لا عقاب في بحر صور!

مدينة صور

ذكرني بحر صور اليوم بعقاب امي لي في مرحلة الطفولة. والعقاب يكون متناسيا مع حجم الذنب. وغالبا ما يكون الذنب هو ما ارتكبته بحق صحتي أو سلامتي من أعمال. كانت تلجأ للاستفراد بي ومعاقبتي . وعندما لا اتمكن من الاختباء أو الفرار كنت ألجأ إلى حضنها واتمسك بها وكالسحر يخف العقاب واتلقى الحد الادنى من الضربات المخففة.لم أدرك حينها سر سلاحي السحري هذا، وهو انني بهذا الاحتضان كنت اطلب حمايتها من عقباها فتتحرك عاطفة الامومة لديها وتنتصر على غضبها فتحميني منها.

اقرأ أيضاً: بادية فحص عن حبها للنبطية..هبة السماء تضيء باقي الطريق!


بحر صور اليوم كان (معوكر) المزاج ومن السهل اكتشاف ذلك عن بعد، وكان رواده بضعة أفراد من أصدقاء البحر اللذين بالكاد تصافحوا معه. ولكنني أردت أكثر من المصافحة فلم يتردد بزجري، وأخذ يرغي ويزبد وتعالى صياحه بضربات أمواجه على صخور السنسول القريب. لم استجب إلى تحذيراته وحركاته، فأخذ يحرك يديه بعنف ويصفعني بسياط امواج عالية ومتلاحقة تتعمد انفجارها على جسدي. وكلما حاولت الولوج إلى حضنه،كما كنت أفعل مع امي ،كان يصدني .صرت أسرع ضربات السباحة لاتوغل ابعد عن الشاطيء ولكن بقي تقدمي محدودا. غطست في أعماقه مصرا على طلب حمايته، وتمرمغت في حضنه فانفجر ينبوع حنانه وأبعد أمواجه عني نحو الشاطىء وباتت مياهه أكثر دفئا وهو يمسد شعري ويدلك جسدي.

وعندما هممت إلى تركه وقبل أن أدرك الشاطيء تمسك بي وكأنه يعتذر عن رعونة استقباله ،محاولا تأخير مغادرتي له. وها هي الأمواج التي كانت تحاول منعي من الدخول إلى جنته تتمسك برجلي وترجوني أن لا اغادر،ولم تطلق سراحي إلا بعدما وعدتها باللقاء غدا. وحدهما البحر والاحباء نودعهما مكرهين ونعود اليهم بشوق مهما قصرت فترة الغياب.

السابق
عهد ترامب انتهى.. الاعلام الأميركي يعلن فوز بايدن!
التالي
سوء الأحوال الجوية يلغي افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي!