«ليت».. أمنية اللبناني!

لبنان
سنتان باقيتان من عمر هذا العهد، ولا يزال اللبناني يجهل مصيره ولا يدري كيف سيؤول به الحال في اليوم الأخير لهذا الحكم، الذي جعل المواطن العادي في موقع يدعو فيه اللهَ دعاءً علّه يكون مستجاباً: اللهم إننا لا نسألك ردّ القضاء بل اللطف فيه.

اللبناني اليوم يستعيد حاله أيام الحرب، ليقارن يومه الراهن بذات يوم لم يخفْ فيه على لقمة عيشه وغده القريب كما يفعل اليوم، فجحيم القذائف والحروب والاجتياحات هي لطفٌ الهيٌ مقارنةً بالجحيم الذي بُشر فيه، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا مقومات حياة فعلية، وتحويشة العمر أصبحت في خبر كان.يسأل اللبنانيون هل فقد العهدُ المبادرة ولم يعدْ بمقدوره سوى التبشير بالاسوأ في ظل شبكة تعقيدات تم وضع البلاد فيها بفعل تلك السياسات الرعناء التي اعتبرت أن الإستقواء قوة، وأن التحكم هو الحكم، والخطابات الشعبية تنتج مواقف وسياسات توافقية وحكيمة.ولفهم ما يحدث جيداً، يصبح لزاماً تحميل المسؤولية حيث يجب أن تحمل.

وما ينطقُ به الناس صراحةً لا يقل خطورةً عم تقوله همساً: نحن في اسوأ ايام الجمهورية بعد 100 عام على التأسيس، وقد كان منتظراً الكثير من رئيس خاض ما خاضه من حروب وانقلابات وتفاهمات للوصول الى سدة الحكم ليحكم بقوة الدستور لا تعطيله، ليديرالبلاد بنهج متصالح مع الجميع لا ينتقي الخصوم ولا الأصدقاء ولا يستقوي بالأكثرية، ولا يستخف ويستضعف الأقلية.

لم يسبقْ لرئيسٍ أن بدأ عهده كما بدأه هذا الرئيس

فلم يسبقْ لرئيسٍ أن بدأ عهده كما بدأه هذا الرئيس، فما يفوق السبعين في المئة من المسيحيين ايدته مجتمعين في التيار العوني والقوات اللبنانية، وقوة شيعية وازنة ومهمة كحزب الله، وأكثر من ثمانين في المئة من سنة تيار المستقبل وخارجه المتحالفين بالاصل مع تياره ، كذلك ايضاً نال تأييد الدروز. فبدلاً من أن يوظف هذا الواقع في سياسات تطور التسوية التي أتت به نحو تلاقٍ وطني جامع دون الدخول في حساب الأكثريات والأقليات، راسماً المسار الجديد الذي يقلل من الاحتقان الناتج عن سياسات خبرها هو نفسه، والتي جعلت من الانقسام مستمراً لحين وصوله الى كرسي الرئاسة.

بيد ان ما حدث هو العكس فاستمر الانقسام نفسه إنما بوتيرة أخطر، بحيث ساهم في صياغة سياسات خارجية تعزز الانقسامات الإقليمية ولا تأخذ في الحسبان مصالح لبنان وشعبه وتبعده عن أشقائه العرب الذين ما تخلوا عنه يوماً، فوقف مع خصومهم الدوليين والاقليميين غير آبه بردات فعلهم التي نختبرها اليوم مقاطعةً وعدم اكتراث بالشأن اللبناني، فتلك السياسات الرعناء والمنحازة ضد مصالح الدول العربية لم تفكرْ يوماً ولو من باب الاقتصاد والمصالح أنها سوقاً مهمةً لمنتجاتنا، وانها خزاناً بشرياً لليد العاملة اللبنانية بمختلف مستوياتها، وأن منطق المصالح بحده الأدنى يوجب صياغة مواقف رصينة تحيّد لبنان عن مشاكل الإقليم خصوصاً وأن تلك الدول تحديداً الخليجية منها لم تطلبْ يوماً من لبنان موقفاً تبعياً أو انتهجت سياسات الفرض وتجاوز السيادة اللبنانية، كما يفعل ذلك المحور الذي يعتبر بيروت عاصمة من عواصمه المحتلة، بحسب ما نسمعه من قياداته العسكرية،السياسية والدينية.

ما يتمناه اللبناني أن يرجع به الزمن الى الوراء مع أن الزمن لا يعود، وأن “ليت” تصح في الشعر لا في في السياسة والواقع، ليعيد قراءة حاله اليوم انطلاقا من ماضيه الذي ساهم في مأساة حاضره عله يقرر مصيره ويمسك زمام المبادرة ليحتفل مجددا بوعي وطني لا طائفي بإعادة تأسيس حياته السياسية مواطناً حراً يعرف كيف ينتخب وكيف يُحاسب.فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

السابق
تصريح صادم عن «الصليب الأحمر»: حالات خطرة مُصابة بالكورونا تنتظر في المنازل!
التالي
نجل رئيس بلدية ينضم لقافلة شُهداء المرفأ.. ايلي يستسلم لجراحه!