«الممانعة» تُفاوض.. وتُعدل شعار الصدر: إسرائيل (لم تعد) شراً مطلقاً!

هكذا وبشكل مفاجىء يتهاوى صرح الممانعة، الذي قبلت دولته في لبنان رسميا ان تتفاوض مع "اسرائيل" من اجل ترسيم الحدود معها، برعاية اميركية!

في نص كلمة رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري قبل ايام التي اعلن فيها عن موافقة لبنان على المفاوضات لترسيم حدوده الجنوبية مع اراضي العدو قال في البيان الذي تلاه بالحرف الواحد: “ستعقد الاجتماعات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان (UNSCOL). إن ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان مستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، التي ستوقّع من قبلهما وتقدم الى “إسرائيل” ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع”. 

نفاق الممانعين 

هذا في حين  يكثر تكاذب فريق المقاومة الحالي في لبنان هذين اليومين في توصيف إعلامه لاتفاق مفاوضات الإطار الحدودية والتي ستبدأ أولى جولاتها منتصف الشهر الجاري في منطقة الناقورة الحدودية، يكثر توصيف هذا الإعلام لهذا الاتفاق بأنه اتفاق مفاوضات بين لبنان وفلسطين المحتلة دون ذكر هذا الإعلام أن هذا التفاوض سيكون بين لبنان وإسرائيل، وهل كان هناك نزاع حدودي بحري وبري بين لبنان وفلسطين يوم كانت دولة فلسطين على الخارطة على الحدود اللبنانية الجنوبية ؟!  

اقرأ أيضاً: «حزب الله» وإسرائيل ما بعد بعد الترسيم.. هدوء دائم وعمليات «مكتومة القيد»!

ولكن هذا التكاذب الإعلامي الممانع الداعم للمقاومة اليوم، جاء ليصرف انتباه القرَّاء وأنظار المستمعين والمشاهدين البسطاء عن كون هذه المفاوضات هي حُكماً بين دولة لبنان بكل مكوناتها وبين “إسرائيل” بكل مكوناتها، ولا يمكن التحكُّم في تضييق دائرة إطار هذا التفاوض نظرياً ليُقال : إنه فقط وفقط بين الجيش اللبناني وجيش الدفاع الإسرائيلي، وهل يتحرك الجيشان بدون قرار سياسي تقرره الدولتان حُكماً بكل مكوناتها شاءت أم أبت؟!  

     والسؤال المطروح اليوم والذي قد يُفجِّر الساحة الشيعية حالياً وفي وقت حرج جداً قد تكون تداعياته أصعب من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والنقدي، هذه الساحة التي هي البيئة الحاضنة الحقيقية للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والعدو الصهيوني وضد كيانه الغاصب لمناطق لبنانية حدودية معروفة حاضراً وتاريخاً، وهذا السؤال المطروح اليوم قد يفتح الباب على مصرعيه للخلافات الشيعية الشيعية، ويُعيد إلى الأذهان صورة النزاعات الدموية المسلحة التي استمرت ثلاث سنين بين حركة أمل وحزب الله في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية التي تطورت الأحداث فيهما إلى عمليات اغتيال قادة حركة أمل في الجنوب وإخراج قادة وكوادر حزب الله منه، ومن ثم توسعت المعارك لتشمل بعض مناطق بعلبك الهرمل وأطراف البقاع وانتهت بمعارك إقليم التفاح التي أدَّت إلى تصفية أكثر من خمسمئة كادر من كوادر حركة أمل وبعضهم من أصحاب التاريخ الجهادي في العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي !  

الإطاحة بمبادىء الصّدر 

     وهذا السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل لو كان مؤسس المقاومة اللبنانية الإمام القائد المغيب السيد موسى الصدر الذي هو أب الحالة الجهادية الشيعية في لبنان والمؤسس والرئيس الأول للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ورئيس حركة أمل ومرشد طلائع أفواج المقاومة اللبنانية الأولى، هل لو كان حاضراً سيقبل بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل؟ 

 فاتفاق مفاوضات الإطار الحدودية هو اتفاق للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل بكل المقاييس مهما حاول البعض تلميع ذلك وإظهار حسناته وقياسه بتفاهم نيسان وبعملية ترسيم الخط الأزرق. 

 فتفاهم نيسان كان لتحييد المدنيين أثناء اشتعال الجبهة الحربية، وترسيم الخط الأزرق تم تحت ضربات العمليات المسلحة ضد قوات الجيش الإسرائيلي وعملائه أثناء اندحارها من أرض المعركة، فشتان ما بين الوضعين، واتفاق مفاوضات الحدود هو إلغاء للحدود التي تم ترسيمها بين الجمهورية اللبنانية الأولى وبين دولة فلسطين سنة 1943 يوم قامت الجمهورية اللبنانية الأولى بعد تقسيم المنطقة ما قبل الدولتين المستعمرتين بريطانيا وفرنسا يومها.  

فالترسيم الحدودي البحري والبري موجود بين لبنان وفلسطين وتم برعاية المجتمع الدولي يومها، فلا حاجة في القانون الدولي والتفاهمات الدولية لترسيم الحدود مرة أخرى تعترف بالكيان الصهيوني الغاصب وتعطيه مشروعية لاحتلاله بطريق غير مباشر بل ومباشر، وتقرر له اعترافاً مباشراً بحدوده المصطنعة مع لبنان.  

    فلو كان الامام الصدر موجودا وهو القائل : ” إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام “، والقائل: ” يجب أن نحوِّل لبنان إلى مجتمع حرب في معركتنا مع إسرائيل ” ، والقائل : ” السلم الأهلي أفضل وجوه الحرب مع إسرائيل”، لو كان هذا القائد الحقيقي موجوداً فسيرفض التفاوض والاتفاقات مع هذا الكيان، وسيتحرك باتجاه المجتمع الدولي لدعم خيار المقاومة الذي سيفرض على إسرائيل الاعتراف بحدود لبنان البحرية والبرية دون قيد أو شرط. 

 وهذا ما سوف لن يحصل بالمفاوضات المباشرة عبر اتفاق مفاوضات الإطار الحدودية في الأيام والأشهر القادمة ..  

السابق
بالصور.. هكذا بدا مرفأ بيروت بعد شهرين على النكبة!
التالي
بعد اتهامه بالاعتراف باسرائيل.. بري: «كفى بيعاً للمياه في حارة السقايين»!