في ذكرى موت بشير.. ومشروعه!

بشير الجميل

في ذكرى الـ 38 لاغتيال  رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل، كتب المحلل السياسي الدكتور حارث سليمان، عبر صفحته الخاصة على “فيسبوك” مقالا حول ذكرى الاغتيال والدعوات لاعادة احياء مشروع الجميل الذي لم يعد قائما.

وكتب سليمان التالي:

هناك فارق بين احترام عواطف عائلته ومحبيه كجزء من ذاكرتهم ووجدانهم الجمعي، وبين الدعوة لاعادة احياء مشروعه الذي لم يعد قائما، والذي اصلا لم يكن واقعيا او ممكنا لانه لا يمتلك الدينامية اللبنانية التي تمكنه من الوصول والانجاز، مشروع بشير الفعلي وبمعزل عن التعديلات التي اسطرت توجهاته بعد وفاته، مشروعه كان فرض وحدة اكراهية على كل المسيحيين وحصل ذلك بعدة مجازر مسيحية، القيام بتطهير عرقي للمسلمين والفلسطينيين في المناطق ذات الاغلبية المسيحية،كما كان يتضمن اخضاع الدروز في الجبل،و سنة بيروت والاقليم بالتحالف مع اسرائيل.( طبعا قام الطرف الاخر بالصراع بعمليات مقابلة ومشابهة وبفرز طائفي وتطهير مناطق وتهجير الاف المسيحيين والاستيلاء على ارزاقهم).

وفي اهداف المشروع وصورته المرجوة استعادة التفوق الديموغرافي المسيحي عبر التخلي عن مناطق واسعة في الشمال والبقاع لسورية، وفي الجنوب لاسرائيل، واعادة رسم حدود لبنان حسب خريطة موسى البرنس، التي وضعت في خلوة سيدة البير بموافقة كميل شمعون ايضا ونظر لذلك امين ناجي وغيره، واعادة رسم دور مدينة بيروت كمدينة “خدمات اقليمية” يعمل بها نهارا اناس لا يأوون اليها ليلا، وكان ذلك يعني ان يتم ازالة واعادة تنظيم مناطق الاوزاعي والضاحيتين الجنوبية والشمالية وبرج حمود وغيرها لازالة حزام البؤس اللبناني مسيحيين ومسلمين والمخيمات الفلسطينية.

لم يكن هذا المشروع بمقدور “قوات بشير اللبنانية” بل كان في صلب مشروع اميركي اسرائيلي،( يهدف لشطب منظمة التحرير، تصفية اليسار اللبناني وقيام نظام هيمنة مسيحية) المفارقة الاهم هي ان بشير كان الطرف الابرز في هذا المشروع لكنه الاضعف، مقارنة بشركائه، المشروع نفذ القسم الذي يهم الشركاء الاقوى ودفع الطرف الاضعف ثمن المواجهة وتم التخلي عن القسم الذي يخصه.

مشكلة الطرف المسيحي اليوم ليس اقامة ذكرى لمشروع مات فعلا بعد ان مات صاحبه، هذا امر مقبول ومبرر، ماهو غير مقبول ومبرر هو جعل الذكرى مناسبة لاعادة احياء مشروع كان اصلا وهميا وانتحاريا ولم ينجح في ظروف كانت افضل لنجاحه سابقا ولم تعد قائمة.

كان هناك في مقابل مشرو ع بشير الوهمي مشروعا وهميا اخر هو الرهان على تحويل لبنان الى هانوي العرب، اي قاعدة ثورية يسارية تشبه كوبا او تستجيب لطموحات تشي غيفارا ب تثوير الكرة الارضية ، كان هذ الوهم ذو حدين حدا ادنى اصلاحي يعبر عنه المرحوم كمال جنبلاط الذي يريد برنامج الحركة الوطنية الاصلاحي والذي كان متدرجا ويمكن التعامل معه من حيث انه لا يطلب كثيرا من التنازلات بل يفتح بابا للتغيير الديموقراطي وتحديث نظام ال ٤٣ جزئيا، وحد اخر اقصى يذهب الى جعل التغيير في لبنان منطلقا لتغيير في المنطقة، مأساة هذا الوهم انه افترض انه يمكن ان يتحالف مع انظمة العرب لتأسيس كيان، لا يخفي نيته بالانقضاض عليهم حين تتوفر له الفرصة، ويخطط ليكون قاعدة لاستهدافهم.

الفلسطينيون كانوا في هم مختلف عن الفريقين، لم يكونوا يريدون جعل لبنان وطنا بديلا كما تروج الدعاية الكتائبية ، بل كان همهم ان لا يفقدوا موقعهم في لبنان قبل نيل مقعد على طاولة التفاوض في المنطقة حول القضية الفلسطينية.
اما حافظ الاسد الذي لم يمانع في شطب منظمة التحرير الفلسطينية، وفي تولي انهاء ما تبقى منها بعد الاجتياح الاسرائيلي لـ لبنان، فان مشروعه الاصلي ومنذ البداية كان تأجيج الصراعات اللبنانية والفلسطينية وانهاك كل القوى واضعافها، و التقاطع مع الاجندات الدولية والعربية لتصفية كل القوى اللبنانية المؤثرة والحية، من اجل بسط هيمنته في لبنان وفلسطين والاردن وصولا للعراق، والطرف الوحيد الذي كان يمتلك مشروعا لا وهما هو النظام السوري الذي صنع واقعا يقربه من اهدافه”.

السابق
بعد خروجهم من قصر العدل.. طوق وصادق ويعقوب: نطالب باستجواب برّي!
التالي
السيستاني للأمم المتحدة.. إمشوا بين النقاط الست!