المحكمة حكم «تقني» في سياق «سياسي»: من جنّد عياش لقتل الحريري؟

نطقت المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بحكمها المتعلق بتحديد المتهمين بعملية الاغتيال بعد 15 عاما على قيامها. أشارت بوضوح إلى أن المتهم سليم عياش هو من كان يعلم بجريمة الاغتيال ونفذها بالتعاون مع مصطفى بدر الدين وأسد صبرا وحسين عنيسي وحسن حبيب مرعي الذين ساعدوه في أعمال المراقبة لكنهم لم يثبت للمحكمة بالادلة الكافية بأنهم كانوا على علم بنية عياش قتل رفيق الحريري ولذلك تمت تبرأتهم.

لم تكتف المحكمة بإعطاء حكم “تقني” بل قدمت أيضا “سياقا سياسيا” رافق التحضير للجريمة وكان الدافع الاساسي لتنفيذها أبرزها الخلاف بين الرئيس الشهيد مع القيادة السورية (إجتماعه العاصف مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم) ومعارضته التمديد للرئيس السابق إميل لحود ومباركته لقاء البريستول الذي قرر العمل على تفكيك المنظومة الامنية  للنظام السوري وأعوانه في لبنان، وإصرار الرئيس الشهيد على خوض الانتخابات النيابية وبالتالي الحد من الهيمنة السورية ولذلك كان القرار بقتله في حال إستمر في قراره بالسير في خوض الانتخابات  والابتعاد عن سوريا. 

الحكم أظهر أيضا أن المرتكب والمخططين من خلفه حلّلوا وزانوا المنافع والاضرار، وتوصلوا إلى أن منافع إرتكاب الجريمة أكثر من أضرارها وأن عياش وافق على إرتكاب هذه الجريمة تحقيقا لهذه الرغبة.

إحترام قرار المحكمة 

هذا السياق القانوني والسياسي لقرار المحكمة يدفع أولا لتفسير معناه القانوني والخطوات التي ستتبعه و قراءة مفاعيله على جمهور رئيس الحريري الذي إنتظر القرار طويلا. 

الجسر لـ”جنوبية”: لا يمكن لشخص بمفرده تنفيذ الجريمة

ينطلق عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر في تعليقه على القرار من التأكيده على إحترام القرارالذي يحتاج إلى قراءة بتمعن، لافتا لـ”جنوبية” أن “ما أظهرته المحكمة أن الدافع للجريمة هو سياسي بسبب التجديد للرئيس لحود وصدور القرار 1559 ولكنها لم تستطع إدانة سوى سليم عياش ولم تكن تملك إثباتات تقنعها بإدانة آخرين”.

سمير الجسر
الجسر

ويضيف:”جمهور رفيق الحريري متفاجئ ومصدوم وكان يتوقع أنه بعد مرور15عاما سينكشف كل شيء ويتم التعرف على المتورطين، لأن شخص واحد لا يمكنه القيام بالتحضير ومراقبة وتنفيذ الجريمة مهما تمتع بقوى خارقة وهذا يعني ان هناك مجموعة حضرت و لذلك فالقرار يحتاج إلى قراءة متأنية  لشرح حيثياته”.

قرينة قوية 

درباس لـ”جنوبية”: الحكم قرينة قوية بأن مسؤولا كبيرا في “حزب الله” إرتكب الجريمة 

ينطلق الوزير السابق رشيد درباس في قراءة الحكم الصادر من المقولة القانونية المشهورة بأن “الحكم هو عنوان الحقيقة”، ويشرح لـ”جنوبية” ذلك بالقول:”لأن الحقيقة المؤقتة صدرت اليوم بإدانة شخص معين، ولكن هذه الحقيقة ستبقى معلقة على نتيجة الاستئناف الذي ستقوم بها إحدى الهيئات حتما، إذ سيقوم الادعاء العام بإستئناف الحكم المبرر وستقوم هيئة الدفاع عن عياش بالاستئناف وبإنتظار ذلك فإن الحكم الصادر هو قرينة قوية لأن هناك مسؤول كبير في حزب الله إسمه سليم عياش هو من إرتكب الجريمة بصورة جازمة و قاطعة ولا لبس فيها بحسب ما جاء في الحكم”.

رشيد درباس
درباس

يرى درباس أن “أهمية الحكم أنه برأ المتهمين الآخرين بحيث أثبت أنهم كانوا شركاء مع عياش في مراقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولكن لا دليل قاطع على أنهم حين كانوا يقومون بمهمة المراقبة أنهم يعرفون أن هذه المهمة ستفضي إلى القتل، والقضاة لم يتحققوا إلا من أمر واحد هو أن سليم عياش هو القاتل”، ويسأل “هل يمكن لعياش أن ينفذ هذه الجريمة لوحده؟ الجواب على هذا السؤال يجيز البحث عن المنظومة التي ساعدت وأعدّت وإرتكبت هذه الجريمة”.

يضيف:”كحكم هناك مرتكب إسمه سليم عياش أما سياسيا وكعدالة مطلقة فالناس تفكر كيف كانت هذه الجريمة ومن خطط لها ومن هو المستفيد منها؟”، لافتا إلى أن “الحكم ينص على أن الدافع ليس جزءا من الجريمة وهذا ما ينص عليه القانون اللبناني، وهذا صحيح ولكن الدافع هو مؤشر على المستفيد من الجريمة، وهنا يحق لنا طرح السؤال لمصلحة من أرتكبت الجريمة و قيمة هذا الحكم هو ما تركه في الوجدان العام للناس، والذي يشير الى ان مسؤولا أمنيا كبيرا في حزب الله هو من إرتكب الجريمة بما لذلك من دلالات وهذا ما رسخ في الوجدان العام”.

يعتبر درباس أنه “ليس مهما عدد المتهمين سواء أكانوا شخصا واحدا أو خمسة أشخاص، الحكم نص على أن 5 أشخاص كانوا مشتركين في المراقبة وأن شخصا واحدا كان يعرف بجريمة القتل وهذا ما يعطي للمحكمة المصداقية”، شارحا أن هذا هذا القرار سيتم إستئنافه إما من قبل هيئة الدفاع أو الادعاء، والرئيس الحريري ذهابه الى لاهاي له معنيان الأول أنه يمثل مجموع إرادة اللبنانيين الذين تضرروا أمام للمحكمة الدولية والصفة الثانية هو إبن الشهيد الذي يمثل عائلته و من هناك تحدث كلاما حكيما متوقعا منه”.

ويختم درباس”بعد قرار المحكمة سيتم المقارنة بين هذه الجريمة وبين الجرائم التي قيدت ضد مجهول في لبنان، صحيح ان المحاكمة إستغرقت وقتا طويلا إلا أنها أعطت نتائج مبنية على معايير علمية وهذا أمر مهم”.

السابق
Salim Ayyash: The Hezbollah Member Solely Convicted of the Assassination of Rafiq Al-Hariri and 21 Others
التالي
الحريري يُحمّل «حزب الله» جريمة اغتيال والده.. ويدعوه لتسليم عيّاش!