حكومة دياب.. «مومياء محنطة» تنتظر البديل «المعجزة»!

الحكومة اللبنانية
حكومة حسان دياب ماتت عمليا، نحرت نفسها بخنجر المراوحة وعدم القدرة على إتخاذ أي قرار إصلاحي حقيقي، في الملفات الشائكة مثل الكهرباء والنفط والتعيينات في القضاء وفك الحصار الاقتصادي الذي يخنق اللبنانيين.

منذ تشكيلها أطلقت على نفسها إسم “حكومة الانقاذ الوطني” وإلى الآن لم تنقذ شيئا، وحده “حزب الله” يحاول الحفاظ على “المومياء” ويقوم بتحنيطها، لأنه بكل بساطة لا يستطيع دفنها كونه لا يملك القدرة على إقناع خصومه من المكونات السياسية الاخرى على الاشتراك في تأليف حكومة بديلة عنها .

فشل لأسباب ذاتية يسأل الكثير من اللبنانيين عن موعد إصدار ورقة نعي حكومة الرئيس حسان دياب، حين يسمعون كل يوم تقريبا مواقف سلبية متعددة تجاهها، لعل أولها من المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية التي تأبى التعاون مع حكومة يرعاها “حزب الله”، وثانيها المجتمع العربي الذي يتوجس من التعاون من فريق سياسي “لم يترك معه للصلح مطرح”، علما أن جهود مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم تصب في محاولة “تجبير” ما إنكسر بين لبنان وأشقائه العرب، وثالثها “راجح” الذي يطالعنا بأخباره الرئيس دياب عشية كل جلسة لمجلس الوزراء، ليضع عليه اللوم بعدم قدرة الحكومة على الإنجاز في ملفات ينتظر اللبنانيون حلها بفارغ الصبر.

كل ذلك ما سبق يدفع للبحث عما إذا كان عمر الحكومة الافتراضي قد إنتهى أو شارف على الانتهاء، وعن البديل عنها في هذه الحال للتخفيف من غليان الداخل ونقمة الخارج؟ فتنقسم آراء القوى السياسية بين مؤيد لمقولة بأن الحكومة ماتت لأسباب ذاتية وليس موضوعية، وبين من يرى أنها لا تزال على قيد الحياة وتحاول الاستمرار ولو بصعوبة، لكن الفريقين يتفقون على أن لا يمكن إستبدالها في الوقت الحاضر لأنهم لم يتمكنوا إلى الآن من الاتفاق على صيغة حكومية ترضي الجميع.

الصايغ لـ”جنوبية”: الحكومة الحالية ساقطة من دون جهد أي طرف سياسي

وهذا ما يوافق عليه عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ الذي يرى أنه “بمعزل عن كل التطورات التي تجري على صعيد الموقف الاميركي لجهة عدم دعم أي حكومة تحظى بغطاء “حزب الله” أو أي موقف عربي منها، إلا أنها أثبتت فشلها الكبير من خلال عدم إتخاذها أي خطوة جدية نحو الاصلاح والانقاذ كما يدّعي إسمها، بل أنها دائما ما تستبق أي جلسة لمجلس الوزراء بشن رئيسها هجوما بأن هناك من يحاول تفشيلها وعرقلة عملها، لكنها منذ نحو 7 أشهر لم تتخذ أي قرار بشأن الكهرباء مثلا أو المحروقات أو أي ملف إصلاحي آخر، علما أنها من لون سياسي واحد ولا يمكن التحجج بأن هناك من يعرقل عملها من الداخل”. 

فيصل الصايغ

يشدد الصايغ على أن “الحكومة الحالية هي الآن بحكم الساقطة من دون أن يقوم أي من القوى بجهد لإسقاطها، بل على العكس الحزب التقدمي الاشتراكي يريدها أن تنجز لأنه ليس هناك إتفاق بين القوى السياسية على بديل عنها”، لافتا إلى أنها “ميتة وتحتاج إلى من يدفنها وهذا الدفن سيحصل عند أول تحرك في الشارع أو صعود لسعر الدولار بشكل كبير مثلا”.

ويختم :”مجلس النواب يقوم بواجباته لمساعدتها على الانجاز لكنها لا تحرك ساكنا، إلا بسبب الجهل في إدارة الشأن العام أو بسبب عدم وجود إرادة للقيام بواجباتها”.

واكيم لـ” جنوبية”: حزب الله يخاف من اي حكومة لا تتوافق و معاييره

تمسك بالسلطة وليس بمصلحة اللبنانيين يتشارك عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم مع الصايغ لجهة تلاشي عمر الحكومة الافتراضي، ويقول: “فعليا وعمليا هذه الحكومة إنتهت، وإستمرارها بسبب عدم إيجاد “حزب الله” بديل عنها وهم يخافون من من أي حكومة لا تكون وفقا لمعاييرهم، علما أنهم يسلّمون بعجز حكومة حسان دياب لكنهم يقولون ما البديل ويدعون الاطراف الاخرى لإيجاد بديل قبل إسقاط هذه الحكومة”.

عماد واكيم

يتوقع واكيم “بقاء هذه الحكومة إلى أن يحصل تطور إقليمي أو داخلي كبير يطيح بها”، لافتا إلى أن “الضغط السياسي الخارجي يتصاعد والتململ الشعبي يتفاقم، لكن لا أحد يعلم متى تنفجر الامور وُتلزم “حزب الله” بالسير في حكومة تقوم بالاصلاحات الحقيقية”، وإعتبر أن “الحزب وحليفه “التيار الوطني الحر” حريص إلى الآن على تمسكه بالسلطة أكثر من  العمل بما تقتضيه مصلحة اللبنانيين”، مشددا على أنه كي “نخرج من هذه الدوامة لا بديل هو حكومة تنفذ الاصلاحات لإنقاذ الشعب اللبناني أي  حكومة مستقلين حقيقيين”. 

نجم لـ”جنوبية”: حزب الله يحمي الحكومة و نوابه يندبون وجع الناس وآلامهم

البديل تحييد لبنان حين يُسأل عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم عما إذا كانت الحكومة لا تزال تتنفس، يجيب بالقول:”حكومة حسان دياب خلصت ولم يتبق لنا إلا أن نقول لرئيسها “إرحل يا حسان”، لأن من يبقيها واقفة على قدميها هو”حزب الله”، علما أن نوابه يندبون معنا وجع الناس وهمومهم وألمهم ويأسهم”، ويعطي نجم دليلا على موت الحكومة بالقول: “الدليل على إبداعات هذه الحكومة ما قاله وزير التربية طارق المجذوب حول نيته إستئجار مباني لمدارس رسمية جديدة وتوظيف أساتذة مكان المدارس الخاصة التي تقفل أبوابها، علما أن البديل سهل وأقل كلفة وهو دعم المدارس الخاصة لإبقائها على قيد الحياة”.

نزيه نجم

ويضيف: “البديل الحقيقي هو أن نتفق بالسياسة على تحييد بلدنا عن صراعات المنطقة، وإعادة بناء الثقة الداخلية بيننا ومع باقي دول العالم العربية والغربية، وأن نكف عن إفتعال مشاكل معهم لأنهم تاريخيا هم من كانوا يهبّون لمساعدتنا في أوقات الازمات”، معتبرا أنه “داخليا علينا إحترام خصوصيات بعضنا البعض هذا صحيح، لكن علينا أن نضع حاجات بلدنا وشعبنا في الاولوية، لأن البلد لا يمكن أن يحكم من طرف واحد مهما كانت قوته”.

الحكومة خلصت.. ما خلصت

يتجنب نواب كل من تكتل “لبنان القوي” وكتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” نعي الحكومة صراحة، لكنهم يشكون بكل وضوح من قلة حيلتها وإضمحلال حس المبادرة والاقدام لدى مكوناتها، إذ يعتبر عضو “تكتل لبنان القوي” النائب آلان عون أن “العمر الافتراضي للحكومة مرتبط بقدرتها على القيام بما هو مطلوب لوقف التدهور في سعر الصرف، والقدرة الشرائية للناس وفي وقف حالة الإهتراء المتزايدة في مجال الخدمات العامة لا سيّما الكهرباء والنفايات وغيرها”، لافتا إلى أنه “اذا نجحت الحكومة في السيطرة على الانهيار وفرملته فإنها ستمدّد صلاحيتها وإلا فتصبح في خطر ولن يكفيها تردّد القيّمين عليها في تغييرها لعدم توفر بديل عنها لأنهم لن يكونوا قادرين على حمايتها إذا ما بقيت الأمور في حالة تدهور”.

آلان عون لـ”جنوبية”:إستمرار الحكومة رهن بفرملتها الانهيار و إلا لا يمكن حمايتها

ويضيف: “البديل  هو ليس جاهزاً وهو مرتبط بحجم الضغط الشعبي والإنفجار الإجتماعي الذي سيؤدي الى ذهاب تلك الحكومة. فالبديل “على البارد” غير متوفّر بعد وهو صعب المنال في ظلّ التناقضات السياسية الحالية المعروفة، أما البديل “في حال السخونة” فهو ما سيفرض نفسه على القوى السياسية بإرادتها أو بغير إرادتها”.

الان عون

سكرية لـ”جنوبية”: مكونات الحكومة غير منسجمة حول رؤيتها الاقتصادية

ضغوط داخلية و خارجية يتحدث عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الوليد سكرية على نفس موجة عون ، مشيرا إلى أن “لم ينته العمر الافتراضي للحكومة ولا بديل عنها في الوقت الحاضر، الحكومة تعاني من وضع سياسي داخلي دولي  ضاغط  ووضع إقتصادي يحتاج إلى حل مستعصي إلى الان”، ويكشف أيضا أن “هناك إنقسام من داخل الحكومة حول خطة الانقاذ لأن جزء من الوزراء في الحكومة لا تريد تحميل الخسائر الاقتصادية والمالية للبنانيين، في حين أعداءها من الداخل لا يريد تحميل المصارف الخسائر ويريدون اللجوء إلى حل يقضي ببيع موجودات وأصول الدولة لسداد  العجز”.

الوليد سكرية
الوليد سكرية

ويضيف: “لذلك هي غير قادرة على الانتاج وتعمل بشق النفس وتعاني من عدم إنسجام حول الرؤية الاقتصادية بين مكوناتها، وحتى لو أنها تمثل قوى 8 آذار إلا أن بين هذه  القوى من يدافع عن مصالح المصارف ولا يريدون أن يتحملوا الخسائر، و”حزب الله” لا يمكنه الضغط كثيرا على حلفائه لأن ذلك يتسبب بإصطدامهم به و بفرط الدولة”.

لكن هذه الضغوط ليست مبررا لعدم معالجة الحكومة ملفات حيوية مثل الكهرباء والنفط والتعيينات، فيجيب سكرية “السبب هو أن جزءاً من مكونات الحكومة لا يزالون يسيرون وفقا لسياسة المحاصصة”، ويستدرك قائلا “لكن هذه الحكومة تختلف عن الحكومات السابقة أولا لأنها ليست مسؤولة عما وصلنا إليه، بل المسؤول هو الحكومات السابقة والنهج الاقتصادي الذي إتبعته، وثانيا لأنها تريد  تغيير السياسة الاقتصادية للبنان وحلفاء الرئيس سعد الحريري في الحكومة هم من يسعى إلى إفشالها في الخطط التي تسعى إلى تنفيذها، أما الحل فلا حل إلى أن يفرجها الله”.

خواجة لـ”جنوبية”: الحكومة محاصرة.. لكنها غير معفية من الانتاج

يوافق عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة على كلام سكرية،  بأنه لا بديل عن الحكومة الحالية بالرغم من كل عيوبها وإخفاقتها، ويقول: “الناس كفرت هذا صحيح لكن لا بديل عن هذه الحكومة، لسبب بسيط هو عدم وجود توافق  داخلي على تأليف حكومة جديدة ، ولذلك أقول أنه ليس هناك عمر إفتراضي للحكومات، والحكومات تسقط في لبنان إما بحجب الثقة عنها في مجلس النواب وهذا نادرا ما يحصل في لبنان أو في الشارع “، معتبرا أن “هذه الحكومة ستبقى لأنه لا بديل عنها وإذا إستقالت فهي ستستمر كحكومة تصريف أعمال، ولذلك علينا أن نتصرف على هذا الاساس علما أن الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي هو الاسوأ منذ تأسيس الكيان اللبناني”. 

محمد خواجة
محمد خواجة

ويرى خواجة أن “البديل عن هذا الوضع المزري هو أن تتحول هذه الحكومة إلى حكومة نشيطة تأخذ قرارات واضحة وجريئة في ملفات أساسية كي يشعر اللبنانيون بالفرق” لافتا إلى أن “هذه الحكومة أتت لتقول أن أداءها سيكون مختلفا عن أداء الحكومات السابقة، وما نراه اليوم أنها شبيهة بهذه الحكومات إلى حد كبير، فهي لم تأخذ أي قرار في ملف الكهرباء علما أن الفرصة كانت متاحة لها بعد نيلها الثقة واليوم الكلفة باتت أكبر، كما أنها لم تحدث فرقا في ما يتعلق بالتعيينات القضائية”.

ويختم: “صحيح أنها محاصرة من الاميركيين وتعمل في ظروف صعبة لكن هذا لا يعفيها من أن تكون منتجة، ولأنه لا قرار في تبديل الحكومة علينا أن نساعدها على الانتاجية شرط أن تساعد نفسها، وأن تتخذ قرارا جريئا في ملف الكهرباء لأنه مفتاح الاصلاح الحقيقي في لبنان”.

السابق
الراعي في تصريح صادم: كلّنا اصبحنا بلا كرامة وشحاذين.. والحياد خلاصنا!
التالي
بعد التعرض للـ«العربية»و«الحدث».. «إعلاميون من أجل الحرية» تستنكر «الإعتداء السافر»!