«بَرَكَتان» تُحرّكان الحريري..هل يكتمل مشوار التكليف و التأليف؟

سعد الحريري
تُرافق حركة الرئيس سعد الحريري التشاورية مع كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لنزع العصي من دواليب المبادرة الفرنسية وتأليف حكومة، بركتان الاولى فرنسية تشجعه على المضي قدما لحشر الافرقاء اللسياسيين اللبنانيين لتنفيذ تعهداتهم بالسير بالمبادرة، والثانية أميركية – إيرانية تعتبر أن إنقاذ لبنان من الانهيار التام هو أولوية لكل منهما وإن كان لكل طرف أسبابه، من دون أن ُتعرف عما إذا ستساعد هذه البركات على تجاوز الحريري وحكومته المفترضة كل المطبات التي ستعترض طريق التكليف والتأليف.

ما تقدم ليس من باب التكهن بل باب جمع تفاصيل المشهد المحيط بلبنان، والذي كان سببا (في غضون يومين فقط) لتغيير رأي الرئيس الحريري من رافض لترؤس أي حكومة بعد إعتذار الرئيس مصطفى أديب إلى الاعلان  بأنه مرشح “طبيعي” لتولي مهام الرئاسة الثالثة، وأول هذه التفاصيل إقتناع الجميع (بما فيهم حزب الله) أن درب الخلاص الاقتصادي للبنان لن يكون إلا على يد صندوق النقد الدولي، وثانيها توقيع لبنان مع إتفاق الاطار لبدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية بموافقة أيضا من حزب الله أيضا، وثالثها الدفع الفرنسي – الاميركي لإنقاذ لبنان من الانهيار من خلال تشكيل حكومة تخاطب المجتمع الدولي وإعطاء الرئيس الحريري الضوء الاخضر لتولي هذه المهمة في عزّ المعركة الرئاسية الاميركية والتي كانت حجة غالبا ما يرفعها القائلون بأن المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة لا تملك الوقت اللازم للتفكير بمشاكل لبنان وحلها، فماذا حصل ؟

ترقيع الوضع أمر ضروري 

يوافق مصدر دبلوماسي على اعتبار بأن “قطبة مخفية” ُتستعمل خيطانها لترقيع الوضع اللبناني السياسي والاقتصادي وستره من الهريان الذي ينهش لحم اللبنانيين ويومياتهم، ويلفت لـ”جنوبية” بأن هناك “تناغما أميركيا– إيرانيا لإنقاذ لبنان لكنه لم يصل بعد إلى التحول إلى إتفاق ناجز وأن هذا التناغم حصل لأن الولايات المتحدة لا تريد أن يكون لبنان عقبة  في وجه سياساتها في المنطقة ولا سيما في ما يتعلق بالتطبيق الحاصل بين إسرائيل والدول العربية، وهذا الامر يحصل حين تتألف حكومة من لون واحد تبقي على سيطرة حزب الله على القرار في المؤسسات الدستورية، في حين أن إيران وحزب الله لا يريدان أن يبلغ هذا الانهيار ذروته لأنه يساهم بنزع الغطاء المسيحي عنه نتيجة تحالفه مع التيار الوطني الحر، إذ تص إلى مسامع كل من إيران و حزب الله الاستياء الفاتيكاني من أداء حلفاء حزب الله المسيحيين على حساب مستقبل الوجود المسيحي في الشرق ( كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن الحياد الايجابي)، في الوقت الذي يجاهر المكون السني بمعاداته لحزب الله بسبب إستئثاره بالقرار الداخلي ومواقفه السلبية من الدول العربية وسياساتها”.

تضيف المصادر:”ما تريده إيران وحزب الله هو إمتصاص هذه النقمة وإحتواء التململ الشيعي الحاصل نتيجة الاوضاع الاقتصادية المتردية والتي يدفع ثمنها اللبنانيون عموما”.

عون متمسك بالمبادرة الفرنسية

ترجمة هذا التناغم حصلت اليوم من خلال اللقاء الذي جمع كل من الرئيسين عون والحريري في قصر بعبدا اليوم، إذ أشارت مصادر مطلعة على اللقاء لـ”جنوبية” أن “لا تغيير في موعد الاستشارات النيابية يوم الخميس المقبل، وأن الجلسة بين الحريري وعون تخللها عرض عام للأوضاع في البلاد أكثر الدخول في تفاصيل الحكومة المقبلة، وكان وتأكيد على ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة لأن الاوضاع لا تحمل المزيد من التردي كما ان أكد  الرئيس عون خلال اللقاء التمسك بالمبادرة الفرنسية “.

وتنقل المصادر أن “الحريري شرح وجهة نظره ث ن المبادرة و الوضع عموما وابلغ الرئيس عون أنه سيرسل ممثلين عنه للقاء الكتل النيابية لسؤالها عن مدى إلتزام الافرقاء اللبنانيين بالمبادرة الفرنسية “.

دفع فرنسي – أميركي للحريري

هذه الخطوات العملية يفسرها سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة رياض طبارة لـ”جنوبية” بأنها تعني “أن الرئيس الحريري تبلغ من القوى الفاعلة أي الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا بأن ينطلق بإعادة تنفيذ المبادرة الفرنسية وفقا للإتفاق الذي حصل في قصر الصنوبر، وأعتقد أنه حصل أكبر من مباركة فرنسية بل حصل حث وقبول فرنسي وأميركي وسعودي بقيام الحريري بتحركه”. 

يضيف: “لا أرى أن الانتخابات الاميركية ستقف عائقا أمام تحرك الحريري لأن القرار الذي أتخذ هو على مستوى وزارة الخارجية الاميركية، كما أن الادارة الاميركية الجديدة ستستلم مهامها بدءا من كانون الثاني المقبل وهذا يعني أن هناك المزيد من الوقت للعمل في منطقة الشرق الاوسط”، مشددا على أن “ما يهم الاميركين هو ترسيم الحدود وعدم إنهيار لبنان لأنه سيؤدي إلى عدم إستقرار في منطقة الشرق الاوسط وهذا ما يحاول الاميركيون العمل بعكسه  من خلال تطبيع إسرائيل مع الدول العربية وما يهمهم في الوقت الحاضر هو ترسيم الحدود بأسرع وقت ممكن، ولا شك أن الاتفاق على هذه الخطوات تتم “بالجملة” وليس بالمفرق وميزة الاميركيين أنهم يعطون ويأخذون، فهم إستطاعوا الاتفاق مع إيران (بطريقة غير مباشرة) على تشجيع الاطراف المعنية على ترسيم الحدود بشكل مقبول وإنقاذ لبنان مع صندوق النقد الدولي من إنهيار كامل”.

طبارة لـ”جنوبية”: حصل قبول فرنسي وأميركي وسعودي لتحرك الحريري 

يرى طبارة “أن الحكومة لن تكون من لون واحد أو يسيطر عليها طرف واحد، والظاهر أن هناك تنازلات حصلت من حزب الله في هذا الموضوع من خلال إعلانهم أولا أنه لا ضير من التعاون مع صندوق النقد الدولي، ثم تطور هذا الموقف ليصبح لا مانع من التعامل مع صندوق النقد لإنقاذ لبنان وبما يضمن المصلحة الوطنية، بالاضافة إلى قبوله بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وهذا تطور كبير”.

يختم:”لا يمكن الجزم كيف ستتطور الامور في ما يتعلق بالحكومة وعلينا رصدها خطوة تلوى الاخرى ولكن يمكن القول أنه حصل تقدم بالشأن الحكومي وهناك توافق فرنسي أميركي عليها وهناك تنازلات من الثنائي الشيعي وإيران”.

رياض طبارة
طبّارة
السابق
البزات المدنية الى جانب «المرقطة» للمرة الاولى في الناقورة الأربعاء.. والجنوبيون حائرون!
التالي
لقاء «إيجابي» بين برّي والحريري.. ماذا في التفاصيل؟