الصايغ لـ«جنوبية»: المبادرة الفرنسية تتعثر.. والعقوبات تتكامل مع محاولات الإنقاذ

النائب فيصل الصايغ
بعد ثلاثة أشهر على إطلاق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرته الانقاذية عقب إنفجار مرفأ بيروت، باتت هذه المبادرة "جلدا وعظما" بعد أن إمتصت القوى السياسية في لبنان كل الحيوية والعناصر التي تؤشر إلى أن لبنان أمام فرصة تاريخية للإنقاذ وإعادته إلى عافيته السياسية والاقتصادية والمالية.

لم تمت هذه المبادرة إلى الآن لكنها على قيد الحياة بفعل الامصال والفيتامينات التي يحقنها بها الفرنسيون من حين لآخر، بعد الضربة الموجعة التي تلقتها عُقب إفشال تأليف حكومة الرئيس المكلف السابق مصطفى أديب واللكمات والشروط السياسية المتلاحقة التي تتلقاها بعد تكليف الرئيس سعد الحريري وإصرار التيار الوطني الحر (بمساندة رئيس الجمهورية حزب الله) على تفريغها من مضمونها كحكومة إختصاصيين وتحويلها إلى حكومة محاصصة سياسية على جري عادة الحكومات السابقة .

الموفد الفرنسي لا يملك عصا سحرية

آخر محاولات الفرنسيين لإنقاذ مبادرتهم سجلت أمس من خلال زيارة تستمر يومين لمستشارالرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون شمال أفريقيا والشرق الاوسط باتريك دوريل، وما رشح عن هذه الزيارة إلى الان هو إستمرار تمسك الفرنسيين بمبادرتهم من دون بروز أي معطى جديد يمكن أن يساهم في ولادة الحكومة سريعا، لذلك من المفيد السؤال عما إذا كانت  هذه المبادرة ستفقد جهازها العصبي المحرك لها أي (الاصلاحات) بعد أن خسرت الكثير من وزنها السياسي ولم يبق منها غير الجلد والعظم، تحت وطأة إصرار جزء من القوى اللبنانية على تأليف حكومة سياسية يتحاصصون وزاراتها، وبالتالي لن يجد الفرنسييون بد من الموافقة على ذلك لإنقاذ لبنان كونهم معروفون ببراغماتيتهم وواقعيتهم؟

الوضع لا يحتمل حكومة تعود إلى منطق المحاصصة 

يصر عضو اللقاء الديمقراطي لنائب فيصل الصايغ على القول أن “المبادرة  الفرنسية مستمرة ولو أن بعض اللبنانيين يريدونها أن تتعثر”، مشيرا لـ”جنوبية” إلى أنه “يشك في أن تسقط هذه المبادرة، صحيح أنها تتعثر ولكنها ستستمر، وكلما زادت العقبات اللبنانية في طريق تشكيل الحكومة كلما أتت الضغوط عبر عقوبات أميركية تتكامل مع محاولات الفرنسية للإنقاذ”.

ويلفت إلى أن “الحكومة المقبلة هدفها الانقاذ الذي يمر عبر مدخلين أساسيين هما الاصلاح والاتفاق مع صندوق النقد الدولي ومن دونهما لا إنقاذ، الحكومة هي حكومة مهمة إنقاذية ومن المفترض أن يكون لها شروط واضحة جدا، اللبنانيون عليهم تنفيذ الاصلاحات والفرنسيون من جانبهم سيتحركون لجلب الدعم الدولي للبنان وهذا هو العنوان الاساسي والجوهر وهو موجود اي ان الانقاذ يتم عبر الاصلاح “. 

حكومة الاختصاصيين لا يجب أن تكون معادية للأحزاب

إذا ماذا حمل دوريل إلى لبنان؟ يجيب الصايغ: “الزيارة هي حث على تسريع تشكيل الحكومة وعلى ان تكون حكومة إختصاصيين وكفاءات نزيهة، ولكن يعود القرار إلى اللبنانيين والمطلوب منهم التجاوب مع هذه المبادرة لأن الموفد الفرنسي لا يملك عصا سحرية”، معبرا عن أسفه “أن القوى اللبنانية لا تزال غير مقتنعة بأن تشكيل الحكومة هو أمر ملح كي نستطيع  مواجهة مصاعبنا الاقتصادية والاجتماعية ولا سيما ان إحتياطي مصرف لبنان بدأ بالنفاذ  وبدأت تضعف قدرته على دعم السلع والدواء والمحروقات”، معتبرا أن “المطلوب من القوى السياسية جميعا ان تتحمل مسؤولياتها في هذه الظروف العصيبة وأن تذهب إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن كي تتمكن من المشاركة في مؤتمر أصدقاء لبنان الذي لن ينعقد أواخر الشهر الحالي من دون وجود حكومة”، ويلفت إلى أنه “من المتوقع ان يؤمن هذا المؤتمر مساعدات طارئة في موضوع الدعم والمساندة إلى حين الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول البرنامج الاصلاحي الذي هو أيضا من مسؤولية هذه الحكومة، ومن مسؤوليتها إجراءات إصلاحية جدية لا سيما في موضوع الكهرباء وإستقلالية القضاء والادارات العامة وبالتالي الملف كبير ويتطلب جهدا إستثنائي وسريع لأن عامل الوقت يلعب ضد لبنان”. 

الكباش في المنطقة  سياسي والسلاح الذي سيستخدم ضد المعرقلين هو العقوبات 

والسؤال هنا هل ستنجح القوى المعرقلة للتأليف في تخفيض شروط المبادرة وتحويل الحكومة إلى حكومة محاصصة سياسية؟ يجيب الصايغ:”المشكلة ان الحكومات السياسية المحاصصاتية أثبتت فشلها في لبنان والوضع لا يحتمل حكومة تعود بنا إلى منطق المحاصصة وتوزيع الحقائب بشكل يشبه الغنائم لأن الصندوق الدولة فارغ  في الاساس، ولأن الحكومة المقبلة لا يمكنها إنقاذ لبنان وحدها بل يلزمها دعم دولي وهذا الدعم لن يتأمن من دون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ومقررات مؤتمر سيدر وبالتالي على ماذا نختلف؟”.

 يضيف:”إذا تألفت حكومة لا تكسب ثقة المجتمع الدولي وقادرة على توقيع  برنامج إصلاحات مع صندوق النقد وإطلاق آلية عمل لتنفيذ مؤتمر سيدر نكون بذلك نؤلف حكومة على شكل بلدية مفلسة لا تقدم ولا تؤخر بل تزيد من مآسي الناس، في الوقت الذي يسجل معدل الفقر في لبنان أكثر من 60 بالمئة من اللبنانيين”، معتبرا أن “ما يحصل اليوم هو جريمة والوقت ليس وقت فرض شروط وشروط مضادة وكلنا كقوى سياسية موجودين في مجلس النواب وقادرين على ضبط حركة هذه الحكومة وبالتعاون والتنسيق”، ويشدد على أن “حكومة الاختصاصيين لا يجب أن تكون معادية للأحزاب والمطروح من الرئيس الحريري والجانب الفرنسي هو حكومة مهمة لوقت معين لكن يجب أن تكون مستقلة وتضم إختصاصيين كفوئين، وأن لا يتحدوا القوى السياسية وهذا يكفي ويمكن ضبطها من قبل القوى السياسية في مجلس النواب إذا تمادت في إتجاه  يتعارض مع ثوابت لبنان الوطنية”.

في المقابل لا يرى الصايغ إحتمالا لحوادث وتطورات أمنية كبيرة، معتبرا أن “لا أجواء ولا تشجيع دولي او إقليمي لحدث أمني كبير في لبنان، يمكن أن يحدث حادث ما ولكن لا أجواء حروب ونزاعات كبيرة في المنطقة، والكباش هو سياسي والسلاح الذي سيستخدم ضد المعرقلين هو سلاح العقوبات”. 

السابق
يوم تاريخي في الـAUB بعد إنسحاب الأحزاب: النادي العلماني يفوز بأكبر كتلة في المجلس الطلّابي!
التالي
دوريل يحط في معراب.. ورسالة من جعجع الى ماكرون!