«جنوبية» يقرأ مع خبراء عسكريين من «المعسكرين» «التحرش» الأميركي بطائرة إيرانية.. عرض عضلات جوي سياسي

طائرة ماهان الإيرانية
إستفاق العالم على خبر مواجهة أميركية – إيرانية جديدة، الحيز الجغرافي لهذه المواجهة كان هذه المرة في الجو، أي بين سوريا ولبنان وعلى حدود قاعدة التنف الاميركية، حيث إعترضت مقاتلة أميركية من نوع أف 15 طائرة ركاب إيرانية آتية إلى بيروت، ما إضطر الطيار إلى تغيير مساره والهبوط بطريقة عنيفة في بيروت أدت إلى إصابة بعض الركاب برضوض وجروح.

الحادثة أطلقت سيلا من التحليلات، عما إذا كانت شكلا جديدا من أشكال الحرب الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران، أي أن المواجهة إنتقلت إلى الجو إضافة إلى الحرب الاقتصادية والنفسية الحاصلة، وأن الولايات المتحدة  قررت إستعمال كل الوسائل المتاحة للضغط على إيران، ما يعني أن هذا الامر سيستوجب ردا من إيران أو من أحد أذرعها في المنطقة أي “حزب الله” طالما أن الطائرة متجهة من طهران إلى بيروت .

رب ضارة نافعة قد يكون الاعتراض الجوي الاميركي على الطائرة الايرانية قد بعث بأكثر من رسالة سياسية لمن يعنيهم الامر أي إيران و”حزب الله” حول نوعية الوسائل التي ستستخدمها معهم في المرحلة المقبلة، لكن لا بد من التوقف عند البيان الذي أصدرته القيادة المركزية الاميركية  التي تشرف على العمليات الاميركية في الشرق الاوسط، والذي ينطبق عليه المثل القائل “رب ضارة نافعة( بالنسبة للقوات الاميركية) أو فرصة لا بد من إستغلالها”، إذ جاء  فيه أن “مقاتلة من نوع أف 15 كانت تقوم بمهمة جوية روتينية، أجرت مراقبة بصرية عادية لطائرة ركاب تابعة لشركة “ماهان الايرانية” على مسافة آمنة تبلغ حوالي الأف متر عن الطائرة، وعندما تعرف قائد “الأف 15” على الطائرة على أنها طائرة ركاب ل “ماهان إير” إبتعد بأمان عن الطائرة ، وأكدت أن عملية الاعتراض مهنية جرت وفق المعايير الدولية”.

قاطيشا لـ”جنوبية”: تصرف الطائرة الاميركية متعارف عليه عالميا 

تحرش أميركي بإيران كل ما سبق يشير “مبدئيا”إلى أن المواجهة الاميركية لم تكن مقصودة كونها تتعارض مع قوانين الطيران العالمية، لكن لا مانع للأميركين من أن تفهمها إيران على نحو إنها “تحرش” بها” ، وهذا ما يوافق عليه عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب وهبة قاطيشا الذي يقول لـ”جنوبية”: “أعتقد أن الطائرة فوق قاعدة “التنف” العسكرية الاميركية أو إقتربت منها مما دفع الأميركيين إلى إعتبار هذا الاقتراب تهديد لأمن القاعدة العسكرية الاميركية، ولهذا تم إرسال طائرة حربية لإعطاء إشارات متعارف عليها عند الطيارين بأنه يتجاوز حدوده المنصوص عليها في قوانين الطيران سواء لجهة العلو أو الإنحراف يمينا أو يسارا”، مبديا إعتقاده “كخبير عسكري بأن هذا ما حصل لكن ردة فعل الطيار كانت مرتبكة، وأن الامر لا يتعدى أكثر من ذلك لأن الأميركيين يعرفون القواعد الطيران الدولية جيدا بأنه من غير المسموح التعرض لطائرة مدنية”.

وهبي قاطيشا
قاطيشا

يضيف: “لا أعرف بالضبط مدى البعد الجغرافي للطائرة الإيرانية عن قاعدة التنف الاميركية، لكن تصرف الطائرة الاميركية هو تصرف مألوف عالميا وغرضه التنبيه من أن الطيار خرج عن الخط المحدد له ربما عن غير قصد”، مستبعدا أن “يكون للحادثة أبعاد سياسية لأن الطيران الايراني سيستمر بالمرور وفق الخطوط الجوية المرسومة له عالميا ولا يمكن للولايات المتحدة إيقاف ذلك، ولست من المؤيدين أنها شكل من اشكال الضغوطات الاميركية الجديدة على إيران” .

جابر لـ”جنوبية”: الحرب الكلاسيكية مستبعدة.. تستمر بأشكال مختلفة 

عرض عضلات يتشارك رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات والعلاقات العامة اللواء هشام جابر مع رأي قاطيشا حول حادثة الطائرة الايرانية، وإن كان يضعها في خانة “خرق للقانون الدولي و للملاحة الجوية وإتفاقيات جنيف، لأنه ممنوع التعرض لطائرات الركاب المدنيين حتى في حالة الحرب”، معتبرا أن “ما جرى أعتقد ان ليس بأمر من البنتاغون لأنه بحسب معرفتي بالاميركيين فإن البنتاغون يدرس الموقف بطريقة دقيقة، بل قد يكون القرار من مسؤولي المنطقة الوسطى تحت حجة أن الطائرة إقتربت من موقع التنف حيث القاعدة الاميركية، وهذا الامر مستبعد لأن خط الطيران المدني بين إيران وسوريا و لبنان معروف عالميا”.

هشام جابر
جابر

يصف جابر ما حصل “بأنه عرض عضلات أميركي تجاه إيران فوق الاجواء السورية، طالما ان الحرب الكلاسيكية بين الطرفين غير واردة ، فالحروب الاخرى ستستمر”، مستغربا “الرد الإيراني الذي إكتفى بتقديم شكوى للسفارة السويسرية في طهران بدل من تقديمها إلى الامم المتحدة وهي شكوى خجولة خاصة أن الحادثة كادت أن تؤدي إلى كارثة إنسانية ، كما يمكن للبنان وسوريا ان تقدم شكوى الى الامم المتحدة لأن الحادثة جرت في أجوائهما”.

ماذا عن الرد الايراني؟ يجيب جابر: “برأيي ايران لن تعمد الى الرد ، لأن الامر لا يتعدى التحرش ولم يصل إلى الاعتداء العسكري، وهو من ضمن الرسائل المتبادلة طالما ان الحرب الكلاسيكية مستبعدة و بالتالي الرد سيكون في المجالات الاخرى أي الحروب السبرانية القائمة بينهما و الحروب الاقتصادية و الحرب النفسية “.

حطيط لـ”جنوبية”: إيران سترد مباشرة لدواع إستراتيجية ومعنوية

ضغوط قصوى على ضفة المؤيدين لإيران، فإنه يمكن النظر للحادثة يمكن أن يكون من أكثر من زاوية، وهذا ما يراه الخبير العسكري والاستراتيجي أمين حطيط الذي يقول لـ”جنوبية”: “ينظر الى الحدث من زاوية أن إعتراض الطائرة الاميركية لطائرة مدنية إيرانية على أنه منتهى الاجرام بحسب ما ينص عليه القانون الدولي وسلامة الطيران، إذ ليس من المقبول أن تعترض طائرة عسكرية لطائرة مدنية وتسبب لها إقلاق أو إزعاج وهذا يرتب على الجانب اللبناني مسؤوليات سواء أخلاقية أو مدنية أو قانونية تجاه الحادثة”. 

العميد الركن المتقاعد امين حطيط
حطيط

ويضيف: “الحدث هو خطوة في مسار تنفيذ سياسة أميركا ضد إيران بما يسمى إستراتيجية الضغوط القصوى،لأن بهذا العمل تتوخى منه أميركا شل حركة الطيران الايراني ومحاصرتها في بعض خطوط الانتقال الجوي”، معتبرا أنه “بما أنها طائرة آتية على لبنان فإنها طلق ذو هدفين الاول أنها طائرة إيرانية والهدف الثاني محاصرة لبنان في إتصاله الجوي بالعالم الخارجي، وهذه نقطة تدخل في مسار التدابير الكيدية الاميركية ضد الدول التي تعتبرها خصما لها”.

يشير حطيط إلى أن الحادثة تأتي من” ضمن تصعيد الحصار والولايات المتحدة إنتقلت في المرحلة الراهنة منذ 2018 الى الاستراتيجية الرابعة التي تسمى “إستراتيجية القوة الخفية الذكية”، وهذه الاستراتيجية تتضمن أربع أنواع من السلوكيات منها ما هو معلن ومنها ما هو خفي”، مشيرا إلى أنه “في الخفي هناك حركة الاغتيالات وثانيا حركة التفجيرات والاعمال التخريبية و معظمها يجري في إيران وثالثها الحصار الاقتصادي ورابعها تقييد خطوط النقل الخارجي سواء البري اوالبحري اوالجوي”، لافتا إلى”التحديات التي تطال عمليات النقل البحرية الايرانية والآن أتى جاء دور التحدي الجوي وجميعهم مرتبط بإستراتيجية واحدة وهي أميركا تمارس الاجرام ضمن إستراتيجية معلنة”.

يشرح حطيط أن “الرد الايراني يبنى على ثلاث أركان هو الرد حتمي دائما، والتوقيت ُيترك لأصحاب الشأن والامتناع عن ردات الفعل الانفعالية في ملعب العدو وفي التوقيت الذي يختاره العدو، وإلى حد الان ووفقا لهذه الاستراتيجية  تلقت إيران خمس ضربات وردت بأربع  ضربات والحساب مفتوح”، مستبعدا أن يتم إيكال هذه المهمة ل”حزب الله”،ويقول:”إيران في المسائل التي تعنيها مباشرة تعتمد الرد ذاتي لأن هذا الامر يخدمها إستراتيجيا ومعنويا، وإيكال عملية الرد لفصائل حليفة يخفف من وهج الرد، ولذلك ردت مباشرة حين تم إغتيال اللواء قاسم سليماني بالرغم من الاصوات التي تصاعدت بأنها ستوكل الرد لحزب الله، لذلك أعتقد أن إيران سترد في المكان والزمان المناسبين”. 

السابق
في عكّار: أراد «اللهو».. فأرداه المسدّس قتيلاً!
التالي
أول تعليق لـ«حزب الله» على حادثة «التحرش» الإسرائيلي بطائرة إيرانية!