسبة رسمياً وشعبياً في ضوء المعطيات والوقائع الداخلية بكل ما تنطوي عليه من انقسامات وصراعات وتعطيل للاستحقاقات والمؤسسات الدستورية، هو الدليل الأوضح على مستوى المخاطر التي تهدد مصير الكيان، وسط الخضوع الكامل لمعادلات الصراعات الداخلية والإقليمية والدولية التي تكتسح المنطقة، وتجعل منها ساحات سائبة لمشاريع التفكيك والنهب والدمار على طريق تقاسم السيطرة عليها.
إن منظمة العمل الشيوعي في لبنان، ترى أن لبنان يقف راهناً امام استحالة تشكيل حكومة حتى بالحد الأدنى، ما يضاعف حدة الانهيار الشامل. وأما المحاولات الجارية لتأليفها فتدور في حلقة مفرغة بين الصراعات وتبادل شروط أطراف الحكم حول توزيع الوزارات وتسمية الوزراء، وكأنها مواقع خاصة مكرّسة بموجب صكوك وسندات ملكية توارثوها عن الآباء والأجداد. ما جعلها مرتكزات لمصالح فئوية مدمرة ساهمت في تبدد الدولة وتفكك مؤسساتها، واستسهال استباحة الوطن وربط مصيره بمصالح الأطراف الخارجية المتدخلة في الحروب الأهلية الدائرة في البلدان المجاورة.
وترى المنظمة أيضاً، أمام تهاوى البلاد في جميع مرافقها وأجهزتها، وعجز مؤسسات الدولة عن حماية صحة اللبنانيين والحد من المضاعفات القاتلة لجائحة وباء كورونا، أن أهل الحكم لم يجدوا غطاءً لرفضهم تحمّل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم، سوى اقفال البلد للحد من انتشار المرض، وإدارة الظهر لكل ما يترتب عن هكذا قرار من موجبات في ظل كارثة الانهيار الاقتصادي. إلى جانب استمرار تجاهل الأوضاع المعيشية لأكثرية اللبنانيين خاصة الذين لم يعد باستطاعتهم الحصول على أبسط السلع والحاجات اليومية التي تحفظ حياة الانسان، وسط إمعان قوى السلطة في تبادل تهم الفساد وتقاذف المسؤوليات عن الهدر والتهريب والصفقات، بينما السلع المدعومة تختفي ومعها المساعدات الدولية التي لا أحد يعلم كيف ولمن تذهب.
أما تفجير المرفأ في 4 آب الماضي، ومعه أحياء كاملة من العاصمة والتسبب بألوف الضحايا من شهداء ومفقودين وجرحى، وتشريد مئات الألوف من بيوتهم ودمار مصادر عيشهم، فإن التحقيقات لا تزال تراوح مكانها، بعيداً عن تحديد المسؤولين الذين فرطوا بواجباتهم في حماية المرفأ والعاملين فيه والمدينة ككل، كما عن تأمين ضمانات ومستلزمات عودة الأهالي إلى بيوتهم ومؤسساتهم.
ومع تمادي انهيار قيمة النقد الوطني، الناجم عن استمرار استباحة ونهب المال العام وأموال أكثرية المودعين التي تم تحويلها إلى الخارج، يقترب اللبنانيون من خطر رفع دعم القمح والأدوية والمحروقات، وعجز غالبيتهم عن تأمين رغيف الخبز وحبة الدواء وقطرة المحروقات. في المقابل يجري تجاهل أبسط حقوقهم ومطالبهم المشروعة. وهذا ما يضع السلم الأهلي في معمعة الفوضى الشاملة السياسية والاجتماعية والأمنية، بالتزامن مع تجاهل الدعوات لتأمين شروط المساعدة العربية والدولية وتنفيذ ما تعهدوا به من اصلاحات مدخلاً للانقاذ ولإخراج البلاد من حالة الاختناق، بديلاً عن التمادي في الارتهان للسياسات الاميركية التي تتلاعب بالكيان اللبناني ودول المنطقة بأسرها، وسط تصاعد التهديدات العدوانية الاسرائيلية والتلويح بتدمير المطار ولبنان بمقوماته الباقية، بالتوازي مع سياسات النظام الإيراني الذي يأخذ من لبنان رهينة له في إطار طموحات الهيمنة على المنطقة العربية، ما شكل ذريعة لمحاصرته بالعقوبات الظالمة لشعبه.
إن المنظمة تجد في الأوضاع المأساوية التي يعاني منها اللبنانيون في واقعهم السياسي واقتصادهم المندفع نحو قاع الهاوية ومقومات عيشهم المفقودة، ناهيك بمستقبلهم وقدرتهم على البقاء والعيش بحرية وكرامة في بلدهم، ما يؤكد أهمية قرار أكثرية المتضررين منهم في الصمود ومواجهة مضاعفات الانهيار، والسعي بقدر استطاعتهم وبما تبقى لديهم من طاقة للتحرر من أسر قوى الداخل وقيود الخارج معاً، ورفض الدفع ببلادهم إلى جهنم.
وعليه فإن منظمتنا، منظمة العمل الشيوعي في لبنان ومن موقعها الديمقراطي المستقل والمعارض، وانطلاقاً من مشاركتها في انتفاضة تشرين المجيدة، ترى أن اللبنانيين الذين احتفلوا العام الماضي بمناسبة الاستقلال، وباستقلالهم عن قوى السلطة، هم مدعوون اليوم ومعهم جميع المتضررين من هذا الواقع الكارثي، إلى استخلاص العِبر من انتفاضتهم ومأزق هامشيتها الراهن ومن تجاربهم، والاعتماد على انفسهم لتجديد خيار المعارضة الديمقراطية المستقلة، ومواجهة هذا الكم المرعب من المخاطر جراء استباحة أطراف الداخل والخارج لحقوقهم ولطموحاتهم ولوطنهم، واستئناف مسيرة نضالهم دفاعاً عنها، وفي سبيل تحقيق مطالبهم التي رفعوا رايتها، على طريق بناء دولة ديمقراطية علمانية وقيام وطن لكل أبنائه سيداً حقاً ومستقل فعلاً.

السابق
بعد اتهام اسرائيل لبنان بتغيير موقفه بشأن الترسيم.. عون يردّ!
التالي
ألفاريز ومارشال تنهي اتفاقية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان!