جلسة مجلس النواب «جعجعة» تشريعية في غياب حكومة تخبز طحين الاصلاحات

مجلس النواب اونيسكو

شمّر نواب الأُمة عن سواعدهم اليوم للمشاركة في جلسة مجلس النواب في قصر الاونسكو والتي تمتد على مدى يومين للبحث وإقرار40 بندا “إصلاحيا” يتماشى مع متطلبات المجتمع الدولي، لوضع القوانين والتشريعات اللبنانية على سكة التطوير والتحديث لتكون سندا لرحلة الاصلاح الطويلة المطلوبة من السلطة التنفيذية أي الحكومة القادمة. وبالرغم من الاجتهاد والاقبال الذي حرص النواب والكتل على إظهاره لناخبيهم ولعموم الشعب اللبناني، إلا أن مسرحية الاصلاح التي يحاول النواب إجادة دورهم فيها، تظل منقوصة ومشكوك بنزاهتها إذا لم يدفعوا نحو تشكيل حكومة وفقا للمعايير التي وضعها المجتمع الدولي، أي حكومة بعيدة عن الاعتبارات الحزبية والمناطقية ومهمتها تنفيذ إصلاحات إقتصادية لا غير.

اقرأ ايضاً: قانون العفو«طار».. زعيتر يُصعّد:ليأخذ أهالي المساجين القرارات إن كان سلماً او حرباً!


ما يحصل اليوم في مجلس النواب هو تطبيق لثقافة الكيل بمكيلين، بمعنى أنه لا يمكن إنقاذ البلاد والعباد من الازمة العميقة التي نتخبط فيها من خلال إنتظام العمل التشريعي في مجلس النواب فقط، في حين أن السلطة التنفيذية التي عليها تطبيق هذه التشريعات والقوانين لا تزال في علم الغيب بعد الانتكاسة التي منيت بها المبادرة الفرنسية، بسبب أداء القوى السياسية التي يشرّع نوابها اليوم القوانين والتشريعات ليقولوا للشعب اللبناني والمجتمع الدولي أنهم يؤدون قسطهم إلى العلا على أكمل وجه.


بمعنى آخر لن ينطلي على المجتمع الدولي هذا الاداء الاستعراضي للنواب، وهذا ما يوافق عليه مصدر دبلوماسي الذي يشرح لـ”جنوبية”، “ليس هناك توافقا دوليا واضحا حول لبنان وهناك إختلاف في المصالح الاستراتيجية للدول الفاعلة مثل الولايات المتحدة و فرنسا وإيران والسعودية وتركيا، وأداء القوى السياسية الداخلي وحرصهم على الاحتفاظ بمكتسباتهم بدل الاتفاق على الحد المطلوب لتمرير مرحلة حكومة إختصاص يزيد من هذا التباين لأن الثغرة الاساسية لتعثر الحكومة هو داخلي، لكن الجديد بعد إعلان تعثر المبادرة الفرنسية الاسبوع الماضي وإعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب هو إقتناع الفرنسيين بأمرين الاول هو إكمال مبادرتهم حتى الوصول إلى خط النهاية أي تشكيل حكومة ومأخذهم على أديب أنه لم يكن يملك “النفس الطويل” لتحقيق هذا الهدف، والثاني أن الحل لتجنب التعثر الذي واجههم هو تشكيل حكومة برئيس سياسي ومطعمة بممثلين للأحزاب عليها تنفيذ “المهمة” التي نصت عليها المبادرة الفرنسية، لأن تشكيل حكومة من خارج الاحزاب ستواجه بالرفض الداخلي، وهدف الفرنسيين هو إدارة الوضع اللبناني قدر المستطاع و ليس التصادم مع أي طرف”.
ويبدو أن هذه القوى ستظل على هذا النهج في الايام المقبلة لأن الاهتمام الدولي في لبنان لا يبدو أنه على الوتيرة نفسها بعد إنفجار مرفأ بيروت، والدليل على ذلك أن المفوضية الأوروبية أعلنت اليوم إستمرار وقوفها إلى جانب لبنان في الازمات التي يعاني منها ولكن على الحكومة اللبنانية الالتزام بالاصلاحات والعمل عليها”.

ادمون رزق
ادمون رزق

فقدان أهلية

على ضفة الخبراء الدستوريين، فإنهم يعتبرون ما يجري في قصر الاونسكو هو “جعجعة تشريعية من دون طحين”، والاسباب عديدة يشرحها الخبير الدستوري النائب السابق إدمون رزق لـ”جنوبية” بالقول:”مجلس النواب الحالي لا يمثل الشعب اللبناني، ولا يتمتع بالتجرد والاهلية وهو كسائر السلطات إبتداء من رئاسة الجمهورية، يظهرون فشلا ذريعا في أداء مهامهم وتحمل مسؤولياتهم”، معتبرا أن “شعار “كلن يعني كلن” يجب أن يتحقق ليشمل التغيير جميع السلطات القائمة حاليا من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب إلى كل المسؤولين عن إيصال البلد إلى هذا الدرك المنحدر “.

رزق لـ«جنوبية»: العلة ليست بالنص بل بالاشخاص وكل الرؤساء غير جديين


يضيف:”المطلوب مجلس نواب يمتلك ثقافة الدستور وثقافة الوفاق الوطني ونحن اليوم نشاهد الطواقم المستنسخة بعد إتفاق الطائف تناقض روح الوفاق الوطني و تنقض روح وثيقة الوفاق الوطني”، لافتا إلى أن “هذه الطواقم لديها مشروع آخر غير الوطن اللبناني والجمهورية الحرة السيدة المستقلة على أرضها، أي أن السلطات القائمة هاجسها الشخصنة والوصول إلى التسلط”.
ويعتبر أن “أول مبدأ من مبادئ الحكم الصالح هو التضحية بالذات في سبيل القضية الوطنية، وما يحصل اليوم التضحية بالوطن وكرامته ويتعرضون للتأنيب والتقريع من قبل مسؤولين دوليين أي أنهم يحطون من قدر الشعب اللبناني والدولة اللبنانية”، مشددا على أنهم”غير مؤهلين إبتداءا من رئيس الجمهورية وصولا إلى المجلس النيابي والحكومات المتعاقبة الذين فشلوا فشلا ذريعا في تحقيق الصيغة الوطنية المنبثقة من إتفاق الطائف والتعديلات الدستورية التي أجريناها إستنادا إليه”.
ويؤكد على أن “العلة ليست بالنص بل بالاشخاص ولا نحتاج إلى تعديل قوانين أو دستور ولا عقد إجتماعي جديد ولا طاولات تشاور وحوارات وطنية، وكل الرؤساء المتعاقبين أهدروا الوقت لأنهم غير مؤهلين لتولي مهامهم وغير جديين في إلتزام قسمهم على الدستور بسبب جهالتهم وإنعدام الإرادة”.
ويختم:”ما نراه هو خيمة كراكوز في ساحة النجمة وفي بعبدا وآن الاوان لتغيير هذا الواقع وهذا نوع من نحر الجمهورية اللبنانية”.

شفيق المصري

فراغ تنفيذي

من جهته يؤكد الخبير الدستوري الدكتور شفيق المصري، على أهمية العمل التشريعي في إرساء الاصلاحات، لكنه يشرح ل”جنوبية” أنه “في الاطار التنفيذي هناك فجوة هائلة سواء في التخلي عن تطبيق القانون أو في تحريفه أو في الفراغ الحاصل على كل صعيد وهذا برأيي فراغ أخطر من الفراغ التشريعي”.

المصري لـ«جنوبية»: الفراغ الحاصل على كل صعيد أخطر من التشريعي 


ويرى أن “لبنان مسؤول ومنذ زمن على إعتماد الاصلاحات المطلوبة سواء على المستوى التشريعي أو التنفيذي، ما يقوم به من إصلاحات آمل أن تكون مفيدة على المستوى التشريعي لأنه على صعيد الحكومة يبدو أنه معلق”، مشددا على أنه “في الاطار التشريعي هناك ورشة يجب أن تعطي ثمارها المرجوة سواء في إصدار القوانين المطلوبة أو في تعديل القوانين الاخرى التي يجب تعديلها”.
يضيف:”في هذه الجلسات نرى أن القانون الاكثر جدلا هو قانون العفو ويبدو أن هناك تحفظات على هذا القانون، ولكن الضرورة تقضي بإصداره لإنصاف السجناء الذين يقبعون في السجن من دون محاكمة بصرف النظر عن مسألة الاكتظاظ لأنها قائمة منذ زمن طويل لكن المرض ُملح”.
ويختم:”بإختصار الوعود بالاصلاح يبدو أنها قائمة ولم نرى الى الآن طحينا بل نسمع جعجعة، و الدليل أننا نسمع في المشادات التي تحصل أن حسابات النواب لا تزال مشدودة الى إعتبارات مناطقية وطائفية مع الاسف الشديد”.

السابق
لا تتسرّعوا بدفع رسوم الميكانيك!
التالي
نيكول سابا تنصح متابعيها باتخاذ الوقاية من موجة كورونا الثانية!