بعد عزوف الحريري.. هذه خيارات ائتلاف «عون – حزب الله – أمل»!

سعد الحريري

في وقت لا يزال التباحث في الملف الحكومي مستمرا، لم يحسم النقاش بعد حول هوية الرئيس المكلف ولا حتى شكل الحكومة، فيما اشرفت المهلة التي منحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمسؤولين اللبنانيين على الانتهاء.

ورغم أن البعض تَلَقّف بيان عزوف الرئيس سعد الحريري على أنه جاء وليدَ مسارِ «الإحراج للإخراج»، وأنه حقّق لفريق رئيس الجمهورية ميشال عون خصوصاً رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «هدفه الذهبي» بإقصاء زعيم «تيار المستقبل» عن الرئاسة الثالثة، إلا أن أوساطاً واسعة الاطلاع اعتبرت عبر “الراي الكويتية” أن من التبسيط قراءة خطوة الحريري بهذا الحساب، مشيرةً إلى أن توقيت هذا «الانسحاب» من «مرمى النار» سيجعل الائتلافَ لحاكِمَ (تحالف عون حزب الله – أمل) أمام خياريْن لا ثالث لهما:

اقرأ أيضاً: عشية القرار.. جنبلاط نصح الحريري: شو بدّك بهالشغلة يا شيخ سعد!

  • فإما الذهابُ إلى حكومةٍ بمعيارِ الأكثرية النيابية لهذا الائتلاف، وتالياً تكرار تجربة تشكيلة اللون الواحد برئاسة حسان دياب (استقال قبل 16 يوماً). ومن شأن مثل هذه الحكومة، وضع البلاد في ضوء الخطوط الحمر التي رَسَمَها المجتمع الدولي، وأيضاً فتْح البلاد على شتى العوامل التي قد تجد في «تسخين» الوضع ورقةَ «ربْط نزاع» مع الخارج، خصوصاً أن الشارع سَبَقَ أن عبّر عن رفض أي حكومة من غير المستقلّين والمُحايدين.
  • وإما الذهاب إلى حكومةٍ بمعايير المجتمع الدولي، أي حكومة مستقلّين، تراعي مقتضيات المرحلة البالغة الحَراجة التي تمرّ بها البلاد بعدما تَشابَكَتْ «فواجعُ القرن» في سنة «مئوية لبنان الكبير»، وتُلاقي «دفترَ شروط» الخارج الذي بات حاضراً «على الأرض» في لبنان بعد انفجار المرفأ، وتحديداً لجهة إنجاز الإصلاحات البنيوية وإبعاد «حزب الله» عن الإمساك بدفّة القرار الحكومي كممرّ إلزامي للحصول على «طوق النجاة» المالي.

ورأت الأوساطُ أن مآل كلا الخياريْن يرتبط بمدى قدرة المكوّن السني أولاً ومن خلْفه حلفاء الحريري على التموْضع خلف مرشح واحدٍ يصبح القفز فوقَه نحو تكرار تجربة دياب أمراً صعباً.

من جانبها صحيفة “الأخبار” كتبت تحت عنوان ” التيار: نسمّي من يرشّحه الحريري!”: ” مع الطيّ الرسمي لمُحاولة إعادة سعد الحريري كرئيس مُكلّف بتأليف الحكومة الجديدة، استذكرت البلاد مشهد الأزمة التي انفجرت بعدَ ١٧ تشرين، وسقوط حكومة الحريري السابقة. آنذاك، تمسّك الثنائي حزب الله وحركة أمل بالتفاهم مع الحريري، إلا أن قرار الأخير يومها بالانسحاب من نادي المرشحين، لعدم توافر الاتفاق على اسمه، نقلَ الجميع إلى الخطة «ب» بإشراكه في التسمية، وتأمين غطاء منه لأي شخصية تقبَل بالتكليف.

وغداة طلب الحريري أمس سحب اسمه للمرة الثانية من التداول كأحد الأسماء المطروحة لتأليف الحكومة العتيدة، شخصتْ الأنظار إلى 3 مسارات جديدة:

  • الأول، أن يرفض الحريري مُجدداً تسمية مرشّح من قبله لتأليف الحكومة، فيضطر فريق ٨ آذار – التيار الوطني الحر إلى تكرار تجربة حسان دياب، مع ما يحمِله ذِلك من مخاطِر، في ظل العمل على إنشاء جبهة سنية ترعاها دار الفتوى دفاعاً عن مقام رئاسة الحكومة في وجه ما تعتبره “مصادرة الصلاحيات ووضع اليد على الموقع السني الأول”.
  • والمسار الثاني، إعادة إحياء خيار نواف سلام، الذي يرفضه ثنائي حزب الله وحركة أمل، بينما لا يمانع تسميته التيار الوطني الحر، وتتحمس له باقي القوى، وتحديداً القوات اللبنانية والنائب السابق وليد جنبلاط، فيما يرفضه الحريري ضمنياً، وإن أعلن عكس ذلك.
  • أما المسار الثالث، فهو أن يسمّي الحريري مرشحاً آخر، يوافق عليه كل من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، ويحظى بدعم فرنسي يستعجل التوصل إلى حل لتفادي الأسوأ في لبنان.

حتى صباح يوم أمس، كانَ الرهان مُستمرا على المسعى الفرنسي لإقناع الخارج، وتحديداً المملكة العربية السعودية، بالسير في حكومة يرأسها الحريري، وذلك في موازاة مسعى داخلي لإقناع النائب وليد جنبلاط بذلك. وقد بلغَ الرهان حدّ الاقتناع بأن الحريري “يُريد العودة لكنه يتدلل، ويرفع سقف شروطه، وفي النهاية سيقبَل التكليف”. غيرَ أن هذه الرهانات كلها سقطت، بعد التأكّد من الموقف السعودي المتحفظ على عودة الحريري بحجة أنهم لا يُريدون له أن يكون متراساً لإنقاذ العهد وتوسيع نفوذ حزب الله، إضافة إلى تعنّت جنبلاط وإصرار القوات على موقفها. عوامِل كلها اجتمعت ودفعت بالحريري إلى إعلان الانسحاب.

اللواء ابراهيم يعمل على تسريع تشكيل الحكومة

في غضون ذلك، قالت اوساط سياسية للديار ان اللواء عباس  ابراهيم سيزور مجددا دار الفتوى وعين التينة وقصر بعبدا وباقي الافرقاء السياسيين لحلحلة هذه القضية وتذليل العقبات امام تأليف الحكومة، خاصة ان تشكيل حكومة هو امر اساسي في حين ان الفراغ الحكومي سيقضي حتما على استمرارية المؤسسات وسيفاقم الوضع الاقتصادي سوءاً. والتسريع في ولادة حكومة قادرة على تطبيق اصلاحات سيخفف من حدة الاحتقان الشعبي والغضب عند الناس، خاصة بعد ان دق ناقوس الخطر حاكم مصرف لبنان انه ملزم بوقف الدعم قريبا عن القمح والمحروقات والادوية. فهل هناك وعي سياسي لمعنى اعلان البنك المركزي بوقف الدعم؟ وهل هناك ادراك ان الاولوية اليوم هي لتشكيل حكومة تلبي مطالب الشعب وليس مصالح الاحزاب والممسكين بالسلطة؟

ويبدو انّ جنبلاط شعر بأنّه كان من الضروري أن يلتقي الحريري مباشرة حتى يفسّر له حقيقة موقفه، بعيداً من التأويلات والاجتهادات التي تركت صداها السلبي في أرجاء بيت الوسط.

وهناك في أوساط “الاشتراكي” من يكشف بأنّ البعض تَبرّع للحريري بترجمة غير دقيقة لموقف رئيس الحزب، وتَعمّد تضخيمه وتحويره، فارتأى جنبلاط أن يزور بيت الوسط لمعالجة اي التباس محتمل ووضع الأمور في نصابها.

وأثناء اجتماع المصارحة قالها جنبلاط بوضوح للحريري: “اذا عملت رئيس حكومة لن يدعوك تشتغل، وما حصل معك في السابق سيتكرر لأنّ الجماعة ما تغيّروا ولا يبدو انهم في وارد ان يتعاطوا بروحية جديدة.. شو بدّك بهالشغلة يا شيخ سعد.. بَلاها”.

امّا الحريري فلم يوح من جهته بأيّ حماسة لتولّي رئاسة الحكومة في هذه المرحلة، وهو أبلغ إلى جنبلاط بأنه يعرف طبيعة الصعوبات والمخاطر التي تنتظره، “ولذلك أنا على المستوى الشخصي لست راغباً في خوض هذه المغامرة، وكل ما في الأمر انه طُرحت عليّ مسألة تكليفي بتشكيل الحكومة الجديدة…”.

وعليه، فإنّ كتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة تيمور جنبلاط تتجه على الارجح نحو تسمية السفير نواف سلام، اذا دعا الرئيس ميشال عون الى الاستشارات النيابية الملزمة خلال الأيام القليلة المقبلة، مُنطلقة من انّ سلام يوحي بالثقة ويحظى بدعم جزء كبير من الحراك الشعبي، علماً انّ كتلة جنبلاط كانت قد سَمّت أيضاً سلام في الاستشارات السابقة التي أفضَت إلى تكليف حسان دياب.

ورأت المصادر أنه لا يزال هناك وقت لاستمرار التفاوض حتى نهاية الاسبوع رغم انّ هامشه ضاق خلال الايام المقبلة، وذلك قبل ان يعلن قصر الاليزيه موقفه رسمياً من عودة ماكرون الى لبنان ومساعدته في مهمة الانقاذ او التراجع عنه.

السابق
وقود للصواريخ في المرفأ.. داوود لـ«جنوبية»: الجيش حصل على «الداتا» اللازمة!
التالي
فضل شاكر يغني لجرح لبنان على طريقته الخاصة!