مبادرة ماكرون تتهادى.. العصا الاميركية مكان الجزرة الفرنسية!

ايمانويل ماكرون يتفقد الاضرار
يروي اللبنانيون الموجودون في فرنسا أن وسائل التواصل الفرنسية، منذ إعلان الرئيس المكلف مصطفى أديب إعتذاره عن تشكيل الحكومة،غصت بالتعليقات المنتقدة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على عدم قدرته على تطويع "حفنة" من القادة السياسيين في بلد صديق مثل لبنان ليسيروا في ركب المبادرة الفرنسية، ووضع المنتقدون هذا الاخفاق في خانة تعريض ماكرون لهيبة فرنسا ومكانتها الدولية للإهانة التي يجب تعويضها بأسرع وقت ممكن.

ردة الفعل الشعبية الفرنسية تجاه رئيسهم، قد تفسر التجهم والعبارات القاسية وغير المسبوقة في التخاطب بين رؤساء فرنسا مع المسؤولين اللبنانيين التي إستعملها ماكرون في مؤتمره الصحافي يوم الاحد، والتي تؤشر بحسب مصدر دبلوماسي لـ”جنوبية” أن “سيد الاليزيه أعلن بين طيات كلامه أنه تم وضع”الجزرة الفرنسية” جانبا لتحل مكانها “العصا الاميركية” خلال مهلة الست أسابيع الجديدة التي أعطيت لتشكيل حكومة وعلى المسؤولين اللبنانيين أخذ هذا التطور بالحسبان”.

ماذا يعني ذلك عمليا؟

يجيب المصدر: “ما قام به ماكرون في المؤتمر الصحفي هو إعادة الامساك زمام الامور من خلال وضع مهل زمنية جديدة للمبادرة وأعطى الاشارة إلى إنطلاق جولة دبلوماسية جديدة لإنجاحها، كما أنه أعطى إشارة إلى أنه سيترجم ما كان سبق أن هدد به في قصر الصنوبر تجاه المسؤولين السياسيين وبأنه يسجل في حسابه هذا الخذلان على أن تأتي المطرقة الاميركية لتختار التوقيت المناسب لهذا الحساب، بعد أن حاول تأخير العقوبات الاميركية تحت ذريعة أن الوضع الانساني المأساوي الذي خلفه إنفجار مرفأ بيروت يمكن ان يحرك ضمائر المسؤولين اللبنانيون ويسيرون في ركب الانقاذ والاصلاح الذي يريده المجتمع الدولي”.

ويلفت المصدر إلى “أن الرئيس الفرنسي أعلن أن مبادرته مستمرة، لكن قطف ثمارها محكوم بعدة عوامل إقليمية ودولية وداخلية أيضا، بمعنى أن الزخم الذي رافق المبادرة عند إطلاقها في الاول من أيلول سيهدأ قليلا لأسباب عدة، أولها إعطاء مهلة للمسؤولين اللبنانيين لتدراس كيفية إستغلال الفرصة الثانية التي أعطيت لهم بطريقة ناجحة ومفيدة، وثانيها إعطاء الوقت للسفيرة الفرنسية الجديدة آن غريون التي ستصل إلى لبنان بعد نحو عشرة أيام للإستقرار والانطلاق في مهمتها التي ستكون مضنية، ناهيك عن أن الفرنسيين سيبدأون خلال شهر تشرين الاول المقبل بعملية تقييم لمجمل سلوكهم الدبلوماسي والسياسي في منطقة شرق المتوسط والتي سينتج عنها ورقة عمل أو أجندة سيتم  نقاشها مع الادارة الاميركية الجديدة “.

يشرح  المصدر أن “الاسباب التي ستدفع الفرنسيين للسير بمبادرتهم في المرحلة القادمة بخطى متأنية، هوأنها (أي المبادرة) هي جزء من المشهد السياسي المتوتر الحاصل في الاقليم بدءا مما يجري في إقليم  ناغورني كاراباخ إلى التطبيع الجاري في المنطقة والمواجهة الفرنسية الحاصلة للدور التركي المتصاعد في منطقة شرق المتوسط ( بتوكيل من الاتحاد الاوروبي الذي يسعى إلى التحول إلى الطاقة النظيفة خلال عشر سنوات عبر إستخدام الغاز) وهذا يعني ضرورة تأمين ممراته إلى أوروبا عبر شرق المتوسط من خلال  فرنسا الدولة التي لا حضور دولي  راسخ سياسيا وعسكريا”.

يدعو المصدر إلى الاخذ بالحسبان أيضا إلى أن “المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة وإنجاح المبادرة ستتأثر أيضا بالمفاوضات الحاصلة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية والتي تم توقيع اتفاق الاطار لها”، مشددا على أن “هذا الامر سيكون له تأثيراته على النظرة الاميركية تجاه المبادرة الفرنسية لجهة تشديد قبضتها أو التساهل في بعض التفاصيل”.

ويختم: “للأسف خلال هذه الفترة وإلى حين ولادة الحكومة سيشهد لبنان مزيدا من التوتر الامني والمالي”.

ياسين لـ”جنوبية” : إنتظار سياسي وتدهور إقتصادي  إلى ما بعد إنتخابات الاميركية 

يوافق مدير الابحاث في معهد عصام فارس الدكتور ناصر ياسين على أن الايام المقبلة ستكون صعبة على لبنان أمنيا وإقتصاديا، ويقول لـ”جنوبية”:”المبادرة الفرنسية بنسختها الاولى إنتهت لأنها فشلت في تحقيق القواعد التي وضعت لتأليف”حكومة مهمة” تضم وزراء من خارج المنظومة الحزبية اللبنانية، ولذلك لا بد من وضع معايير جديدة ستظهر خلال الاسابيع المقبلة للتغلب على المماطلة وألاعيب القوى السياسية اللبنانية”.

يضيف :”أعتقد أن الامور ذاهبة إلى ما بعد الانتخابات الاميركية، أما التحرك على الارض فهو مرهون بالوضع الاقتصادي اللبناني ومدى تدهوره مما سيحرك الشارع اللبناني من جديد”، لافتا إلى “مفارقة إستخدام ورقة داعش حين نشهد إنسدادا في الافق السياسي في لبنان وهذا يمكن أن نشهده في المرحلة المقبلة”.

ناصر ياسين
ناصر ياسين

ويختم:”الامور ستذهب للأسوأ إذا تم رفع الدعم عن المواد الاساسية وسنشهد مزيدا من التحركات في الشارع ، لأننا في حالة إنتظار سياسي إلى ما بعد إنتخابات الرئاسية الاميركية لن تمكن من فرملة الوضع الاقتصادي المتدهور وإن تم تفعيل حكومة تصريف الاعمال”.

السابق
الحريري.. الخصم والشريك والحكم !
التالي
وفيات الكورونا تتخطّى الـ350.. ومجموع الإصابات على شفير الـ40 الف!